17-12-2012 – بانوراما التأمين

عمان – ما زال الاتحاد الأردني لشركات التأمين مهددا بأنه سيبدأ من طرفه بتحرير أسعار التأمين الإلزامي اعتباراً من مطلع العام القادم الذي لا تفصلنا عنه سوى أيام قليلة، مما يربك السوق التأميني برمته ويضعه أمام خيارات صعبة ليست في صالحه على الإطلاق، وأيضاً ليست في صالح أصحاب المركبات من خلال وضعهم في خانة غاية في الصعوبة، لأنهم غير قادرين على تحمل مضاعفة الأقساط مرة واحدة بالإضافة إلى أعبائهم المعيشية الأخرى، وفي الوقت ذاته لا بد لهم من بوليصة تأمين على سياراتهم وإلا فإنها لن تحصل على ترخيصها السنوي بأي حال من الأحوال ! .
يبدو أن ما توصل إليه خبراء البنك الدولي الذي كان ينتظر اتحاد التأمين وجهة نظرهم من أجل تحرير أسعار التأمين في الأردن يعارض تماماً هذا الاتجاه، بل إنه وصف سوق التأمين الأردني بأنه سيكون أمام فوهة بركان إذا ما تم اعتماد هذا الإجراء، من دون المرور في مرحلة انتقالية قبل الدخول في مرحلة تحرير الأسعار لما قد يترتب على ذلك من مخاطر شديدة ! .
يرى هؤلاء الخبراء الدوليون الذين يفترض احترام آرائهم والاحتكام إليها من أجل إرساء معادلة تأمينية عادلة ومتوازنة، أن حالة من الفوضى قد تسود السوق التأميني الأردني وقد تستمر إلى ما يصل إلى عشر سنوات، إذا ما أصر اتحاد شركات التأمين على تحرير الأسعار الذي كان يطالب به منذ بداية العام الحالي ويصر على تنفيذه من دون أخذ التعليمات التي أصدرتها هيئة التأمين بعين الاعتبار ! .
أزمات كثيرة قد تعصف بسوق التأمين في حال عدم التوصل إلى حلول موضوعية للمشكلات القائمة، لأن تحرير الأسعار من المنتظر أن يؤدي إلى منافسة سعرية شديدة لأن الشركات الضعيفة مالياً وفنياً يمكن أن تستحوذ على معظم المحفظة التأمينية من خلال تقديم بوالص تأمين بأقل الأسعار، وهذا ما سينعكس حتماً على الشركات الكبرى التي تحقق أرباحاً قياسية على حساب الصغرى منها التي يتعرض بعضها إلى تسجيل خسائر، إنما في المحصلة فإن ذلك سيزيد من الارتباكات التي تضر بقطاع التأمين برمته الذي يعاني حالياً من قلة ثقة المؤمنين لديه ولا يحتاج الأمر إلى مزيد من الاختلالات العميقة ! .
الأمر كله مرهون بقرارات هيئة التأمين الرسمية التي يفترض بها أن تنظر إلى التأمين الإلزامي للمركبات من مختلف جوانبه، لأنه يعتبر من أهم الأدوار المنوطة بها في الحفاظ على توازن العلاقة بين شركات التأمين والمؤمن لهم لديها والمستفيدين من الوثائق التأمينية، لأن اعتماد مثل هذه المعادلة المنصفة يكتسب أهمية مضاعفة في عدم المساس المباشر بقطاع واسع من المواطنين وبالجزء الأكبر من أعمال التأمين.. وليس هنالك وقت طويل للانتظار لتجنيب سوق التأمين انفجار الفوهة البركانية ! .