06-09-2014 – بانوراما التامين
اظهرت دراسة حديثة نشرتها “اسيا انشورنس” ان الكثير من شركات التأمين في المنطقة العربية والخليج العربي على وجه التحديد باتت في الاونة الاخيرة تواجه بعض التحديات عند تقديمها لخدمات التأمين المرتبطة ببعض المشاريع الكبرى في العالم والتي انتشرت بشكل كبير اخيرا, واصبح الكثير منها يمثل معالم مميزة في مدن ودول الخليج العربي. “السياسة” ارتأت استطلاع اراء القائمين والمسؤولين في قطاع التأمين المحلي لمعرفة ما اذا كانت شركات التأمين المحلية تعاني من هذه التحديات? وهل هي قادرة ومؤهلة بالشكل المطلوب للتأمين على هذا النوع من المشاريع بالاضافة الى مختلف المشاريع الضخمة التنموية ذات القيمة المالية الكبيرة في الدولة?
دعم الاقتصاد
بداية قال رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة الاولى للتأمين التكافلي حسين العتال: يعتبر التأمين من ابرز العوامل الدافعة لنمو عجلة الاقتصاد حيث يوفر الحماية للشركات والافراد ويضمن استمرارية الاعمال ويلعب دورا مهماً من خلال ضمان الرفاه والطمأنينة لمكونات الاقتصاد والمجتمع.
واضاف العتال ان من اهم الوسائل لضمان الوصول الى محفظة تأمينية متوازنه توفر الحماية لحملة الوثائق وشركات التأمين في الوقت ذاته هي ممارسة سياسة اكتتابية للمخاطر بصورة فنية سليمة مما يوفر لشركة التأمين ضمان حماية حقوق حملة الوثائق وتقديم خدمة نوعية لهم بالاضافة الى تحقيق هامش ربح مناسب وهذا ما تتبعه الشركة الاولى للتأمين التكافلي من خلال اتفاقيات الاعادة النسبية مع معيدي التأمين المصنفين من هيئات التصنيف العالمية ومن خلال السعة الاكتتابية المناسبة لاتفاقيات الاعادة وبعيدا عن المنافسة السعرية او الاعتماد على شركات اعادة غير مصنفة او غير معروفة.
وتابع اما بالنسبة للمشاريع الكبيرة سواء كانت ذات قيمة مالية كبيرة مثل الابراج الكبيرة او المولات المراكز التجارية او المصانع او المشاريع الانشائية او كانت المخاطر المراد تغطيتها ذات طبيعة خاصة وتحتاج الى غطاء متخصص مثل غطاء البنوك او الشركات المالية او المسؤوليات المهنية او الاخطاء الطبية فان شركات التأمين تلجا الى ترتيب اعادة تأمين مع شركات اعادة تامين متخصصة وفي كلا الحالتين يستلزم الحصول على كل البيانات الخاصة بالخطر وفي هذه الحالة تقل الحدة التنافسية بين الشركات المحلية بالنسبة للسعر والشروط وذلك لكي تتمكن الشركات من اقناع معيدي التأمين بالمشاركة بحصة من الوثيقة (توزيع الخطر) علما بان شركات اعادة التأمين ذات التصنيف العالمي لن توفر او توافق على المشاركة بترتيبات اعادة التأمين مالم تكن شروط التأمين والسعر متوافقة مع المعايير الفنية السليمة الخاصة بالخطر.
وأكد العتال ان الاولى للتأمين التكافلي من خلال علاقاتها بمعيدي التأمين المصنفين والتزامها بالمعايير الفنية سواء من ناحية دراسة الخطر وشروط التأمين او السعر تمكنت من توفير الغطاء المناسب الى الكثير من المشاريع الانشائية و المشاريع الصناعية ذات الاصول الكبيرة وايضا لدينا امكانيات فنية عالية بالنسبة لتوفير التغطيات الخاصة بقطاع البنوك وشركات الصرافة والفنادق والمستشفيات والمراكز التجارية المولات والتي من خلالها توفر الشركة باقة متكاملة من التغطيات التي تلبي طبيعة الاعمال الخاصة بكل منها والمسؤوليات التابعة لاعمالها.
تأمين المشاريع الضخمة
من جانبه قال نائب رئيس شركة الخليجية للتأمين التكافلي ونائب رئيس اتحاد شركات التأمين الكويتية ناصر الدرباس ان تأمين الاخطار الكبرى للمنشآت التنموية مثل الابراج العالية يتطلب من شركات التأمين المحلية الى اعادة التأمين عن طريق اتفاقيات مع شركات التأمين العالمية والتي بدورها تقوم بإعادة جزء من المخاطر الى شركات عالمية آخرى وفي حالة التأمين على أعلى الابراج المنتشرة حاليا على سبيل المثال في دول مجلس التعاون فإن الامر يحتاج الى ان يكون الخطر المراد التأمين عليه له مواصفات عالمية من ناحية جودة وسلامة المبنى ذلك لتفادي خطر الحريق والاخطار الاضافية, بالاضافة الى ان تكون تلك الدول لديها امكانيات حديثة لتفادي الاخطار حال حدوثها في الابراج العالية, وكذلك ضرورة تضافر جهود شركات التأمين للمشاركة في هذه المشروعات الكبرى.
واضاف الدرباس: وكنتيجة للتذبذب المستمر في الاسواق المحلية والعالمية فإن ذلك يؤدى الى عدم تنامي محفظة التأمين في السوق المحلي, ورغم ذلك فإن شركات التأمين تحاول الارتقاء بصناعة التأمين في عالمنا العربي كون صناعة التأمين مترابطة الاطراف وذات صلة بالاقتصاد العالمي.
قوة المنافسة
من جهته قال مدير دائرة التسويق والتطوير في شركة وثاق للتأمين التكافلي ايمن الطحان: لا نعتقد أن شركات التأمين عاجزة عن تأمين كبرى الممتلكات والمنشآت, ولكننا نرى بأن المشكلة الحقيقية الآن تكمن بالمنافسة وانخفاض الأسعار وضعف الوعي, إذ أن توفير التغطيات التأمينية الملائمة لهذه المنشآت يتطلب دقة وحرصا على توفير التأمين المناسب لتغطية كافة الأخطار المحتملة.
واضاف: من الملاحظ أن الاهتمام اليوم يتركز وللأسف في خفض قسط التأمين, بهدف تحقيق السعر المنشود, حيث تلجأ بعض شركات التأمين الى البحث عن شركات إعادة تأمين دون المستوى والتصنيف المطلوبين في أسواق الصين وشرق آسيا وغيرها, الأمر الذي يرفع نسبة المخاطر لدى شركات التأمين ويعرضها الى الاغلاق والافلاس, لافتاً الى ان قيام بعض ملاك هذه المنشآت بعدم دراسة الملاءة المالية لشركة التأمين المختارة أو تصنيفها الحالي, ومدى قدرتها على التغطية التأمينية للمشاريع, وبالتالي تصبح متعثرة في سداد التزامها للعملاء وتأمين احتياجاتهم.
وتابع: اما على المستوى المحلي, ففي ظل كثرة الشركات والمنافسة العشوائية والشرسة وغياب الرقابة والتنظيم, تدخل بعض الشركات في استثمارات وأعمال أكبر من قدرتها على التغطية وبالتالي عند وقوع المخاطر, تقع هذه الشركات في أزمة لعدم قدرتها على السداد.
كما أن غياب سياسة استراتيجية للاستثمار لدى الكثير من الشركات يجعلها عرضة لتكون مكشوفة على المخاطر وتعرضها للأزمات.
وقال الطحان: نرى ان نماذج عمل شركات التأمين في الكويت, والمنطقة بشكل عام, تختلف بصورة كبيرة عن نظيراتها العالمية, لانها تمتاز بوجود كميات كبيرة من الأصول عالية المخاطر في المحافظ الاستثمارية, ويفتقر الى ممارسات ادارة المخاطر السليمة.
وذكر في المقابل, فإن هناك شركات تأمين محلية وإقليمية, لديها القدرة الكاملة على تغطية التعويضات التأمينية مهما بلغ حجمها, نظرا لما تتمتع به من ملاءة جيدة وفائض مالي قادر على تعويض أي مخاطر أو أحداث قد تقع دون الحاجة إلى الاستعانة بشركات عالمية, ودليل ذلك شركات التأمين المحلية والاقليمية بتأمين الكثير من المشاريع التنموية الكبرى, الأمر الذي يؤكد متانة وقوة تلك الشركات.
منتجات تأمينية
من ناحيته قال مساعد مدير إدارة الحريق والحوادث العامة في شركة التكافل الدولية للتأمين التكافلي أيمن عاطف إبراهيم مما لا شك فيه ان التأمين يعتبر داعماً للاقتصاد وان التوسع الاقتصادي الذي يصحبه مشروعات تنمويه ضخمة تحتاج الى سوق تأمين قوي يوفر احتياجات هذه المشروعات من المنتجات التأمينية التي توفر الامان والاستقرار وضمان الاستمرارية لهذه المشروعات.
وبين ان دول مجلس التعاون الخليجي تستمر في لعب دور المحرك الرئيسي للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يمثل هذا التفوق في أداء دول مجلس التعاون الخليجي مقابل بقية دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استمراراً لاتجاه تأسس خلال السنوات الأخيرة. وبينما كان النمو في قطاع النفط والغاز سلبياً في دول مجلس التعاون بسبب بطء التعافي في الطلب العالمي على الطاقة والتوقفات المؤقتة في إنتاج النفط والغاز في الكويت والسعودية بسبب الصيانة, الا ان القطاع غير النفطي واصل توسعه على خلفية الإنفاق الاستثماري الضخم.
واكد انه نتيجة لهذا التفوق في معدلات التنمية فقد تزامن مع ذلك ان كبرى المنشآت التنموية توسعت في عملياتها الاقليمية بشكل كبير وكان ابرزها التنافس في انشاء الابراج الضخمة التي تصادمت مع واقع ان شركات التأمين غير قادرة على تلبية احتياجاتها التأمينية, فعلى سبيل المثال فان تأمين إنشاء (برج خليفة) من قبل شركات التأمين الاماراتية بكلفة 5.5 مليار درهم اي بما يقدر ب¯ 1.5 مليار دولار شكل تجربة فريدة لشركات التأمين العاملة في الإمارات و التي احتفظت فيه شركات التأمين بجزء بسيط من الأقساط, والجزء الاكبر من الاقساط كان من نصيب كبرى شركات التأمين العالمية.
وتابع: أما الاسباب الحقيقية التي تسبب عدم تمكن شركات التأمين من توفير التأمين المطلوب لهذه المنشآت الكبرى فتتلخص فيما يلي اولا: معظم الشركات العاملة في السوق لا تملك الملاءة المالية الكافية لتحمل تلك الأخطار ولتأمين مثل هذه المشروعات التي تقدر بالمليارات . ثانيا: معظم شركات التأمين تعمل على المنتجات التأمينية التقليدية فقط, وقليل من هذه الشركات يعمل على منتجات ال¯ Tailor Made nsuranceالتي تصمم للمشروعات ذات مبالغ التأمين الضخمة, ويرجع السبب في ذلك الى عدم وجود العاملين ذات المهارات الفنية الذين لهم القدرة الفنية للعمل على هذه الوثائق. ثالثا: خوف الشركات من المجازفة في هذه المشروعات لكبر حجم المخاطر المحيطة بمثل هذا المشروعات وتعددها, فعلى الرغم من المعايير العالية التي تم اتخاذها في هذه المشروعات, وإجراءات السلامة المتوافرة, فإنه لا يمكن الحد من المخاطر, فعلى سبيل المثال في برج خليفة فانه عبارة عن هيكل معماري ضخم يقطنه آلاف السكان, ولن تنسى ذاكرة شركات التأمين ما حدث في ابراج 11 سبتمبر والتعويضات الضخمة التي نتجت عن هذا الحادث.
وافاد: من ابرز التحديات التي تقف امام شركات التأمين عدم مواكبتها للتغيرات في طبيعة الخطر وحاجات العملاء والتي سينتج عنها عدم ملائمة منتجات شركات التأمين المحلية الى للاحتياجات العملاء وبالتالى سوف تجعل العملاء يتجهون بشكل مباشر للاسواق العالمية تاركين السوق المحلي.
واضاف: ولكي نكون امناء مع انفسنا فان معظم شركات التأمين في الوقت الحالي لا تملك المؤهلات و لا الامكانيات للتعامل مع هذه المشروعات التنموية الكبرى, ولكي تستطيع ذلك يجب ان تتضافر جهود شركات التأمين المحلية بالعمل المشترك فيما بينها حيث ان التنسيق المشترك سوف يزيد من ملاءتها المالية وتبادل الخبرات والكفاءات عن طريق عمل لجان مشتركة بين هذه الشركات للتعامل مع هذه المشروعات الكبرى, بالاضافة الى استقدام الخبرات من الخارج للمساعدة في العمل على مثل هذه المشروعات.