05-12-2012 – بانوراما التامين

لماذا إلغاء هيئة التأمين

عمان – ضمن قرار مجلس الوزراء الذي صدر مؤخراً خلال شهر تشرين ثاني والمتعلق بهيكلة المؤسسات الحكومية المستقلة، تقرر إلغاء هيئة التأمين ونقل مهامها وصلاحياتها وأموالها وحقوقها وموجوداتها إلى دائرة مراقبة الشركات ووزارة الصناعة والتجارة، قرار مفاجئ جداً خاصةً وأن اللجنة التي تم تشكيلها قبل أكثر من عام لتنفيذ خطة دمج المؤسسات كانت قد رفعت تقريرها إلى وزير الصناعة والتجارة لاعتماد المؤسسة الحكومية التي سيتم دمج هيئة التأمين معها ضمن توصياتها التي تمثلت بثلاثة خيارات بعد دراسة تجارب الدول في هذا المجال, حيث كان الخيار الأول دمجها مع هيئة الأوراق المالية, والثاني مع البنك المركزي والثالث مع وزارة الصناعة والتجارة، كما تناولت الصحف حينذاك العديد من التصريحات التي أطلقتها شركات التأمين – التي تعتبر الجهات المعنية والعالمة ببواطن الأمور لهذا القطاع – بعدم تأييدها لقرار إلغاء هيئة التأمين، حيث أشارت الشركات حينها بأنه في حال قررت الحكومة دمجها مع مؤسسات أخرى فان البنك المركزي هو الخيار الأنسب لان عمل شركات التأمين مالي واقرب للبنك المركزي.

إنه ليس من المنطقي التعامل مع هيئة رقابية كهيئة التأمين بنفس السوية والمعيار والأسلوب من حيث الوجود وحتى الرواتب إذا أدركنا حقيقة التفريق بينها وبين الهيئات الحكومية التي جرى استحداثها كرفاهية لأسباب لن نخوض فيها، حيث جرى إخضاعها لنفس العقاب دون التمييز بين طبيعة عملها وحساسية الواجب المناط بها, وأهمية الدور الرقابي الذي تؤديه ومستوى الاحتراف الوظيفي المتميز المناط بموظفيها ممن لا تعدل رواتبهم ثلث رواتب نظرائهم بالقطاع الخاص, إلا انه يبدوا بان الحكومة في قرارها هذا لم تفرق بين الغث والسمين وبين ادوار الرقابة وادوار الرفاهية حين قررت إلغاء تلك الهيئة ارتجالياً دونما تقديم دراسة واحدة فقط تؤيد ذلك القرار.
يقولون بأن السبب الرئيسي في هيكلة المؤسسات ومنها إلغاء هيئة التأمين هو التقليل في النفقات، نحن مع الحكومة في هذا التوجه بل ونطالب من الجميع العمل على تقليل النفقات لكن ضمن حدود المنطق وبعد دراسة وافية لجميع الجوانب، فهيئة التأمين مثلاً مؤسسة رافدة لخزينة الدولة وفقاً لما هو ظاهر في موازنتها لعام 2012 ، فما هي المبالغ التي ستوفرها الحكومة بإلغاء هيئة التأمين؟ ألم يصرح وزير تطوير القطاع العام وبأكثر من مناسبة بأن رواتب الموظفين لن تمس بأي شكل من الأشكال؟ إذاً أين سيكون التوفير؟ أنا أرى بأن الفارق الوحيد الذي ستوفره الحكومة بإلغاء هيئة التأمين هو إيجار المبنى التي تتواجد مكاتبها فيه، فلماذا لا توفر الحكومة مبنىً خاصاً من أملاكها لنقل هيئة التأمين إليه وتبقي الحال على ما هو عليه، أي المحافظة على الانجازات والمكاسب التي حققتها تلك الهيئة خلال ثلاثة عشر عاماً جعلتها تجربة رائدة يحتذى بها في تنظيم وتطوير قطاع التأمين أمام الجهات الإقليمية والدولية.