04-11-2012 – بانوراما التأمين

الامر الذي دفعني للكتابة مكررا في هذا الموضوع هو حادث السير الذي وقع مساء امس 3/11/2012 لأحد اقاربي في منطقة الزرقاء الجديدة وتناقلته المواقع الاليكترونية ونتيجته وفاة طفلة عمرها ستة اشهر واصابة والدتها بكسور في الراس واصابة خطيرة حول العين ومناطق اخرى من الجسم بالاضافة الى كسور في مختلف جسم الاب وادخلوا جميعا بهمة رجال الدفاع المدني الغيارى الى المستشفى الحكومي لاجراء الاسعافات الاولية ومن ثم نقل الاب الى مستشفى الحكمة في الزرقاء واستقبله بسهولة اما حالة الام فكانت تستدعي ارسالها الى مستشفى ابن الهيثم في عمان لاجراء عملية مستعجلة لعينها خوفا من فقدان بصرها وطبعا في هذه الحالة يجب نقلها بسيارة اسعاف بطاقم كامل وللاسف كان تصرفهم يتجرد من كل انسانية حيث طلب هذا المستشفى ضرورة توفير مبلغ خمسة الاف دينار كتأمين لدخول المستشفى للبدء بتجهيز سيارة الاسعاف وهذا حق لهم والتصرف اللانساني الذي حصل هو اصرار ادارة المستشفى على استلام المبلغ اولا للبدء بالاجراءات وهنا احب ان اؤكد بان المبلغ كان متوفرا ولكن حالة الفزع التي اصابت ذوي المرأة وبعد المسافة بين الزرقاء والمستشفى الخاص في عمان مع ان أي تاخير لاجراء العملية قد يضاعف الاصابة ويزيد من خطورتها قد اربكهم ورغم التوسلات والمكالمات التي حصلت امامي من ذويها وتأكيداتهم بوجود المبلغ وسوف يتم ارساله مع سيارة الاسعاف الا ان اصرار ادارة المستشفى على عدم تحريك السيارة الا بعد وصول المبلغ لها كان فعلا يدل على منتهى القسوة التي تتعامل بها بعض المستشفيات الخاصة مع الادخالات علما ان مبلغ بهذا الرقم قد لايتوفر بمثل هكذا ظروف ولغاية وجودي في المستشفى الحكومي في الزرقاء الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل لم يستطع احد اقناع مستشفى ابن الهيثم بضرورة ارسال السيارة مع طاقمها مع التاكيد على وجود المبلغ ولكن ايصاله هي المشكلة والادهى من ذلك هو ما قالته ادارة المستشفى ان تجهيز السيارة يستغرق على الاقل ساعة ونصف بعد وصول المبلغ وان بعض اطباء عمان لايقبلون اجراء عملياتهم في الزرقاء وكأنها مدينة من كوكب آخر كل هذا الكلام الذي كتبته وحصل امامي جعلني اصر اكثر على الكتابة حول ضرورة تحمل شركات التامين مسؤولياتها تجاه اصابات حوادث السير وان المخطـط ( الكروكي ) هو بمثابة اعتراف من الشركة بمسؤوليتها وخاصة في مثل ظروف هذا الحادث ولا يحتاج الى انتظار قرار محكمة لادانة طرف ما كما تتحجج شركات التامين فكانت المسؤولية واضحة تماما عائلة تعبر الشارع على الاقدام وجاءت المركبة لتنهي حياة طفلتهم لايملكون غيرها واصابة والديها وهذا قدرهم ولا اعتراض لاحد عليه وقام السائق بتسليم نفسه الى الجهات الامنية كل ذلك الا يعطي دليل واضح على المسؤولبة آخذين بنظر الاعتبار ان أي دقيقة تأخير قد تؤثر على حياة المصاب ومن ثم اعود للمستشفى الا يستحق انقاذ حياة انسان تحريك سيارة اسعاف من المفروض ان تكون جاهزة دائما حتى لو لم يتم دفع تأمينات والا يستحق من وزارة الصحة ضرورة تجهيز مستشفياتها بكل الامكانيات والخبرات والحمدلله ان الاردن مليء بكفاءاته الطبية التي نباهي بها الامم ولا اعرف هل كانت المشكلة في عدم وجود طبيب لهكذا حالات باعتبار الوقت متأخر ام ان المستشفى لا يستطيع بمعالجتها لقلة امكانياته ؟؟؟
ان الحادث الذي حصل بالامس لم يكن الوحيد والفريد من نوعه ويقع باستمرار ولكن عندما تتعامل المستشفيات الخاصة مع الانسان على انه دنانير فذلك هو الذي يستدعي حدوث قفزة نوعية وجادة بضرورة تحمل المستشفى مسؤولياتها كصرح طبي احتراما للقسم الذي ملأ السماء والارض عند تخرج الطبيب وان لاتكون حياة انسان متعلقة بقرار مدير اداري ونظام داخلي والقفزة الاخرى هو تحمل شركة التامين مسؤوليتها تجاه ما هو مطلوب منها وعدم انتظار قرار الحكم لان المحاكم لا تعمل على كبسة زر وهنا لا اطالب بان تتحمل اكثر من مسؤوليتها فالحد الاعلى الذي نص عليه عقد التامين هو ( 7500 دينار ) لتكاليف الاصابات يكفي للسماح بدخول المستشفى بدلا من التأمينات التي تطالب بها لاستقبال الاصابات وانا على علم بان هذا الموضوع كان قد طرح سابقا وكتبت به اكثر من مرة ولكن حجة الشركات هي انتظار قرار المحكمة لتعيين الطرف المدان في الحادث وتحديد المسؤولية وحتى لا يضيع ما هو مطلوب من مقالي فعلى الاقل ان تقبل المستشفيات دخول الاصابة بكفالة وثيقة التامين والبدء بالمعالجة لحين توفير المبلغ المطلوب والشيء الاخر الذي اصر عليه هو ان تتعامل المستشفيات مع الانسان على انه انسان كرمه الله واعلى من شأنه لا ليأتي انسان آخر ليقلل من شأنه واحب ان اسأل المستشفيات الخاصة ماذا تعني سيارة الاسعاف اذا لم تكن جاهزة مع ان الساعة والنصف التي تحتاجها للتجهيز قد جردتها من اسمها ؟؟؟!!! .
اتمنى من المستشفى ايضاح هذا التصرف الغريب من صرح نفتخر به ومحاسبة المقصر اذا كان هناك تقصيرا وعليه ان يتحمل مسؤولية المضاعفات ان حصلت امام الله اولا ومن ثم ضميره وقانونيا في الدنيا و تعديل الاجراءات الادارية وضرورة ان تتعامل مع حياة الانسان بمسؤولية تامة وان تقوم هيئة التامين بتطبيق الية اعتماد وثيقة التامين كمستند رسمي للادخال لانقاذ حياة انسان قد تنقذه أي دقيقة نكسبها لاجله عملا بقول الله تعالى ( ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا ) .

المهندس رابح بكر
الكاتب والاعلامي المختص في شؤون التأمين
عمان – الاردن
Rabeh_baker@yahoo.com