08-12-2012 – بانوراما التأمين

عمان – تقوم منهجية التعامل مع أهمية التأمين ضمن الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية في الدول المتقدمة، على قاعدة أساسية قوامها أن "الاقتصاد المتطور بحاجة إلى تأمين متطور". وهذا بطبيعة الحال يستند إلى مطلب أساسي، هو برنامج متواصل لتعزيز التوعية التأمينية الهادفة ضمن أروقة المجتمع والاقتصادات الوطنية، والعمل على إعطاء التأمين دفعة تنشيطية بين الفينة والأخرى.
وبالإعلان الرسمي عن التوجه إلى إلغاء هيئة التأمين وإناطة مسؤولياتها بوزارة الصناعة والتجارة، فإن النتيجة المنطقية ستكون توسعة مسؤوليات الاتحاد الأردني لشركات التأمين في مجال إنماء التوعية التأمينية، وتنويع نمطية التأمينات والانتقال من الصبغة الاختيارية إلى الصفة الإلزامية الهادفة، للعديد من أنواع التأمين، طالما اقتنعنا بدور التأمين الرئيس في إدارة الخطر في مجالات الحياة المختلفة.
وتتمحور منهجية إنماء التوعية التأمينية حول أزمة الثقة المتجذرة بين حملة وثائق التأمين وشركات التأمين، والتخوّف من تعاظم هذه الأزمة بحلول العام 2013، بعد البدء في تعويم أسعار التأمين الإلزامي على المركبات، خاصة وأنه تطفو على السطح توقعات بارتفاع الأقساط بعد التعويم.
وهذا يقودنا إلى التأكيد على قناعة بأنه يقع على عاتق قطاع التأمين -ابتداء من الاتحاد الأردني لشركات التأمين، ووصولاً إلى جميع شركات التأمين ومكاتب الوساطة والخبراء والاستشاريين- مسؤولية رئيسة هادفة لإزالة أو الحد من حالة عدم الثقة بين المواطن وشركات التأمين. وعمليا، يمكن أن تؤتي هذه الجهود ثمارها إذا سارت في الطريق الصحيحة، وطبقنا بدقة ووضوح منظومة الحقوق والواجبات لكل من المواطن وشركات التأمين التي يتعامل معها. وكل من يعمل ضمن الهياكل التنظيمية في قطاع التأمين يعرف جيدا أن المبدأ الرئيس في العمل التأميني هو "مبدأ منتهى حسن النية"، وأن حيثيات هذا المبدأ تنطبق على شركة التأمين تماما كما تنطبق على المواطن "المؤمن له".
وقد اتفق الباحثون والخبراء على حقيقة ونتيجة حتمية، هي أن التأمين يشكل المحور الارتكازي في اقتصادات الدول المتطورة.وهناك أسئلة مفصلية تتمثل في: كيف يمكن إنماء الوعي التأميني بين أروقة المجتمع؟ وما الواجب اتخاذه لإعطاء التأمين صفة الإلزامية ضد خطر الكوارث الطبيعية؟ وفوق كل ذلك، كيف ومتى ولماذا يتوجب بناء وتعزيز جسور الثقة بين القطاعات الاقتصادية وفئات المجتمع المختلفة، وبين شركات التأمين العاملة في القطاع؟
للإجابة، فإن إنماء التوعية التأمينية هدف منشود. والمطالبة باتخاذ كل ما من شأنه زيادة الوعي التأميني لدى فئات المجتمع هو هدف ونتيجة في آن واحد. والبدء في تطبيق قرار تعويم أسعار التأمين الإلزامي للمركبات يجب أن لا يتوقف عند حدود رفع الأرقام بدون ضوابط محددة تفرضها مسؤولية القطاع تجاه الاقتصاد الوطني والمجتمع، بهدف تحقيق العدالة النسبية بأفضل مستوياتها في آلية التطبيق. كما أن التعامل مع حوادث الكوارث العامة يجب أن لا يقف عند حدود الإجراءات الوقائية والتدريب والمعالجة اللوجستية عند وقوع الحادث، بل لا بد أن يتم تضمين الأنظمة والقوانين، وحتى المناهج المقررة في الجامعات والكليات والمدارس الثانوية، مواد هادفة لإنماء الوعي التأميني لدى فئات المجتمع. خلاصة القول: نتوقع من الاتحاد الأردني لشركات التأمين تشكيل فريق عمل من أصحاب الخبرة لإعادة النظر في متطلبات التوعية التأمينية، ووضع آليات التنفيذ، وغيرهما من المتطلبات السابقة للتأمين وتطبيقاته، ومتى وكيف يتم تعزيز صفة الإلزامية في التأمين كإجراء تحوطي للحفاظ على استثمارات الوطن، وتضمينها أحكاما من شأنها الإسهام، بشكل مباشر أو غير مباشر، وبفعالية، في إنماء التوعية التأمينية، طالما اقتنعنا أن تحقيق هذا الهدف سينعكس إيجابا على نمو أقساط القطاع، ويحقق طمأنينة لدى المواطن وثقة في قطاع التأمين بدلا من غيابها.
وإذا استطاع قطاع التأمين بلوغ هذه المرحلة مواكبة للبدء في تطبيق قرار تعويم أسعار التأمين الإلزامي على المركبات، فعندئذ نكون قد وضعنا الأرضية المناسبة لتعظيم دور القطاع في دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي للسنوات الخمس المقبلة.