يغيب أو يُغيّب عن معركة التأمين الإلزامي بين الشركات والحكومة طرف ثالث يعتبر المتضرر الأكبر من أي اتفاق محتمل لرفع الأسعار وهو المؤمِّن أو المستهلِك.

ففي ظل غياب أي ممثلين عن المواطن في مفاوضات معقدة ما تزال تراوح مكانها للخروج بصيغة توافقية حول ما تقول شركات التأمين إنها خسائر تتحقق جراء التأمين الإلزامي، يسود قلق لدى قطاع واسع من المواطنين من أن تنتهي مفاوضات الشركات مع الحكومة إلى رفع أسعار أقساط التأمين الإلزامي.

وغالبا ما يكون المواطن هو المتضرر من تأزم ملفات اقتصادية تمس حياته اليومية تضيف أعباء مالية تنال من قدراته الشرائية.

يأتي ذلك بعد تأزم ملف التأمين الإلزامي بين الحكومة واتحاد شركات التأمين خلال الفترة الأخيرة وسط فشل الطرفين في التوصل إلى حل المشكلة.

"لن نحتمل مزيدا من الارتفاعات في الأسعار" هكذا بدأ الموظف طارق محمد حديثه مشيرا إلى أن غاية الشركات في ملف التأمين الإلزامي العالق بين الطرفين منذ 3 سنوات هي رفع الأسعار.

ويقول طارق الذي يعمل في القطاع الخاص إن الأوضاع المعيشية للمواطن الأردني صعبة ولن يستطيع المواطن استيعاب مزيد من الارتفاع، مشيرا إلى أن الحكومة كانت قد رفعت أسعار التأمين الإلزامي العام الماضي.

وكانت هيئة التأمين الأردنية أقرت في العام الماضي تعليمات تتضمن زيادة أسعار التأمين الإلزامي بنسبة تصل إلى 25 % وبالمقابل زيادة حدود مبالغ التعويضات التي تلتزم شركة التأمين بدفعها لتتناسب مع قيمة الدية الشرعية، لتصبح 20 ألف دينار في حالة الوفاة والعجز الكلي الدائم بدلا من 12 ألفا، أي بزيادة بلغت نسبتها 67 %.

وتمت بموجب التعليمات زيادة التعويض عن بدل نفقات العلاج الطبي لتصبح 7500 دينار بدلا من 5 آلاف، أي بزيادة بلغت نسبتها 50 %.

وفي الوقت الراهن تتفاوض الحكومة مع شركات التأمين على موضوع التعويض النقدي عن الأضرار التي تلحق بالسيارات إضافة إلى إلغاء العمل بمبدأ نقصان القيمة، حيث يرجّح أن يتوصلوا إلى حل مشترك خلال الأسابيع المقبلة.

من جانبه، يقول المواطن ياسين عمرو إن من حق الشركات أن تربح ولكن ليس على حساب المواطن وعلى الحكومة أن تجد حلا لا يحمّل المواطن تكاليف وأعباء إضافية وبالمقابل لا نريد خسارة للشركات كونهم في النهاية مواطنين مثلنا مثلهم.

ويضيف عمرو أن في حالة خسارة الشركات فإنها لن تدفع تعويضات وبذلك يتضرر المواطن وفي حال رفعت الأسعار فإن المواطن لن يحتمل مزيدا من الرفع.

ويشير إلى أن دور الحكومة هنا يجب أن يفعل بحيث تقوم هي بتأسيس شركة متخصصة بالتأمين الإلزامي.

من جانبه، يقترح الخبير الاقتصادي حسام عايش تأسيس شركة حكومية مختصة بالتأمين كغيرها من الشركات الحكومية التي جاءت لضبط السوق والتقليل من المشاكل.

ويبدي عايش تخوفه من تداعيات قرارات تهدد الشركات باتخاذها إما بالامتناع عن إصدار بوالص التأمين الإلزامي على المركبات، التي قد يتسبب بمشاكل اجتماعية واقتصادية في المملكة، أو رفع الأسعار التي ستضيف أعباء جديدة.

ويؤكد ضرورة إيجاد حلول مشتركة ومتفق عليها من جميع الأطراف في أسرع وقت، كون المتضرر الأول من هذا الموضوع هو المواطن.

وكان اتحاد التأمين قرر مؤخرا وقف إصدار وثائق التأمين الإلزامي للمركبات في جميع المكاتب التابعة له في مراكز الترخيص حتى إشعار آخر وذلك احتجاجا على ما تعانيه الشركات من خسائر ناجمة عن عدم تغطية الإيرادات المتأتية من عوائد بوالص التأمين الإلزمي مقابل حجم التعويضات التي تدفعها الشركات للمستحقين.

يشار الى أن خسائر قطاع التأمين عن أعمال التأمين الإلزامي خلال العام 2010 بلغت 22 مليون دينار بعد تطبيق النظام الجديد للتأمين الإلزامي رقم 12 لسنة 2010 بالأسعار والمنافع الإضافية التي وفرها مع رفع حدود مسؤوليات الشركات.

ويعمل في السوق 28 شركة تأمين مجازة لممارسة أنواع التأمين حيث تستحوذ أعمال تأمين المركبات (بنوعيه الإلزامي والتكميلي) على الحصة الأعلى من إجمالي أعمال التأمين سواء بحصتها من إجمالي أعمال التأمينات العامة وبنسبة 64 % أو بحصتها من إجمالي أعمال السوق وبنسبة 43 %.