30-07-2012 بانوراما التأمين

 

السعودية – خالد الشريدة يكتب :

وزارة الصحة لا تبدو متفاعلة مع قضية التأمين الصحي للمواطنين، وترتكز على فهم عام بتوفير الخدمات الصحية للمواطنين دون أن تعزز ذلك بصورة عملية على أرض الواقع، إذ بإمكانها أن تتحدث عن إنشاء مئات
المراكز الصحية وعشرات المستشفيات في إطار دورها لتوفير الخدمات الصحية، ولكن في الواقع لا شيء حقيقي من ذلك إذ إن نسبة قوائم الانتظار في المستشفيات هي الأطول بين قوائم الجهات الأخرى رغم عدم احتمال صحة الإنسان للانتظار الطويل، وبحسب القياسات مع الدول الأخرى فإن عدد الأطباء والأسرّة قياسًا بعدد السكان أو المواطنين ليس مثاليًا أو بحسب المعايير الدولية، ولذلك فإن هناك قصورًا واضحًا لوزارة الصحة في توفير الخدمات الطبية والعلاجية، وذلك ما يجب أن تعترف به لتبدأ علاج أجهزتها التي تعاني القصور والإهمال في كثير من الجوانب.
لكي تعالج الوزارة قضية الإهمال والتقصير بصورةٍ جراحية ينبغي، في تقديري، أن تعمد الى توفير خدمة التأمين الصحي وإن أنشأت المستشفيات والمراكز الصحية، فذلك معمول به في جميع دول العالم المتقدّم، ولتترك وزارة الصحة الحديث عن أنها تطبّق مبدأ تقديم الرعاية الصحية الشاملة للمواطنين باعتبار أن ذلك من حقوقهم، فجميعنا يعرف ذلك ولكننا لا نلمس شيئًا على أرض الواقع رغم أن الدولة توفر ميزانية ضخمة للخدمات الصحية، ولذلك فليس هناك سبب مقنع لعدم وجود تأمين صحي للمواطنين، والسؤال الذي يجب على الوزارة أن تجيب عنه دون الالتفاف على الواقع النموذجي الذي نطمح اليه، هو: لماذا لا يؤمن على المواطنين؟
في تصريح سابق لرئيس الشؤون الإعلامية بمجلس الضمان الصحي التعاوني ياسر المعارك أكد أن التأمين الصحي أصبح أهم الأنظمة التي تطبّق على مختلف دول العالم، ويعدّ أحد الروافد الاقتصادية الكبرى، ولكي ننظر الى الصورة من زاوية أخرى سلبية تمامًا يكمل المعارك تصريحه بقوله: «وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة، قرر إنشاء مجلس استشاري عالمي يضم نخبة من المتخصصين في القطاع الصحي من جامعات عالمية، إلا أنه وبعد دراسة الأوضاع المحلية وجد المجلس ضرورة تأجيل تطبيق التأمين الصحي على المواطنين».
ومن خلال هذا التناقض فإن وزارة الصحة تتسبب في المرض وتمنع الدواء، وقد يأتي مسؤول صحي لينسف فكرة تطبيق التأمين الصحي تحت أي مبررات طالما أن رؤية مجالس عالمية يرمى بها في سلة المهملات، وقد نسمع مزيدًا من التناقضات على شاكلة أن التأمين الصحي يرفع تكاليف العلاج ولا يخفضها، ويزيد موارد المجتمع التي تذهب إلى القطاع الصحي، وبالتالي تقليل الكفاءة الاقتصادية للقطاع الصحي، وفي جميع الأحوال طالما أن الوزارة لا ترغب في إشاعة هذا التأمين فإنه لن يرى النور ولو تمّ تطبيقه على جميع دول العالم.