قبل أن ترفع شركات التأمين صوتها متألمة من الزيادات المتوالية لأسعار الخدمات الصحية، نقلت الصحافة المحلية صرخات المرضى والمراجعين من لسعات حرارة الأسعار المتزايدة باستمرار. ومثلما أصبحت الخدمات الصحية عبئاً يرهق كاهل شركات التأمين ويتسبب في خسارتها وتهديد وجودها، فإن تكاليف هذه الخدمات زادت من الأحمال المعيشية التي أصبحت تبتلع دخول الناس وتخل بموازينهم المعيشية والاجتماعية.

قبل تطبيق نظام التأمين الصحي كانت كلفة العلاج تقل عن النصف الذي تضاعف في ظل التأمين، على مستوى الكشف وبقية مستلزمات التشخيص من أشعة وتحاليل طبية وإجراءات علاجية، حتى أصبح العلاج داخل الدولة يلامس مثيلاتها في الدول المتقدمة طبياً، مع الفارق غير الخافي في مستوى الخدمة والتشخيص والعلاج. وفي ظل غطاء التأمين تبدو الكلفة مضاعفة تدفع مرتين، مرة من جيب المريض وبما يقارب ما كان يدفعه بلا تأمين، ومرة ثانية تكون من صناديق شركات التأمين، ومع ذلك لم تستطع هذه الشركات تحمل المبالغات في زيادة الأسعار، فانتقلت من مرحلة الأنين إلى الصراخ.

وإذا كان للخدمات العلاجية جولات في رفع الأسعار فإن لطب الأسنان خصوصاً صولات في التلاعب بالأسعار، خصوصاً بعد صدور القرار بتحميل حاملي بطاقات «ثقة» نصف كلفة العلاج الضروري، وكامل كلفة ما اعتبر عمليات تجميل، وهي في الحقيقة من صلب صحة الفم. فدخلت الأسعار في حسابات لا ولن يفهم المريض منها سوى أن عليه أن يدفع أو يصطبر على آلامه بـ«البانادول». ولعل – بعد أن كانت صرخات الناس تذهب لوادٍ لا صدى له- أن تجد شكوى شركات التأمين صداها لتدفع السلطات الصحية في الدولة إلى التدخل وعدم ترك المرضى والشركات نهباً لتجار الخدمات الصحية.