10-10-2012 — بانوراما لتأمين
استطاعت شركة »الهلال الأخضر« للتأمين من خلال إعادة هيكلة عملها، تحويل نتائجها من الخسارة إلى الربح خلال ثلاثة أشهر، وبرأي د . حازم الماضي رئيسها التنفيذي فإن الأزمة حولت وثيقة التأمين الصحي من قيمة مضافة تجتذب بها الشركات الموظفين إلى عبء إلزامي يثقل كاهلها، لافتاً في حوار مع »الخليج« إلى أن المنافسة السعرية الشديدة وصلت بالأسعار إلى القاع وباتت تسبب الخسارة للشركات، شركة »الهلال الأخضر« اتبعت نظاماً جديداً في إدارة وثائقها ومطالباتها وتكاليفها وتسويقها، فتنازلت عن أقساطها المسمومة التي تعادل نصف حصتها السوقية، وقلصت من مخاطرها بنسبة 75%، فنمت نتائجها الفنية 65% حتى نهاية النصف الثاني، وتحولت إلى الربحية بعد خسارة استمرت 3 سنوات متواصلة .
وفي ما يأتي نص الحوار:
دعنا نبدأ من النقلة النوعية التي شهدتها الشركة منذ مطلع العام الجاري، وتحولها إلى الربحية مع نتائج الربعين الأول والثاني؟
– خلال السنوات الثلاث الماضية كانت سياسة الشركة تهدف إلى الاستحواذ على حصة من السوق، وقد حققت الشركة في هذه السياسة نتيجة مميزة ووصلت حصتها من سوق التأمين الصحي في الدولة إلى 25%، ولكن ذلك كان على حساب النتائج الفنية وأدى إلى خسارات متراكمة أثرت في النهاية في رأس المال .
هذه النتائج أو الخسارة، أعطت إشارة إلى مجلس إدارة الشركة بضرورة تغيير استراتيجية العمل والتحول من السعي وراء الحصة السوقية، إلى تحقيق الأرباح والمنفعة للمساهمين وحملة الوثائق، وهنا لابد من الإشارة إلى أن شركة »الهلال الأخضر« كانت من أوائل شركات القطاع الخاص بالمنطقة التي تخصصت في أعمال التأمين الصحي والحياة فقط، وهو ما يجعلها ملزمة بتقديم خدمات ومنتجات مميزة تحقق لها الربح من هذه المحافظ فقط، حيث لا يمكنها تعويض خسارتها من محافظ تأمين أخرى .
وقرر مجلس الإدارة تغيير استراتيجيته في الربع الثالث من العام الماضي ووضعها في حيز التنفيذ في الربع الرابع، حيث تم تعيني رئيساً تنفيذياً للشركة، وبدأنا العمل على دراسة تشخيصية لواقع الحال، توصلنا من خلالها إلى إعداد برنامج شامل لإعادة هيكلة فنيات ونشاط الشركة، أطلقنا عليه اسم »شاهين«، تيمناً بطائر الشاهين الذي يمتاز بقدرة كبيرة على رصد وتحقيق أهدافه، وبفضل هذا البرنامج حققنا هذه النقلة النوعية واستطعنا التحول إلى الربحية في الربع الأول ثم الربع الثاني .
يبدو البرنامج مغرياً للتعرف إلى تفاصيله، في ظل قدرته على تحويل الشركة من الربح إلى الخسارة خلال 3 أشهر؟
– يتضمن »شاهين« ورش عمل أو برامج فرعية، تغطي دائرة الاكتتاب واستراتيجية البيع وإدارة المطالبات وغيرها من عمليات الشركة، وينطوي على تغيير كافة آليات العمل وتطوير إدارة برامج التأمين داخل الشركة، كذلك ترافق »شاهين« مع تطوير البنية التحتية الإلكترونية والمعلوماتية للشركة، الأمر الذي ساعدنا على خفض الكلفة التشغيلية وجعلها واضحة وتحت السيطرة .
وقد ظهرت ثمار »شاهين« في نتائج الربع الأول وتحسنت النتائج الفنية للشركة بنسبة 30 – 35%، وهو ما اعتبره البعض مصادفة، إلى أن جاءت نتائج الربع الثاني لتؤكد نجاح برنامجنا وسعينا بالاتجاه الصحيح، حيث نمت النتائج الفنية للشركة هذه المرة بنسبة 56%، وحققت الشركة أرباحاً بقيمة 8 .2 مليون درهم مقارنة بخسائر فنية بلغت 7،7 مليون درهم للفترة نفسها من العام الماضي .
»شاهين« هو الاستراتيجية التي تبنتها شركة »الهلال الأخضر«، وظهرت جدواها في نتائج الربعين الأول والثاني من العام الجاري، ولكن ذلك لا ينفي أننا لا نزال نتحمل وندفع أعباء الأقساط المكتتبة بأقل من قيمتها الفنية العام الماضي، لذا يمكننا القول إننا بفضل »شاهين« أوقفنا نزيف الشركة وننتظر حتى يختم الجرح تماماً وترتد في مسارها صعوداً وإيجاباً نهاية العام الجاري بإذن الله تعالى .
في مقابل النجاح الذي حققه »شاهين« للشركة على مستوى الأداء الفني والأرباح، ألن تضطروا للتنازل عن جزء من حصتكم في سوق التأمين الصحي المحلية؟
– طبعاً تقلصت حصتنا من السوق، لأن برنامج »شاهين« ينطوي في أحد أهم بنوده، بتعبير مجاز، على تنظيف المحفظة التأمينية من كافة الوثائق المكتبية دون السعر الفني الحقيقي لها، التي تسمى في عالم التأمين بالأقساط المسمومة، ويمكن القول إن البرنامج قلص حصتنا السوقية بنسبة 50%، وهو ما اعتبره جرأة كبيرة لا يقوى عليها الكثير من الشركات العاملة في السوق، ولكن لابد من التنويه إلى أن الشركة في مقابل خسارتها هذه، استطاعت أن تخفض من أخطار اكتتاباتها وأقساطها بنسبة 75% وضمنت بفضل »شاهين« ربحية متزايدة ونجاحاً مستمراً، سيعوض لها الحصة التي تنازلت عنها ويستبدلها بأخرى صحيحة وسليمة ومربحة في وقت قريب .
ألا تعتبر التنازل عن نصف الحصة السوقية وسط هذا التنافس السعري المحموم بين الشركات حالياً، مغامرة أو خطوة متسرعة؟
– في السوق شركات كثيرة تبحث عن الخدمة المميزة، وقطاع التأمين كغيره من القطاعات يختلف فيه سلوك المستهلك بين الشرائح، فهناك مستهلكون يبحثون عن الجودة بغض النظر عن السعر، وهناك آخرون ينظرون إلى السعر قبل الجودة، وبالنسبة لنا فنحن مع »شاهين« نستهدف الشريحة الأولى، مع الأخذ في الاعتبار أنه حتى شركات التأمين التي كانت تنافس على السعر فقط، توقفت لأن الأسعار وصلت إلى القاع وبدأت الشركات تخسر في هذه المنافسة .
وهنا أود أن أوضح شيئاً، أن الأزمة العالمية قلصت السيولة المتوافرة في الأسواق، وحولت وثيقة التأمين الصحي من قيمة مضافة تستخدم كعنصر لجذب الموظفين، إلى التزام قانوني إجباري يشكل عبئاً على الشركات، مما جعلنا اليوم نتفاوض حول وثيقة التأمين مع المدير المالي بدلاً من مدير شؤون الموظفين، والسؤال الأساسي في التفاوض ليس ماذا تتضمن الوثيقة ولكن كم سعرها وكيف يمكن تقسيطها .
وبالرغم من ذلك، فإن الحديث عن الأسعار في التأمين الصحي لا يستقيم إلا إذا طال إدارة المطالبات، التي تعتبر العامل الحاسم في تحديد السعر، حيث يمكن للشركات من خلال الضبط الصحيح للمطالبات تخفيض أسعارها، إلى أقل من الأسعار الفنية أو الحقيقية أحياناً دون أن تخسر الشركة .
إذاً يمكننا القول إنكم عبر »شاهين« أصبحتم تستهدفون أصحاب الدخل المرتفع من الشركات والأفراد؟
– لا أبداً هذا غير صحيح، فبرنامج »شاهين« يتضمن أكثر من 130 منتجاً تتناسب مع كافة الشرائح في المجتمع والشركات، ولكن يمكن القول إن جميع برامج الشركة، حتى الموجهة منها لمحدودي الدخل أو العمالة منخفضة الأجر، مدعمة بإدارة جيدة للمخاطر والكلفة والخدمة، وهذه الإدارة محمولة بكافة تفاصيلها على دراسات فعلية للأمراض المحتملة والمنتشرة لكل شريحة وفئة عمرية .
هل يضمن برنامج »شاهين« آليه لتسويق منتجاتكم في ظل المنافسة السعرية الشديدة بين شركات التأمين الصحي في السوق؟
– نعم هناك استراتيجية واضحة ينفذها مندوبون متخصصون في مجال التأمين الصحي والتأمين على الحياة، ويدعم هذه الآلية إدارة مطالبات واضحة بحيث تبقى الشركة خارج إطار المنافسات السعرية غير الصحيحة التي تغلب على سوق التأمين اليوم، وفي هذا الإطار أود التأكيد على ضرورة توافر الضوابط القانونية الكافية لعمليات التسويق والعمليات الفنية في شركات التأمين، بحيث يكون هناك شروط واضحة لعمل المندوبين والفنيين والمديرين في شركات التأمين .
هل يمكن أن نعتبر أن عام 2012 قد شهد تحسناً نسبياً في السوق المحلية، ساعدكم على تنفيذ خطة أو إنجاح برنامج »شاهين«؟
– لو كان ذلك صحيحاً، لكان ذلك التحسن في قطاع التأمين قد طال بقية الشركات العاملة في القطاع، ولكن إذا نظرت إلى النتائج النصفية لشركات التأمين في الدولة، لوجدنا أنها متدهورة أو سيئة عموماً، لذا يمكنني القول إن نجاح برنامج »شاهين« هو حسن إدارة وتخطيط وتصميم وتنفيذ في ظل تحديات وصعوبات اقتصادية جمة لا تزال تواجه قطاع التأمين وغيره، في الوقت الراهن خطة »شاهين« في شركة الهلال الأخضر، خفضت من كلفة وثيقة التأمين وكلفة إدارة وثيقة التأمين، وحسنت من نظم اكتتاب وثيقة التأمين وارتقت بإعادة التأمين في الشركة .
هل أثرت خطة »شاهين« في التوسع الجغرافي أو الانتشار الكبير لخدمات الشركة، والذي عرفت عنكم خلال السنوات الثلاث الماضية؟
– على العكس تماماً، فبرنامج »شاهين« اضطرنا أو دفعنا بتعبير أدق، إلى توسيع شبكة خدماتنا جغرافياً، وبات لدينا اليوم برامج تأمين دولية تنافس أكبر الشركات العالمية في هذا المجال، حتى أن هناك دولاً خليجية جاءت لتشتري برامجنا هذه، لكننا لم نستطع بيعها لأنها تقع خارج حدود خطتنا الاستراتيجية .
ماذا عن خطط لنوافذ تأمين تكافلي، تسعون من خلالها إلى شريحة جمهوركم المستهدف في برامج »شاهين«؟
– حالياً نحن نعمل على برنامج استثماري جديد للحياة، بالتعاون مع أكبر الشركات العالمية المتخصصة، وقد وقعنا معها عقد شراكة حصرياً في المنطقة، وهو منتج جديد حاصل على موافقة هيئة الشريعة، سوف نطرحه نهاية هذا العام أو مطلع العام المقبل، ليكون بوابتنا للتوسع خارج حدود الدولة، كما يمكن للعملاء الراغبين بالمنتجات الإسلامية الحصول عليه والاستثمار فيه، مع ضرورة التنويه إلى أن توسعنا الخارجي لن يبدأ هذا العام أو العام المقبل بحسب تقديراتنا أو خططنا
هل لنا أن نتعرف إلى موقع التخصص الثاني للشركة، وهو التأمين على الحياة، في برنامج »شاهين«؟
– وضع برنامج »شاهين« التأمين على الحياة في صدارة أولويات الشركة في التسويق والإنتاج، وفي هذا السياق عقدت الشركة اتفاقية إعادة تأمين مميزة جداً، وبدأنا طرح منتجات جديدة للشركات، وخلال العام المقبل سنبدأ برامجنا للأفراد إن شاء الله . ولكنني استطيع القول إنه بفضل »شاهين« تضاعفت أقساط التأمين على الحياة لدى الشركة هذا العام مقارنة بالعام الماضي .
في هذا السياق ما سبب تراجع حصة الشركات الوطنية في سوق التأمين على الحياة لمصلحة الشركات الأجنبية برأيكم؟
– أولاً لا بد من التنويه إلى أن حصة الشركات الوطنية في التأمين على الحياة عن طريق الشركات هي أكبر بكثير من الشركات الأجنبية، ولكن التأمين الفردي على الحياة هو ما تتراجع حصتها فيه لسبب فني بحت، يتعلق بالطبيعة أو التركيبة الديمغرافية للدولة، حيث تتجاوز نسبة الوافدين 87% من إجمالي السكان، وعلى اعتبار أن التأمين على الحياة طويل الأجل، فالمقدمون عليه إما أنهم بدأوا به قبل مجيئهم للعمل في الإمارات، أو أنهم سيختارون الشركات التي تتيح لهم الاستفادة منه أينما تحركوا أو إذا أرادوا العودة إلى بلادهم، وهو ما توفره لهم الشركات الأجنبية . وفي سياق الحديث عن التأمين على الحياة، أود أن أوضح أن الشركات الوطنية لم تستثمر جدياً في هذا المجال، لأن سوقه صغيرة جداً ومعظم الوافدين الذين يحملون ثقافة التأمين على الحياة يدخلون البلاد ووثائقهم معهم، أما الأشخاص الذين يفتقرون إلى هذه الثقافة فهم لا يشكلون عملاء جيدين أو شريحة جذابة للشركات الوطنية كي تتكلف على إنتاج برامج تأمين على الحياة تسوقها لهم .
دعنا نعد للشركة، ونسأل عن واقع ومستقبل استثماراكم خارج نشاط أو حدود مجال التأمين، وفقاً لبرنامج »شاهين«؟
– بلغ حجم استثمارات الشركة نهاية النصف الأول نحو 8 .115 مليون درهم، ما يزيد على 80% منها في الودائع البنكية والسندات والصكوك الصادرة عن شركات حكومية وشبه حكومية، والبقية في العقار والأسهم، مع ضرورة التنويه إلى أن جميع استثمارات الشركة داخل الدولة . وبشكل عام، تمتلك شركة الهلال الأخضر سيولة تفوق ال100 مليون درهم، ويبلغ رأس مالها نحو 250 مليون درهم، وهو ما يزيد على متطلبات هيئة التأمين التي تشترط 100 مليون درهم لرأس المال، لذلك تمتلك الشركة قدرة ومرونة كبيرتين في تنفيذ خططها وتوسعة نشاطها والاستثمار في الفرص المناسبة، إذا ما أتيحت وثبتت جدواها الاقتصادية وتناسبت مع سياستها .