21-02-2014 – بانوراما التأمين
في تاريخ 22/1/2014 تم الإعلان عن تعليق تداول سهم الشركة السعودية الهندية للتأمين التعاوني (وفا للتأمين) في (تداول) إلى أن تعدل الشركة أوضاعها المالية ، وذلك حرصا على حماية المستثمرين أولا ولامتناع مراجعي حسابات الشركة عن إبداء الرأي حول تلك القوائم المالية الأولية ثانيا، وهو قرار سديد ولكن في القصة حقائق ضائعة ومفيدة للمستثمرين والشركات المساهمة على حد سواء كالتالي:
سعر السهم في السوق :
شركة وفا للتأمين تأسست في 08/08/2007 (برأسمال مائة مليون ريالا و10 مليون سهما) للقيام بأعمال التأمين، وقد تم الإكتتاب فيها بسعر 10 ريالات حيث بدأ التداول فيها في 25/08/2007 على سعر 109.75 ريالا أي يعني بارتفاع 997.5% ثم اكتمل السيناريو بارتفاع إلى 160.25 أي ارتفاع إلى 1,502% خلال 5 أيام فقط من التداول، وبعد ذلك إنهار السهم في شهر سبتمبر 2007 إلى 94 ريالا أي أن المستثمر الذي اشترى السهم على القمة بسعر 160.25 ريالا، خسر -41% من سعر الشراء وهو 94 ريالا. والعجيب أنه بالرغم من الإستفسار الوارد من الهيئة للشركة في 16/4/2013 بخصوص الإرتفاع الشديد في سعر السهم حتى وصل إلى 136 ريالا، إلا أن السهم استمر في الإرتفاع بعد ذلك ليصل إلى 174 ريال في 27/5/2013 .
والغريب في الموضوع أن الشركة كانت تعلن عن خسائر وعجز متراكم مما يؤثر على حقوق الملاك وبالتالي القيمة الدفترية للسهم والتي من المفترض أن تكون أقل من 10 ريالات (سعر الاكتتاب). حيث بلغت الخسائر التراكمية في نهاية 2013 إلى -72.80% أي خسارة حوالي 73 مليون ريالا من أصل رأس مال الشركة 100 مليون ريالا، وهذا ما أدى إلى تحفظ مراجعي حسابات الشركة عن إبداء الرأي حول تلك القوائم المالية الأولية.! ومن ثم تم التعليق بناءا على ذلك وحماية للمستثمرين.
ومن جهة أخرى – وأقف هنا متعجبا من هذا الموقف – فإن الكارثة أنه في الوقت الذي أعلنت فيه الشركة عن بداية سلسلة الخسائر المتراكمة الكبيرة من تاريخ 21/1/2013 حتى 27/5/2013 ولمدة 5 أشهر، ارتفع السهم 163% إبتداءا من 66 وحتى 174 ريالا، رغم أن الشركة خسرت من رأس مالها فوق 60%!
ولعلي أتساءل "هل من المضاربين من "حسبها صح" حيث أن سعر سهمه لا يقل عن 4 ريالات (بسبب الخسائر المتراكمة) ليبيع السهم على مستويات عالية جدا ويتخلص من أسهمه في السوق حتى لو كانت الشركة فعليا خاسرة من رأس المال؟! سؤال أتمنى أن أجد له إجابة خاصة وأن هذه المضاربات المغلوطة ترجح الكفة في جهة جدوى المضاربة على الاستثمار في سوق الأسهم.!
وأخيرا لعلي أن ألخص بعض الإقتراحات في هذا الخصوص على النحو التالي:
إدراج جميع الشركات في السوق تحتاج إلى مراحل من الفلترة قبل الإدراج، فإذا كانت الشركة جديدة كما كان عليه الوضع في شركة "وفا للتأمين" وغيرها من شركات التأمين على سبيل المثال فتحتاج إلى إدراجها في "سوق بديل" أو aim (alternative investment market)، حتى يتضح أداءها المالي ومدى قدرتها على تحقيق أرباح على ملاك ومساهمي الشركة، فإذا كانت مؤهلة لذلك يتم تحويلها إلى السوق الرئيسي مباشرة والتي يعبر عن قوة الاقتصاد الحقيقي.
يحتاج الكثير من المساهمين لتبسيط بيانات إعلانات الشركات وذلك حتى يستطيع المستثمر البسيط التنبه إلى الأخطار المتعلقة بالشركات المساهمة، وبالتالي نحمي المستثمرين من التلاعب بالأسعار خاصة إذا كانت الشركة في خسائر متراكمة وتحقق ارتفاعا كبيرا في أسعارها، وبالتالي سيقع بعض المستثمرين في مصيدة الأسعار المرتفعة والتعلق في السهم بأسعار مبالغ فيها.
يجب أن يتنبه الكثير من المستثمرين إلى مخاطر الإستثمار في الأسهم بشكل عام، وخاصة في الشركات التي لا تحقق أرباحا مما ينعكس ذلك على طريقة اتخاذهم لقرارتهم الاستثمارية، ويوفر عليهم أيضا مخاطر تبديد رواتبهم من أجل مضاربات بحته تبحث عن الأرباح في حين وتحقق الخسائر في حين آخر.
المصاريف التأسيسية وتكاليف الرخصة أو حتى مصاريف الاكتتاب، يجب أن يكون لها مخصصات من البداية حتى لا تمتزج مع المصاريف التشغيلية الأخرى، وحتى تعطي فرصة لإدارة الشركة المساهمة في التعامل مع مبيعاتها وتغطية تكاليفها التشغيلية كمرحلة أولية ومن ثم تغطية تكاليف التأسيس في مرحلة أخرى.
إدراج بعض الشركات المالية كشركات التأمين والتي تتعامل بمنتجات تأمينية متطابقة مع الشريعة الإسلامية، والتي تتأثر بالعوامل الإقتصادية كأسعار العوائد على الصكوك والمرابحات أو تتأثر بثقافة المستثمر إتجاه الإقبال على المنتجات التأمينية الإدخارية الاستثمارية، يجب أن تدرس هذه العوامل قبل الإدراج وذلك لاختيار الوقت المناسب وإلا تعرضت الشركات إلى مخاطر الخسارة مبكرا.
قيام فريق تعاون بين الخبير الأكتواري في شركات التأمين وبين الجهات التي تقدم إحصاءات عن الحوادث المرورية والوفيات ومتوسط الحالات الصحية وغير ذلك من المعلومات الهامة، مما يمكن هؤلاء الخبراء من وضع توصيات أكثر عمقا وخاصة فيم يتعلق بسياسات اتجاه توقع معدلات المطالبات والتي تؤثر على ربحية الشركات من هذا النوع.
وجود آلية لتحصيل الذمم المدينة مهمة جدا حتى تتمكن الشركات المساهمة من تحصيل مبيعاتها في السوق بسرعة، وبالتالي استخدامها مرة أخرى في استمرار عملياتها الإنتاجية.