تسببت حرب أسعار وصفت بـ "العبثية" في جلب مزيد من الخسائر التشغيلية التي لحقت بغالبية شركات التأمين في السوق السعودية خلال النصف الأول من العام الجاري، وهو ما أثار الكثير من علامات الاستفهام لدىا المتعاملين في هذا القطاع حول قدرة تلك الشركات على الاستمرار في ظل هذا التخبط وغياب آليات العمل المهنية والإدارة الاحترافية.
وقال لـ "الاقتصادية" سليمان بن سعد الحميّد رئيس مجلس إدارة شركة التعاونية للتأمين، إن السبب الرئيسي وراء الأداء المتعثر لبعض شركات التأمين المحلية أنه تم تأسيسها من قبل مستثمرين وجدوا الفرصة متاحة لجني أرباح سريعة وطائلة عبر طرح مثل هذه الشركات للاكتتاب في السوق وبيع الأسهم بعد سنوات من التأسيس بأسعار مرتفعة دون أن تتوافر لهم خبرات تأمينية سابقة أو معرفة بطبيعة العمل والاتجار في قطاع التأمين المبني على حسابات مختلفة تماما ومخاطر غير معتادة، وقد عجزت كثير من تلك الشركات عن تحقيق الأرباح أو أن تحقق جزءًا بسيطا من خططها المقدمة لمؤسسة النقد أثناء حصولها على التراخيص الرسمية.
وأكد الحميد أن هذا الاحباط الذي صاحب أداء شركات التأمين المتعثرة والتي باتت تبحث عن فرص ربحية بطريقة عشوائية نجم عنه حرب أسعار وصفها بـ "عبثية" كما هو حاصل في التأمين الطبي، حيث أثقلت شركات التأمين بالخسائر في حين حققت المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة نموا كبيرا في أرباحها وصل إلى زيادة 50 في المائة على أعوام سابقة، أما شركات التأمين الجديدة فكانت تقدم أسعارا غير مدروسة، ومنيت بعدها بخسائر كبيرة ومديونية ضخمة تحاول جاهدة سدادها لصالح المستشفيات، وهذه الشركات نجحت بامتياز في إحداث ضرر كبير بسوق التأمين السعودية وفقدت معه شركات التأمين مصداقيتها.
وعلق الحميد على أسباب تراجع أداء شراكات التأمين بعد مرحلة إعادة تنظيم السوق في حين كنا نتوقع توسعاً ونمواً، بالقول إن وضع شركات التأمين العاملة في السوق المحلية لا يزال محيرا، إذ إن السوق استقطبت في البداية كبريات الشركات العالمية وشركات متعددة الجنسيات بارزة في أدائها في أسواق عربية أو عالمية لكن معظم هذه الشركات نجحت فقط في جمع أموال المكتتبين في الطرح الأولي ولم تقدم شيئا يوازي أسماءها الكبرى. وابدى أسفه تجاه تكريس بعض شركات التأمين ممارسات غير مهنية ولم تضف لسوق التأمين أي قيمة مضافة، حتى أنها لم تسهم في توظيف المواطنين، وأتاحت فرصا أكثر لغير السعوديين، وفي النهاية خذلت مساهميها بتحقيق نتائج مخيبة.
وفيما يتعلق بالصعوبات التي تواجهها "التعاونية" على مستوى النتائج التشغيلية، واستراتيجية الشركة تجاه التعامل مع ذلك في نتائجها، اعتبر الحميد أن تدني الأسعار وزيادة حجم المطالبات وتأثر نتائج الاستثمار بالأوضاع العالمية الحالية كان له تأثير سلبي في نتائج "التعاونية" خلال النصف الأول من العام الحالي، لكنه يؤكد أن حجم أعمال الشركة شهد نمواً بنحو 19 في المائة، حيث زاد إجمالي أقساط التأمين المكتتبة إلى 2.462 مليون ريال عام 2012 مقابل 2.076 مليون ريال خلال الفترة نفسها من العام السابق.
وبين الحميد أن الحلول التي استخدمتها بعض شركات التأمين للخروج من تعثرها تعتبر غير فعالة، إذ إن الوضع الحالي للسوق لن يتحمل طويلا تخمة شركات التأمين التي يسعى معظمها للحصول على فرص بأي ثمن، وبعضها يحاول بخفض السعر تارة، وبخفض تكلفة التشغيل تارة أخرى رغم تأثيرها في الخدمة، وبالمماطلة في دفع المطالبات للعملاء والمراكز الطبية وربما المساومة على القيمة المستحقة، وهذا ما عنينا في الضرر الحاصل على سمعة شركات التأمين، وكيف وصل الحال إلى هذه النقطة.
واعتبر الحميد أن فكرة الاندماج أيضا لن تكون حلا مفيدا، على اعتبار أن ذلك من الممكن أن يصنع كيانا خاسرا أكبر حجما، وتلك الشركات المتعثرة والمثقلة بالخسائر قد تآكل ما يتجاوز نصف رأسمالها لن تجد منقذا يقبل بتلك الخسائر والمسؤوليات والديون إما عن طريق الاندماج أو الاستحواذ فليس هناك أي ميزة تفضيلية لمعظم هذه الشركات تستطيع أن تضيفه لأي مستحوذ.
ويرى رئيس مجلس إدارة "التعاونية للتأمين" أن الموافقة على زيادة رأسمال شركات التأمين المتعثرة بضخ المزيد من أموال المساهمين في رأس المال هو بمثابة عملية انعاش يائسة لن تمنح الفرص لتلك الشركات بقدر ما تثقلها بالمزيد من الالتزامات والمسؤوليات تجاه مساهميها وعملائها وسيقود هذا ولا شك إلى التعثر وربما الإفلاس.