قال مدير عام شركة العين الأهلية للتأمين محمد مظهر حمادة إن وجود أكثر من 60 شركة تأمين في دولة الإمارات بالإضافة إلى 175 وسيطا اثر وما زال يؤثر بصورة سلبية على قطاع التأمين في الدولة وان هذا العدد الكبير من الشركات في سوق صغير نسبيا أدى بدوره إلى ممارسات أضرت بسمعة هذا القطاع الحيوي بعد أن كان يتمتع بسمعة ممتازة خلال العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية عندما كان عدد الشركات لا يتجاوز 20 شركة
وأضاف حمادة الذي كان يرد على استفسارات حول أوضاع سوق التأمين خلال الثلث الأول من 2012 إن العدد الكبير من شركات التأمين ساهم في انهيار الأسعار إلى مستويات غير مقبولة على الإطلاق وان هذا الوضع انعكس سلبا على الخدمة المقدمة لجمهور المؤمن لهم حيث لم تعد اقساط التأمين قادرة على تغطية الإخطار في معظم الحالات باستثناء الشركات التي حافظت على مستوى الأسعار الفنية العادلة واستمرت في تقديم خدمة جيدة ومقبولة للجمهور .
نتائج الشركات
وأورد مدير عام العين الأهلية للتأمين إن نتائج الشركات لعام 2011 والربع الأول من 2012 تعكس واقعا مؤلما حيث مني عدد كبير من الشركات بخسائر تتراوح أحجامها بين شركة وأخرى الأمر الذي بات من وجهة نظرنا يفرض أهمية بل وضرورة أن تتدخل هيئات الرقابة والسلطات المختصة لوضع حد لهذا النزيف والمبادرة إلى اتخاذ إجراءات لعلاج هذا الوضع المؤسف نظرا لان قطاع التأمين كان ولا يزال يشكل احد أعمدة الاقتصاد الوطني كما أن شركات التأمين هي شركات مساهمة عامة وأموالها مملوكة لجمهور المساهمين.
وفي الوقت الذي لفت فيه إلى استمرار العمل بسياسة تكسير الأسعار والتنافس الضار خلال الربع الأول من 2012 في سوق تأمين محدود نسبيا و على الرغم من المطالبات الجادة خلال العام الماضي بضرورة وضع حد لها أشار حمادة إلى مقارنات مذهلة مع العديد من دول العالم تؤشر إلى إن عدد شركات التأمين العاملة في دولة الإمارات تشكل اعلى رقم على مستوى العالم نسبة إلى عدد السكان .
مشيرا على سبيل المثال لا الحصر إلى أن عدد شركات التأمين العاملة في قارة استراليا هو 10 شركات في حين يوجد في دولة مثل الهند 14 شركة تأمين مباشر وفي دولة كبرى مثل اليابان يوجد 6 شركات تأمين فقط.
بينما نجد في دولة الإمارات أكثر من 60 شركة تأمين علما بان الحد الأدنى لرأس المال لأي شركة تأمين في الدولة لا يقل عن 100 مليون درهم الأمر الذي يعكس حجم الأموال الهائلة المستثمرة في هذا القطاع وهذا الحجم كما اورد أكثر بكثير من الحاجة الفعلية للسوق مما يؤثر سلبا على أداء هذا القطاع وعلى الاقتصاد الوطني على وجه العموم.
تكسير الأسعار
وردا على سؤال حول مدى استمرار العمل بسياسة تكسير الأسعار من قبل بعض الشركات وانعكاسات هذه السياسة على قطاع التأمين الإماراتي قا ل حمادة لاشك إن تكسير الأسعار مستمر خلال العام الحالي وقد تكون له انعكاسات مأساوية على القطاع المذكور إذا لم تبادر الجهات ذات الاختصاص إلى وضع حد لها .
مشيرا في هذا الخصوص إلى الإعلانات في الصحف التي تعلن فيها بعض الشركات عن تخفيضات في الأسعار وعروض مغرية لأسعار التأمين محذرا من أن سياسة تكسير الأسعار إلى هذه المستويات غير الفنية أدت ولا زالت تؤدي إلى هروب شركات إعادة التأمين العالمية الكبرى من سوق دولة الإمارات ولافتا في هذا الصدد إلى أن أسماء كبرى في إعادة التأمين قد انسحبت بالفعل من السوق الإماراتي باعتبار أن الأسعار لم تعد تتناسب والأخطار المغطاة
ويرى مدير عام العين الأهلية للتأمين إن شركات التأمين المحلية لا تستطيع العمل بدون غطاء من شركات إعادة التأمين ذات السمعة العالمية والمصنفة تصنيفا دوليا عاليا وبالتالي فان الشركات المحلية مع انسحاب شركات الإعادة الكبرى من السوق سوف تضطر إلى اللجوء لشركات إعادة تأمين غير مصنفة دوليا وضعيفة الأمر الذي سيؤدي بطبيعة الحال إلى حدوث إشكالات كبيرة عند وقوع حوادث أو كوارث طبيعية
عمليات اندماج
وردا على سؤال عما إذا كان الوضع الراهن لقطاع التأمين يقتضي حدوث عمليات اندماج قال حمادة إن الاندماج أمر جيد ولم تحدث حتى الان أي خطوات عملية في هذا الخصوص رغم ما تردد من كلام غير موثق بأن هناك 4 شركات في الإمارات الشمالية تدرس الاندماج في كيان تأميني عملاق.
وكما هو معروف فان الدمج في الدول الكبيرة يتم بهدف خلق كيانات قوية وتجميع رؤوس الأموال في سبيل تحقيق المصلحة العامة لكننا في حالة دولة الإمارات نجد أن توفر السيولة الكبيرة بين أيدي المستثمرين تشكل عائقا أمام عمليات الدمج بالإضافة إلى وجود الأنانية التي تحكم الأشخاص لاحتكار الشركات والسيطرة الشخصية بغض النظر عن المصلحة العامة
أداء العين الأهلية
وفيما يتعلق بأداء شركة العين الأهلية خلال الربع الأول من العام الحالي قال حمادة انه على الرغم من الانخفاض الطفيف في الأرباح إلا أن الأرباح الفنية كانت أفضل مقارنة بالفترة ذاتها من 2011 كما أن الشركة تحافظ على التركيز في تقديم الخدمة الجيدة والالتزام بدفع التعويضات في مواعيدها وبما أن سوق التأمين في أبو ظبي والإمارات على وجه العموم صغير نسبيا فان العين الأهلية أصبحت معروفة بسياستها المتوازنة والتزامها بتقديم خدماتها لعملائها على مر السنين منذ تأسيسها في عام 1975 .
وأود الإشارة في هذا الخصوص إلى أن الشركة قد فازت بعقود تأمين جديدة لمشروعات كبيرة نتوقع معها أن تحقق نسبة نمو عالية في أداء الشركة ونتائجها بالربع الثاني من هذا العام تتجاوز 20% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2011
مجال الطاقة
وحول طبيعة المشاريع التي حصلت الشركة على عقود تأمينها أورد حمادة بان العين الأهلية أصبحت معروفة بتركيزها على المشاريع الكبرى في مجال الطاقة وعلى وجه الخصوص النفط والغاز فبعد مشروع دولفين لنقل الغاز من قطر إلى الإمارات .
والتي فازت الشركة بالتأمين على جميع مراحله والذي قد يمتد مستقبلا إلى سلطنة عمان وباكستان و تجاوزت تكلفة أعماله الإنشائية من قطر إلى الفجيرة 10 مليارات دولار فزنا مؤخرا بعقود ممتازة في مجال الطاقة من أهمها وأكبرها مشروع في مجال الغاز تكلفة إنشائه الإجمالية 6.5 مليارات دولار .
وهذه المشاريع يتم تسعيرها من قبل شركات إعادة التأمين العالمية ولا مجا ل للتلاعب في الأسعار حيث المنافسة محدودة وتعطى الأولوية دائما للشركات المعروفة والمعتمدة عالميا وأود بهذه المناسبة الإشارة إلى أن وكالة موديز قد ثبتت تصنيف قوة التأمين المالية لدى شركة العين الأهلية للتأمين عند الدرجة (اي 3) مع منحها نظرة مستقرة للمستقبل.
وقالت الوكالة إن العين الأهلية تتمتع بوضع قوي في أبو ظبي وان لديها ميزة ملموسة في التركيز على المشاريع الكبيرة من خلال خبراتها الفنية كما إنها تمتلك رأسمال قويا إلى جانب تاريخ طويل من التخصص في مخاطر الهندسة والطاقة.
الاستثمار في أسواق المال
وفيما يتعلق بعوائد الاستثمار في أسواق المال خلال العام الحالي أو الفترة المنقضية منه قال مدير عام العين الأهلية للتأمين إن معدل العائد في سوق المال كان أفضل من العائد على فوائد الودائع لدى المصارف وبالتالي فهو مغرٍ للاستثمار وليس للمضاربة لكن الوضع بالنسبة لأسعار الأسهم ليس جيدا حتى الان ويحتاج السوق إلى عوامل دفع تتمثل في دخول صناديق كبرى.
بالإضافة إلى صانع السوق وضخ أموال جديدة ويرى حمادة عدم وجود حوافز لتنشيط السوق بالإضافة إلى وجود عوائق تنظيمية تقف حائلا أمام عملية التنشيط ومنها على سبيل المثال موضوع شراء الشركات لجزء من أسهمها حيث اتضح لنا من خلال التجربة أن هناك قيودا ومعوقات تحد من قيام الشركات بهذه العملية ومنها أن الأنظمة المعمول بها لا تجيز لعضو مجلس الإدارة أن يبيع أسهما لنفس الشركة التي هو عضو فيها وإذا حصل ذلك تفرض على الشركة غرامة مالية كبيرة والمشكلة هنا تتمثل في أن بيع الأسهم يتم الكترونيا عبر السوق.
ولا يعرف المشتري من هو البائع ولا يعرف البائع من هو المشتري وقد طلبنا من هيئة الأوراق المالية مساعدتنا في تجنب الوقوع في هذه المشكلة ورغم المراسلات المتكررة لم نصل إلى نتيجة وبالتالي فانه على الرغم من مرور سنة على الترخيص لنا بشراء ٪10 من أسهمنا لم نتمكن من شراء سهم واحد بسبب هذه المشكلة التي تحتاج إلى علاج من الهيئة والسوق .
حيث يمكن ببساطة إلغاء الصفقة إذا اتضح ان عملية البيع قد حدثت بدون قصد أو حسن نية من عضو مجلس الإدارة بدلا من فرض الغرامة ومؤكد ان عملية شراء الشركات لأسهمها يمكن أن يساهم في إنعاش السوق وزيادة حجم التداول وبالتالي حدوث ثقة اكبر لدى المستثمر .
مسألة التوطين
فيما يتعلق بموضوع التوطين في قطاع التأمين والإستراتيجية التي حددتها هيئة التأمين في هذا الخصوص قال حمادة إن التوطين مطلوب من قبل الشركات وأنا ناديت وأنادي الان بضرورة أن تتولى الجهة الرقابية واقصد هيئة التأمين فتح سجل في الهيئة للمواطنين الراغبين بالعمل في هذا القطاع بحيث يتم توزيعهم على شركات التأمين حسب رغبة طالب العمل ومحل إقامته.
حيث تنتشر فروع الشركات في الدولة وبذلك تتحقق الجدية في تعيين المواطن لدى شركات التأمين ومتابعتهم من حيث مدى الالتزام بالعمل ومدى التزام الشركات بمنحهم الفرص الحقيقية في مجال التدريب والتأهيل والتدرج في السلم الوظيفي ونقترح في هذا الصدد إنشاء إدارة متخصصة في هيئة التأمين للتوطين تقوم بهذه المهام
الإدارات التنفيذية تتحمل مسؤولية تكسير الأسعار
أكد مدير عام شركة العين الأهلية للتأمين محمد مظهر حمادة أن تحديد حد ادنى للأسعار من الصعوبة بمكان تطبيقه على أرض الواقع ولن يحل المشكلة بشكل دائم. وأوضح أن مسؤولية تكسير الأسعار إلى مستويات متدنية يتحملها بشكل رئيسي الإدارات التنفيذية لشركات التأمين ولا تعفى مجالس الإدارات من هذه المسؤولية أيضا.
وبالتالي فان الوضع بات يفرض ضرورة تدخل الهيئات الرقابية وجهات الاختصاص بهدف الالتزام بالحدود الفنية للأسعار والمحافظة على مصداقية الشركات في القيام بواجباتها اتجاه جمهور المؤمن لهم وان تكون هناك محاسبة للإدارات التنفيذية للشركات في ضوء النتائج مع الدخول في تفاصيل الأعمال وتبيان أسباب الخسارة وتبريرها ومسؤولية من يتحملها.
كما أن الأمر برمته بات يحتاج إلى حوار صريح ومتواصل بين هيئات الرقابة والإدارات التنفيذية وأعضاء مجالس إدارات شركات التأمين بهدف إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح. وأشار حمادة إلى أن تكسير الأسعار يبرز بصورة واضحة في التأمين الصحي والسيارات، حيث الأسعار لا تتناسب مع نوعية الخطر المغطى وبالتالي فإن الخسائر تتضح بصورة جلية في هذين النوعين من التأمين نتيجة انهيار الأسعار إلى مستويات متدنية جداً.