10-09-2012 – بانوراما التأمين

أسعار التأمين الإلزامي على السيارات في طريقها إلى ارتفاعات قياسية اعتبارا من مطلع العام القادم، بعد ان نجحت شركات التأمين الأردنية والاتحاد الذي يمثلها في فرض الشروط التي تطالب بها خلال الآونة الأخيرة، ألا وهي تحرير السوق التأميني تماماً في هذا المجال وترك أصحاب المركبات على اختلاف أنواعها تحت رحمة تسعيرة مفتوحة على الاخر دون سقوف، بدلا عن تحديدها من قبل الحكومة وهيئة التأمين التابعة لها كما كان الحال سائدا منذ زمن بعيد،وهذا ما يلقي بأعباء ثقيلة على المواطنين لدى ترخيصهم لسياراتهم لأنه لا يمكن لذلك أن يتم بمعزل عن بوليصة التأمين الإلزامية على اقل تقدير ! .
الجديد في هذا الاتجاه أن البنك الدولي نفسه هو الذي سيتولى هذه المسؤولية من اجل ضمان عملية تحرير أسعار التأمين وفق آليات يقوم على وضعها وفد زائر يمثله ويتواجد في عمان هذه الأيام، بعد ان كان قد أعطى توصيته الأولى بتحرير قطاع التأمين من أية قيود ، انتصارا للشركات التي تتذرع بانها تعاني من خسائر متراكمة ومتتالية لا يمكن أن يكون سببها التأمين الإلزامي وحده إنما لأسباب اخرى تعرفها إداراتها جيدا.
يبدو أن هيئة التأمين الرسمية هي التي مهدت الطريق أمام هذا التدخل دولي في شؤون قطاع التأمين الأردني، حين قرر مجلس إدارتها منح شركات التأمين حرية الاكتتاب اعتبارا من1 / 1 / 2013م وتكليفها بوضع ودراسة الضوابط لتحرير الأسعار دون إمكانية التراجع عنها، مما يعني أن الأمر اصبح حقيقة واقعة وان وفد البنك الدولي إنما جاء ليخرج الإطار لهذا الواقع المفروض على المواطنين من خلال تحديد الآليات التي يراها مناسبة ، ولا بد من الانصياع إليها من مختلف الأطراف لصالح شركات التأمين لكي تحقق أهدافا لطالما سعت إليها ونجحت بتحقيقها في نهاية المطاف ! .
دراسات عديدة قامت بها جهات مختلفة من بينها هيئة قطاع التأمين وجمعية حماية المستهلك خلصت إلى أن السعر الحالي المحدد للتأمين الإلزامي هو اثنان وتسعون دينارا لكل مركبة وهو عادل ومنصف بين الشركات والمواطنين ، إلا ان هذه الشركات التي يبلغ عددها ثماني وعشرين في سوق تأميني اردني محدود يصر بعضها على انه يتحمل خسائر سنوية، في حين ان معظمها يحقق أرباحاً قياسية يتم إعلانها في نهاية كل سنة مالية، ما يدل على انه أية صعوبات تواجه شركات بعينها هي نتيجة اعتبارات اخرى لا علاقة لها بالتأمين الإلزامي من قريب أو بعيد ! .
ما هي الآليات المتوقعة لتطوير عملية التسعير والاكتتاب لوثائق التأمين المختلفة التي سيحددها البنك الدولي فيما يتعلق منها بالتأمين الإلزامي الذي يهم القطاع الرئيسي من مالكي المركبات ومشغليها ، هذا ما ستجيب عنه طبيعة القرارات التي سيتخذها وفده ليتم فرضها على الجميع بلا استثناء ، لكن الكتاب كما هو معروف يقرأ من عنوانه لان هذه المؤسسة الدولية تراعي دوماً أصحاب الأعمال وتنمية أرباحهم فوق ما هي عليه، ولا تلقي بالاً ولا أي اهتمام لمعاناة المواطنين الذين سيكتوون بأسعار تأمينية تحرر جيوبهم من كل قيود لحساب شركات التأمين ! .