04-12-2013 – بانوراما التأمين

لقد جابهت صناعة التأمين الوطنية خلال الفترة الأخيرة إشكالات كبيرة وتحديات ومخاطر كثيرة أفرزتها المتغيرات الدولية في صناعة التأمين ومخاطر القرصنة البحرية، والارهاب والكوارث الطبيعية التي تعرضت لها بلادنا وخلفت خسائر تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وهذه المتغيرات وأن كانت تمثل قلقاً متنامياً لصناعة التأمين، فإنها في الوقت ذاته تحمل معها فرصاً مواتية لتطويرها إذا ما استطعنا توظيفها بشكل صائب. كما أنه ليس بخاف عليكم بأن واقعنا الاقتصادي الاجتماعي المتخلف الذي يفتقر الكثير من العوامل الموضوعية والشروط الذاتية لازدهار صناعة التأمين، يجعلنا في حاجة ماسة لإعادة دراسة واقع النظام التأميني الوطني بمختلف مكوناته التشريعية والرقابية والمؤسسية والمالية والصناعية والتسويقية وفق مقتضيات المرحلة ومتغيراتها الداخلية والخارجية، ومتطلبات الإدارة العلمية الحديثة.. فمثل هذه الدراسة العلمية التحليلية تعتبر المدخل الرئيسي لتطوير وتحديث وتوسيع شبكة التأمين الوطني وزيادة اسهاماتها في التنمية الوطنية وتشخيص اشكالاته وازماته المختلفة ومعالجتها. **

التأمين ضرورة وطنية واقتصادية واجتماعية: البدايات الأولى لقضية التأمين كانت نابعة من حاجة الانسان المبكرة للأمن الاقتصادي الفردي ومجابهة المخاطر العديدة التي كانت تهدده في عمله ومن ثمة في دخله وسعى جاهداً إلى مواجهتها واتقاء آثارها المادية المباشرة سواءً كانت اقتصادية او اجتماعية او سياسية وكانت البداية لمواجهة هذه الاخطار هي استحداث وسيلة التضامن الاجتماعي وتركيم الثروة. – البدايات التشريعية الاولى لنظم التأمين الاجتماعي ظهرت في العام 1883م في ألمانيا على يد بسمارك وهذه التشريعات مثلت حينها حاجة سياسية بإعتبارها وسيلة من وسائل الاستجابة لضغوطات ومطالب الطبقة العاملة وتحولها إلى قوة سياسية ذات تأثير مباشر على الوضع السياسي السائد وعلى اقتصاد البلدان، وظهور نظام التأمينات الاجتماعية إلى الوجود مثل نتيجة منطقية مباشرة للثورة الصناعية التي شهدتها اوروبا في القرون الوسطى وما ترتب عنها من تغيرات شمولية جذرية في علاقات الانتاج وقوى الانتاج وفرز اجتماعي حاد وما صاحبها من تقدم اجتماعي واقتصادي وزيادة في الدخل القومي للبلدان وتطور مستوى حياة الفرد فيها. –

لقد مرت نظم التأمينات بأشكالها ومجالاتها المختلفة بمراحل متعددة من التطور والتدرج تختلف في تطبيقاتها من دولة إلى أخرى من حيث نطاق التغطية والمزايا وشروط استحقاقها، ومن حيث فروع التأمين وإشكالية وعدد المؤمن عليهم ومصادر التمويل..
وترجع أسباب هذه الاختلافات بين الدول إلى درجة تطورها الاقتصادي الاجتماعي وحجم النمو الذي يحققها اقتصادها القومي، والتدرج في تطبيق نظم التأمين وبالذات التأمين الاجتماعي الذي يمثل سمة مشتركة وغالبة في معظم الدول سواءً كان هذا التدرج أفقياً بالنسبة لمن يشملهم نظام التأمين لأول مرة وتمدده لتغطية شرائح اجتماعية جديدة، او تدرج رأسي بإضافة مزايا جديدة للمؤمن عليهم. – هناك اختلاف في تحديد مفهوم المؤمن عليهم وبالذات الذين يغطيهم أي فرع من فروع التأمين، ففي بعض الدول يتسع هذا المفهوم ليشمل غالبية أفراد الشعب في بعض الدول أو شرائح محددة في بعض الدول الأخرى، وقد يقتصر هذا المفهوم على العاملين لدى الغير بأجر كما هو قائم حالياً في الدول النامية، والاختلاف في تحديد مثل هذه المفاهيم مردة إلى اختلاف النظم السياسية والقدرات والموارد الاقتصادية لهذا البلد أو ذاك وكذلك استقرارها السياسي والاقتصادي والمالي. – في العصر الراهن اضحت نظم التأمين تعبر عن ظاهرتين وطنيتين احداهما ظاهرة انسانية وتستوجبها حاجة الفرد للأمن الاقتصادي وبالذات التأمين الاجتماعي الذي يتم تحديدهوتطبيقه في مختلف الدول بمقتضى تشريع اجباري يتضمن تحديد الخاضعين لكل فرع من فروع التأمين وكذلك المؤمن لصالحهم. والأخرى ظاهرة اقتصادية تربطها علاقة توحد وتأثير تبادلي مع القاعدة الاقتصادية للبلد، وفي كونها أداة من أدوات التنمية التي تؤخذ آثارها المحتملة في الاعتبار عند رسم السياسات الاقتصادية للدول. تعريف التأمين: يعرف التأمين بأنه عقد قانوني بين المؤمن والمؤمن له يحصل بموجبه الطرف الثاني «او وكيل عنه» مقابل رسم معين على تعويض من الطرف الأول في حالة وقوع حادث مضمون بعقد التأمين، ويأخذ المؤمن على عاتقه مسؤولية تقدير الخطر الذي قبله ويسترشد في ذلك بالقوانين الاحصائية.

عقد التأمين: هو الوثيقة التي بمقتضاها يتم تأمين صاحب الطلب من الخطر الذي قد يتعرض له ويرغب أن يؤمن نفسه منه، ويتضمن هذا العقد مجموعة من البيانات اللازمة لتكوين اركانه منها: «مبلغ التأمين، مدة التأمين، نوع التأمين، قسط التأمين، واجبات المستأمن والمستفيد من التأمين وأخيراً التعويض الذي تلتزم شركة التأمين بدفعه إلى المستفيد عند تحقيق الخطر» ولسريان التأمين بالشروط الواردة في عقد التأمين يجب على المستأمن ان يدفع قسط التأمين الذي تقبله الشركة المؤمنة نظير قيامها بتحمل الخطر. ماهية التأمين: التأمين نظام اجتماعي يعمل على إلغاء عدم التأكد لدى الفرد بخصوص قيمة الخسارة المالية التي ستلحق به خلال فترة زمنية معينة في المستقبل، والتأمين نظام اجتماعي لأنه يقوم على تنظيم وادارة فكرة التعاون بين الأشخاص في مواجهة الخسائر التي ستلحق بالقلة منهم عن طريق توزيع الخسائر التي ستصيب هؤلاء بين جميع المشتركين في النظام.. والتأمين يقوي الروابط بين أفراد المجتمع الواحد بما يفرضه من تعاون بينهم على مواجهة ما يتعرضون له من أخطار، كذلك فهو ينمي لدى الفرد الشعور بالمسؤولية حيال الأشخاص المعني بهم أسوة بحديث رسول الله علي الصلاة والسلام «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، كذلك فإن التأمين يساهم بصورة ملموسة في التصدي لمشكلة تأتي على رأس المشكلات الاجتماعية هي مشكلة البطالة حيث من المعلوم أن قطاع التأمين من القطاعات كثيفة العمالة.. وأخيراً فإنه في ظل التأمين يسود مجتمع صحي قادر على التفاعل الإيجابي من خلال توافر الرعاية الطبية المتكاملة وإتاحة الخدمات العلاجية لجميع أفراد المجتمع. أن المزايا النقدية التي تمنح بمقتضى نظام التأمين الاجتماعي يمكن زيادتها لتتوائم مع ارتفاع الأسعار، ولهذا فإن أي نقص في القوة الشرائية للعملية يمكن أخذه في الحسبان عن طريق زيادة قيمة المعاشات وتحسين مستوى حياة المواطنين. وظائف التأمين: يضطلع التأمين بالعديد من الوظائف الوطنية العامة أبرزها: – توفير الحماية التأمينية لأفراد المجتمع من الأخطار الناشئة عن حالات العجز وإصابات العمل والشيخوخة والوفاة والبطالة وغيرها من الكوارث والأخطار، وهو بذلك يمثل احد الادوات التي توفر لأفراد المجتمع الأمان والطمأنينة ومن ثم العمل على زيادة الانتاج وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وزيادة الرخاء والرفاهية العامة. – التأمين أداة اقتصادية هامة ومتميزة من أدوات تجميع المدخرات ومن ثمة استثمارها في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، ولقد لعبت صناديق المعاشات والضمان الاجتماعي ومؤسسات التأمين الناجحة دوراً هاماً في العديد من التجارب الاقتصادية الناجحة بإعتبارها أداة هامة لتوفير الموارد المالية طويلة الأجل لتمويل اوجه الاستثمارات المتعددة التي تحتاجها العملية الاقتصادية والتنموية في القطاعات الانتاجية والخدمية. – تعتبر مؤسسات التأمين الناجحة أحد مكونات القطاع المالي الكفء القادر على تحقيق تعبئة فعالة لجميع الموارد المالية والمدخرات وتوجيهها نحو الاستثمارات المنتجة وتسهم في الوقت ذاته توسيع الاسواق المالية وزيادة كفائتها، وفي الكثير من الدول بما فيها اليمن وتعتبر مؤسسات المعاشات والضمان الاجتماعي من أهم مؤسسات الادخار التعاقدي التي يعتمد عليها تطوير القطاع المالي وخلق الموائمة بين العرض والطلب على الأموال وتحسين ميزان المدفوعات والميزان التجاري. – على الصعيد الشخصي يعتبر التأمين احد الوسائل لضمان الأمن الاقتصادي للفرد والذي يساعده على تجاوز العديد من المخاطر التي يتعرض لها في حياته مثل انخفاض الدخل والمرض والحوادث أو إصابته بالعجز الجزئي او الكلي او البطالة والوفاة المبكرة. النظام التأميني في اليمن: بشكل متأخر دخلت نظم التأمين السوق اليمنية وتعود بدايتها إلى العام 1969م بتأسيس الشركة اليمنية للتأمين وإعادة التأمين في عدن بموجب القرار (37) لعام 1969م، على أنقاض عدد من فروع شركات التأمين الأجنبية التي كانت عاملة حينها في عدن، وكانت السلطات البريطانية قد أدخلت بعض نظم التأمين الاجتماعي الخاص بموظفيها في مستعمرة عدن وأفراد المؤسسات الأمنية والدفاعية المحلية التابعة لها. وتطور هذا النظام بشكل متدرج بعد الاستقلال الوطني، وفي العام 1974م تم في الشطر الشمالي إنشاء أول شركة يمنية تعمل في مجال التأمين، وفي العام 1976م تم إصدار القانون رقم (107) بشأن الإشراف والرقابة على شركات ووسطاء التأمين، وبدأ العمل بنظام التأمين الاجتماعي بموجب القانون رقم «19» لسنة 1978م بشأن معاشات ومكافئات التقاعد لموظفي الدولة، تلت ذلك صدور جملة من التشريعات والقرارات الخاصة بشمول فئات جديدة او لتعديل التشريعات القائمة وتنظيمها، أهمها قانون رقم (1) لسنة 1980م بشأن معاشات ومكافئات التقاعد لموظفي الدولة. – القانون رقم (19) لسنة 1980م بشأن التقاعد العسكري. – قرار جمهوري بالقانون رقم (19) لسنة 1982م بشأن توحيد شئون المعاشات ومكافأة التقاعد لموظفي الدولة. – القانون رقم (26) لسنة 1982م بإنشاء صندوق التقاعد المدني. – قرار رئيس الجمهورية رقم (92) لسنة 1982م بتنظيم مكتب التقاعد وتحديد اختصاصاته وقرار مجلس الوزراء باللائحة التنفيذية الموحدة لمعاشات ومكافئات التقاعد للعاملين بالقطاع العام والمختلط. بعد الوحدة وبالتزامن مع تطور الأنشطة التجارية وزيادة حجم التبادل التجاري مع العالم الخارجي، شهد نظام التأمين في اليمن نقلات نمواً متسارعاً واتساع دائرة نشاطاته لتمتد إلى قطاعات عديدة إلى جانب قطاع التأمين الاجتماعي، وصاحب ذلك جملة من التحديثات والتطويرات طالت مختلف مكونات النظام التأميني وتضمنت الآتي:- 1- جملة من التشريعات القانونية الخاصة بتحديث النظام التأميني، وتحديد وتنظيم مدى سريان تغطياته التأمينية بالنسبة لفروع التأمين المختلفة، وطرق تمويله ومزاياه المختلفة وشروط استحقاقها. 2- زيادة عدد المؤسسات المتخصصة التي تقوم بالعمل على تنفيذ هذا النظام من حيث مصادر التمويل واستثمارها وتأدية المزايا المالية والعينية وفقاً للشروط المحددة لها. 3- تطوير نظام الرقابة الفنية والإشراف بما يحقق ضمان تطبيق النظام على الفئات التي يحددها التشريع وفقاً للأهداف المتوخاه منه وبما يساعد على نشر النظام التأميني والتوسع في مزاياه. وفق التشريع القانوني اليمني يوجد نوعان من التأمين.. التأمين الإجباري وهو ما يتعلق بالضمانات الاجتماعية للمواطنين والمحددة في المادة «56» من الدستور التي نصت على «تكفل الدولة توفير الضمانات الاجتماعية للمواطنين كافة في حالات المرض او العجز او البطالة او الشيخوخة او فقدان العائل كما تكفل ذلك بصفة خاصة لأسر الشهداء وفقاً للقانون». وهناك أيضاً التأمين الاختياري ويشمل وفقاً لأحكام القانون أنواع التأمين التالية: – التأمين للحاجة والإدخار والشيخوخة: وما له علاقة بها من مرض ونحوه وما بعد الوفاة. – التأمين ضد أخطار الحريق والتأمينات التي تلحق به، وتشمل على الأخص الأضرار الناشئة عن الإنفجارات، والظواهر الطبيعية، والأضرار التي يحدثها سقوط الطائرات، وكل ما يتعلق بها، وكل ما يعتبر داخلاً عرفاً وعادة في التأمين ضد الحريق. – التأمين ضد الحوادث: ويشمل التأمين عن الأضرار الناجمة عن الحوادث الشخصية، والتأمين ضد حوادث العمل، والسرقة وخيانة الأمانة، والتأمين على السيارات، والتأمين عن المسئولية المدنية، وكل ما يعتبر داخلاً عرفاً وعادة في التأمين ضد الحوادث. – تأمين النقل البري والبحري والجوي: ويشمل التأمين على أجسام السفن والطائرات ووسائل النقل البري، أو على مهماتها، أو على ركابها وأموالها، وأمتعتهم، أو البضائع المنقولة عليها، والتأمين على أجور الشحن، وكذا التأمين ضد الأخطار التي تنشأ عن بنائها أو صناعتها أو إستخدامها أو تأجيرها أو إصلاحها أو رسوها، بما في ذلك الأضرار التي تصيب الغير، وكذا أخطار مستودعات التخزين التجارية أو أي أخطار عرضية تحدث أثناء النقل، وكل ما يدخل عرفاً وعادة في التأمين البري والبحري والجوي. – ضمان رؤوس الأموال: ويشمل التعاقد على التأمين الذي يقضي بدفع مبلغ أو عدة مبالغ في المستقبل لشخص، لقاء دفعة واحدة أو أكثر، تدفع للمؤمن، ولا يشمل التأمين على الحياة وبالأقساط. – أنواع التأمين الأخرى: وتشمل التعاقد على التأمين غير ما سبق ذكره، ولا يشمل ذلك الإتفاقيات بالمراهنة على الحياة، وهناك أنواع من التأمين لم يورد نصها في القانون اليمني مثل: أ- التأمين الهندسي وتأمينات المسؤوليات المتعلقة به. ب – تأمينات البترول والغاز: وتشمل التأمين على أخطار الحفر والتنقيب، التأمين على أخطار تصنيع وتكرير البترول والغاز، التأمين على أخطار ضخ البترول والغاز في الأنابيب، التأمين ضد جميع الأخطار على المنشئات البترولية والغازية في جميع المراحل، التأمين ضد أخطار فقد الإيراد على المنشئات البترولية، والتأمين على المسؤوليات المتعلقة بالأخطار السابقة. جـ- التأمين ضد أخطار الحوادث المتنوعة والمسؤوليات وتشمل: تأمين على الحوادث الشخصية التي لا تزيد مدتها على سنة، وتأمين العلاج الطبي الذي لا تزيد مدته عن سنة، تأمين الضمان وخيانة الأمانة، وتأمين نقل النقدية، وتأمين السطو والسرقة، وتأمين كسر الزجاج. وهذه التأمينات وأي تأمينات أخرى لم ينص عليها القانون أو يصدر بتحديدها قرار من وزير الصناعة والتجارة. بالرغم من تطور التشريعات القانونية ووجود 13 شركة عاملة في مجال التأمين إلا أن اليمن مثل غيرها من البلدان النامية التي تفتقر إلى كثير من العوامل والظروف المواتية لقيام نظم حقيقية فاعلة للتأمين او تطوير النظم القائمة بما يساير الاتجاهات العالمية الحديثة، فهذه البلدان تعاني كثير من حالات التناقض بين مقتضيات نظم التأمين ومقتضيات العملية التنموية، فغالبية السكان تعمل في قطاعات الزراعة والمشروعات الصناعية لا زالت صغيرة وعدد العاملين فيها محدود، علاوة على ان الاقتصاد في هذه البلدان ما زال اقتصاداً متخلفاً او ريعياً، ولا يسمح بتحمل نظام التأمينات نظراً لانخفاض نصيب الفرد من الدخل القومي وامتصاص الزيادة السكانية فيها لأي مجهود يبذل لزيادة الدخل. وفي الغالب العام تعاني البلدان النامية من الارهاب وحالة عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي وارتفاع نسبة المخاطر وزيادة كلفة التأمين، ومن ضعف الكفاءة المهنية الذي يزيد من خطر البطالة وخطر اصابات العمل وانتشار الأمراض المهنية إلى جانب تخلف الجهاز الصحي، ومجمل هذه العوامل تضاعف من حاجة هذه الدول إلى تغطية هذه المخاطر عن طريق أنظمة التأمين المختلفة، إلا أن شيوع الفقر وضعف نصيب الفرد من الدخل القومي لا يسمح لأفراد المجتمع بتغطية مثل هذه المخاطر بالجهد الذاتي او بنظم التأمين الاختياري كما هو في الدول الغنية، كما أن حكومات هذه الدول تعاني من شحة الموارد وانخفاظ معدلات التنمية والزيادة السكانية بالإضافة إلى ضعف جهازها الانتاجي والمتطلبات التنموية المتنامية وجميعها عوامل لا تخدم قيام نظم تأمينية فاعلة او زيادة كفاءتها. ** علاقة التأمين بالتنمية الاقتصادية: – تتماثل عمليات شركات التأمين وتتعدد بصفة مستمرة ومنتظمة في كل قسم من أقسام التأمين، إلا أن تبويب عمليات التأمين تختلف من جهة النظر إلى تلك العمليات على النحو التالي: من الناحية القانونية: يقسم رجال القانون عمليات التأمين إلى مجموعات متناسقة تبعاً للطبيعة القانونية لعقد التأمين، ولهذا فهم يفرقون بين التأمين على الحياة والتأمين على الأشياء، وبين التأمين من الأضرار والتأمين من المسئوليات. ومن الناحية الاقتصادية القومية: يقسم رجال الإقتصاد والمحاسبة القومية عملية التأمين إلى: (تأمينات إدخارية، وتأمينات صيانة)، وهم يقصدون بالتأمينات الإدخارية التأمينات التي تؤدي إلى تجميع إدخارات الأفراد حتى يحين موعد إستحقاقها (ردها). ويعني رجال الإقتصاد بهذا النوع من التأمينات بإعتباره مصدراً من مصادر الموارد المالية التي يمكن الإستعانة بها في التنمية الإقتصادية. ويقصدون بتأمينات الصيانة، التأمينات التي تؤدي إلى المحافظة على الأصول الرأسمالية والقدرة الإنتاجية للدولة. ومن الناحية الفنية للتأمين: نجد أن خبراء التأمين يقسمونه إلى مجموعات متناسقة تبعاً لنوع الخطر وإحتمالاته وتقدير المال الإحتياطي اللازم لمقابلة التزامات شركات التأمين. ولهذا فهم يقسمونه إلى تأمين على الحياة، وتأمين تكوين الأموال، وتأمين ضد أخطار النقل إلى غير ذلك. في كثير من البلدان المتقدمة يلعب قطاع التأمين بوحداته الانتاجية المختلفة (شركات تأمين، صندوق التقاعد المدني، هيئات التأمين الاجتماعي) دوراً متنامياً في التنمية الاقتصادية وتمثل أحد أهم مكونات البنية الاقتصادية للدولة حيث تناط به جملة من المهام والواجبات الاقتصادية والاجتماعية التي سبق الإشارة إليها إضافة إلى المهام والواجبات التالية:- – تشجيع قرارات الاستثمار والحد من ظروف عدم التأكد المصاحبة لها وذلك من خلال دوره في تقليل الخسائر المحتملة الناجمة عن تحقيق أي من المخاطر المحتملة في مراحل الاستثمار كافة. – توفير مناخ آمن ومستقر يمارس فيه كل من أصحاب الأعمال (أو رجال الإدارة بحسب الأحوال) والعاملين أدوارهم في عمليات الإنتاج بصورة تنعكس على تحسين الإنتاجية وزيادتها. – تيسير حصول المشاريع على التمويل التي تحتاج إليه (الائتمان) من المصادر الخارجية حيث إن مجرد التأمين على عمليات هذه المشاريع يمنحها مصداقية لدى البنوك وغيرها من مؤسسات التمويل بل إنها قد تضعه شرطاً لمنح الائتمان. – تجميع المدخرات من قطاع الأعمال والقطاع العائلي وإتاحته للإستثمار، حيث يعتبر قطاع التأمين بما يتولد لديه من فوائض متراكمة مصدراً مهماً جداً لتمويل خطط التنمية الاقتصادية في كثير من الدول. إلا أن علاقة التأمين بالتنمية في بلادنا مثل غيرها من الدول النامية بحاجة إلى مزيد من الدراسة والتحليل لما لهذه العلاقة من أثر على رسم السياسات الاقتصادية للدولة من ناحية وسياسة التأمين من ناحية ثانية، انطلاقاً من حقيقة الدور التنموي المباشر لنظام التأمين في التنمية الاقتصادية المتمثل في تراكم رأس المال والقدرة على توظيفه واستثماره، وطبيعة الحساسية الشديدة التي يتصف بها قطاع التأمين إزاء المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي لها آثار سلبية على النشاط التأميني وحجمه داخل هذا البلد أو ذاك. في الوقت الراهن تتضاعف أهمية دراسة وتحليل العلاقة بين التنمية ونظم التأمين في بلادنا للوصول إلى رؤية مشتركة لتطوير علاقاتهما التبادلية على قاعدة من الأسس والأهداف المشتركة، ووضع رؤية استراتيجية تنموية تمتلك عناصر الاستمرارية والاستقرار والنمو، وتتلائم وظروف ومتطلبات البيئة الاجتماعية والاقتصادية المتسمة بتركيبها المعقد ومتغيراتها المتسارعة وطابعها التنافسي الحاد. وتعزيز الدور التنموي لشركات التأمين في بلادنا، وتحديد أبعادها وسلوكها في أي مجال من المجالات التنموية، يقتضي بالضرورة دراسة البيئة الوطنية التي تعمل فيها هذه الشركات ومعرفة تفاعلاتهما البينية سلباً وإيجاباً ومن ثمة معرفة النتائج المتولدة عن هذا التفاعل. – أحد المنطلقات الرئيسة لفهم العلاقة بين قطاع التأمين والتنمية تتمثل في تكاليف التأمين وأسس توزيعها، وفي موارد هذا القطاع المتمثلة بدرجة رئيسة في الاقساط التي يحصل عليها من المستأمنين، ومن ثمة الارباح والفوائد التي يتم جنايتها من خلال الاستثمار الأمثل لهذه الموارد، والاستخدام الرئيس لهذه الموارد هو دفع التعويضات التي تلتزم بها الشركة عند تحقيق الخطر المؤمن عليه. – أساس حساب تكاليف التأمين وأسس توزيعها على المشتركين فيه تختلف في التأمين الاجتماعي «الذي تحدده الدولة بمقتضى تشريع اجباري» عنه في التأمين الخاص الاختياري، كما أنها تختلف من فرع لآخر ومن دولة لأخرى وداخل الدولة، ففي التأمين الاجتماعي والتأمين من البطالة لا يتحمل المؤمن عليهم وحدهم التكاليف الكلية لنظام التأمين إذ يتحمل رب العمل أو الدولة أو كليهما جزء، والباقي يتحمله المؤمن عليه مع الأخذ بالاعتبار عند توزيع هذا الجزء تحقيق مبدأ التضامن الاجتماعي الذي تكون فيه مزايا التأمين متساوية ودون تفرقة بين شخص وآخر على أساس الدخل، حيث تحتسب اشتراكات التأمين كنسبة مئوية من دخل كل فرد. وكقاعدة عامة تتحمل الأطراف المعنية تكاليف التأمين وفقاً لمسؤوليتها عنها من ناحية وقدرتها على تحملها من ناحية ثانية، بإعتبارها جزء من تكلفة الانتاج. كذلك الحال بالنسبة للعديد من اشكال التأمينات الخاصة بالنشاطات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية حيث تكون تكلفة التأمين جزء من تكاليف الانتاج الذي يتحملها القطاع الشعبي المستفيد من ذلك النشاط، الأمر الذي يجعل من المزايا التي توفرها نظم التأمينات اقتطاعاً من الناتج القومي للبلد، ومن ثمة فإن نجاح القطاع التأميني في أداء مهامه التأمينية الاقتصادية وخارطة انتشاره الأفقي وتطوره الرأسي التي سبق الإشارة إليها تفترض بالضرورة وجود فائض في مستوى دخل الفرد وفي الدخل القومي بما يسمح بمواجهة اقساط التأمين او تحمل اعباء الزيادة في الاسعار الناتجة عن ارتفاع تكاليف التأمين، وعدم توفر هذا الفائض فإن نظام التأمين سيؤدي في النهاية إلى زيادة الأسعار.. ويفقد أهميته ودوره الاجتماعي. – أن ارتفاع الأسعار في المجتمعات النامية الفقيرة التي لا تكفي دخولهم العادية لإشباع حاجاتهم من السلع والخدمات الاستهلاكية له تأثير سلبي في توسيع قاعدة الفقر وزيادة التضخم بما لها من آثار اجتماعية سلبية، وضعف القدرة الشرائية له تأثير سلبي على إدارة عجلة الانتاج وتحقيق الادخار وتركيز للثروة التي تعتبر ضرورية لتوسيع قاعدة الاستثمار وتطوير وتحديث القاعدة الانتاجية. – وجود فائض في الناتج القومي لا يعتبر العنصر الوحيد الواجب توفره لتطوير وتوسيع نظام التأمينات في المجتمعات الحديثة، فالعديد من البلدان التي تحقق فائض في ناتجها القومي بالإعتماد على الاقتصاد الريعي لا زالت تعاني الضعف في نظام التأمين، على النقيض من ذلك ازدهر نظام التأمين في البلدان المتقدمة التي تمكنت من إحداث نهضة اقتصادية تنموية وضمانة استمرارها بالاعتماد على قاعدة صناعية متطورة بإستمرار، وفي البلدان النامية المتخلفة في بنيتها الصناعية قد تمثل التأمينات أعباء إضافية على المشاريع الصناعية الصغيرة الموجودة فيها وتحول دون توسعها وتقدمها وتطويرها ويشل من قدراتها التنافسية، التي تعتمد على تطوير أدوات الانتاج بالاستفادة من احدث الاكتشافات العلمية وتطبيقاتها التكنولوجية.. اليمن الساعية بقوة إلى تطوير قاعدتها الصناعية الإنتاجية هي في أمس الحاجة لخلق الشروط المواتية لنجاح الصناعات الوطنية وتطويرها وتمكينها من المنافسة وتخصيص جزء متزايد من دخلها لتطوير بنيتها التحتية الانتاجية وفق احدث انجازات العصر إلا أن هذا لا يمكن تحقيق دون تحقيق فائض انتاجي والايفاء بأقساط التأمينات الإدخارية. لأن نظام التأمينات الاجتماعية تقوم على اساس تركيز جزء من الدخل القومي ثم توزيعه على المستفيدين بهذا النظام، والمفروض فيهم أنهم طبقة ضعيفة في المجتمع، أي أنه لا تكفي دخولهم العادية لاشباع حاجاتهم من السلع والخدمات الاستهلاكية، وبذلك تخصص ميزانية التأمينات الاجتماعية للاستهلاك بما يؤدي في المقابل إلى نقص في حجم الاستثمار، أي أن قيام نظام معين للتأمينات الاجتماعية وتطويره سيؤدي في النهاية إلى حبس جزء من الدخل القومي عن دائرة الاستثمار واطلاقه في دائرة الاستهلاك، وهذا يقود إلى بروز التناقص بين نظام التأمينات الاجتماعية وبين ضرورات التنمية في المجتمع، ولتلافي ذلك التناقض اتبعت العديد من الدول مبدأ التدرج في تطبيق نظام التأمينات وذلك من حيث نطاق التغطية التأمينية، أو من حيث تطوير مزاياه. – يتجلى أثر ودور النظام التأميني على المتغيرات الاقتصادية من الطبيعة الاعتبارية لشركات التأمين التي تصنف ضمن المؤسسات المالية التمويلية الهامة، التي لا يقتصر دورها على توفير الأمن الاقتصادي للأفراد والشركات والمؤسسات، وإنما اضحت جزء من سياسة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فهي أداة لتجميع رؤوس الأموال اللازمة لدفع عملية التنمية وتوفير فرص العمل، ويمكن اتخاذها كوسيلة للتأثير في الهيكل السكاني والتوزيع المهني للسكان عن طريق استثمار المدخرات في التنمية البشرية ورفع المستوى الصحي أو تنفيذ سياسة التدريب والتأهيل المهني المطلوب للمساعدة المادية على الحركة المهنية. – المهمة الأساسية للتأمين تتمثل في تغطية المخاطر التي يتعرض لها المؤمن عليهم عند تحقيقها بتوزيع عبئها بينهم، إلا أن أثرها الاقتصادي الأكثر عمقاً يتمثل في تحريك الدخول من أعلى سلم الدخول الى قاع هذا السلم، كما يظهر هذا الأثر من خلال ما يولده نظام التأمين من تيارات اقتصادية جديدة يتمثل في توظيف قطاع واسع من العمالة داخل هذا النظام، وفي إعادة توزيع الدخل بين منتج خدمات التأمين والمستهلك لها. – أثر النظام التأميني في التنمية يتجلى في طبيعة العلاقة التي تربط قطاع شركات التأمين بالنظام المصرفي، إذا لا يمكن للنظام المصرفي تأدية دوره المنوط به في العملية التنموية بدون التعاون والتعامل مع قطاع التأمين، فالنظام المصرفي يلعب دوراً اساسياً في عمليات التمويل لمختلف الفعاليات الاقتصادية، كما أن لقطاع التأمين دوراً أساسياً في تغطية المخاطر لعمليات التمويل أو بعضها، فإذا كان قطاع التأمين قادراً على أداء دوره في تغطية المخاطر، استمر القطاع المصرفي في أداء دوره في خدمة الاقتصاد وتمويل الاستثمارات المختلفة، وفي حالة عجز نظام التأمين على القيام بدوره الأساسي فإنه يعيق ويحد من عمليات ونشاط البنوك في مجال التمويل وينعكس ذلك سلباً على العملية التنموية والواقع الاقتصادي بشكل مباشر أو غير مباشر. – يرتبط النظام التأميني بالتنمية الاقتصادية في أي دولة من الدول بعلاقة سببية ذات تناسب طردي فتطور البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمع وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي والدخل القومي ومستوى دخل الفرد ووعيه بالتأمين يكون لها انعكاسات ايجابية مباشرة على تطور نظام التأمين واتساع قاعدته الاجتماعية وتعدد قطاعاته التخصصية وتحسن مزاياه وزيادة اسهامات الفرد من دخله المنفق على التأمين، وفي الوقت ذاته الملائة المالية لشركات التأمين ونمو حجم رؤوس الأموال اللازمة لعملية التنمية، والعكس صحيح. – من الصعب تحديد مدى أثر نظام التأمينات على تعديل توزيع الناتج القومي دون دراسة علمية دقيقة لظاهرة نقل عبء الخطر التأميني في ضوء النظام الاقتصادي لمجتمع معين ومدى ما يسمح به من حركة في الإئتمان والأجور ومن ثمة في الدخول النقدية التي تتحمل هذا العبء ذاته، ويصعب تفادي هذه الظاهرة بصفة مطلقة في نظام اقتصادي يعتمد على السوق كأداة للتسعير أو يترك قدراً من الحرية أقل أو أكثر في تحديد الإئتمان والأجور والأسعار. ** ضعف الدور التنموي لقطاع التأمين «الأسباب والعوامل والمعالجات»:ـ لا يزال قطاع التأمين في بلدنا صغيراً بالمقارنة مع قطاعات التأمين في دول الجوار المتقدمة والعديد من الدول النامية فهو يسهم بنسبة ضئيلة لا تذكر من الناتج المحلي إذا ما قورنت بمساهمة القطاعات الانتاجية والخدماتية الأخرى.. ففي اقتصاد بلادنا تتضافر أسباب عدة لتزيد من هامشية هذا القطاع في الحياة الاقتصادية اليمنية، منها عدم الوعي التأميني والتعارض في القوانين التي تحكم صناعة التأمين في اليمن بالإضافة إلى غياب الضوابط وضعف الأسس الفنية نتيجة المنافسة القاسية والعشوائية بين الشركات العاملة والتي تنهش سوقاً صغيرة وعدم وجود وعي تأميني لدى الأفراد حيث أن مساهمة الفرد من دخله المنفق على التأمين نسباً لا تذكر في أي عام من الأعوام وهي قيمة منخفضة لا تتناسب مع مستويات الدخل والثقافة في المجتمع وحيث أن نسب التأمين على الحياة في بلادنا لا تتجوز 10% وهذه النسبة تأتي من المصارف وبعض المؤسسات المالية والشركات التي تلزم موظفيها بالتأمين مقابل تقديم قروض وسلف ويتحمل أقساطها الموظف بالكامل في حين تتجاوز الخمسين بالمائة في الدول المتقدمة وهذا ما يرجعه البعض إلى غياب الحوافز والتشجيع من أصحاب وأرباب العمل والحكومة. هناك جملة من العوامل أدت إلى حالة من التخبط في صناعة التأمين في اليمن وحدت من تحفزها لتحقيق ثقل اقتصادي أكبر. ومن أجل تجاوز واقع الضعف الراهن في هذا القطاع الحيوي لابد من تشخيص أسبابه وعوامله المختلفة ومحاولة البحث عن المعالجات الواقعية لها بما يسهم في الخروج بهذا القطاع من واقعه الراهن وتفعيل دوره في العملية التنموية. الأسباب الذاتية:- – يعتبر سوق التأمين في اليمن من الأسواق الحديثة نسبياً وأن كانت بداياته الأولى تعود إلى العام 1969م بتأسيس الشركة اليمنية للتأمين وإعادة التأمين في عدن، إلا أن التشريعات القانونية الحديثة لتطوير هذا القطاع جاءت بشكل متأخر، وبالذات بعد الوحدة اليمنية المباركة وتطور هذا القطاع ضمن سياق الانفتاح والحرية والاصلاحات الإدارية والاقتصادية التي شرعت بها الحكومة منذ النصف الثاني لتسعينات القرن الماضي التي وجدت في التأمين أحد القطاعات الحيوية المساهمة بفاعلية في التنمية الاقتصادية. شهدت السنوات المنصرمة من عمر الوحدة تطوراً كبيراً في الصناعة الوطنية التأمينية تجلت من خلال سن العديد من التشريعات الملبية لاحتياجات سوق التأمين وتطوير قاعدته المادية المكونة من الجهة المشرفة والمراقبة لأعمال التأمين وصناديق التأمين التابعة للدولة والاتحاد اليمني للتأمين والشركات التي تزاول أعمال التأمين وإعادة التأمين التي وصل عددها إلى 13 شركة. 1- الشركة اليمنية للتأمين وإعادة التأمين تأسست عام 1969م. 2- شركة مأرب اليمنية للتأمين تأسست عام 1974م. 3- الشركة اليمنية العامة للتأمين تأسست عام 1981م. 4- الشركة المتحدة للتأمين تأسست عام 1981م. 5- شركة اليمن للتأمين تأسست عام 1989م. 6- شركة سبأ للتأمين تأسست عام 1990م. 7- شركة أمان للتأمين تأسست عام 1993م. 8- الشركة الوطنية للتأمين تأسست عام 1993م. 9- شركة ترست يمن للتأمين وإعادة التأمين تأسست عام 1995م. 10- الشركة العربية للتأمين تأسست عام 1997م. 11- الشركة الاسلامية للتأمين تأسست عام 2001م. 12- الجزيرة للتأمين وإعادة التأمين تأسست عام2004م. 13- المتخصصة للتأمين الصحي تأسست عام2005م. – هذا التوالد السريع لشركات التأمين الذي حتمته قناعات ضيقة باحثة عن الربح السريع لم يكن مبنى على رؤية اقتصادية تنموية ذات أبعاد وطنية استراتيجية وانعكست سلباً على واقع قطاع التأمين وأضفت عليه بعض الخصوصيات التي ترتبت عنها العديد من الآثار السلبية التي حالت دون تطوره بشكل سليم وضعف دوره التنموي. – البداية التنافسية غير الشريفة لعمل شركات التأمين والمكرسة للإستحواذ على الأعمال ومحاولة السيطرة على السوق من خلال تطبيق أسعار تأمينية تنافسية غير موضوعية، ومبالغات تعويضية خطرة، ولم تأخذ بعين الاعتبار أهم المبادئ في العمل التأميني والتدرج في التطبيق لنظم التأمين من حيث انواع التأمين أو من حيث نوعية الشرائح المؤمن عليها ومن حيث المزايا التي تقدمها الشركات للمؤمن عليهم، وسعت كل شركة للإستحواذ على كل ما يمكن أن يؤمن عليه، دون أن تأخذ بعين الإعتبار الأساليب المتبعة في تأمين التمويلات والتي تنبع أساساً من طبيعة الظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة في البلد، وهو الأمر الذي ضاعف من ارتفاع الأهمية النسبية لمعدلات الخسائر العامة وحسب كافة فروع التأمين. – محدودية السوق واحجام الجمهور عن التأمين ولد منافسة شرسة بين أكثر من 13 شركة على عدد محدود من البيوت التجارية، وإعتمادها كلياً في أعمال إعادة التأمين الصادرة على الخارج مقابل افتقارها إلى أعمال إعادة التأمين الوارد او المحلي. – معظم شركات التأمين ذات ملكية عائلية وهي امتداد للنشاط الاقتصادي والمالي للبيوتات التجارية ومسخرة بدرجة رئيسة في خدمة هذا النشاط بالاستفادة من اقساط المشاركين في التأمين، وتعاني غالبية الشركات من ضعف الملات المالية وضعف رأس المال الذي لا يتجاوز 100 مليون ريال عند التأسيس، وباستثناء ثلاث شركات استطاعت مضاعفة رأس مالها من 100- 400 مليون ريال بناءً على قرار وزارة التجارة والصناعة فإن بقية الشركات ظلت عاجزة على الإيفاء بهذا القرار اولاً بفعل ضعف نشاطها في السوق الذي لا يتجوز 200 مليون ريال لكل شركة وثانياً بفعل ضعف القاعدة الاجتماعية لعملائها وما قد يترتب عن ذلك من أعباء إضافية عليهم، وضعف رأس المال انعكس على ضعف الانتشار الجغرافي لفروع هذه الشركات ومحدودية خدماتها. – الكثير من شركات التأمين الوطنية تعاني من صعوبات واشكالات ذاتية أثرت على نشاطها بعضها مرتبط بضعف الكفاءة الإدارية والمهنية العملية التخصصية لموظفيها وافتقارها للمنهاجية العلمية في التنظيم والتخطيط ودراسة السوق وتوفير المعلومات الاحصائية الدقيقة اللازمة لتقديم صناعة تأمينية ضمن قوالب تسويقية حديثة تلبي رغبات العملاء المتنوعة واحتياجاتهم المتعددة، ومثل هذه الإشكالات تجلت مظاهرها في سوق التأمين من خلال ضعف الجودة التسويقية وتدني حصة الشركات في السوق وضعف في إجمالي عدد العملاء وتنامي انخفاض ربحية الشركات وبالتالي دورها في العملية التنموية. – خلال الفترة الممتدة من عام 1990م حقق قطاع التأمين في اليمن نمو سنوي لشركات التأمين يتراوح بين 10- 20% فيما ارتفع إجمالي اقساط التأمين السنوية للشركات اليمنية من حوالي 27 مليون دولار في العام 1995م إلى 50 مليون دولار تقريباً في العام 2007م وخلال نفس الفترة ارتفع عدد الموظفين العاملين في هذا القطاع من اليمنيين والأجانب من 792 موظف إلى 824 موظف.. وهذه الأرقام المتواضعة تمثل نسبة ضئيلة لا تذكر من الناتج المحلي إذا ما قورنت بمساهمة القطاعات الانتاجية والخدمية الأخرى، وإذا ما نظرنا إلى هيكل توزيع استثمارات شركات التأمين لمواردها المالية فالغالبية العظمى منها اتجهت نحو القطاعات المأمونة ذات الربحية السريعة.. كالاستثمار في أذون الخزانة او ودائع لدى النظام المصرفي ونسبة ضئيلة جداً تم توجيهها نحو القطاعات الاقتصادية العقارية والانتاجية على شكل مساهمات في بعض المؤسسات الانتاجية. هناك الكثير من العوامل الموضوعية المؤثرة سلباً على صناعة التأمين الوطنية أبرزها:- – اليمن مثل غيرها من البلدان الفقيرة يعيش 45% من سكانها تحت خط الفقر وتنتشر فيها البطالة وعجز كبير في ميزان المدفوعات وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي 6- 7% سنوياً لا تتوازن مع النمو السكاني 3% سنوياً وانخفاض نصيب الفرد من الدخل القومي، علاوة على ضعف البنية الاقتصادية الانتاجية للدولة وتخلف القاعدة الاقتصادية التي تعتمد على الصناعات التحويلية ومشاريع صغيرة ضعيفة الإنتاج محدودة العمالة، والقسم الأعظم من السكان يعمل في القطاع الزراعي والأعمال الحرة غير المنتظمة، مجمل هذه العوامل تؤثر سلباً على صناعة التأمين التي تمثل نتيجه مباشر لمستوى التطور الاقتصادي للبلد وما يتمتع به السكان من ثراء مادي وارتفاع في نسبة المداخيل إلى المستوى الذي يكون فيه الفرد قادراً على دفع أقساط التأمين من فائض دخله واحتياجاته الاستهلاكية الخدمية والمعيشية. – تخلف البنية الاقتصادية والنسبة المتدنية للدخل القومي بالمقارنة مع الاحتياجات والنفقات الوطنية الاستهلاكية والخدمة والتنموية المتنامية تحول دون قدرة الدولة على تخصيص الموارد المطلوبة للتأمين الضروري على أجهزتها ومؤسساتها المختلفة، وحتى الآن ظلت الحكومة متجاهلة هذا النوع من التأمين ولا تفرد لها المخصصات اللازمة ضمن الموازنات الخاصة بهذه المؤسسات. – عدم اهتمام الجهات الرسمية بتفعيل قوانين التأمين الموجودة والتي من شأنها أن تبسط المظلة التأمينية لتغطي قطاعات اقتصادية انتاجية حيوية مثل قطاع الزراعة والثروة السمكية والسيارات وقطاع النفط والغاز، ورغم وجود التشريعات إلا أن جهات الاختصاص لم تلزم الشركات الأجنبية العاملة في البلد التي لا زالت تؤمن على أعمالها في الخارج بالتأمين على أنشطتها لدى شركات التأمين الوطنية الأمر الذي حرم قطاع التأمين الوطني من أهم موارد دخله، وحرم الاقتصاد الوطني الاستفادة من ملايين الدولارات التي تتسرب إلى الخارج. – تخلف أساليب تسويق صناعة التأمين الوطنية وضعف نشاطها الدعائي الترويجي ومحدودية انتشارها جغرافياً واجتماعياً ساعد على استمرار الجهل بأهمية التأمين لدى المؤسسات والسلطات وقطاع واسع من السكان، وحتى الآن يرفض الكثر من التجار وأصحاب المشاريع والأنشطة الصغيرة والمتوسطة التعاطي مع قضية التأمين بدوافع دينية أو أسباب اقتصادية، والبعض الآخر من التجار يحرصون على تأمين مستورداتهم لدى البلدان المصدرة، وهذا انعكس سلباً على حجم سوق التأمين الذي لا تتجاوز حصته عن 1% من مداخلي الفرد المتدنية اصلاً وهذه النسبة تصل إلى 60% في الولايات المتحدة فيما لا تتجاوز حصة الفرد من السكان في هذا السوق عن دولارين فيما يصل نصيب الفرد في بعض البلدان المجاورة (16) دولاراً. – الواقع الدولي الجديد الذي تخلق بعد أحداث سبتمبر 2001م، وشيوع ظاهرة الإرهاب الدولي، وما شهدته منطقة الشرق الأوسط من حروب استعمارية، هذه المتغيرات تركت بصماتها على قطاع التأمين العالمي وتسبب بخسائر جسيمة تكبدتها شركات التأمين الوطنية والعربية والدولية، وقادة إلى ارتفاع في اسعار التأمينات المختلفة، وبالنظر إلى ضعف القدرات الاحتفاظية لدى شركات التأمين عموماً واضطرارها إلى زيادة هامش الإعادة، فقد واجهت هذه الشركات العديد من المصاعب، منها تجديد اتفاقات الإعادة وفرض شروط اقسى واسعار أعلى مما اضطر شركات التأمين المباشره إلى زيادة اسعار البواليص على المؤمنين في وقت تواجه الأسواق اليمنية والعربية ظروفاً اقتصادية قاسية وغير ملائمة وذات تأثير على القدرات الشرائية، وبالتالي على الانفاق التأميني، وفي الوقت نفسه تعمل الشركات في السوق إلى حد حرب أسعار. وتشير تقارير الاسواق الى أن الشروط الجديدة لإعادة التأمين تسببت في ارتفاع الاسعار بنسبة تتراوح بين (20%) و (40%)، وقد اضطرت الشركات في بعض البلدان إلى امتصاص قسم من هذه الزيادة وعدم تحميلها كلياً لزبائنها. وهذه المتغيرات والصعوبات صمدت أمامها شركات التأمين الكبيرة ذات القدرات الائتمانية العالية وسخرتها لصالحها في زيادة ارباحها وبالتالي قدراتها على التوسع وتطوير منتجاتها وخدماتها فضلاً عن تعزيز قدراتها المالية، والعكس هو ما حصل بالنسبة للشركات الصغيرة والضعيفة. – قطاع التأمين شديد الحساسية بالمتغيرات من حوله ومثل غيره من القطاعات الاقتصادية الحيوية تأثر سلباً بالازمات والاشكالات والصراعات وحالات عدم الاستقرار والاعمال الارهابية والفوضوية والتمردات المسلحة التي شهدتها الساحة الوطنية خلال السنوات المنصرمة التي كان لها آثارها السلبية على التنمية الوطنية بشكل عام والاقتصادية بشكل خاص. المعالجات: الدور الاقتصادي التنموي المرجو من قطاع التأمين الوطني مرهون بطبيعة المعالجات والاجراءات المتخذة لحل اشكالات هذا القطاع لتعزيز نموه وتطوره وزيادة ربحيته وملائته المالية وتوفير الضوابط والضمانات الكفيلة بتوسيع نشاطاته وقاعدته الاجتماعية من العملاء وجذب الاستثمارات.. وتحقيق المعادلة بين رأس المال من جهة والحماية التأمينية المتمثلة بشركات التأمين وإعادة التأمين من جهة أخرى، بما يخدم الاقتصاد الوطني ويوفر له الحماية من المخاطر المحتملة وانطلاقاً مما سبق تناوله عن اسباب وعوامل ضعف الدور التنموي لهذا القطاع سأتناول بإيجاز بعض المقترحات بالمعالجات المطلوبة، وهي ذات بعدين معالجات مرحلية آنية ومعالجات ذات بعد استراتيجي. 1- المعالجات الآنية: تبسيط مفهوم التأمين من الناحية النظرية واستخدام وسائل الدعاية والإعلام والاتصالات ونقل المعلومات لتنوير العميل بأهمية التأمين ومزاياه وتزويده بكافة المعلومات الضرورية التي يحتاجها وتساعده على تقبل هذا النشاط والاقتناع بمزاياه وفوائده المختلفة، ومثل هذه الاجراءات تساعد كثيراً كلاً من المواطن العادي ومتخذي القرار في المؤسسات الصغيرة وحتى المتوسطة على تقييم أهميته بطريقة موضوعية والتفاعل معه من منطلق فهم مدى الحاجة إلى التأمين باعتباره إطار متكامل المعايير والإجراءات لتحقيق التعاون بين مجموعة من الأشخاص الطبيعيين (الأفراد) والاعتباريين (المؤسسات والشركات) من أجل تدارك مجموعة من الأخطار المحدقة بهم وإما تخفيف آثارها السلبية المحتملة بالنسبة إلى كل منهم. – إعادة تنظيم عمل الشركات وفق القواعد الفنية والعلمية وعلى أساس تعزيز الربحية، الكفيلة وحدها باجتذاب وتأمين استثمارات اضافية، وهذا يتطلب الاهتمام بتكوين خبرة ومهنية في الموارد البشرية وبناء جهاز ونظام اداري عالي الدقة وكادر مؤهل قادر على تقديم خدمات نوعية تتطابق مع المواصفات العالمية وقادر على المنافسة ومواكبة المتغيرات الجارية في سوق التأمين الدولية، فضلاً على توفير الحوافز ومتطلبات وأدوات العمل الناجح التي يسهم في رفع انتاجية الموظفين. – وضع خطة مرحلية لإعادة هيكلة شركات التأمين فنياً ومالياً للعمل وفق المعايير والأساليب المعتمدة دولياً ضمن سوق متطورة، وتمكينها من تقديم خدمات ومنتجات تأمينية متطورة وملبية لحاجة المجتمع والاقتصاد الوطني وهذا يحتم بالضرورة رفع رأس مال شركات التأمين إلى 500 مليون ريال كحد أدنى. – الحكومة مطالبة بتفعيل وتنفيذ القوانين المختلفة والاشراف على تنفيذها وإيقاف حالة الهدر الاقتصادي الكبير والناتجة عن أعمال التأمين في الخارج التي تقوم بها المؤسسات المحلية والشركات الاجنبية، والعمل في الوقت ذاته على تحديث وتطوير التشريعات القانونية والاجراءات العملية لتواكب المتغيرات الاقتصادية المحلية والاقليمية والدولية وحاجة سوق التأمين الوطنية وتمكينه من مواكبة المشاريع الاقتصادية وبرامج الاستثمار المختلفة، وحاجة سوق التأمين إلى التطوير والتغيير استجابة لعوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية متنوعة، أسوة بغيرها من الخدمات المالية الأخرى. – تطوير كفاءة وأداء عمل هيئة الإشراف الحكومية على التأمين، وتأسيس نظم اشرافية ورقابية على التأمين مبنية على أسس صحيحة وتعمل وفق مبادئ ومعايير عمل قادرة على تحقيق الكفاءة والعدالة والاستقرار في سوق تأمين متينة يتحقق فيها حماية المؤمن لهم، وتساهم بقسط وافر في تعزيز كفاءة النظام المالي الذي تعمل في ظله، من خلال الاقتصاد في الكلفة، وتوفير السيولة، وايجاد منافذ متعددة للاستثمار. – وضع آليات عملية وسريعة لمساندة شركات التأمين الوطنية لمنع تأثرها بالأزمة المالية والقرصنة وتوابعها، وكذلك دعم هذه الشركات بسبب ارتفاع تكاليف التأمين العالمية، نتيجة لارتفاع المخاطر في ظل الظروف الراهنة، وذلك لمنع تأثر الجوانب الاقتصادية الأخرى مثل تأثر الأسعار بسبب ارتفاع تكاليف التأمين على الشحنات المستوردة، والمصدرة في ظل الظروف الدولية الراهنة وارتباك عملية الملاحة في المنطقة. – التوسع في الاستثمارات المتمتعة بأعلى درجات من الضمان والربحية السيولة إلى جانب عنصر الاستقرار وموازنة الأعمال نظراً لأهمية التوظيف المالي الاستثماري في انقاذ شركات التأمين من تردي نتائج أعمال وظيفتها الأساسية، وقد تمكنت الكثير من شركات التأمين وإعادة التأمين من تغطية خسائرها التأمينية من مصادر استثماراتها المختلفة. ويتمثل هدف هذا الاستثمار في التالي:- – توفر السيولة النسبية والكلية لتسديد التزاماتها بالوقت المحدد لحملة الوثائق. – تعزيز المركز المالي والمحافظة على رأس المال المستثمر. – الوقوف أمام الزيادات في أعباء تأمين المسؤوليات. – استيعاب ظاهرة التضخم النقدي وانخفاض القوة الشرائية للنقد. – تحقيق الأرباح وتخفيض أقساط التأمين. – تغطية المصاريف وكل التكاليف. هناك عدة أوجه لاستثمارات شركات التأمين منها: – الاستثمارات في قيم اسمية ذات العائد الثابت مثل السندات الحكومية منها والأهلية والقروض الموثقة والاستثمار في قيم متحركة ذات العائد غير الثابت مثل العقارات والاراضي والاسهم. إن الاستثمار غير المدروس الذي تلجأ إليه بعض شركات التأمين بهدف جني الارباح السريعة من خلال المضاربة بالاسهم ينطوي على الكثير من المخاطر، فالاستثمار الناجح يتحقق من خلال استراتيجية متكاملة تتبناها الشركة استناداً إلى دراسات علمية وافية ودقيقة ترصد حركة السوق وتحدد أفضل السبل الاستثمارية المتاحة مع أهمية التزام الشركة بالمحافظة على ملاءة مالية قوية تغطي المخاطر والالتزامات المتوقعة، والالتزام بالمعايير الاستثمارية المتعارف عليها عالمياً التي تشدد على تنوع المحافظ الاستثمارية وتوزيع المخاطر. 2- معالجات ذات بعد استراتيجي: الهدف منها إعداد قطاع التأمين الوطني للعمل في ظروف العولمة ومواكبة متطلبات متغيرات سوق التأمين الإقليمة والعالمية، ومجابهة الاستحقاقات المترتبة عن احتمال انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية والسوق الخليجية، وماقد يترتب عن ذلك من غزو لسوق التأمين اليمنية من قبل شركات ومؤسسات تأمينية أجنبية وعربية قوية مالياً وتقنياً وأكثر خبرة.. والأهم من ذلك هو إعداد قطاع التأمين الوطني لمواجهة مخاطر وتبعات الأزمة المالية العالمية والعمل ضمن معطيات البيئة الاقتصادية والسياسية الدولية الجديدة وذلك من خلال التالي:- – إيجاد تكتل تأميني لشركاتنا الوطنية والعربية، من شأنه أن يكسب الشركات قوة تفاوضية أكبر من شركات الإعادة الأجنبية، وبالتالي يزيد من قدراتها الاحتفاظية، صحيح أن ثمة محاذير من سياسة الاحتفاظ الكامل، نظراً لمخاطره الكبيرة في حال حصول كوارث، لكن الصحيح – ايضاً- هو أن ألا تتحول شركات التأمين إلى شركات وساطة فتعمل على أساس الربح الناتج من فرق العمولات والاحتفاظ المنخفض الأمر الذي يتحتم بالضرورة الانتقال النوعي بقطاع التأمين في بلادنا وتحويله من مرحلة الوساطة إلى مرحلة الصناعة وهذا يقتضي خلق وحدات تأمينية قادرة مالياً وبشرياً. – إعادة تنظيم وهيكلة قطاع التأمين وخلق كينات تأمينية كبرى قادرة على المنافسة الاقليمية والدولية، وهناك عدة أشكال محتملة لإعادة التنظيم، أما عن طريق البيع وغالباً ما تحصل هذه العملية ما بين الشركات أو المؤسسات غير المتوازية حجماً، بهدف زيادة المحفظة التأمينية أو الاندماج بين شركتين أو أكثر بغرض زيادة رأس المال وتوسعه المحفظة التأمينية وتنوعها ولا شك أن تطبيق ذلك سيؤدي إلى تقليل عدد الشركات العاملة وبالتالي زيادة قاعدة العملاء وتقليل الكلفة التشغيلية، إضافة إلى تحصين السوق المحلية والاستعداد بثقة تامة وأكبر لمواجهة الاستحقاقات القادمة. أو من خلال تحالفات بعض شركات التأمين والمصارف اليمنية على أن تقوم هذه المصارف بتسويق برامج التأمين لعملائها وزبائنها مما يؤدي إلى توسع كبير في حجم الأقساط من خلال تشكيل منتجات وبرامج ادخارية تقدمها شركات التأمين لعملائها وزبائنها عبر المصارف وتمثل قاعدة نمو للتأمين طويل الأجل. فالمرحلة القادمة مرحلة الغربلة وتحصين المواقع في عالم المنافسة وسيكون البقاء فيها للأقوى وهي ضرورة حتمية لقيام شركات كبيرة متطورة الأداء وقادرة على المنافسة مع الشركات العربية والأجنبية التي قد تكون على مستوى عال من التطور والخبرة، بحيث تتزامن هذه الإجراءات مع زيادة الوعي التأميني لدى المجتمع اليمني سواءً كانوا أفراداً أو مؤسسات مالية أو مصرفية أو شركات ولمصلحة الاقتصاديات الوطنية وبقية الأطراف. الخلاصــــــــــة: – الدور التنموي لقطاع التأمين في اليمن ظل أسير بنيته الضيقة وضعف موارده ودرجة الوعي التأميني الشعبي والرسمي، ومتأثراً إلى حداً كبير بالبنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحيطة به ودرجة تطورها، وكانت نجاحاته محددة في بعض الاحيان ومتعثرة في أغلبها، ويرجع ذلك لأسباب عديدة أهمها عدم إدراك الجهات المختصة لمتطلبات هذا النظام من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسكانية ولجوهر العلاقة بين النظام التأميني والتنمية الاقتصادية من ناحية ثانية وللعلاقة بينها وبين المعطيات الاقتصادية والسكانية والثقافية من ناحية ثالثة. – الأطر القانونية التي تحكم النشاط الاقتصادي لمؤسسات التأمين بحاجة إلى مراجعة دو رية ومتواصلة لتوفير المناخات اللازمة لإدارة وضبط الظروف المستجدة لصالح شركاتنا الوطنية، كما يتوجب إخضاع سوق التأمين لعملية تنظيم وهيكلة ورقابة وتوفير المناخ الصحي للتنافس الذي يضمن الحقوق والواجبات بين الأطراف ويرفع من أداء الشركات والمؤسسات ويحسن من نوعية الخدمات المقدمة للمؤمن ويحد من عدد المتطفلين الدخلاء على هذا القطاع ممن يسيئون إلى المهنة بسبب عدم توفر الخبرة وعدم الانضباط والتقيد بالقانون. – المرحلة القادمة تعتبر مرحلة الغربلة وتحصين المواقع التي لا وجود فيها إلا للأقوى، وقيام شركات كبيرة متطورة الأداء اضحت اليوم حاجة حتمية لمواجهة الاستحقاقات والتحديات القادمة في عالم المنافسة الاقتصادية، ويبقى التحدي الأكبر هو جاهزية القطاع الكلي للتأمين على المستوى المحلي والإقليمي والدولي واستعداده التام لمواكبة تحديات العولمية ومتطلبات السوق و مزيداً من القرارات الجريئة لتحسين الأداء وتطوير مستويات الخدمة والتنظيم ورفع مستوى الشفافية والمصداقية وتفعيل دور مجالس الإدارة والمديرين، فمن دون توجه عام واضح وأدوات تنفيذ قياسية محترفة سيكون الطريق صعباً ووعراً. – تعزيز دور قطاع التأمين في التنمية خلال المرحلة القادمة يستدعي إعادة هيكلة هذا القطاع لتعزيز نموه وتطوره وربحيته وتوفير الضوابط والضمانات فيه لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية إليه أسوة بعملية إعادة الهيكلة الواسعة النطاق التي يشهدها الاقتصاد اليمني والتي تسعى إليها حكومة بلادنا بصفة دائمة مع العلم بأن صناعة التأمين تعود إلى القطاع الخاص ويعيش قطاع التأمين حالياً أجواء ترقب لتعديلات جديدة في قوانينه.. ومراقبة أعمال التأمين قد يفرض زيادة كبيرة على رأس مال الشركات ويعطيها دفعاً باتجاه الدمج في محاولة جديدة لإعادة تنظيم القطاع وفق القواعد الفنية والعلمية وعلى أساس تعزيز الربحية الكفيلة وحدها باجتذاب رساميل واستثمارات اضافية إليه. دكتور احمد اسماعيل البواب