09-10-2013 – بانوراما التامين
تقدم شركات التأمين خدمات جليلة للمجتمع، كما أنها تشكل أحد أعمدة الاقتصاد العماني من خلال توفير الضمان المادي للمواطن وللمقيم في احتمالية تعرض المركبات للحوادث، وبقدر ما تعمل إداراتها بنزاهة للالتزام بأحكام القانون، إلاّ أن هناك ملاحظات على حالات تحتاج إلى إعادة النظر في تعويض المتضررين من الحوادث.
أحاط (قانون تأمين المركبات العماني رقم 34 لسنة 1994)، المعمول بأحكامه الملزمة لشركات التأمين وللمواطنين والمقيمين، بأدق تفاصيل حوادث المركبات وما قد يترتب عليها من حقوق للمتضررين أو النزاعات التي تنشأ عنها، والتي على أساسه صدرت (وثيقة التأمين على المركبات الموحدة) بموجب قرار الهيئة العامة لسوق رأس المال رقم (خ/8/2008). ومع ذلك فإن شركات التأمين، كأي مشروع استثماري يسعى لتحقيق الربح مقابل الخدمة، تعمل بالقدر الممكن الذي يقلل من التكاليف المالية ومصروفاتها على حوادث المركبات في إطار القانون.
أكد تقرير لشرطة عمان السلطانية أن عدد الحوادث المسجلة بلغ 8209 حوادث في مختلف محافظات السلطنة خلال عام 2013م. وبقدر ما نتألم ونتضرع إلى الله عز وجل أن يجنّب الناس الضرر من حوادث المركبات، فإن وجود ما لا يقل عن مائة ألف مركبة، وبمختلف أنواعها وأحجامها وصلاحية سيرها، تستخدم طرق السلطنة يوميا فالحوادث متوقعة، متناسين مدى كفاءة وخبرة من يقود المركبة، وإذن فالحوادث متوقعة، وهناك متضررون، ليتم تطبيق أحكام القانون ليأخذ كل ذي حق حقه.
وهناك تبعات على وقوع حوداث المركبات وتغفلها شركات التأمين بالرغم ما تترتب على مالك المركبة المتضرر من أي حادث مروري. فعند وقوع الحادث لا بد أن يكون هناك طرف متسبب بوقوعه. وهنا ليس المقصود بالحوادث المفجعة التي تتسبب بوفاة أو إعاقة الأشخاص، فالقانون عالجها بإنصاف إنْ التزمت بأحكامه الشركات. وما دون ذلك من الحوادث التي تتسبب بالأضرار للمركبات التي تقع على مالك المركبة غير المتسبب بالحادث والمتضرر دون أن تنصفه الشركات. فقد تعارف أن يدفع المتسبب بوقوع الحادث (50 ريالاً عمانيا) لشركة التأمين لتتولى تصليح المركبة المتضررة ومركبته في حال “التأمين الشامل” أو تصليح مركبة المتضرر فقط في حال “التأمين كطرف ثالث” وفي كلا الحالتين لا يعوّض المتضرر تعويضا منصفا، إذ إن تصليح مركبة المتضرر غير المتسبب بالحادث يعتبر جزءا من تعويضه دون أن يعوّض عن كامل الأضرار التي تعرض لها بسبب الحادث الذي تسبب به الغير. والمقصود هنا ليست الحوادث المفتعلة أو تلك التي لم يبلغ عنها والتي يتفق مع من تعرضون للحوادث لعدم الإبلاغ عنها، وإنما تلك التي تُبَلّغُ بها شرطة عمان السلطانية وتكون مشفوعة بتقرير لتقدير الأضرار لتحديد المتسبب والأضرار، كيف؟:
ــ إن إحالة المركبة المتضررة إلى جهة التصليح قد يأخذ أياما أو أسابيع، فإن شركة التأمين لا توفر لمالك المركبة المتضررة مركبة نقل بديلة يستخدمها في الزمن الذي تستغرقه عملية التصليح، إلا إذا كان زمن التصليح أكثر من شهر، وفي الغالب لا يعوض المتضرر بمركبة بديلة.
ـــ لا يعوض المتضرر تعويضا ماديا منصفا حتى وإن تم تصليح مركبته تصليحا كاملا، إذ إن المركبة التي تتعرض لأي حادث ويتم تصليحها سوف تخسر ثلث سعرها أو أكثر عند بيعها بعد تصليحها. مثال: تعرضت مركبة جديدة لحادث لم يكن مالكها المتسبب به، وكان قد اشتراها نقدا (بعشرة آلاف ريال عماني) وتم تصليحها بالكامل بعد الحادث، فإن سعرها سينقص حسب جسامة الحادث وما تسببه من تلف لأجزائها وقد نقص سعرها إلى النصف (خمسة آلاف ريال عماني) حتى وإن كانت المركبة قد أعيد تصليحها بالكامل. فلا يعوض المتضرر بأي مبلغ عما فقدته المركبة من سعرها بسبب الحادث وعليه أن يقبل بحالتها مصلحة فقط.
ـــ لا يعوض المتضرر عن معاناته منذ وقوع الحادث إلى الوقت الذي يتم فيه تسليم مركبته مصلحة، الذي يكون قد عطله عن عمله، وأخل في التزاماته إنْ كان معيلا، ذلك فضلا عن الحالة النفسية. أما إذا كان المتضرر من حادث لم يتسبب فيه مالكو سيارات الأجرة وإن رزقه وعائلته من عمله اليومي، فلا يعوض عن فقدانه دخله خلال زمن بقاء مركبته في التصليح.
ــ كما أن المركبات المتضررة من الحوادث لا يتم تصليحها في ورش الشركة الوكيلة التي باعت المركبة إلا إذا تعرضت المركبة للحادث خلال السنة الأولى من زمن شرائها، وما غير ذلك فإن شركات التأمين تحيلها إلى ورش خاصة توخيا لتقليل كلفة التصليح ولا يعرف إن كانت تلك الورش تتعامل بقطع غيار أصلية للمركبة المتضررة. وليس هناك تقييم لجودة التصليح.
في الحالات المماثلة من حوادث المركبات في عدد من دول العالم، فإن شركات التأمين ملزمة بتقديم التعويضات كاملة للمتضررين من الحوادث بعد تسلم ممثليها التقرير الذي تعده أجهزة متخصصة في شرطة المرور. كما أن لشركات التأمين طواقم وآليات ومركبات تعمل على مدار الساعة بالتعاون مع الشرطة عند تقييم الأضرار التي يتعرض لها الأشخاص أو المركبات أو الأملاك العامة والخاصة جرّاء الحوادث. وكما يلي:
ــ تُقَيّم شركة التأمين أضرار المركبة أو المركبات وتقرر ما إذا كانت ستصلح المركبة أم تشطب ويعوض مالكها غير المتسبب بالحادث بمركبة أخرى تماثل مركبته المتضررة بالسعر. إذ إن تكاليف التصليح قد تتجاوز ثمن المركبة المتضررة. وإن تم تصليحها فإن مالكها يُعَوَّض نقدا بما تسبب الحادث من نقص في قيمة مركبته قبل الحادث.
ــ لشركات التأمين اتفاقيات مع شركات تأجير المركبات إذ يعطى المتضرر مركبة يستخدمها طوال المدة التي تبقى مركبته في ورشة التصليح، ويحق له تقييم جودة التصليح وحالة مركبته وصلاحيتها للاستعمال في ورش تقييم معتمدة خاصة.
ـــ يُعالج المتضرر المصاب جرّاء الحادث على نفقة شركة التأمين ويعوض ماديا إن تسبب الحادث بتعطله عن عمله وعما تسبب له الحادث من المعاناة النفسية.
هذه المقارنة لم تتطرق للحوادث الجسيمة التي تتسبب بالإصابات الخطرة المعوقة أو الوفاة، إذ إن (قانون تأمين المركبات العماني رقم 34 لسنة 1994) و(وثيقة التأمين على المركبات الموحد) بموجب قرار الهيئة العامة لسوق رأس المال رقم (خ/8/2008) أنصفا المتضررين من الحوادث الخطرة، وتم تناول حالات الضرر التي تسببها حوادث الطرق كافة وبما يماثل ما هو معمول به في الدول المتقدمة في التعويضات، إلاّ أن التباين في التعامل مع القوانين والالتزام بأحكامها من مسؤولية شركات التأمين التي رُخص لها للعمل في إطار القانون.
نعم إن من حق شركات التأمين أن تربح كأي نشاط استثماري يقدم الخدمات للمجتمع، ومن حقها أن لا تُسْتَغْفَل ممن يتعمد افتعال حوادث المركبات والتحايل، غير أن لشركات التأمين الخبرة الكافية للتفريق بين الحوادث المفتعلة وغيرها من الحوادث. فكثيرا ما ينظر بالشك للحوادث وللمتسببين بها دون قصد على إنها حوادث مفتعلة.
إن العلاقة التعاقدية بين المؤمن على مركبته وبين شركة التأمين نظمها (قانون تأمين المركبات العماني رقم 34 لسنة 1994) وبالعدل وإن على طرفي العقد الالتزام بأحكامه، وعند وقوع الحوادث فإن الطرف الأضعف في المطالبة بالحقوق هو مالك المركبة المؤمن عليها غير المتسبب بالحادث، وهنا لا بد أن تكون الهيئة العامة لحماية المستهلك طرفا لإنصاف المتضررين ليأخذ كل ذي حق حقه. وقد عودتنا(حماية المستهلك) على المثابرة والعمل الدؤوب في إنصاف من يقع عليه الضرر بسبب مخالفة القانون.