02/12/2012 – بانوراما التأمين

استطاع قطاع التأمين تحقيق نسب نمو مرضية خلال العام 2011 رغم استمرار تداعيات الأزمة المالية على كافة القطاعات التي ترتبط به بصورة مباشرة او غير مباشرة، وعلى الرغم من ان النمو جاء بوتيرة بطيئة فان القطاع حقق أداء جيدا رغم الأزمة المالية العالمية تجاوزت 28 في المئة وفق تقديرات المحللين.

ويرى المراقبون ان ثمة تحديات تواجه القطاع حيث لا تزال صناعة التأمين في الكويت تعاني من انعدام الوعي والثقافة المرتبطة بمفهوم التأمين اضافة إلى غياب اطار عمل تنظيمي مناسب عن ضعف ثقافة ووعي المستهلك سواء الفرد أو المستثمر أو التاجر بأنواع التغطيات التأمينية المتوافرة وأنواع وثائق التأمين الممكن التمتع بها لحمايته وحماية مصالحه وموارده.

ويرى القائمون على شؤون القطاع ان التردد الحاصل في قرارات الحكومة والخاصة بالمشاريع يدعو إلى التفاؤل الحذر فالبطء الحاصل يجعل الشركات تتخوف بعض الشيء، ان ما تتمناه هو صفة الديمومة في المشاريع والاستمرارية ولا بد أن تكون هناك جدولة مدروسة لاستمرارية المشاريع وتوزيعها على مراحل الخطة بشكل متوازن، وذلك حتى تعمل المشاريع من دون توقف ويبقى النمو متواصلا ومدروسا بحيث تستفيد منه البلاد والشركات في شتى القطاعات خاصة قطاع التأمين.

ولعل ابرز الانجازات التي طرأت على القطاع خلال العام 2011 دعوة وزارة التجارة الشركات المتعثرة التفكير بجدية في عمليات الاندماج فيما بينها وحث الشركات مرارا على البحث عن آليات تتيح لها الاندماج فيما بينها بغرض إيجاد كيانات قادرة على مجابهة التحديات الحالية وفي مقدمتها تراجع الإيرادات وتناقص حجم الأقساط المكتتب فيها على الرغم من إقرار عدد من مشروعات الخطة التنموية التي يفترض ان تساهم في إنعاش قطاع التأمين، واهم من ذلك تشكيل لجنة لتطوير قطاع التأمين والتي رفعت توصياتها حول تطوير قطاع التأمين وضوابط تأسيس شركات التأمين وإعادة التأمين الى وزيرة التجارة والصناعة تمهيدا لاعتمادها ودخولها حيز التنفيذ بما يتوافق مع توجه الوزارة والسياسة العامة لاقتصاد البلاد.
«الدار» توجهت إلى المختصين في القطاع بعدة تساؤلات حول تقيمهم لادائه خلال 2011 والنمو المحقق والتداعيات السلبية فضلاً عن توقعاتهم بشأن مستقبل شركات التأمين والتطلعات المنشودة خلال العام 2012 فكان التالي:

بداية يرى رئيس مجلس الإدارة في الاتحاد العام لشركات التأمين عبد العزيز المنصور ان قطاع التأمين وللأسف خلال العام 2011 لم يحقق الأرقام المنشودة منه نتيجة عدم انجاز الخطة التنموية التي علقت عليها آمالا عريضة منذ انطلاقها ورأت فيها شركات التأمين رافدا أساسيا من روافد تنمية إيراداتها وتحقيق نسب نمو عالية تعوض من خلالها ما فقدته جراء الأزمات المالية.

وتطرق المنصور إلى واقع شركات التأمين في ظل الأزمة المالية خلال 2011 حيث كان التأثير واضحا على مجمل أداء القطاع، ويمكن القول ان اثار الأزمة المالية العالمية اقتصرت على استثمارات شركات التأمين حيث ان الخسائر المتكبدة اقتصرت على المحافظ الاستثمارية التي تقوم شركات التأمين باستثمار العوائد من خلالها، وبالتالي فان تأثر بعض شركات التأمين كان نتيجة تراجع عوائد هذه المحافظ في الغالب.
وبين المنصور ان مجلس الوزراء عليه مسؤولية تطوير وتنمية اسواق المال لما لذلك من تأثير قوي على أداء قطاعات الاقتصاد بشكل عام وقيام السلطتين بدورهما في انعاش سوق تعاني كافة قطاعاته من عدة تداعيات خاصة وان طبيعة عمل قطاع التأمين تدخل في كافة القطاعات.

التغطيات التأمينية
الا ان المنصور اعتبر ان قصر التغطيات التأمينية الاجبارية على عدد محدود من الوثائق المصدرة فيما الجزء الاكبر منها ما زال اختياريا يعد من الامور الهامة التي تؤثر في أداء الشركات، ولذا من المنطقي ومن مصلحة القطاع والقطاعات الاخرى التوسع في الشق الإلزامي للوثائق خلال المرحلة القادمة لتحقيق نسب النمو المطلوبة واحداث نقلة نوعية في الأداء والإيرادات.
وأشار المنصور إلى ان قرار وزارة التجارة إيقاف ترخيص شركة الاتحاد الوطني للتأمين يصب في صالح السوق ويعكس الاهتمام المتنامي للدور الرقابي التي تمارسه الوزارة ويفتح المجال أمام الحد من التراخيص الجديدة مستقبلا ما دامت الشركات تعاني من كثرة عددها ومن ثم تدني مستويات الخدمة المقدمة فضلا عن لجوء البعض إلى اتباع سياسة حرق الأسعار بغية تحقيق إيرادات متواضعة إلى حد ما.

خطوات إصلاحية
وابدى المنصور تفاؤله بهكذا خطوات إصلاحية وعلاجية خاصة فيما يتعلق برفع رأس المال اللازم لتأسيس شركات جديدة وضرورة تقديم دراسات جدوى اقتصادية ما يعني ان الجانب الرقابي سيشهد مزيدا من الإجراءات التنظيمية اكثر من السابق والتفهم التام الحقيقي لمشكلات الشركات وصولا إلى سوق اكثر تنظيما واقدر على المنافسة وتحقيقا لتطلعات الشركات.
إلا ان المنصور يرى ان هناك عدة امور قد تقلل من ذلك التفاؤل على رأسها عدم وجود بوادر ومؤشرات حقيقية لدفع عجلة التنمية وطرح المزيد من المشروعات الكبري التي تساهم في إنعاش قطاع التأمين ولو بشكل تدريجي، فالامر يتطلب نموا متوازنا في كافة القطاعات عند ذلك قد نرى انتعاشا حقيقيا في أداء شركات التأمين خلال العام 2012 والأعوام المقبلة
الامين العام السابق لاتحاد شركات التأمين واستاذ التأمين في كلية الدراسات التجارية طارق بن غيث يقول «ان أداء قطاع التأمين خلال 2011 جاء شبيها إلى حد كبير بادائه في الاعوام الثلاثة السابقة ونسب الربحية لم تختلف كثيرا خاصة فيما يتعلق بأداء الشركات التي لديها حجم اعمال في الاسواق الخارجية باستثناء عدد قليل من الشركات التي حققت نموا في الأداء.
إلا ان بن غيث يرى ان قطاع التأمين رغم هذه الاوضاع استطاع تحقيق نسب نمو يمكن النظر اليها بأنها جيدة مقارنة مع أداء باقي القطاعات باستثناء القطاع المصرفي، بل يمكن القول ان قطاع التأمين احتل المرتبة الثانية بعد البنوك من حيث تحسن الايرادات خلال 2011.
وقلل بن غيث من تأثيرات ثورات الربيع العربي على أداء شركات التأمين المحلية حيث لم يتعد التأثير نسبة الـ 5 – 10 في المئة على اقصى التقديرات.
واشار بن غيث إلى ان الاوضاع الحالية تحتم على شركات التأمين المتعثرة التفكير بجدية في عمليات الاندماج فيما بينها، كما ان على وزارة التجارة حث الشركات مرارا على البحث عن آليات تتيح لها الاندماج فيما بينها بغرض ايجاد كيانات قادرة على مجابهة التحديات الحالية وفي مقدمتها تراجع الايرادات وتناقص حجم الاقساط المكتتب فيها على الرغم من اقرار عدد من مشروعات الخطة التنموية التي يفترض ان تساهم في انعاش قطاع التأمين.
وأوضح بن غيث ان التوصية بضرورة رفع طلبات تأسيس شركات جديدة مشفوعة بدراسات الجدوى الاقتصادية إلى وزيرة التجارة مباشرة بدلا من رفعها إلى إدارة التأمين خطوة مهمة للغاية، واحد انجازات العام الحالي تحسب لصالح الجهود التي تقوم بها الوزارة لرفع شان القطاع وتطويره.
واقترح بن غيث على الشركات ضرورة تكوين احتياطات مالية مقابل حوادث السيارات قبل التفاوض مع معيدي التأمين لما لذلك من اهمية في دعم الشركات وتعظيم الاحتياطات الفنية والمالية لصالح المساهمين وحملة الوثائق على مختلف شرائحهم.
وتابع بقوله: «يعتمد نشاط شركات التأمين حاليا في اغلبه على مشروعات الخطة التنموية بغية رفع حجم الاقساط المكتتب فيها إلى مستوياتها السابقة، لاسيما ان حجم القروض المقدمة من القطاع المصرفي مازالت تدور عند مستويات متدنية الامر الذي يؤثر على أداء القطاع بصفة مباشرة.
وتوقع بن غيث تحسنا في أداء القطاع خلال العام 2012 نظرا للجهود المضنية التي تقوم بها وزارة التجارة والصناعة من اجل تطوير القطاع حيث لم يشهد القطاع منذ اكثر من 40 عاما اي تغيرات على الجانب الرقابي والتشريعي كما يشهده حاليا.
واوضح بن غيث ان تحسن أداء القطاع مستقبلا سيكون مرهونا بدرجة كبيرة بمدى جاهزية الجانب التشريعي وتوافر الرقابة الصارمة بما يتماشى ومتطلبات القطاع والاقتصاد ككل نتيجة للارتباط الوثيق بين القطاع وباقي القطاعات وعلى رأس تلك القوانين قانون التأمين الجديد الذي مازال منظورا امام مجلس الامة منذ فترة طويلة.
وتطرق بن غيث إلى الحديث عن أداء اتحاد شركات التأمين كونة المتحدث والراعي للقطاع بقوله «اذا لم يكن اعضاء الاتحاد نشطين ومبادرين في تطوير القطاع وطرح الافكار الجديدة باستمرار فلن يكون قادرا على القيام بدوره على الوجه الاكمل، «كما اننا لايجب ان نلقي باللوم على الاتحاد بشأن ما وصلت اليه اوضاع السوق فلا بد من التنسيق المستمر بين الجهات كافة فيما يتعلق بالجانب الرقابي وعلى الشركات التزامات ادبية ومهنية يجب مراعاتها اذا اردنا تطويرا حقيقيا للقطاع وتغييرا في ادائه المستقبلي، ولاشك ان المعايير الرقابية الاختيارية من قبل الشركات ستكون اكثر تأثيرا من فرضها من قبل جهات اخرى.
من ناحيته توقع مدير إدارة التأمين في وزارة التجارة والصناعة عبدالله العنزي أن يكسر إجمالي أقساط التأمين حاجز المئتي مليون دينار بنهاية العام الحالي، بمعدل نمو 7.5 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغت حصيلة أقساطه 185 مليونا.
وبين العنزي ان تقديرات «التجارة» تشير إلى ان نسبة التعويضات المدفوعة إلى الاقساط في النصف الأول من 2011 بلغت 52 في المئة، وان حجم الاقساط للأشهر الثلاثة الاخيرة بلغت 59 مليون دينار.
مشيرا إلى ان «التجارة» استحدثت في الفترة الأخيرة إدارة جديدة للمخاطر (داخل إدارة التأمين) سيكون دورها الرئيسي التواصل مع الشركات للحد من المخاطر المتعلقة بقطاع التأمين، فيما شكلت وزيرة التجارة والصناعة اماني بورسلي فريق عمل متخصصا يضم عددا من المعنيين من داخل وخارج الوزارة لتطوير قطاع التأمين في البلاد، في خطوة منها لتحديد ضوابط تأسيس شركات التأمين واعادة التأمين في الكويت وتعديل مبالغ الوديعة والعمل على تطبيق المعايير الدولية.

تنظيم الوسطاء
واضاف العنزي ان إدارة التأمين تسعى إلى تنظيم عمل وسطاء التأمين في الكويت، وتقسيمهم إلى وسطاء تأمين (مكاتب التأمين بالعمولة) ووسطاء حصريين (يتعاملون مع شركة واحدة)، ووسطاء إعادة التأمين، على ان يكون الشكل القانوني لهذا الكيان عبارة عن شركة الحد الادنى من رأسمالها بالنسبة للوسطاء 100الف دينار، فيما يبلغ الحد الادنى لشركة وسطاء إعادة التأمين 250 ألف دينار.مشددا على انه سيتم تأسيس هيئة لتنظيم قطاع التأمين حسب القانون تجمع تحت مظلتها جميع شركات التأمين سواء الإسلامية أو التقليدية.
يذكر ان لجنة تطوير قطاع التأمين رفعت توصياتها حول تطوير قطاع التأمين وضوابط تأسيس شركات التأمين واعادة التأمين الى وزيرة التجارة والصناعة تمهيدا لاعتمادها ودخولها حيز التنفيذ بما يتوافق مع توجه الوزارة والسياسة العامة لاقتصاد البلاد.
وتضمنت التوصيات ضرورة ان يتم الفصل بين شركات التأمين واعادة التأمين وفقا للحد الادنى لرأس المال المصدر لكل نشاط على حدة بحيث لايقل رأس المال المصدر لشركات التأمين على الحياة وشركات التأمينات العامة عن خمسة ملايين دينار و15 مليونا لشركات اعادة التأمين، كما يشترط ألا يقل رأس المال المدفوع عن في المئة 50 لجميع شركات التأمين.

شروط جديدة
وجاء في توصيات اللجنة الزام الراغبين بتأسيس شركات تأمين واعادة تأمين بتقديم طلباتهم الى وزير التجارة نفسه متضمنة أسماء المؤسسين ودراسة الجدوى الاقتصادية والسوقية بالتفصيل، موضحة الاتجاه العام لمعدلات النمو في الاقتصاد الكويتي بشكل عام وفي قطاع التأمين بشكل خاص وألزمت المتقدمين بطلبات التأسيس بتضمين دراسة الجدوى موازنات وقوائم مالية تقديرية ومعلومات حول العدد المتوقع للموظفين الكويتيين وخطة تنمية الموارد البشرية وقائمة معيدي التأمين المصنفين عالميا. مع الأخذ بالاعتبار المتطلبات الملائمة المالية على ان تقدر الوزارة الموافقة وعدم الموافقة على طلبات التأسيس حسب عدة اعتبارات فنية وادارية اهمها حاجة السوق والفائدة المتوقعة من الشركة. ودعت التوصيات الى الزام المؤسسين بتقديم ضمان بنكي غير قابل للالغاء بكامل رأس المال وزيادة مبلغ الوديعة الى 500 ألف دينار، ومنح الشركات المحلية والعربية والعالمية عامين من تاريخ صدور القرار لترتيب وضعها بما يتناغم مع هذا القرار، مع إلزام جميع الشركات بحجز مخصص تعويضات تحت التسوية بعد خصم حصة معيدي التأمين.