نعيش كأردنيين على مستوى يقل عن ُعشر المستوى الذي وصلت إليه شعوب الدول الغنية سواء في أوروبا وأميركا أو في الدول العربية المصـدرة للبترول، ومع ذلك فنحن نعيش على مستوى يفوق مواردنا الذاتية، وبالتالي نعيش وضعاً غير قابل للاستمرار ولا بد أن يصل إلى طريق مسدود ويصطدم بالحائط.
الشعوب كالأفراد يمكن أن تعيش مؤقتاً على مستوى أعلى مما تسمح به مواردها الذاتية على أن تغطي الفرق بالاستدانة أو بيع الممتلكات ، ولكن هذه الحالة غير قابلة للاستمرار، فلا يستطيع المقترض بعد حد معين أن يجد من يقرضه، ولا تبقى لديه ممتلكات للبيع يستطيع الاستغناء عنها، ومصير المدين العاجز عن السداد معروف.
من مؤشرات هذه الظاهرة أن تكون نفقات الحكومة أعلى من إيراداتها اعتماداً على العجز الذي يغطى بالدين. وحقيقة كون مجموع الاستهلاك الخاص والعام يزيد عن الناتج المحلي الإجمالي، بمعنى أننا نستهلك أكثر مما ننتج. كذلك فإننا نستورد حوالي ثلاثة أمثال ما نصدّر وذلك لتلبية الطلب الاستهلاكي المتضخم.
بالإضافة إلى ذلك فنحن ننفق مئات الملايين من الدنانير على السياحة والاستشفاء والتعليم في الخارج حتى عندما يتوفر جانب من هذه الخدمات محلياً.
من طبيعة الشعوب أن تهتم باللحظة الراهنة، فهي تريد العيش في بحبوحة اليوم أما المستقبل فسوف يعتني بنفسه. وحتى بعد سقوط اليونان في أزمتها وخضوعها للشروط المذلة ثمناً لإنقاذها، يقوم اليونانيون بالتظاهر ضد التقشف ويعتقدون أن ما يحرمهم من الرخاء هو قرار حكومي بوقف الدعم والسيطرة على الموازنة.
حتى الشعب الفرنسي انتخب المرشح الاشتراكي رئيساً لأنه أطلق شعارات شعبوية ضد التقشف.
لكن المفروض أن تحظى الشعوب بقيادات مسؤولة تفهم خطورة إلقاء الحبل على الغارب، وتصارح شعبها بالمخاطر، وتوضح أن الثمن القادم أعلى بكثير من الثمن الممكن الآن، وهذا لا يمنع وجود قيادات ونخب تعرف الحقيقة ولكنها تتملق الشارع وتدس العصي في دواليب الإصلاح، وهناك نواب يشترطون عدم اتخاذ إجراءات لإصلاح الدعم الشامل وتدارك عجز الموازنة ليمنحوا ثقتهم، أي أنهم يفضلون أن يستمر الحال وتواصل الحكومة الاقتراض إلى أن تصل درجة الازمة، فالأولوية لإعادة انتخابهم.
على قد لحافك مد رجليك وإلا…