تفاقمت الأمور وتزايدت تعقيدا؛ حيث وجه الاتحاد الاردني لشركات التأمين تعميما بوقف العمل على إصدار وثائق التأمين الالزامي للمركبات الاردنية اعتبارا من صباح يوم الاربعاء 1/2/2012 وحتى إشعار آخر، وذلك ردا على عدم استجابة الجهات الحكومية المختصة لمطالب الشركات!
وعلى امتداد السنوات الثلاث الماضية حتى الآن، تواصلت المحاولات وأقمنا الدنيا وأقعدناها إعلاميا وإداريا في مناقشة مشاكل شركات التأمين بسبب خسائرها الناجمة عن التأمين الإلزامي على المركبات.
وفي الجانب الآخر، ندر ان تجد شخصا في العاصمة او في القرى يعبر عن رضاه حول الكيفية التي تتم فيها معالجة وتسوية الأضرار سواء المادية او الجسدية الناجمة عن حوادث المركبات!
فدعونا نعترف أن هناك أزمة ثقة متجذرة بين طرفي المعادلة!! وللأسف هذه الأزمة تزداد تجذرا موازاة مع رسالة مباشرة ارسلتها شركات التأمين عبر وسائل الإعلام، ومفادها ان الخسائر تتضاعف من التأمين الإلزامي على المركبات، وان المطالبة متواصلة لايجاد حل او التوقف عن التعامل مع تأمين المركبات!
وعزا البعض الخسائر الى قرارات اللجان الطبية، واشار الى أن المعضلة تكمن في حجم التعويضات عن الأضرار الجسدية وليس المادية التي ألحقتها بالغير المركبات المؤمن عليها تأمينا إلزاميا، وآخرون اشاروا الى الحوادث المفتعلة. ومهما كان مصدر القلق من الخسائر فإن الأرقام كبيرة والبعض اشار الى مبلغ مليون دينار في شهر واحد خسارة شركة واحدة!
وأمام هذه الدوامة، توالى انسحاب الشركات من تأمين المركبات! وان النظام لا يسمح بالانسحاب من التأمين الالزامي بمفرده، وإنما من تأمين المركبات كليا. ومن المتوقع انسحاب شركات اخرى!
وهناك اصوات نادت بتعويم أسعار التأمين الالزامي على المركبات، لكن اصواتا اخرى لم تجد في هذا الاقتراح الا المزيد من تدهور الوضع!
وفي ظل هذا الوضع الذي امتد بين المد والجزر على امتداد ثلاث سنوات السابقة تمخض الوضع عن تشكيل لجنة من القطاعين العام والخاص بمشاركة هيئة التأمين والاتحاد الاردني لشركات التأمين ومسؤولين من شركات التأمين في سبيل التوصل الى قرارات تعكس حلولا جذرية لهذا الوضع المعقد، وبحيث تقدم اللجنة توصياتها خلال اسبوع، وعمليا انتهت هذه الفترة ولم يطف على السطح الإعلامي، اي علم او خبر حول ما توصلت اليه اللجنة!
وان التأخير في التوصل الى قرارات جادة وجذرية بالتأكيد سيؤدي الى المزيد من التعقيد وان حملة الوثائق والمواطنين بدون استثناء سوف يزدادون تشككا في مصداقية القطاع تجاه الالتزامات الواردة في الوثائق التي يحملونها! وان المتداول يعكس عدم ارتياح الناس الى ما تم طرحه حول المطالبة بتعويم الأسعار ودفع 40 دينارا من جانب المخطئ فور وقوع الحادث، بالإضافة الى رسوم فتح الحادث وغيرها من الإجراءات لتي طفت على السطح على امتداد السنوات الثلاث الأخيرة!
ولم تطف على السطح دعوة لإلغاء التأمين الالزامي على المركبات والاكتفاء بالتأمين الشامل (او ما يسمى بالشامل) كونه يضم التأمين الالزامي والتأمين التكميلي الذي يغطي جسم المركبة المتسببة بالضرر!
ويقول البعض ان الوضع قد يصل الى طريق مسدودة، وأن بقاء الابواب مفتوحة دون اتخاذ إجراءات من شأنه وقف نزيف الخسائر التي تتحملها شركات التأمين يعني الحكم عليها بالإفلاس!!
وربما يتطلب الوضع إقامة مؤتمر وطني برعاية هيئة التأمين والاتحاد الاردني لشركات التأمين لمناقشة الوضع في سبيل التوصل الى توصيات من شأنها الخروج بالتأمين الالزامي على المركبات من عنق الزجاجة.
ولا يختلف اثنان على حقيقة ثابتة بأن الجميع يتمنى ان يتم التوصل الى اتفاق يرضي المواطنين وشركات التأمين، وأن يتم التأكيد على محور رئيس وهو: انه بدون ثقة متبادلة بين شركات التأمين وحملة الوثائق ووجود كيانات تأمينية قوية صفاتها محافظ انتاجية متوازنة، وملاءة مالية عالية، وكفاءة استثمارية مقبولة، فإنه لم ولن يكون لدينا تأمين متطور، وقادر على ان يتماشى مع متطلبات تطور المجتمع والاقتصاد الوطني.
لقد طال الحديث حول التأمين الإلزامي على المركبات، ومنذ بداية التسعينيات في القرن الماضي ومشكلة خسائر الشركات من هذا التأمين قائمة، وتزايدت المشكلة الى مراحل متقدمة على امتداد السنوات الثلاث الماضية.
والمطلوب: قرار حاسم وحل جذري لمشكلة التأمين الإلزامي على المركبات، وهل يكمن الحل في استيراد أنظمة وآليات عمل من دولة او اكثر من العالم المتطور، ودراستها وتحليلها والخروج بمنظومة جديدة تتناسب مع وضعنا الاجتماعي والاقتصادي والبنية التحتية لدينا، ومن ثم إخضاع مثل هذه المنظومة لاستفتاء ضمن عينات عشوائية!؟
ام حان الوقت لقيام الحكومة بتأسيس شركة تأمين متخصصة بالتأمين الإلزامي على المركبات، وتقديم هذه الخدمة بدلا من الشركات، مقابل رسوم بديلة تحت مسمى "رسوم إعفاء الشركات من تقديم خدمات التأمين الإلزامي على المركبات"!
بانتظار ما سيتمخض عنه الوضع، سيكون للحديث بقية..