لم نكن ان نتوقع ان يقوم الاتحاد الاردني لشركات التأمين على تعليق اعمال التامين الالزامي، واغلاق المكتب الموحد للتامين الالزامي بدعوى ان العاملين في شركات التامين يتعرضون للإعتداءات المتكررة والممنهجة من قبل فئة متخصصة بافتعال الحوادث المرورية الوهمية والتي تقوم بها كما يقول بيان الاتحاد مجموعة عصابات متخصصة ومعروفة لدى الجهات الأمنية، وذلك من خلال استهداف موظفي شركات التامين، وتهديد اداراتها وعائلاتهم باستخدام مختلف انواع الاسلحة النارية والاسلحة البيضاء، والسكاكين وتعرض المباني والممتلكات الى اضرار جسيمة بهدف الضغط على شركات التأمين ومطالبتها بدفع مبالغ دون وجه حق لحوادث مرورية مزورة ومفتعلة.

الاتحاد الاردني لشركات التأمين، لم يكن موفقا بعملية الاخراج للهدف الذي يرغب بالوصول اليه، وهو تحرير أسعار التأمين الالزامي، وان الاتحاد اعلن ذلك بوضوح وصراحة عندما طالب الحكومة مجددا بالعمل على معالجة المشاكل التي تعاني منها شركات التامين وفي مقدمة ذلك تحرير اسعار التامين الالزامي على المركبات وتحفيز الشركات على الاندماج فيما بينها لتعزيز ملاءتها المالية، وهذا ما يفسر حجب هذه الخدمة بالذات، رغم ان التامين الشامل هو الذي يشهد العديد من عمليات الاحتيال وافتعال الحوادث المرورية وان شركات التامين تكتفي في احيان كثيرة بالابلاغ عن الحادث دون ضرورة لإحضار «الكروكة» من رجال السير، بينما يتطلب التأمين الالزامي احضار هذه الكروكة كوثيقة رسمية، وهي لا تصدر الا بعد التأكد من وقوع الحادث المروري والذي يكون فيه سيارة اخرى متسببة بالحادث، وليس كالتامين الشامل.

اذا كان هناك من يعتدي على شركات التامين، فهناك المحاكم والقضاء، وهناك الجهات الأمنية التي لا تعترف باي خط احمر اذا ما تلقت أية شكوى او انها القت القبض على اية عصابة، او شخص بالجرم المشهود، وانه لو تم تطبيق مبدأ حجب الخدمة اذا ما تعرضت شركة او مؤسسة، او شخص للاذى او الاعتداء لوجدنا ان هناك العديد من المستشفيات قد اغلقت ابوابها لان بعض الاطباء او الممرضين تعرضوا لاعتداءات، وكذلك في بعض المدارس والجامعات التي تشهد اعمال عنف بين فترة واخرى.

اذا كانت شركات التامين تتعرض للاعتداءات من اشخاص بعينهم، فانه يمكن تعميم اسماؤهم على جميع الشركات، والتوقف عن اصدار وثائق التامين الالزامي لهم.

واذا كان الامر في غاية الجدية، وأن هذه الشركات تتعرض للاعتداءات، وان الامن العام لا يقوم بواجبه في حمايتها كما يقول بيان الاتحاد الاردني لشركات التامين، فقد كان الاجدر بها ان تغلق ابوابها، وتعلق كل نشاطاتها، وليس بالتوقف عن خدمة اساسية للمواطنين الذين لن يجدوا من يعوضهم عن اي حادث يقع، بينما تتوقف دوائر السير عن ترخيص اية سيارة ما لم تحصل على وثيقة التأمين الشامل وهو ما تسعى اليه شركات التأمين.

شركات التأمين يجب أن تفصل بين مطالبتها بتحسين اوضاعها، وزيادة قسط التامين الالزامي وبين وقف هذه الخدمة، خاصة وان كل شركات التامين تحقق ارباحا في نهاية كل عام، وان موازناتها التي تنتشر في الصحف تؤكد على ذلك، وأن خسارتها في اي فرع في التامين لا يبرر ايقافه، لان المحصلة العاملة لعمليات التأمين في كل شركة هي لصالحها، وانها بالتالي تحقق ارباحاً، وان لا تخلط الاوراق وتحجب خدمة التامين الالزامي بدعوى حماية موظفيها والعاملين فيها.