شدد خبراء على أهمية تكوين هيئة رقابة شرعية موحدة لجميع شركات التأمين التكافلية في الدولة من أجل الوصول إلى هدف الشفافية في تطبيق مفهوم التأمين الإسلامي التكافلي، بالإضافة إلى إثبات الفروقات الجديدة بينه وبين غيره من التطبيقات التجارية ودعم قطاع إعادة التكافل الإسلامي.

واقترح هؤلاء، في حديثهم مع «العرب»، أن تتكون هيئة من رئيس وثلاثة أعضاء من علماء ومراجع الفقه الإسلامي والمتبحرين في عالم الاقتصاد الإسلامي، ينضم إليها ممثلون عن العاملين في مجال التأمين التكافلي الذين يعاصرون التطبيق الفعلي في قضاياه ومشاكله الفنية، منوهين بضرورة أن يكون للهيئة مقراً ثابتاً لاجتماعاتها، بالإضافة إلى إعداد مرجع شرعي وفني عن القضايا التي عرضت على الهيئات الشرعية المختلفة واتخذت فيها أحكاماً على مر الثلاثة عقود في عالم التأمين الإسلامي لتكون نبراساً ومرجعاً لكل العاملين في ذلك الحقل.

وحول نمو قطاع التأمين الإسلامي في قطر والمنطقة، أكد الخبراء أن معدلات النمو في تزايد مقارنة مع التأمين التقليدي وتاريخه، لافتين إلى أن غالبية النتائج الفنية -وليست فقط الاستثمارية- تصب في الجانب الربحي وتعود بالفائدة، سواء على حملة الوثائق أو حملة الأسهم ومعدلات توزيع الفائض التأميني، الذي تقوم شركات التأمين التكافلي الإسلامية بتوزيعه سنوياً على حملة الوثائق، والذي وصل مع بعض الشركات إلى %20 من مجمل الاشتراكات السنوية.

ويقول خبير التأمين وإعادة التأمين محمد الريس المستشار الفني بشركة «التكافل الدولية» إن لكل شركة هيئة رقابة شرعية منفصلة والهيئة تعين مندوبا للرقابة في كل شركة، مشيراً إلى أنه عند النظر لكل سوق على حدة، نجد أن غالبية -إن لم يكن كل شركات التأمين التكافلية- تتوحد في كون رئيس واحد أو كل أعضاء هيئة الرقابة الشرعية هم أنفسهم في جميع تلك الشركات.

ويضيف الريس: «ومن ثم نشأ التساؤل عن أهمية تكوين هيئة رقابة شرعية موحدة من رئيس وثلاثة أعضاء من علماء ومراجع الفقه الإسلامي والمتبحرين في عالم الاقتصاد الإسلامي، وهم كثر ومشهود لهم في هذا المجال. وتكون هي الهيئة الشرعية التي تتولى مسؤولية الرقابة الشرعية الموحدة لجميع شركات التأمين التكافلي العاملة في السوق لتصل إلى شفافية التطبيق لمفهوم التأمين الإسلامي التكافلي ولإثبات جديد الفروقات بينه وبين غيره من التطبيقات التجارية».

ويقترح أن ينضم لتلك الهيئة ممثلون عن العاملين في مجال التأمين التكافلي الذين يعاصرون التطبيق الفعلي في قضاياه ومشاكله الفنية وتكون الهيئة الموحدة مقراً ثابتاً لاجتماعاته ومراجعة وإعداد مرجع شرعي وفني عن القضايا التي عرضت على الهيئات الشرعية المختلفة واتخذت فيها أحكاماً على مر الثلاثة عقود في عالم التأمين الإسلامي لتكون نبراساً ومرجعاً لكل العاملين في ذلك الحقل.

وحول آلية عمل هذه الهيئة، يؤكد الريس أن لكل سوق علماءها ومرجعيتها الشرعية في هذا المجال، فمثلاً في السوق القطرية نجد أن كل شركات التأمين التكافلية الإسلامية والفروع الإسلامية لبعض الشركات التقليدية تتوحد في كون رئاسة هيئاتها الرقابية الشرعية يتقلدها العلامة والفقيه الأستاذ الدكتور علي القرة داغي، ومن ثم من السهولة أن تتكون هيئة رقابة شرعية موحدة برئاسة فضيلته وعضوية اثنين أو ثلاثة يختارهم فضيلته ويعاونهم في عملهم فريق عمل فني له سابق الخبرة في هذا المجال ويتم تفريغهم لتجديد القضايا الفنية التي يتم رفعها للهيئة للفصل فيها ويقومون نيابة عن الهيئة بمتابعة الممثلين الذين يتم تعيينهم في تلك الشركات كعضو رقابة شرعية داخلية ويكونون مرجعية فنية لهم لكون أكثرهم ليس له خلفية تأمينية.

ويؤكد المستشار الفني بشركة «التكافل الدولية» على أن العبء يكون أكبر على العلماء الأجلاء في فحص ودراسة كل قضية على حدة، بوجود ذلك الظهير الفني لدراسة كل ما يتم رفعه من المندوبين كنتيجة للرقابة الداخلية وإعداد الرأي الفني ومن ثم رفعه للهيئة الشرعية للقرار لخلق آلية شرعية وفنية موحدة للتطبيق الإسلامي ذي الشفافية لجميع عمليات شركات التأمين التكافلية.

القاعدة المالية للهيئة
وحول التمويل اللازم لتلك الهيئة، يشير الريس إلى أنه سيأتي من نسبة محددة يتفق عليها بين الهيئة ومجال إدارة تلك الشركات، كما هو متبع حالياً في كل شركة ولكن الفارق أنها ستكون نسبة ثابتة توفر للهيئة القاعدة المالية التي تساعدها على أداء أعمالها وتكليف أي من تراه من الخبراء لمساعدتها في تنظيم الجوانب الفنية لأي قضايا مستقبلية تظهر من التطبيق العملي للتأمين التكافلي، إضافة إلى ما سبق من خبرات متراكمة عبر الثلاثة عقود الماضية من التطبيق.

وعما إذا كان سيكون لتلك الهيئة دور في دعم شركات إعادة التكافل الإسلامية في ضوء ضرورة التعامل من خلال شركات إعادة التكافل الإسلامي وليس التقليدي كالمتبع حالياً، يؤكد الريس أنه مع وجود شركات الإعادة التكافلية أصبح لا وجود لمبدأ الضرورات تبيح المحظورات، والذي على أساسه تم إباحة التعامل مع شركات الإعادة التقليدية في بداية نشأة التأمين الإسلامي التكافلي في عام 1979 وما بعده في المنطقة العربية والإسلامية وهيئات الرقابة الشرعية.

ويقول: «في الحقيقة دائماً ما نشدد على ضرورة التعامل مع شركات الإعادة التكافلية الإسلامية وأن يكون التعامل مع سوق الإعادة التقليدية في أضيق نطاق وفي الحالات التي لا تستطيع شركات الإعادة التكافلية -لحداثة عهدها وضعف طاقاتها الاستيعابية واحتياطاتها- أن تغطيها، وأن يكون ذلك وفقاً لمجموعة من المحاذير والتعليمات لتكون هناك شفافية في التعامل بعيداً عن أي شوائب في التطبيق، ولذلك ومع وجود الأطقم الفنية الداعمة لعمل الهيئة سيكون من السهل على الهيئة التحكم في طبيعة عمليات الإعادة وقصرها -في أغلب الأحوال- على شركات الإعادة التكافلية الإسلامية».

من جانبه، يؤكد خبير التأمين محمد مهران أن بعض الانتقادات التي وجهت إلى قطاع التكافل من ناحية المنتجات وطرق التسويق كانت صحيحة، وبالتالي فلا بد من العمل على تفادي هذه المسائل عن طريق التشريعات وتوحيدها، داعياً إلى تأسيس هيئة تشريعية للقطاع ككل من أجل إنشاء قانون تكافلي في صميم الشريعة يدعم قطاع التأمين التكافلي.

ويقول مهران إن شركات التأمين عليها العودة إلى أسس العملية التأمينية من الناحية الفنية، وأسس إدارة الموارد البشرية ونظم الحوكمة، لتحصين نفسها داخلياً، مشيراً إلى أن تحصين كل شركة على حدة من شأنه أن يعزز دور وقوة القطاع ككل.

وعن خسائر معظم الشركات التكافلية خلال العام المنصرم، يقول مهران: «إنه ليس علينا التقليل من آثار الأزمة المالية العالمية على قطاع التأمين بشقيه التكافلي والتقليدي»، لافتاً إلى أن التأثير يكون أكبر على الشركات حديثة العهد، إذ إن معظم الشركات التكافلية حديثة العهد، إن لم تكن كلها.

ويشير إلى أن الشركات استطاعت أن تحول خسائر الاستثمار خلال فترة وجيزة إلى ارتفاعات في الأرباح الفنية وتعديل الوضع نوعاً ما، مضيفاً أن الكثير من الخسائر الموجودة حالياً هي نتيجة استمرار تأثيرات الأزمة.

بيد أنه يؤكد أن حداثة عهد الشركات التكافلية أجبرها على العمل على زيادة أقساطها لتغطي عجز الاستثمار، مضيفاً: «وبالتالي فالوضع الذي نحن فيه من منافسة شرسة كان وراء النتائج غير الإيجابية، ولم يكن هناك فرق بين الشركات التكافلية والتقليدية إلا من ناحية الحداثة».