07-08-2012 – بانوراما التأمين

وزارة الصحة التي بذلت جهدا كبيرا في السنوات الأخيرة لبناء المنشآت الطبية وتأهيلها، وحسنت إلى درجة معينة النوعية في الخدمة، فشلت في موضوعين مهمين هما التأمين الصحي وإحلال الكوادر الصحية السعودية بدل الأجنبية في قطاعاتها؛ فالتأمين الصحي متوقف في درج من أدراج وزارة الصحة، حيث يتخذ بعض المسؤولين موقفا متحفظا من القرار، مع أن موضوع التأمين الصحي أشبع دراسة وأشبع أخذا وردا، وحصل على الموافقات من جهات كثيرة، لكن بيننا – مع الأسف – أصحاب مصالح لا يريدون تطبيق نظام التأمين الصحي فيصر في الزبدة عظم.

التأمين الصحي ليس جديدا، ولا غير مسبوق، فكل الشركات الكبرى، والمؤسسات في المملكة تؤمن على موظفيها ونلاقيهم في المستشفيات، والمصحات، وهم يقدمون بطاقة صغيرة ليتجاوزوا العقبات المالية في طلب العلاج، ويبقى المواطن العادي محروما من التأمين لصالح رأي متخوف من قبل رجال وزارة الصحة، وعجز عن اتخاذ قرار التأمين الصحي الشامل، وهو القرار الذي مر بكل خطواته التشريعية والتنظيمية، وتوقف في مكان ما في وزارة الصحة حسب آخر معلوماتي مع أن لدينا اطلاعا أن هناك مسؤولين في الوزارة قدموا دعما، وتشجيعا لإقرار التأمين الصحي لإخراج الوزارة من إحراجات الرعاية الصحية ومناقصات الأدوية والتعاقدات التي لا تعطي ما يكفي مهما بذل لها، فالموضوع اقتصادي بحت لحفظ هدر الأموال في خدمات صحية مجانية وبعثرة الجهد الذي لن يجدي.

معالي الوزير يتحفظ علنا في أكثر من مناسبة على تطبيق التأمين لعدم الجهوزية، وربما تخوفا من أخطاء قد تظهر، أما نحن المواطنين المتضررين من هذا التأخير فنقول لمعاليه : وليكن فيه من الأخطاء ما يتجاوز (50 في المائة) لا تهم كل الأخطاء، فالأخطاء يمكن إصلاحها، والعقبات يمكن تذليلها؛ لكنه لا يمكن ترك الناس من دون تأمين صحي يشمل الصغير، والكبير ويريح وزارة الصحة من أعبائها بحيث تتحول مستشفياتها إلى خصخصة بإشرافها فقط، ونتجاوز هذه العقبة المزمنة، فعدم وجود تأمين صحي شامل جعل القطاع الصحي يعاني فوضى لا حدود لها، وميزانيات باهظة لا قبل للوزارة بها.

وزارة الصحة قامت بجهد كبير خلال السنوات الثلاث الماضية بتوسيع الرقعة الصحية وتحسين النوعية في الرعاية والوقاية والعلاج، ولو أنها عجزت عن إيجاد طريقة للتأمين، وهو المعوق نفسه لإيجاد بيئة عمل للكوادر السعودية من أطباء ومساعدين وممرضين، رجال ونساء ما زالوا يقفون في صف البطالة، بينما تستقدم الوزارة الآلاف من الأجانب لأنه أجدى اقتصاديا للشركات المشغلة، فالعجز عن إقرار التأمين، والعجز عن استيعاب الكوادر السعودية المقبلة على المهنة ليس عجز موارد لكنه عجز إدارة، ومقترحي البسيط هو تغيير التشكيلة الإدارية بإدارة صحية قادرة تستطيع اتخاذ القرار بإقرار التأمين واستيعاب الكوادر الطبية بدل حلول التخلي عن توظيف السعودي لديوان الخدمة المرهق بتبعات التوظيف في كل القطاعات، وتأجيل التأمين الصحي خوفا من مشكلات قد تظهر بعد تطبيقه.