27/05/2012 – بانوراما التأمين

لم نشهد أي تطور أو نسمع معلومات بشأن التأمين الصحي للمواطنين منذ إعلان وزارة الصحة بأنها ما تزال في طور البحث والدراسة لجدواه خلال الخمس السنوات المقبلة، وقد كتبت حينذاك تعليقًا على الموضوع في 12/7/1432هـ وأعود اليوم إلى مناقشته بعد مضي قرابة العام، وحين نطرح ونعالج موضوع التأمين الصحي في كل حين ندرك أنه ليس منوطًا بمسؤولية وزارة الصحة وحدها لأن آليات تفعيله موزعة ومتنازعة بين الصحة والمالية والتجارة وغيرها.. فنحن إزاء العديد من الالتزامات والحقوق والواجبات المهدرة أو الضائعة ما بين المواطن المؤمن عليه والمتضرر وبين شركات التأمين الصحي المنتشرة في البلد دون رقابة دقيقة لمسؤولياتها ومحاسبة صارمة على أعمالها.. وكانت شركات التأمين تعمل قبل زمن -حين كان التأمين غير مصرح به في البلد- من خلال تصاريح وجودها في دول الخليج المجاورة، وعندما سمحت الدولة التصريح لها وفق معايير وضوابط عمل استبشرنا خيرًا، إذ كانت تلك الخطوات البداية على طريق الإصلاح لهذا الحقل المتعلق بصحة وحياة الناس.. وقبل الخوض في مسؤوليات الإشراف على هذا القطاع.. نريد أن نحدد ما هي المشكلة التي تواجه الناس في هذا الشأن؟!
في الواقع إن المشكلة ذات شقين:
1- شق جشع بعض شركات التأمين الصحي.. التي دأبت منذ سنوات على رفع أسعار بواليص تأمينها الصحي الراقي مقابل خفض الآخر العادي الذي لا يكفل للمستفيد الحد الأدنى من العلاج الكريم فضلًا عن أسلوب تلك الشركات المجحف في التعامل مع المؤمن عليهم مثل:
– رفع قيمة البوليصة التأمينية كل عام بمقدار 20%، فإذا ما رفض المؤمن عليه رفضت هي في المقابل التأمين عليه.
– إلغاء التأمين لمواطن دون مبررات لأنها وجدت بوليصة لا تُحقِّق لها هامشًا معقولًا من الربح.
– رفض ومماطلة وروتين طلبات العلاج التي يحتاجها المؤمن عليه في المستشفيات مما يعرضه وأسرته للمخاطر جرّاء الرفض والمتابعة والتأخير.
– رفض علاج بعض الحالات للأمراض المستعصية والنفسية العصبية رغم ضرورتها للناس، وإذا لم يكن ثمة رقيب محاسب يفرض عقوبات على تلك الشركات المماطلة والمجحفة لن تعالج سلبيات ومخاطر التأمين الصحي في البلد، فمن المسؤول عن ذلك ولمن يلجأ المواطن، وكيف نعلن عن ذلك ونساعده في أخذ حقه المكفول؟!.. تلك الأسئلة تحتاج إجابة تقدم الحلول لمعالجة أوضاع التأمين الصحي.
2- وأما الشق الآخر فهو ارتفاع تكلفة العلاج في المستشفيات الخاصة وكثرة لجوء معظم الأطباء فيها إلى طلبات التحاليل والأشعات وغيرها مما تعتقد شركات التأمين بأنه يؤثر سلبًا على أسعارها ويحملّها أعباء تحاول هي تحويلها للمواطن المؤمن عليه.. ولابد من إعادة النظر في الأسعار التي ترهق الناس.
والبديل الطبيعي لإراحة المواطنين هو تحسين الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية، وإتاحة المجال لتبادل المنافع ليستفيد كل من الموظف المدني والعسكري في المستشفيات بنفس الميزات، ورفع مستوى كفاءة تشغيل المستشفيات وزيادتها بتقديم خدمات صحية وفق أعلى المواصفات، فرقي العلاج والصحة من معالم نهضة الأمم.. ومما سبق تتضح مسؤولية كل جهة لتنظيم صناعة التأمين في البلد، والأمر يستحق ذلك، فحجم صناعة سوق التكافل التأميني في المملكة يصل إلى 19,3 مليار دولار، في الوقت الذي تشير فيه الإحصاءات إلى ارتفاع حجم سوق التأمين الصحي في البلد فهي تمثل 32%من إجمالي حجم السوق التأميني.