10-06-2020 – بانوراما التأمين

عمان – في الوقت الذي نشيد فيه بمختلف الإجراءات الحكومية الرامية الى حماية المواطنين والمقيمين في الأردن في هذه الظروف الاستثنائية وغير المسبوقة، وفي الوقت الذي نرفع فيه القبعات للأداء الرسمي المتميز في هذا المجال، فإننا نراقب عن كثب المعالجات الحكومية للتداعيات الاقتصادية التي تكبر مثل كرة الثلج.
لا شك أن أولى الأولويات في الوقت الراهن والمستقبل القريب يتمثل في الحفاظ على منشآت الأعمال المختلفة والعاملين فيها، وهذا يتطلب العمل على تقديم كافة أشكال الدعم لهذه المنشآت وربطها بحفاظها على العاملين لديها.
وقراءة سريعة لأمر الدفاع رقم واحد والمتعلق بوقف العمل ببعض أحكام قانون الضمان الاجتماعي وخاصة تعليق اشتراكات الشيخوخة لمدة ثلاثة أشهر في منشآت القطاع الخاص اعتباراً من الأول من آذار الجاري، حيث أعطي الخيار للمنشأة باستثناء كل أو بعض العاملين لديها من تأمين الشيخوخة مقابل استمرار شمولهم بتأمين العجز والوفاة وإصابات العمل والأمومة والتعطل.
صحيح أن هذا الامر سينعكس إيجابا على الأوضاع المالية لمختلف منشآت الأعمال، لأنه سيخفض اشتراكات الضمان الاجتماعي الشهرية بقيمة 16.5 بالمائة من فاتورة الأجور، ثلثيها تدفع من موازنة المؤسسات، الا أن هذا الأمر سيؤدي الى نشوء تحديات جديدة على العاملين مطلوب العمل على إيجاد حلول لها.
فمن جانب سيؤدي هذا التعليق الى تخفيض قيمة الرواتب التقاعدية للعاملين الذين سيتم تعليق اشتراك تأمين الشيخوخة عليهم، لأن عدد أشهر الاشتراك في الضمان الاجتماعي مكون أساسي من مكونات معادلة حسبة الراتب التقاعدي، وكلما زاد عدد أشهر الاشتراكات ارتفعت قيمة الراتب التقاعدي، والعكس صحيح.
وسيؤثر كذلك على مواعيد استحقاق التقاعد (الوجوبي والمبكر) للعاملين الذين سيتم تعليق اشتراك تأمين الشيخوخة عليهم، لأن مواعيد الاستحقاق تعتمد بشكل أساسي على عدد أشهر الاشتراك، وبالتالي فإن من شأن ذلك التأثير على مصير الكثير من المشتركين، خاصة الذين يصلون سن التقاعد الوجوبي عند سن 60 للرجال و 55 للنساء، وهم غير مستكملين عدد الأشهر اللازمة لتقاعدهم.
ولتفادي هذه الاشكاليات كان يمكن للحكومة أن تقوم بدعم بتقديم الدعم للقطاع الخاص المتأثر بتداعيات هذا الوباء من خلال موارد أخرى يمكن تخصيصها من المساعدات والتبرعات الخارجية والداخلية التي ستحصل عليها لمواجهة تداعيات هذه الجائحة.
وكان يمكنها أيضا تخفيض قيمة اشتراكات الضمان الاجتماعي بشكل عام، لأنها مرتفعة بكل المقاييس مقارنة مع المنافع التأمينية التي تقدمها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، أو استثناء الأشهر الثلاثة التي تم تعليقها من حسبة قيمة الراتب التقاعدي ومن متطلبات التقاعد بنوعيه.
لهذا طالبنا، وسنستمر بالمطالبة بإنشاء صندوق طوارئ وطني يتم تمويله من مصادر داخلية وخارجية، وهي متاحة وبحاجة لبعض الجهود التي نعتقد أن حكومتنا لديها المقدرة على حشد التمويل له، حيث أعلنت العديد من المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية عن تخصيص عشرات المليارات لمكافحة فيروس “كورونا المتجدد” وآثاره الاقتصادية.

أحمد عوض