قال مسؤولون في قطاع التأمين، إن شركات التأمين ستتجه إلى رفع أسعار وثائق تأمين والعقود الجديدة، بنسب توازي معدلات زيادة أسعار الخدمات الطبية، وبشكل يحقق هامش ربح معقولا، مشيرين إلى أن قطاع التأمين الصحي خاسر ويحتاج إلى إعادة تقييم، وستضطر الشركات إلى رفع أسعار الوثائق الجديدة، بنسبة تراوح بين 20 و25٪ مقارنة بالأسعار الحالية.
وذكروا لـ«الإمارات اليوم» أن وصول معدل التعويضات التحميلية لقطاع التأمين الصحي إلى نسبة 81.3٪ من الأقساط المكتتبة خلال عام 2011 مؤشر مقلق باعتبارها لا تشمل التكاليف الإدارية والتشغيلية، لافتين إلى أن الإفراط في تقديم الخدمات الصحية للمؤمن عليهم، زاد من حجم المشكلة.
تعويضات تحميلية
وتفصيلاً، أظهرت بيانات لهيئة التأمين، أن معدل التعويضات التحميلية لقطاع التأمين الصحي شهدت ارتفاعاً للعام الثاني على التوالي، إذ ارتفع معدل التعويضات لفرع التأمين الصحي من 60.5٪ خلال عام ،2009 إلى 78.2٪ خلال عام ،2010 و81.3٪ خلال عام .2011
وبلغ إجمالي التعويضات التحميلية لقطاع التأمين الصحي العام الماضي 4.3 مليارات درهم، من إجمالي أقساط مكتتبة بلغت 5.3 مليارات درهم.
وأوضحت البيانات التي أوردتها الهيئة في تقريرها السنوي حول نشاط القطاع خلال عام ،2011 أن معدل تعويضات التأمين الصحي كان الأكثر من بين الفروع الرئيسة للتأمينات العامة، إذ بلغ معدل التعويضات في قطاع الحوادث والمسؤولية 48.5٪، والحريق 54.2٪، والنقل البري والبحري والجوي 33.3٪.
وبلغ المعدّل الإجمالي للتعويضات 56.6٪، مقابل 57.4٪ خلال عام ،2010 فيما بلغ معدّل التعويضات لفروع الممتلكات وتأمين المسؤوليات قبل خصم حصة «معيدي التأمين» 55.7٪، مقابل 57.4٪.
وأظهرت البيانات أن إجمالي التعويضات التي سددتها شركات التأمين خلال عام 2011 لفروع الممتلكات والمسؤوليات بلغ 10.5 مليارات درهم، منها 4.3 مليارات للقطاع الصحي، و3.9 مليارات درهم لقطاع الحوادث والمسؤولية، وأكثر من مليار درهم لتعويضات الحريق، و815 مليون درهم لقطاع النقل البري والبحري والجوي، ونحو 363 مليون درهم لـ«أخطار أخرى».
مؤشر مقلق
قال الرئيس التنفيذي لشركة «الهلال الأخضر» للتأمين، حازم الماضي، إن «وصول التعويضات التحميلية لقطاع التأمين الصحي إلى نسبة 81.3٪ مؤشر مقلق»، مشيراً إلى أن «هذه النسبة لا تشمل التعويضات المصرح بها فقط، باعتبار أن هناك تعويضات وفواتير طبية حدثت، ولم تتم مطالبة شركات التأمين بها، كما يضاف لهذه النسبة التكاليف الإدارية والتشغيلية التي تشمل عمولة الوسطاء وشركات إدارة المطالبات الطبية».
وأكد أنه «في حال أخذت هذه المصروفات في الحسبان، فإن قطاع التأمين الصحي خاسر كلياً»، لافتاً إلى أنه «خلال السنوات الخمس الماضية، ارتفعت أسعار الخدمات الطبية في الإمارات بنسبة الضعف، وهو السبب الأساسي لارتفاع معدل التعويضات وتسجيل الشركات لخسائر».
وشدد الماضي على أهمية ألا تخضع الرعاية الصحية لمعادلة العرض والطلب في السوق، مشيراً إلى أن «مزودي الخدمات الطبية يرفعون أسعار خدماتهم كلما ازداد الطلب»، مضيفاً أن «حملة وثائق التأمين الصحي في تضاعف مستمر».
وأفاد أن «من البديهي جداً أن تلجاً شركات التأمين إلى رفع أسعار وثائق التأمين الصحي للعقود الجديدة»، موضحاً أنه «في ظل الخسائر التي يسجلها القطاع باستمرار، خصوصاً في قطاع الصحة، فإن رفع أسعار الوثائق لن يكون خياراً، بل ستجد الشركات نفسها مضطرة ومجبرة على ذلك، لأنها ستكون غير قادرة على تحمل كلفة الرعاية الصحية».
وبين أن «قطاع التأمين الصحي يحتاج إلى إعادة تقييم، ما يعني أن أسعار الوثائق الجديدة يجب أن تكون أعلى بنسبة تراوح بين 20 و25٪ مقارنة بالأسعار الحالية».
قطاع خاسر
من جانبه، قال المدير العام لشركة «الوثبة الوطنية للتأمين»، بسام جلميران، إن «المؤشرات المتاحة في السوق توضح أن نسبة الخسارة التي سجلتها شركات التأمين في القطاع الصحي جاوزت الـ100٪، أي أن القطاع كان خاسراً، إذ كانت نتائج عام 2011 صعبة لدى معظم الشركات».
وذكر أن «أسعار الخدمات الطبية ارتفعت بشكل كبير خلال عامي 2010 و،2011 وبلغت في المتوسط 30٪، وهي تختلف من مزود إلى آخر»، مشيراً إلى أن «الخسائر كانت ضمن سوق أبوظبي أكثر من الإمارات الأخرى».
ودعا جلميران هيئة الصحة في أبوظبي إلى لعب دور أكبر في تنظيم السوق، ووقف الضرر الذي تتعرض له شركات التأمين جراء ارتفاع أسعار الخدمات الطبية، محذراً من عزوف بعض الشركات عن العمل في هذا النوع من التأمين، أو ورفع الأسعار، بسبب النتائج السلبية التي سجلتها في القطاع الصحي.
وأشار إلى أن شركات التأمين تسعى إلى تحقيق هامش ربح معقول، ولذلك ستتجه إلى رفع أسعار الوثائق والعقود الجديدة بنسب توازي نسب زيادة أسعار الخدمات الطبية.
وشدد على أن «الخدمات الصحية بالأهمية نفسها التي تنطبق على السلع الغذائية، لكي تخضع للرقابة والسيطرة على أسعارها وتقديم هذه الخدمات لأفراد المجتمع بشكل مناسب ومتوافر للجميع».
صيغة متوازنة
إلى ذلك، قال العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة دبي الإسلامية للتأمين وإعادة التأمين (أمان)، حسين الميزة، إن «الكثير من مزودي الخدمات الطبية لجأوا إلى رفع أسعار خدماتهم، ما انعكس على أداء الشركات، وقلص الهوامش الربحية لتتحول إلى خسائر متراكمة».
وأكد أهمية أن تصل شركات التأمين والهيئة، ومزودي الخدمات الطبية، إلى صيغة متوازنة في مسألة الأسعار تكفل حقوق جميع الأطراف»، موضحاً أن «الخدمات الصحية ثقافة يجب تنميتها لدى جميع الأطراف المعنية بتقديمها لأفراد المجتمع، إلا أن الإفراط في تقديم الخدمات الصحية للمؤمن عليهم زاد من حجم المشكلة».
وفي السياق نفسه، قال المدير العام لشركة «تكافل الإمارات» للتأمين، غسان مروش، إن «مزودي الخدمات لطبية يلجأون إلى رفع أسعار الخدمات الصحية في الوقت الذي يختارونه، ما ينعكس بشكل مباشر على شركات التأمين، كونها تتعامل بعقود سنوية مع المؤمن عليهم»، لافتاً إلى أهمية أن «تبدأ الزيادات المفروضة مع العقود الجديدة».
وأوضح أن «هناك جزءاً من المسؤولية يقع على عاتق شركات التأمين جراء المنافسة بين الشركات في السوق»، مؤكداً أن «الوعي التأميني يبقى العامل الأهم تجاه تأسيس توازن في القطاع ككل، وعدم الإفراط في استخدام الخدمة».
وأكد أن «أسعار العقود الجديدة للتأمين ستكون أعلى من العقود القديمة لأن الشركات تسجل الآن خسائر فادحة في القطاع الصحي»، لافتاً إلى أن «الشركات التي سجلت خسائر كبيرة لجأت إلى زيادات متواصلة خلال الفترة الماضية»