01-12-2013 – بانوراما التأمين
موضوعان طفا على السطح على مدار السنوات الثلاث الماضية هما : الاول توجهات الحكومة نحو مناقشة الزامية التأمين الصحي للعاملين ضمن اروقة القطاع الخاص ، والثاني توفير منظومة التأمين الصحي للمتقاعدين من الضمان الاجتماعي .. وكلاهما انطفى ولم ير النور . لماذا والى أين !؟
وعندما نفكر بمناقشة الزامية التأمين الصحي ضمن المؤسسات الخاصة .. فان السؤال المطروح هو لماذا مناقشة مثل هذا المطلب بعد ان اصبح من البديهيات في دول العالم المتقدم .. وهل يختلف اثنان على حقيقة ان التأمين الصحي حاجة اجتماعية اقتصادية ملحّة .. وان الامة المتطورة بحاجة الى تأمين صحي متطور !!
وان الحقيقة التي لا تقبل النقاش هي ان القطاع الخاص هو جزء من الاقتصاد والمجتمع المحليين .. وكيف تركنا الخيار لبعض اصحاب الاموال في القطاعات الخاصة ان تقرر بمفردها توفير التأمين الصحي لابناء الوطن العاملين ضمن المؤسسات التي يمتلكونها ، طالما اعترفنا ان الانسان اغلى ما نملك ، وهو الثروة الحقيقية على امتداد الارض الاردنية !!
ان نجاح انظمة التأمين الصحي في دول العالمين الناشيء والمتقدم اساسه توسيع قاعدة مظلة التامين الصحي لتشمل كافة المواطنين من خلال مشاركة القطاع الخاص .. وتشير احصائيات الامم المتحدة ان النفقات المرتبطة بالرعاية الصحية تضاعفت خلال فترة العشرين عاما الماضية في الدول العربية والناشئة .. وارتبط هذا التوجه بتزايد تعداد السكان ، وادراك اكبر لاهمية الرعاية الصحية ، وتعاضد القطاعين العام والخاص في تقديم خدمة التأمين الصحي !!
كما ان ميزانية الناتج المحلي الاجمالي المخصصة للرعاية الصحية في العالم العربي باستثناء الدول النفطية هي اقل من 2% .. وترتفع هذه النسبة الى اكثر من 4% في الدول المنتجة بتروليا .. بينما بلغت هذه النسبة في دول العالم المتقدم اكثر من 7% حيث بلغت في بريطانيا 8% وفي كندا 12% وفي الولايات المتحدة الامريكية ربما عرف الجميع ببرنامج " اوباما كير " ؟
وفي الفكر الحديث اصبح التأمين الصحي من الاساسيات وهو جزء لا يتجزأ من عرض العمل .. وعندما تنادي الحكومة بالتعاضد الكامل بين القطاعين العام والخاص ، فانها تستند الى بديهية قوامها ان المؤسسات الخاصة هي جزئية عليها مسؤوليات مجتمعية تجاه الوطن الذي ترعرعت وكبرت فيه .. وان الزام القطاعات الخاصة بالتأمين الصحي للعاملين لديه وعائلاتهم يحتاج الى قرار حكومي على شكل نظام او قانون حتى لا يكون هناك مجال للتهرب منه .
وبخصوص الموضوع الثاني وهو برنامج التأمين الصحي لمتقاعدي الضمان .. فأين هو ؟ وماذا يمنع ان نتذكر بالوفاء لمئات الالاف من هؤلاء الذين قضوا اكثر من ثلثي حياتهم وهم يكدون ويشاركون في دفع ما استحق لاشتراكاتهم في الضمان وخرجوا من الوظيفة في سن التقاعد وهم في حالة اشد الحاجة لتأمين صحي شمولي ؟ ودعونا نتعلم من انظمة الضمان الاجتماعي في الدول التي تمنح المتقاعدين لحظة تقاعدهم رحلة ترفيهية مغطاة بالكامل ماليا لمدة شهر الى أي بلد يختاره المتقاعد وبعدها يبدأ مشوار الشيخوخة بهدوء وسلام ؟
والمطلوب .. بلورة فعلية للقول الرائد " الانسان اغلى ما نملك " .. والتكامل فعليا بين النظرية والتطبيق في منظومة التأمين الصحي
مثقال عيسى مقطش