02-05-2015 – بانوراما التأمين

800 مليار دولار خسائر الدول العربية في اربع سنوات جراء ما يسمى الربيع العربي, وهذا الرقم ليس الخسائر كلها بالطبع فالخسائر غير المباشرة واعادة الاعمار كي تعود المدن والقرى التي تهدمت الى سابقعهدها تحتاج الى 800 مليار, اي ان الرقم يصبح 1.6 تريليون دولار, اضف اليها التطوير في البنى التحتية لتتواكب مع ما هو سائد في العالم, بمعنى اخر تحديثها, يحتاج ايضا الى 800 مليار, فالاسعار التي كانت قبل الازمة عند حد معين اصبحت اليوم اعلى, والتكاليف تزداد, واليد العاملة انخفضت اما بسبب القتل والاعاقة, او بسبب الهجرة الكثيفة, ما يعني الحاجة الى مليارات اخرى زيادة حتى تنتظم اعادة الاعمار, اذن في المحصلة نحن اليوم, كعرب بحاجة الى نحو 3.2 تريليون دولار كي نعيد اعمار ماهدمه الربيع العربي. بعيدا عن الحماسة والشعارات, وبعيدا عن العاطفة الثورية التي تجتاح الناس, وتوصم من يخالف رأيهم بالعمالة والخيانة, وما الى ذلك من نعوت تطلق في العالم العربي لمجرد قول رأي مجرد يستند الى الوقائع, او بالاحرى لمجرد عرض الوقائع التي لا تناسب آلة الرأي العام, فاننا امام الواقع الحالي يعني دخولنا عالمنا العربي عصر الفقر بامتياز, ومهما عملت الدول والحكومات من اجل اعادة بناء ما تهدم ستبقى متأخرة عن الهدف المنشود لعقود عدة, فالحروب الاهلية التي تعيشها بعض الدول لا تقف عند حدودها فقط, فضرورات الامن مثلا تفرض على بقية الدول المزيد من التسليح, والسلاح بحد ذاته في الظروف العادية يعتبرا انفاقا غير استثماري, بل انه يزيد من الاعباء الاقتصادية على الدولة, اكان بالنسبة الى الصيانة, او الحماية, والتدريب المستمر عليه,

ومع التطور الدائم في اسواق السلاح ستفرض الحاجة شراء المزيد من السلاح المتطور, وفي كل هذا سيبقى العربي يدفع ثمن كل هذا, ولذلك سيبقى خط الفقر السيف المصلت على رقاب الملايين من العرب.

لست ميالة لنظرية المؤامرة كثيرا, لكنني ممن يعتقدون بان المنافسة تفرض اساليبها غير الانسانية, وحتى غير العقلانية على الناس, واذا نظرنا الى المستفيد اولال من هذا الافقار العربي الذي دخلنا دوامته في منذ خمس سنوات لرأينا ان ثمة منافسة من نوع اخر ادخلتنا بها مجموعة من الشركات الكبرى, اكان عبر الدفع الى السخط من خلال استغلال مراكز ابحاث ودراسات معنية في بناء خلايا او مجموعة ساخطة على الاوضاع لعامة في الدول, او ان الصدفة دفعت بتلك الشركات الى النفاذ الى ساحاتنا واستغلال شبابنا في الغرق بهذه اللجة العميقة من الصراع العبثي, من دون نسيان الاسس الثقافية لمجتمعاتنا, خصوصا ان بيننا نسبة من الاميين تتعدى في بعض الدول الستين في المئة, ما يسهل بث ثقافة الانتقام بين الناس, وربطهم باكذوبة الفعل المعجزة, او الاسطورة التي لا اساس لها. حين يعلن رئيس اتحاد المصارف العربية, محمد بركات, ان خسائر الربيع العربي بلغت 800 مليار دولار, فانه بذلك يقرع جرس الانذار بشدة, وهذا كفيل بحد ذاته ان يجعلنا نعيد كل الحسابات السابقة, اذ احصينا ما نحتاجه للعودة كما كنا قبل الربع الاخير من العام 2010 حين اندعلت شرارة هذا الربيع من تونس, والارقام الواردة اعلاه هي ما نحتاجه, وامام هذا الواقع نسأل اين الحل?

لا شك ان اي حل يجب ان يكون من وضعنا نحن, ولا نغرق دولنا في بحور الصناديق الغربية او البنك الدولي وغيره من المؤسسات التي لا تقدم الحلول الا على حساب شعوب الدول النامية, وربما تكون اولى خطوات الحل بالعمل فورا على ترسيخ الاستقرار في الدول التي بقيت بعيدة عن قلاقل الربيع العربي, بالاضافة الى البدء فورا في تحصين الدول التي هي بطور التعافي, تحصينها امنيا واقتصاديا, وان تكون هناك خطة حقيقية لاستيعاب العاطلين عن العمل في هذه الدول كي لا يتحولوا الى مشاريع مقاتلين ومتطرفين او ادوات في ايدي العصابات, كما يجب ان تكون هناك رؤية عربية لحلول جذرية للازمات التي تعانيها بعض الدول الغارقة في الحروب الاهلية, وان تكون عمليات اعادة الاعمار مبنية على شراكة اقتصادية طويلة الاجل, بالاضافة الى البحث جديا في استغلال الثروات العربية في تلك الدول بما يتناسب مع الحاجات لكل دولة على حدا بما لا يخل بالتوازن الاجتماعي فيها. اذا لم يتسطع العربي ادراك خطورة الوضع الحالي لا شك فانهم سيبقون لعقود عدة يعانون من ازمات اقتصادية بنيوية ستزيد من حدة الصراع بين المكونات الاجتماعية, كما انها ستزيد من حدة التطرف, ما يجعلنا نرى في السنوات المقبلة المزيد من الجماعات الارهابية التي ربما تكون اكثر وحشية من الموجودة حاليا. –