18-02-2013 – بانوراما التأمين
أظهر تقرير عالمي صدر مؤخرا أن خمس العاملين في الأردن يضطرون الى التضحية ببعض من وقت نومهم من أجل تلبية التزامات العمل والاحتياجات الشخصية، في الوقت ذاته الذي تشير فيه أحدث البيانات الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة الى أن أكثر من اثنين وخمسين بالمئة من الموظفين في القطاعين العام والخاص تقل أجورهم الشهرية عن الثلاثمئة دينار، مع أن متوسط إعالة الواحد منهم ثلاثة أفراد آخرين بالاضافة الى نفسه، ما قد يصنف المشتغل الأردني بأنه ربما يكون الأقل نوما وراتبا معا، مقارنة مع معظم دول العالم الأخرى.
إذا ما عدنا الى مسألة النوم لساعات كافية وهي ضرورية جدا لصحة الانسان وسلامته وقدرته على العمل بمستوى جيد، فإن الدراسة العالمية ذات العلاقة في هذا الشأن تؤكد أن عشرين بالمئة من العاملين الأردنيين لا يحصلون على فترات نوم ملائمة، إما بسبب الاستيقاظ مبكرا قبل بداية الدوام الرسمي والفترات الطويلة للانتقال إليه نتيجة ازدحام وسائط النقل والأزمات المرورية أو البعد عن مكانه، وإما من أجل السهر الى ما بعد منتصف الليل قبيل ساعات معدودة من تهيئة النفس الى يوم عمل جديد.
غالبية الرواتب هي الأخرى التي يتقاضاها العاملون الأردنيون على اختلاف فئاتهم وطبيعة المهام الموكلة اليهم تعتبر اجمالا ضمن الحد الأدنى لاحتياجاتهم الفعلية، حيث تُظهر الأرقام الاحصائية الرسمية أن تسعة وثمانين بالمئة منهم تقل أجورهم عن خمسمئة دينار شهريا وفق بيانات عام 2011، لكن ما هو أسوأ أن خمسة عشر بالمئة من هؤلاء لا تصل رواتبهم الى مئتي دينار، بل إن نسبة منهم يقل دخلها عن الحد الأدنى للأجور في حين أن حوالي واحد ونصف بالمئة لا يحلمون حتى بمئة دينار في الشهر.
الرابط الذي يجمع بين قلة النوم وتدني الرواتب قد لا يحتاج الى المزيد من التفسير والتحليل، فما دامت الدخول غير متوازنة على نحو معقول مع متطلبات الحياة المعيشية، فلا بد أن همومها تطرد النعاس عن العيون وتمنعه من الاقتراب منها، خاصة وأن معظم الأسر الأردنية تعاني من معضلة احتساب موازنتها في نهاية كل شهر من أجل أن تتوازى الايرادات مع النفقات في حدودها الدنيا، وفي أكثر الأحوال فإن الاستدانة تفرض نفسها على حساب الشهر الذي يليه أو على الدخل السنوي برمته !
العجيب في معادلة قلة نوم الموظفين وتدني رواتبهم ما عدا أصحاب الحظوة بطبيعة الحال أن الحكومة لا تعترف بها، فهي لا تخفي بين الحين والآخر نيتها إضافة أعباء جديدة على المواطنين لمعالجة أزمتها المالية ومديونيتها القياسية مع أنه لا ذنب لهم فيها، أما زيادة الرواتب وتحسين المداخيل المكدودة فهذا آخر ما يمكن أن تفكر فيه، حتى لو أدى ذلك الى النوم على المكاتب وهذا ما يحدث فعلا في بعض الأحيان ! .