01-11-2012 – بانوراما التأمين

عمان – سجال كبير أثاره قرار الحكومة حول تثبيت التوقيت الصيفي على مدار العام، والقصة ليست بين مؤيد ومعارض بل بين متسائل وحائر ومستغرب حول الجدوى من قرار حيوي يتدخل في حياة كل مواطن من دون التوضيح والشفافية حول معطيات وأسباب ومكاسب الوطن والاقتصاد من اتخاذ القرار.
والغريب أن الحكومة السابقة، والتي يكاد لم يتغير عليها في الحكومة الجديدة سوى الرئيس وثلاثة وزراء، أعلنت للعامة عن موعد التحول إلى التوقيت الشتوي وضبط الاقتصاد والعامة أمورهم على الموعد المحدد.
التحدي المشروع حول القرار الجديد ينطلق من معطيات ثلاث أساسية، الأول أن الأردن منذ نشأته يقع ضمن فضاء توقيت زمني يزيد ساعتين على التوقيت الأساس لمدينة لندن وهو التوقيت نفسه الذي تقع عليه جميع الدول المجاورة، باستثناء السعودية ودول الخليج التي يختلف فضاؤها الزمني والجيولوجي تماما.
أما القضية الثانية فهي أن التوقيت الشتوي والصيفي ليس بدعة أردنية بل هو تطبيق دولي تمت دراسته بعناية في جميع دول العالم والتزمت به ووجدت به منافع متعددة منها ما يتعلق بتوفير الطاقة أو بنمط الحياة بين الصيف والشتاء أو بتحولات المناخ. وقد تحولت ليلة السبت الى الأحد الماضي دول أوروبا وكثير من دول العالم من التوقيت الصيفي الى التوقيت الشتوي، وهي ملتزمة بذلك على الدوام، وتلك تطبيقات، كما سبق الإشارة إليها، تمت وفق دراسات متعددة أثبتت جدواها وأهميتها اقتصاديا واجتماعيا، ولا أدري لماذا نقرر بين ليلة وضُحاها التحول عنها من دون الإفصاح عن الدراسات العلمية الواضحة التي أوصلت الى القرار الجديد. أما المعطى الأخير فهو تذكير بما قامت به إحدى الحكومات في الأردن منذ نحو 5 سنوات حين قررت عدم التحول الى التوقيت الشتوي ولم يدم الأمر سوى أقل من شهر حتى اكتشفت بعدم جدوى الأمر وتحولت عنه، فهل لنا أن نتعلم من دروسنا المحلية. أتمنى ومن باب عدم العناد، وعدم التحول الى سياسة" عنزة لو طارت"، أن لا نستمر باتخاذ قرارات تتعلق بالدوام في المؤسسات والدوام في المدارس والدخول في سلسلة غير منتهية من القرارات غير المدروسة بعناية للاستمرار بالقرار الذي لم نسمع حتى الآن عن الأساس العلمي أو دراسة الأثر التي اتُخذ على أساسها.
ويمكن اتخاذ قرارات تتعلق بتغيير نمط الدوام بين الحكومة والقطاع الخاص لحل أزمة المرور وتوفير الطاقة من دون تثبيت الوقت، وهو ما تتبعه دول أوروبية عديدة حيث يختلف بدء العمل بين الحكومة والقطاع الخاص، مع استمرار تطبيق نظام التوقيتين.
الفيصل هنا أن الرجوع عن الخطأ فضيلة وأن معالجة الخطأ بأخطاء أكبر منه يولد مصالح يصعب الرجوع عنها بعد العودة عن القرار غير المدعوم بالدراسات التي تحترم عقول العامة. والفضيلة خير من الإصرار على المغالطة.