19-04-2012
التأمين الطبي أصبح حلما يتمنى الجميع بلا استثناء تحقيقه، ولا يوجد مواطن إلا والتأمين الطبي على رأس طلباته وأمنياته ومهما قلنا أو عدنا أو تعذرنا أو تفننا في الطروحات بأن التأمين ليس هو الحل فلن نقنع إلا أنفسنا.
كانت الإدارات السابقة لوزارة الصحة ليس أمامها حيال هذا الملف إلا الوعود وإعطاء الأمل المفقود الذي كشفته الأيام وكشفت أنه كان مجرد وعد ليس إلا، إلا أننا اليوم أمام ممانعة شرسة وقوية لتغيير منطق الناس ومفاهيمهم بأن التأمين الطبي ليس الحل لتجويد وتطوير الخدمات الصحية وبأن نظام التأمين الطبي في أمريكا تسبب في ارتفاع قيمة الخدمات الصحية وبالتالي هو تأمين تجاري بسببه اضطرت أمريكا إلى إنفاق 19% من دخلها القومي على صحة الناس ولذلك تراجعت دول كثيرة عن هذه النوعية من السياسات الصحية الفاشلة اقتصاديا التي استخدمتها أمريكا وتسببت في عدم رضا 40% من مواطنيها، بل إن أسياد الهجمة الشرسة ضد التأمين تمادوا في استعراض التجارب ولكن وفق رؤيتهم ومفهومهم وما يريدون أن يثبتوا فذكروا وسوقوا ما سموه بالتأمين التعاوني ومن أنه عبارة عن صندوق تمويل تدعمه الدولة والمواطن وأنه أقرب ما يكون إلى النظام الكندي فهو شبه حكومي ففي كندا لا يوجد مستشفيات خاصة وجميع مستشفياتها حكومية وتمول من الصناديق، وتستمر طروحات أسياد المانعة ضد التأمين من أن التأمين سترتفع تكلفته للفرد إلى (4000 أو 5000 أو 6000) ريال ، وهذا يعني أن تكلفة التأمين ستصل إلى 100 مليار سنويا لذلك من الأفضل في نظرهم صرف هذا المبلغ الضخم على الصحة لأن الحكومة لا يمكن أن تدفع الفاتورة مرتين وأن التأمين مجرد تمويل خدمة وليس تقديم أو تطوير خدمة..
وأذكر هنا أنني كتبت مقالا تحت زاويتي هذه عن التأمين وذكرت فيه أن الإدارة التي يقر وينفذ في عهدها التأمين الطبي سوف تدخل التاريخ من أوسع أبوابه ولأن الوقت يسبق الجميع ونحن لازلنا تحت وطأة التنظير والتمادي في اختلاق العبارات والمسميات واستعراض التجارب واختلاق الأعذار التي أوصلتنا إلى جرأة القول بأن التأمين الطبي في أمريكا قد فشل في الوقت الذي لا يجد ربع الناس لدينا التغطية الطبية الصحيحة فلن ينسى الناس والتاريخ أبدا أعداء التأمين الطبي الذين أصبح همهم وشغلهم الشاغل تفتيت هذا الملف دون أن يوجدوا البديل للمواطن وكان الأنفع لهم السكوت فهو فعلا هنا من ذهب.