لم يكن عام 2011 عاما مختلفا كثيرا في توقعاته لقطاع شركات التأمين، إلا من بعض التحديات التي لم تظهر آثارها بعد، نتيجة للأحداث السياسية التي شهدتها بعض دول المنطقة.
فالتحديات التي تواجهه منذ عقود وان كانت كما هي، إلا أن هناك أكثر من إشارات الى حلحلة وضعه نتيجة لتفعيل وزارة التجارة والصناعة لبعض القرارات التنظيمية التي تساعد في تعديل مسار القطاع.
وإذا كانت وزارة التجارة والصناعة واتحاد شركات التأمين والشركات العاملة في القطاع تكمل أضلاع مثلث قطاع التأمين المحلي، فان العام 2011 قد شهد اتجاهات لإنشاء هيئة تنظيمية للقطاع بعد ازدياد المنافسة بين شركات التأمين التقليدي والإسلامي.
ولا يزال مفهوم التأمين غير واضح بشكل كامل من قبل المستهلك في الكويت والوعي التأميني منخفض جدا حيث ان مفهوم التأمين عند الغالبية يقتصر على تأمين السيارات غير مدركين بتنوع المنتجات التأمينية والتغطيات التي تقدمها شركات التأمين كما تقدمه كثير من الشركات العالمية.
وإذا كان عدد شركات التأمين العاملة في السوق المحلي يقدر بنحو 31 شركة تأمين مرخصة، نصفها منضو تحت راية اتحاد شركات التأمين، منها 11 شركة تعمل بنظام التأمين التكافلي، بالإضافة الى 7 شركات أجنبية، فان هناك مطالبات بضرورة وقف إعطاء تراخيص جديدة للشركات، حيث ان عدد الشركات بات من الكثرة بما لا يستوعبه السوق المحلي. وفيما يلي التفاصيل:
بداية، حول جهود وزارة التجارة والصناعة خلال 2011 فيما يخص قطاع التأمين فقد أصدرت الوزارة عددا من القرارات الهامة تهدف منها الى تنظيم سوق التأمين وخلق فرص عمل واسعة أمام العمالة الوطنية، أبرزها أولا: يتعلق بإقرار الوزارة منح رخص مزاولة مهنة مستشاري التأمين، وهي مهنة جديدة على القطاع في الكويت، وشرطها ان يكون لدى المتقدم للحصول على ترخيصها خبرة عمل في قطاع التأمين لا تقل عن 10 سنوات، منها 3 سنوات عمل في مجال استشارات التأمين.
ثانيا: قرار تنظيم مهنة الخبير الاكتواري، ويقلص عدد سنوات الخبرة المطلوبة للعمل كخبير اكتواري من 20 سنة إلى 10 سنوات خبرة، الامر الذي يوسع عمل العمالة الوطنية للانضمام إلى هذه المهنة.
ثالثا: قرار تنظيم مهنة وسطاء التأمين، إذ كان الاطار التنظيمي للحصول على هذا الترخيص يشترط وجود 15 عاما من الخبرة لمزاولة مهنة وسيط تأميني، بموجب القرار التنظيمي الجديد فإنه بإمكان اصحاب المؤهلات الجامعية الذين يملكون خبرة سنة واحدة في العمل كوسطاء تأمين الحصول على هذه الرخصة، فيما يسمح لحملة الدبلومات الذين يملكون عامين من الخبرة و4 سنوات لحملة شهادة الثانوية العامة، علما بأنه يوجد لدى وزارة التجارة والصناعة 300 رخصة وسيط قائمة في السوق المحلي، ما يعني رقميا ان القرار التنظيمي الجديد لمهنة وسطاء التأمين سيساهم في توفير 300 فرصة عمل في قطاع وسطاء التأمين أمام المواطنين الذين يعملون في القطاع.
وزارة التجارة
وفي لقاءات متفرقة للعاملين في قطاع التأمين مع وزيرة التجارة والصناعة د.أماني بورسلي، أكدت على ان استحداث إدارة مخاطر لدى شركات التأمين سيحد كثيرا من المشاكل التي قد تقع فيها، كما أكدت أيضا على ضرورة العمل على تنظيم القطاع عبر العديد من القرارات الحاسمة التي تعيده الى مساره الصحيح، الأمر الذي جعل الوزارة تلمس هذه الأوجاع وتحددها فيما يلي:
أولا: تنظيم سوق تأمين السيارات الإلزامي، حيث تبين من الدراسة من تحليل اداء فروع الشركات، انها تعتمد في معظم عملياتها على تأمين السيارات الالزامي، وبلغت النسبة في بعض هذه الشركات إلى 96% من اجمالي المحفظة التأمينية، وهذا يعرض سوق التأمين لمخاطر في ظل ارتفاع التعويضات وتزايد قيمة المطالبات، في الوقت نفسه هذه الفروع قد لا تتحمل حجم التعويضات المتوقعة لهذا الفرع واعتمادها بشكل كبير على معيدي التأمين، لذا فان ادارة التأمين ستطبق نظام الحصص النسبية على هذه الشركات بحيث يتم تحديد مدى نسبي لهذه الشركات لا تتعداه يتراوح بين 25% و35% حتى تتناسب حجم اعمال فرع السيارات مع باقي الفروع الاخرى، وتضمن تنويع المحفظة التأمينية، وتقديم منتجات تأمينية جديدة يحتاجها السوق الكويتي، واهم مزايا الحصص النسبية تطبيق نظام الرقابة على اساس رأسمال المخاطر وضبط المنافسة الضارة التي تؤثر على الملاءة المالية لشركات التأمين.
ثانيا: إعادة تنظيم أعمال الوساطة في التأمين وإعادة التأمين وربط منح التراخيص لمكاتب التأمين بالعمولة بمكافأة، وتنمية قدرات مديري هذه المكاتب بحيث يشترط اجتياز دورة تدريبية متخصصة ومتقدمة في اعمال التأمين الفنية والاسس العلمية والمهنية لتسويق المنتجات التأمينية لبث الوعي التأميني لدى المواطنين والمقيمين في الكويت.
ثالثا: الربط الالكتروني بين ادارة التأمين وجميع شركات التأمين في الكويت والذي سيساهم بقدر كبير في تدعيم نظم الانذار المبكر والتدخل السريع لوأد المشاكل الفنية والمالية التي قد تتعرض لها شركات التأمين.
رابعا: تنظيم عمليات اعادة التأمين الصادر واعداد قائمة بمعيدي التأمين التي يجب على الشركات الوطنية والفروع العربية الأجنبية الالتزام بها لضمان التعامل مع الشركات التي لها تصنيف دولي من الجهات الدولية المعترف بها.
خامسا: القيام بعملية الفحص لجميع شركات التأمين في الكويت من خلال مراجعة السياسات والإجراءات المالية والفنية وأسس قبول الأخطار وضمان عدم التفاوت في عملية الاكتتاب والتحقق من وجود لجان فنية ولجان الاستثمار ومدى قوة او ضعف نظم الرقابة الداخلية.
سادسا: دراسة إمكانية تأسيس هيئة مستقلة للإشراف والرقابة على قطاع التأمين من خلال دراسة نظم الإشراف والرقابة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وتجارب بعض الدول العربية خصوصا جمهورية مصر العربية التي أنشأت هيئة رقابة مالية تكون مهامها الرقابة على قطاع التأمين، وقطاع التمويل العقاري، وهيئة سوق المال.
سابعا: تنمية وزيادة الوعي التأميني بين المواطنين والمقيمين من خلال تنظيم ندوات ومؤتمرات بالتعاون مع اتحاد التأمين، وشركات التأمين، وجامعة الكويت، والتعليم التطبيقي، لتسليط الضوء على المنتجات التأمينية والمخاطر التي تتعرض لها المنشآت والأشخاص، وسبل مواجهة تلك المخاطر وعلى رأسها التأمين.
ثامنا: العمل على التطبيق التدريجي للمعاير الدولية والصادر من I.A.I.S، والتي تهدف إلى التحقق من قدرة شركات التأمين على الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة الوثائق وعدم تعرضها للعسر المالي، وتطبيق معايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية I.F.S.B على شركات التأمين التكافلي.
اتحاد شركات التأمين
وبالنظر الى جهود اتحاد شركات التأمين خلال 2011، لم نر له اي تحرك حيال أي من القضايا الهامة والحيوية التي تلمس القطاع، الا من خلال اجتماعه مع وزيرة التجارة والصناعة للمطالبة بوقف منح التراخيص مؤقتا، الأمر الذي يؤكد دعوة العاملين في التأمين الى ضرورة إنشاء هيئة تنظيمية للاعتناء أكثر بمطالب الشركات.
وحول القانون الخاص بالتأمين، نجد انه قد صدر خلال العام 1961 أي منذ نصف قرن من الزمان، لم يعد يتماشى مع تطورات ونمو القطاع في الوقت الحالي، في سوق يتجاوز حجمه أكثر من 180 مليون دينار، ويتوقع بلوغه حاجز الـ 300 مليون دينار حسب مؤسسة موديز خلال السنوات المقبلة، مما يجعل المنافسة فيه غير ايجابية، خصوصا من ازدياد عدد الشركات، الأمر الذي زاد من مناداة خبراء التأمين بضرورة تعديل القانون ليواكب التطورات الحالية.
واذا كان القطاع على وعود بالانتعاش منذ بداية العام 2011 نتيجة لطرح مشاريع خطة التنمية، الا انه بمرور العام لم تجن الشركات منها أي شيء، نظرا لتعطل عدد كبير من المشاريع، وإرجاء بعضها، الامر الذي قد يؤجل هذا الانتعاش الى توقيت طرح اكبر عدد من مشاريع التنمية يمكن ان تستفيد منه شركات التامين.
التأمين التكافلي
لكن قطاع التأمين التكافلي استطاع خلال 2011 تثبيت أقدامه أكثر، حيث قدم قيمة مضافة للقطاع وتمكن من منافسة التقليدي، لاسيما انه مضى على عمل شركات التأمين التكافلي في السوق المحلي أكثر من 10 سنوات كان قبلها قطاع التأمين حكرا على الشركات التقليدية.
فاحتواء شركة تأمين التكافلي على هيئة للرقابة الشرعية طمأن من كانت لديهم الشكوك وتساؤلات حول حرمة بعض أنواع التأمينات فكان لاجتهادها دور مهم في زيادة حجم مبيعات المنتجات التأمينية.
كما لم تتركه الأحداث السياسية التي شهدتها المنطقة قطاع التامين دون تأثر بها، فضلا عن استمرار خسائر محافظة الاستثمارية من تداعيات الأزمة المالية العالمية، حيث شكلت الأحداث السياسية، خسائر لدى استثمارات شركات التامين الخارجية في شركات زميلة وتابعة، حيث تشير التوقعات إلى أن تداعياتها ستظهر تباعا خلال العام المقبل.
وبالنظر الى أسهم الشركات التأمينية المدرجة في البورصة (7 شركات) في 2011 نجد ان حركتها بطيئة، حيث ان عوائد الاستثمار فيها لا تظهر بسرعة كبيرة فهدا النوع من الاستثمار يحتاج الى وقت كي يجني عوائد وأرباحا لذلك يبقى التداول على سهم شركات التأمين مستقرا بشكل عام ولا يشابه تداولات الشركات في القطاعات الأخرى.
منتجات جديدة
وقد زادت شكوى شركات التأمين من عدم تمكنهم من طرح منتجات جديدة، مثلما تقدم شركات التأمين في العالم، وارجعوا السبب في ذلك الى قلة الوعي لدي العملاء، وتدني مستوياته بين جمهور المستهلكين، والتقصير بالتعريف بالتأمين والتوعية بأهميته ومنافعه وضرورياته، إذا ما قارنا سوق التأمين الكويتي بأسواق التأمين في الدول الأخرى.
واعتبرت الشركات ان الأسلوب الريعي في الكويت يعتبر من أهم الأسباب التي تبطئ من نمو قطاع التأمين، الأمر الذي خلق الاتكالية ليس لدى المواطن فحسب، بل لدى شركات التأمين نفسها أيضا، إضافة إلى غياب القوانين المنظمة للقطاع، والقادرة على إلزام الجمهور على الاعتماد على الأساليب التأمينية في توجيه مسار حياتهم، ولتكون هذه القوانين أرضية صلبة لمستقبل تعامل المواطن مع شركات التأمين، وهي أمور تناولتها الوزيرة ضمن تلك الدراسة ولا تختلف عن الواقع التأميني المحلي بأي حال من الأحوال.
الاندماجات
إلى ذلك، تتباين وجهة نظر خبراء في قطاع التأمين حول الاندماجات بين شركات التأمين، حيث تستند وجهة النظر المؤيدة للاندماج إلى أنها خطوة من شأنها تعزيز وتقوية المركز المالي والمنافسة والمنتجات والخدمات،
فضلا عن إعادة الهيكلة وتقليص حجم المخاطر.
ا
ما الذين يستندون الى ضرورة عدم الاندماج، فانهم يعززون رأيهم بان الامر اكبر من مجرد إطلاق آراء دون الاستناد الى آراء المحللين والمراقبين الاقتصاديين، بناء على تحليل أوضاع القطاع واستشراف المستقبل،
وأيضا مناقشة الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الاندماجات على المستوى الأكاديمي ودراسة آثارها على هذا القطاع.كما يرى الخبراء ان هناك خلافات اخرى انقسمت حولها الآراء خلال العام 2011، حيث احتدم الخلاف بين شركات التأمين التقليدية من جهة، وشركات التأمين التكافلية من جهة ثانية، بشأن توزيع حصص أقساط التأمين المتعارف عليها بين الشركات العاملة في القطاع، فالنسبة المتعارف عليها هي احتفاظ أكبر 5 شركات تقليدية بنحو 40% من حجم أقساط التأمين مقابل 60% للشركات التكافلية على ان تقوم بتوزيعها فيما بينها، الا ان البعض اعتبر انه من غير الجائز احتكار الشركات التقليدية نسبة كبيرة من حجم السوق قياسا الى عددها، وان تقوم بمنح البعض حصصا من الأقساط وتمنعها عن البعض الآخر، الامر الذي شكل تحديا اوجب معه ضرورة التفاوض للخروج بحلول مرضية لجميع الأطراف، ربما سنسمع عنها خلال 2012.
أبرز صفقة لقطاع التأمين في 2011
من أبرز الأحداث التي شهدها قطاع التأمين في 2011 اتمام شركة الخليج للتأمين صفقة استحواذ على 51% من رأسمال شركة التأمين العراقية (دار السلام للتأمين – بغداد) بقيمة إجمالية مقدارها 3.420 مليون دولار.
والتي تعادل 1.234 مليون سهم من خلال سوق العراق للاوراق المالية وذلك بتاريخ 18 ديسمبر الجاري.