09-12-2013 – بانوراما التأمين
كشف الدكتور عبد الرحمن علي طه، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات التابعة لمجموعة البنك الدولي، عن أن إجمالي حجم التعويضات التي دفعتها المؤسسة للمستثمرين خلال 15 عاما بلغ 24 مليار دولار، مشيرا إلى أن سوق التأمين على الصادرات والمخاطر السياسية فيالشرق الأوسط تعاني من ضعف وتواجه جملة من التحديات.
وقال طه في حوار لـ«الشرق الأوسط» إن التوترات السياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط رفعت معدل تقييم المخاطر للكثير من دول المنطقة، وجعلتها مصنفة ضمن المناطق عالية المخاطر في سوق التأمين العالمية، بعد أن كانت غير مصنفة، وأدى ذلك إلى عزوف شركات التأمين العالمية عن تأمين الاستثمارات في تلك الدول، كما رفعت أسعار بوليصة التأمين لأعلى مستوياتها. وتطرق طه إلى كثير من الملفات المتعلقة بالتحديات التي تواجه تأمين الاستثمار وائتمان الصادرات وحجم المنافسة العالمية وتقلبات الأسعار، إلى جانب عزوف المستثمرين عن الاستفادة من البرامج التي تقدمها المؤسسة الإسلامية لضمان الاستثمار التي تهدف إلى تشجيع وزيادة الاستثمار في الدول الإسلامية. فإلى التفاصيل:
* حدثنا بداية عن طبيعة عمل المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات؟
المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات وتعرف اختصارا (ICIEC)، هي إحدى المؤسسات التي أنشأها البنك الإسلامي للتنمية لتقدم خدمات للقطاع الخاص باعتبار أن البنك يخدم الدول، لكن مع تطور القطاع الخاص والنمو الاقتصادي رأى البنك أن هناك حاجة لإنشاء مؤسسات لديها المرونة والسرعة لتتمكن من التجاوب وخدمة القطاع الخاص، فكانت أول مؤسسة ينشئها البنك الإسلامي للتنمية في عام 1415، ثم أنشأ المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، ثم المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة
ما الدور الفعلي للمؤسسة الإسلامية لتنمية الاستثمار وائتمان الصادرات؟
المؤسسة تعمل على تشجيع صادرات الدول الأعضاء إلى دول العالم، إضافة إلى مساعدة الدول الأعضاء على جذب الاستثمارات الأجنبية إليها، وذلك عن طريق التأمين على مخاطر الائتمان المرتبطة بالصادرات، وكذلك التأمين على المخاطر السياسية المرتبطة بالاستثمارات، فعندما يصدر أي مستثمر من السعودية إلى الهند أو الصين أو أوروبا ولكي يستطيع أن ينافس السوق العالمية يجب أن تكون لديه المقدرة على توفير الائتمان للمشتري، بمعنى يمكنهم من الشراء بالدين، وبغير هذه الطريقة لن يستطيع المنافسة، وخلال التعامل بنظام الدين يجب أن يضمن أن أمواله ستعود إليه، فهنا يكون دور المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، فهي التي تقدم الضمان، وأيضا البنوك تقدم مثل هذا الدور، إلا أنها لا تتمكن في كل الأحوال، وهنا يأتي الدور المهم لمؤسسات ضمان الصادرات، وهذا فيما يتعلق بالصادرات، أما فيما يتعلق بالاستثمار في الدول الأعضاء تسخر بإمكانات ضخمة للاستثمار، سواء في أفريقيا أو الشرق الأوسط، لكن مع الأسف ما زال مناخ الاستثمار في الدول الأعضاء مناخا غير متطور، وفي بعض الأحيان مناخا طاردا، وهناك مخاطر سياسية كبيرة، لذلك فالمستثمرون من الدول الأخرى الغربية أو آسيا ينفرون من الاستثمار في البلدان الإسلامية، لذا فنحن نحاول أن نطمئنهم بأنه في حال حصول حروب أو اضطرابات سياسية وأثرت في المشروع تقوم المؤسسة بالتعويض.
* ما حجم التمويل الذي قدمته المؤسسة الإسلامية لتنمية الاستثمار؟
البنك الإسلامي للتنمية هو الذي يقوم بالتمويل والمؤسسة تقدم التأمين، ومنذ إنشاء هذه المؤسسة قبل 20 عاما قدمنا ضمانات بنحو 17 مليار دولار، والسعودية هي أكبر المساهمين في المؤسسة، وكذلك أكبر المستفيدين من أعمال المؤسسة، خاصة فيما يتعلق بضمان الصادرات، وفي المتوسط تستأثر بنحو 16% من حجم أعمال المؤسسة، وهناك جانب مهم جدا، فالقطاع الخاص لم يستفد مما تقدمه المؤسسة من ضمان استثمارات السعودية في الخارج، ومع ذلك هناك من المستثمرين من يشتكي من عدم وجود ضمانات، وما نريد أن نوصله للمستثمرين أن الضمان متوافر، ويمكن أن يكون لدينا قصور في إيصال الرسالة إليهم، خاصة فيما يتعلق بالاستثمار الزراعي الذي وجه به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، ودعا المستثمرين السعوديين إلى الاستثمار في الخارج، وقدم لهم الدعم، وهذه المؤسسة تملك القدرة على تقديم الضمانات التي يحتاجون إليها ضد المخاطر السياسية.
* هل يقتصر دوركم على ضمان الاستثمار من الجانب السياسي فقط، ولماذا؟
– نعم، المؤسسة تقوم بضمان المشروع ضد المخاطر السياسية والاضطرابات التي قد تحدث في الدول التي ينفذ فيها المشروع، ونقوم بتغطية المخاطر التي لا يمكن للمستثمر تغطيتها أو التعامل معها، مثل تأميم المشروع من قبل الحكومات. في الجانب الآخر لا نتدخل في جانب الربح والخسارة، فهذا الأمر متعلق بصاحب المشروع، فهو الذي يقوم بدراسة الجدوى المالية ويتأكد من وضع المشروع، وفي الحالة الأولى نقوم بتعويض المستثمر تعويضا ماليا كاملا عن المشروع.
* ما طبيعة التعويضات التي تقدمونها في حال تعرض المشروع للأسباب السياسية إلى أي مشاكل؟
– نحن نقوم بتعويض المستثمر إلى ما نسبته 90% من خسائر المشروع، والتأمين في هذا المجال يغطي أربعة مجالات
الأول: مخاطر احتمال قيام الحكومة بتأميم أو مصادرة أو الاستيلاء على المشروع
ثانيا: مخاطر الحروب والاضطرابات السياسية إذا أثرت في المشروع كحريق أو غيره
والنوع الثالث: عدم القدرة على تحويل أرباح المشروع إلى خارج البلد من العملة المحلية إلى عملة قابلة للصرف
والنوع الأخير: خطر يتعلق بعدم التزام الحكومة بتعهداتها مع المستثمر. فنحن نقوم نيابة عن المستثمر بالتعامل مع هذه المخاطر ونعوضه تعويضا مجزيا.
* إذن كيف يتعامل المستثمر مع المخاطر المتعلقة بتأخير الإجراءات من قبل الحكومات؟
– المؤسسة لا تؤمن على هذا النوع من المخاطر المتعلقة بالإجراءات الحكومية للمشروع، لكن يوجد في سوق التأمين شركات تؤمن على الخسائر التي تنجم عن هذا النوع من المخاطر، وهي تعتبر من المجالات الصعبة التي تدخل في نطاق تعثر المشاريع.
* بصفتكم مؤسسة تقدم ضمانات للمستثمرين ما آثار الأوضاع السياسية الأخيرة في منطقةالشرق الأوسط على أعمالكم؟
– لحسن الحظ أن معظم هذه الدول قبل الأحداث لم يكن ينظر إليها من قبل المستثمرين والممولين كبلاد عالية المخاطر، لذلك لم تكن للمؤسسة عمليات كبيرة فيها، خاصة في مجال ضمان الاستثمار طويل الأجل، وكانت هناك بعض العمليات في مجال تمويل التجارة، وأغلبها كانت مضمونة عن طريق مصارف ولديها خطابات اعتماد لتغطيتها، لذلك لم نتعرض لخسائر كبيرة رغم أننا قمنا بدفع بعض التعويضات، ولم تتجاوز بضعة ملايين الدولارات، وأغلبها في سوريا؛ نظرا للتدمير الذي تعرض له القطاع الاقتصادي. كما أن هذه الأحداث رفعت من معدل المخاطر في تلك الدول التي تشهد توترات سياسية، حتى إن الكثير من الشركات ترفض تغطيتها، وهناك ارتفاع كبير في أسعار التأمين نتيجة المخاطر.
* ماذا عن حجم التعويضات التي دفعتها المؤسسة للمستثمرين؟
– المؤسسة منذ بدء أعمالها دفعت تعويضات بنحو 24 مليار دولار، وهو رقم ضئيل قياسا بحجم الأعمال التي نفذتها المؤسسة وضمنتها وغطتها، وتشمل الصادرات والاستثمار، وتشكل الصادرات 80%، وقد تمكنا من استرداد 50% من تلك التعويضات من خلال إعادة التأمين الذي يمثل جزءا أساسيا من عمل المؤسسة، حيث تربطنا علاقات جيدة مع سوق إعادة التأمين العالمي.
* ماذا عن برنامج ضمان الصادرات الذي وقعته المؤسسة مع البنوك السعودية؟
– المصارف تلعب دورا أساسيا في عمل المؤسسة، بحيث نقوم بتوفير الضمان، لكن إذا لم تقبل المصارف تمويلا على أساس ذلك الضمان، فإن ضمان المؤسسة غير مفيد، وفي البداية كان هذا الأمر صعبا؛ لأن البنوك تطلب ضمانات مالية وعقارية ورهنية، ولم تتعود على التعامل مع التأمين كنوع من ضمان مخاطر الائتمان، وبذلنا جهدا كبيرا في إقناعهم، ونجحنا في ذلك على أساس أنها تمول المصدرين بناء على بوليصة التأمين التي تصدرها المؤسسة، كما وقعنا في هذا الجانب اتفاقية مع صندوق ضمان الصادرات السعودية على أن يقبل المصدرين السعوديين الذي يحملون وثيقة تأمين صادرة من المؤسسة الإسلامية، ونسعى إلى توسيع المجال باعتبارها تجربة جديدة، إلا أن المؤشرات إيجابية مع بداية العمل في هذا الجانب. كما أن لدينا بوليصة ضمان المستندات، وهي تضمن للبنك السعودي وفاء البنك في بلد المشتري إذا لم يلتزم ذلك البنك، وهي أيضا تعد دعما للصادرات السعودية، وقد حققت البوليصة نجاحا لدى البنوك.
* بصفتكم تعملون في سوق التأمين هل لدينا صناعة للتأمين في مجال المخاطر؟
– صناعة التأمين على المخاطر السياسية صناعة متخصصة، حتى في سوق التأمين تعتبر جانبا متخصصا جدا، فكثير من الشركات لا تعمل في هذا المجال؛ لأنهم يعتبرونه مختلفا عن تأمين الأفراد والكوارث والسيارات، ومع الأسف أن الدول الإسلامية متخلفة في هذا المجال، ويسهم جزء من دور المؤسسة في تطوير هذه الصناعة في الدول الأعضاء، ونتعاون مع مؤسسات تأمين الصادرات لدعمها في الجانب الفني وإعادة التأمين، وتم إنشاء اتحاد «أمان» لدعم هذه الصناعة، وسيكون لدينا اجتماع في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وعلى نطاق العالم مؤسسات الضمان الكبرى توفر ضمانات وتأمينا بنحو ترليوني دولار، والدول الأعضاء في 56 دولة لا توفر سوى 20 مليار دولار، وهذا يعكس تخلف الصناعة في الدول الإسلامية، وهذا الأمر يعكس ضعف مساهمة الدول الإسلامية في التجارة العالمية؛ لأن ضمان الصادرات يلعب دورا أساسيا في دعم الصادرات.
* وماذا عن أسعار التأمين على الصادرات؟
– الأسعار بالنسبة لسوق ضمان الصادرات تتحكم فيها ثلاث شركات عالمية، فرنسية وألمانية وأخرى أوروبية، وهذه الشركات تسيطر على 80% من سوق التأمين على مخاطر الصادرات، وبالتالي تتحكم في الأسعار، واستطاعت أن تقدم أسعارا منخفضة جدا قياسا بالحجم الكبير لأعمالها، فالتأمين في المتوسط لا يزيد على 0.2%؛ لذلك نحن نعاني من تدني الأسعار، لكن في مجال ضمان الاستثمار نحن لدينا ميزة تنافسية؛ لأننا نؤمن على مخاطر دولنا ولا تستطيع الشركات أن تنافسنا في هذا المجال، والأسعار معقولة وترتبط لدرجة كبيرة بالمخاطر في البلد.