08 – 04 -2012

شهدت الساحة التأمينية خلال العام 2011 قضايا واحداثا شائكة قامت "السياسة" بتغطيتها إعلاميا وطرحها على طاولة شركات التأمين الكويتية في هيئة سلسلة حلقات ليتم مناقشتها وايجاد الحلول الافضل لها سعيا الى تعزيز وتطوير قطاع التأمين الكويتي, "السياسة" اعدت ملفا خاصا لعرض أبرز المحاور التي تم التطرق لها وكانت محل جدل بين الخبراء والقائمين على القطاع والمسؤولين العاملين في شركات التأمين المحلية والتي ساهمت بشكل او باخر بنقل الرسالة التأمينية للجهات المعنية بغية الارتقاء بالصناعة والثقافة التأمينية.

بداية كنا طرقنا باب الحديث عن حالة تجمد قطاع التأمين في الكويت, فاتفقت اراء مجموعة من الاقتصاديين حول قلة حركة التداول التي يعاني منها قطاع التأمين الكويتي, مشيرين الى وجود عوامل عدة كانت وراء هذا التجمد الذي يشل القطاع الى حد ما, منها قلة الوعي لدى الكثير من المستثمرين حول اهمية وقوة هذا القطاع, ومنها ان اسهمه تعد نوعا ما "محتكرة" على مجموعات وملاك شركات التأمين الذين ابدو تشددهم في التمسك بها لما تحققه من ارباح مجدية مع نهاية كل عام, ما يثبت مدى قوة ومتانة اسهم القطاع.

التعويضات

بعد ذلك انتقلنا بالحديث لمناقشة قضية التعوضات التأمينية حيث تفاقمت في الاونة الاخيرة اداعاءات وشكاوى بعض عملاء شركات التأمين بعدم ايفاء بعض الشركات من تعويض اضرارهم و"وتملص" هذه الشركات من الالتزام بما تنصه وثائقهم التأمينية, فاكتفت بعض الشركات المحلية بالرد على هذه الادعاءات بالنفي خصوصا في ظل وجود وزارة التجارة والتي تعد الجهة المسؤولة والرقابية عن سلوكيات وتعامل شركات التأمين بشكل عادل ومنصف مع العملاء.
أزمة اندماج
وعن تداعيات الازمة الاقتصادية فقد لوحظ تعثر بعض شركات التأمين المحلية تأثرا تداعيات الازمة المالية العالمية التي اجتاحت العالم نهاية العام 2008, ما ادى لتدهور اداء الكثير منها خصوصا بعض حديثي النشأة, وبات اداؤها منذ ذلك الحين في دوامة وصراع مستمر مع الواقع لتحسين اوضاعهما التي ظهرت عليها الخسائر واضحة مع مرور الاعوام تأثرا بحال الاسواق المحلية والعالمية.
واصبح حال البعض منها مهددا ومحصورا بين الافلاس والاندماج, ورأى بعض الخبراء ان فكرة الاندماج "معدومة" لان الشركات الكبيرة قد لا تجد في هذه الشركات جدوى جيدة او فرصة مغرية للاقبال على دمجها او استحواذها ما يعزز استبعاد الفكرة متوقعين ان ظاهرة "التصفية" تظل اقوى من الاندماج وقد يظهر مصير هذه الشركات العام المقبل.
دور الاتحاد
اتفقت اراء الخبراء والقائمين على شركات التأمين الكويتي حول الدور الذي قام به اتحاد شركات التأمين منذ نشأته وحتى الان, حيث ان اهدافه بنيت على اتباع ستراتيجية سليمة تسعى لتحريك قطاع التأمين في الاقتصاد المحلي بشكل عام وتعزيز دور شركات التأمين بشكل خاص مع مختلف الجهات سواء كانت رقابية, حكومية, او خصوصا, مؤكدين على ان الاتحاد حاول على الدوام القيام بدوره على اكمل وجه, الا ان محدودية صلاحياته تحده من تأدية دوره بالشكل المطلوب.
وطالبت بعض الشركات "الاتحاد" بمتابعة تعزيز جهوده ناهيك عن مناشدتها للجهات الرقابية والمسؤولة بأهمية مراعاة اعتماد قانون التأمين الجديد والذي سيعمل على دعم قطاع وشركات التأمين بشكل كبير وملحوظ.

توعية وإعلام

الاقتصاديون والمسؤولون في القطاع تباينت اراؤهم حول مدى تأثير وسائل الاعلام والتكنولوجيا الحديثة في كيفية التأثير في المجتمع وانعكاس دورها على شركات التأمين وادائها, حيث اكد بعض المسؤولين ان وسائل التواصل الاجتماعي تشكل فرصا هائلة لشركات التأمين التي تمتلك رؤية ودافعاً لتسخير شبكات التواصل الاجتماعية, لخدمة مصالحها من خلال مواقع مختلفة ك¯"الفيسبوك" و"تويتر" و"لينكد إن" وغيرها. موضحين ان وسائل وقنوات التكنولوجيا الحديثة تشكل عاملا بارزا وجدا مهم في كيفية التواصل مع الافراد في المجتمع المحلي والخارجي, وتعد الوسيلة المثالية في دخولها الى بيوتهم بسهولة لتوفير متطلباتهم.

تراخيص تأمينية

ووفقا لاحدث الاحصائيات, فقد بلغ حجم سوق التأمين الكويتي 180 مليون دينار, يضم شركات تجاوز عددها 32 شركة. وسط استمرار تكاثر عدد شركات التأمين في السوق المحلي, واتفقت معظم الاراء على اهمية وضرورة مراعاة الجهات الرقابية والمسؤولة لدراسة اداء الشركات القائمة ومعالجة قضايا المتعثر منها قبل منح التراخيص لشركات جديدة, مؤكدين ان السوق "مشبع" حاليا وبحاجة ماسة للغربلة الامر الذي سيساهم في ضمان حقوق ومصلحة المستهلكين والمستثمرين وتطوير الاقتصاد المحلي.

توقعات اداء 2012

وفيما يتعلق بتوقعات البعض لاداء قطاع التأمين خصوصا في ظل زيادة حدة المشهد السياسي في الاونة الاخيرة, فبالاضافة الى ما تعانيه بعض دول المنطقة من ازمات سياسية واقتصادية شرسة, نجد ايضا ان هذه الازمات لا تقتصر عليها فحسب, وانما امتدت لتشمل ما تعانيه الكويت كذلك من ازمات وقضايا سياسية شائكة لا تزال عالقة بين السلطتين ما قد يحول دون تقدم وتطور بعض مشاريع وخطط الدولة التنموية والتي تتوق لانتهاز الفرص فيها الكثير من الشركات المحلية والتي لا تزال في انتظار تنفيذها. ومن هذا المنطلق تناقضدت بعض اراء الاقتصاديين والمسؤولين العاملين في قطاع التأمين بتوقعاتهم لاداء قطاع التأمين المحلي بشكل عام وشركاتهم بشكل خاص خلال الفترة المستقبلية, فمنهم من اعرب عن تفاؤله باستمرارية تطور الاداء خصوصا على المستوى التشغيلي, في حين يرى البعض الاخر متابعة العناء على ضوء توقف مسيرة قطار خطة التنمية, املين الافراج عنها والتماس تنفيذها قريبا.

مقاضاة التأمين

ومن ناحية اخرى اتفق خبراء القطاع حول القضايا التي يرفعها بعض العملاء ضد شركات التأمين للمطالبة بزيادة نسب التعويضات عن تلك المنصوصة في وثائقهم, مؤكدين انها اجراءات غير عادلة وقد تتسبب باحداث الكثير من الخسار للشركات, وتأتي حالات الحوادث والاصابات في المرتبة الاولى ضمن قائمة القضايا التي يستخدمها بعض العملاء لمقاضاة شركات التأمين, مبينين ان بعض المحامين لهم دور بارز في تحريض العملاء ضد شركاتهم بغية تحقيق مكاسب شخصية.
قرصنة الكترونية

وشاعت في الاونة الاخيرة ظاهرة مطالبة خبراء في التأمين العاملين في السوق السعودي بضرورة توفير التأمين على الحسابات الشخصية للعملاء ضد فقدان البيانات الخصوصا وللتأمين على المحافظ الاستثمارية بغية التصدي للقرصنة الالكترونية والتي باتت في ازدياد يوما بعد يوم وفقا لاحدث الاحصائيات المختصة بذلك, الامر الذي اصبح بمثابة التهديد بالنسبة لجميع الشركات والجهات المصرفية.

وعند سؤال المسؤولين هل جميع الشركات والبنوك المحلية بحاجة للالتزام والتحوط باستخدام التأمين الخاص بتغطية هذه الحالة في الوقت الراهن? فكان تعليق البعض انه ومع الاهتمام والاعتماد المتزايد لعالم التجارة و الاعمال على شبكة الانترنت خصوصا في ظل العدد المتسارع في عدد المستخدمين حول العالم بصفة عامة وبعالمنا العربي بصفة خصوصا, قامت الشركات والمؤسسات حول العالم بانفاق مليارات الدولارات على انظمة تكنولوجية متطورة تشمل برامج مكافحة الفيروسات و جدران الحماية ( Firewalls ) وغيرها من الوسائل بغية حماية قواعد بياناتها وعملياتها التجارية من مخاطر الانترنت ( Cyber risks ) , والتي غدت احد اكبر هموم مديري المخاطر حول العالم, مشيرين الى انه ومع الاستخدام والاعتماد المتزايد على شبكة الانترنت من قبل الشركات والمؤسسات , فانه سيكون من المتوقع ان يشهد هذا النوع من التأمين اقبالا متزايدا خلال السنوات المقبلة , خصوصا من قبل المؤسسات المالية في ظل استثناء مثل تلك الاخطار من التغطية المتاحة تحت وثائق الغطاء المصرفي الشامل واخطار الكمبيوتر والاجهزة الالكترونية الاعتيادية.

تصنيفات ائتمانية

وتناقضت اراء خبراء التأمين الكويتي حول مدى اهمية حصول شركات التأمين على التصنيفات الائتمانية, حيث اعتقد البعض ان حصادها يعد بصمة نجاح وانجازا بمثابة عامود اساسي للشركة يحفظ حقوق قوتها على المستوى المحلي لمواكبة الطابع العالمي وطريقة معتمدة لتحديث وتطوير القطاع التأميني, في حين رأى البعض الاخر ان نجاح الشركة ارتكازه ليس بالضرورة ان يعتمد على حصول الشركة التصنيفات الائتمانية بل على مدى انجازاتها ومستوى تقديم خدماتها لعملائها. كذلك تباينت اراؤهم فيما يتعلق بموضوع مدى اهمية الزام وزارة التجارة والصناعة شركات التأمين المحلية بالحصول على التصنيفات الائتمانية معتمدة من قبل وكالات عالمية .
تأمين المسؤولين

واتفقت اراء الخبراء والمسؤولين العاملين في شركات التأمين الكويتية على ان ابرز الاسباب في عدم مراعاة بعض الجهات والشركات المحلية لاخذ منتج تأمين "مسؤولية المدراء والتنفيذيين" على محمل الجد وشراؤه كغطاء تأميني لوقاية الشركات وحمايتها عند الضرورة, ملقين اللوم الاكبر على عامل قلة الوعي التأميني في الكويت والمنطقة العربية ككل, ناهيك عن تدهور اوضاع الكثير من الشركات والمؤسسات المحلية نتيجة تأثرها بتداعيات الازمة المالية العالمية الامر الذي شكل عامل يحدها من شراء مثل هذا المنتج خوفا من عدم القدرة على سداد التزاماته.

مستوى القطاع

كما اتفقت الاراء على ان قطاع التأمين الكويتي لا يزال بحاجة ماسة للتطوير من مختلف الجوانب كالقانون وتأهيل الكوادر البشرية وزيادة الوعي التأميني على الصعيد المحلي وغيرها من الامور وذلك للرقي بمستوى الاداء بشكل يمكنه من مواكبة قطاعات التأمين الاجنبية والعالمية.

التوعية التأمينية

وعند سؤال البعض عن مسؤولياتهم تجاه التوعية التأمينية, اجتهدت في الاونة الاخيرة بعض من شركات التأمين المحلية بالسعي وراء تعزيز مستوى التوعية التأمينية في المجتمع نظرا للحاجة الماسة لبث وتوسيع دائرة هذه الثقافة بين افراد المجتمع بغية تطوير هذه الصناعة وابراز مدى اهميتها من مختلف الجوانب. وتنوعت الطرق التي قامت باستخدامها هذه الشركات سواء باصدار كتب ومنشورات, او ما تقدمه من دعم مادي ومعنوي للكوادر البشرية لتأهيلهم, بالاضافة الى تقديم خدمات قد تساهم بشكل او باخر في تنوير منظور الافراد والعملاء واجتذابهم للانتماء لهذا القطاع الذي لطالما كان محجوبا عن اعين واذهان الكثيرين مقارنة بغيره من القطاعات بحيث انه لم ينل نصيبه بشكل عادل على حد قول بعض الخبراء في هذا المجال من التطور والتوعية على الصعيد المحلي, الامر الذي دفع البعض للتقدم والبدء بالمساهمة في مسيرة نشر التوعية التأمينية على امل التطوير والرقي في هذا المجال والوصول للنتائج المرجوة.

الاقساط التأمينية

وتباينت وجهات النظر حول مدى احتمالية تأثر شركات التامين المحلية وزيادتها لنسب الاحتفاظ بالاقساط التأمينية خصوصا في ظل الحاجة المتزايدة للاعتماد على الدخل من العمليات التأمينية, فتوقع البعض ان يصل السوق الى نقطة لا يمكن معها لشركات إعادة التأمين خصوصا ذات التصنيف العالي الى تقديم الدعم لبعض الشركات نظراً لتدني الأسعار عن الحد المسموح به فنياً وعالميا , الامر الذي سيؤدي الى لجوء شركات التأمين الى شركات إعادة غير مصنفة عالمياً وليست محل ثقة (أو ذات تصنيف منخفض) لإعادة الاخطار المكتتب فيها لديها . في حين يرى البعض الاخر أن المنافسة الشديدة بين شركات التأمين وانعكاساتها على مستويات متدنية جداً (لم تصل إليها الأسعار من قبل ) لن يؤثر على عملية تقييم نسبة احتفاظ الشركات من الأعمال المكتتبة , حيث أن بعض الشركات تزيد من نسبة احتفاظها في بعض الأعمال لبعض أفرع التأمين التي هي قادرة على التحكم بمستويات الخسائر فيها.

استنزاف خارجي

من ناحية اخرى, اتفقت اراء الخبراء حول ان الكثير من الشركات المحلية تعتمد بشكل كبير على اسواق اعادة التأمين في الخارج وذلك لاسباب متفاوتة ما ادى لاستنزاف الاموال المحلية, حيث اوضح البعض ان تشبع السوق المحلي بشركات التأمين تسبب بانخفاض شديد بمعدل الاقساط المكتتبة الامر الذي حد من قدرة بعض الشركات خصوصا حديثة النشأة والصغيرة منها على الاحتفاظ بالمخاطر نظرا لصغر قاعدة اقساطها التأمينية وبالتالي دفعها لاتباع ستراتيجيات نسبية لاعادة التأمين تكون فيها معدلات الاحتفاظ بالمخاطر متدنية.

دور التجارة

وعن موضوع الاجراءات التي يجب ان تتخذها الجهات الرقابية والمسؤولة لحماية حملة الوثائق وحملة الاسهم التأمينية, اكد بعض المختصين إن صناعة التأمين شأنها شأن كل الصناعات لها قواعد واصول مهنية متعارف عليها ويجب العمل بها حتى لو كانت تلك الاصول لا ينص عليه القانون وانه على وزارة التجارة صياغة تلك الاصول والقواعد في شكل قوانين الزامية لكل الشركات ومنها على سبيل المثال : اولا: يجب ان تلزم وزارة التجارة الشركات بالمحافظة على توازن محفظة الاخطار بها بنسب محددة بشكل يحفظ حقوق حملة الوثائق والمساهمين ويحافظ على الملاءة المالية للشركات ويمكنها من الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة الوثائق. ثانيا: إلزام شركات التأمين بتكوين احتياطيات محددة من الاخطار التي يتم الاكتتاب بها بنسب تتوافق مع حجم الاقساط المكتتب بها في كل فرع من فروع التأمين. ثالثا: الزام شركات التأمين بتنويع استثماراتها بشكل مرن يسمح باسترداد تلك الاستثمارت في حال الحاجة وكذا يمكنها من تفادي خسائر كبيرة في حال التركيز على انواع محددة من الاستثمارات . رابعا : يجب تكوين لجان تدقيق وفحص ومتابعة من قبل وزارة التجارة لمتابعة الأداء الفني والمالي لشركات التأمين ولا ينصب الاهتمام فقط على التدقيق المالي دون الاهتمام بالأداء الفني. خامسا: على وزارة التجارة تزويد شركات التأمين بكل ما هو جديد باسواق التأمين والمساهمة في إنشاء معهد تدريب متخصص , ودورات خصوصا من شأنها العمل على رفع كفاءة العاملين بشركات التأمين وكذا تقديم شرح لقوانين التأمين التي تنص عليها الدولة لسهولة التعامل فيما بعد وتوحيد الاهداف