24-04-2012 بانوراما التأمين

هيئات الإشراف والمراقبة الرسمية لقطاعات معينة كالأوراق المالية والاتصالات والنقل والكهرباء والتأمين، تهدف لتحقيق العدالة وضمان حقوق جميع الأطراف، ولا تنحاز لطرف دون آخر.

لكن هيئة مراقبة التأمين تعتبر نفسها خصماً لشركات التأمين، مهمتها فرض العقوبات بشكل غرامات ثقيلة إذا ترددت في تنفيذ قرارات تعسفية.
ونقف اليوم أمام مشكلة التأمين الإلزامي للسيارات الذي من شأنه إذا استمر تفليس شركات التأمين التي لا تستطيع أن تخصص عشرين مليون دينار سنوياً لدعم أصحاب السيارات الخاصة والعمومية.

في وقت من الأوقات كان قسط التأمين الإلزامي عشرة دنانير، ولكن في ذلك الوقت لم يكن في البلد سوى عشرة آلاف سيارة تسبب حوادث نادرة، وكان ثمن السيارة يقل عن ألفي دينار. أما اليوم فقد تضاعف عدد السيارات مائة مرة، وارتفع ثمن السيارة 15 مرة، وزادت كلفة قطع السيارات 20 مرة، ومع ذلك فإن قسط التأمين الإلزامي ظل عند مستوى يقل عن ماية دينار.

النتائج العملية للتشدد في خفض قسط التأمين الإلزامي لما دون الكلفة هي إلحاق الضرر بشركات التأمين التي تخسر، وبأصحاب السيارات الذين يتعرضون للمماطلة وكأنهم يشحذون حقهم بالتعويض من الشركة التي تحاول تخفيض خسائرها.

شركات التأمين لم تنشأ لتقديم خدمات مدعومة بل لتحقيق الربح وتراكم رأس المال المستثمر، فلا يجوز إلزامها بالقيام بنشاط خاسر.
إذا كانت الهيئة لا توافق على رفع قسط التأمين الإلزامي إلى 125 ديناراً لتغطية تكاليفه، فما عليها سوى ترك العملية للعرض والطلب في السوق مثل كل الخدمات، طالما أن هناك أكثر من عشرين شركة تأمين متنافسة.
في حالة التعويم سوف تتفاوت الأسعار من شركة إلى أخرى حسب سمعتها وجودة خدماتها وحجم الثقة التي تتمتع بها، وسوف تكون هناك أسعار للسائق المأمون أفضل من السائق الأرعن الذي يمتلئ سجله بالحوادث، ومع ذلك تلتزم الشركات بتأمين مخاطره بسعر موحد.
الأنكى من ذلك أن الهيئة لا تسمح لشركة تأمين بعدم ممارسة التأمين الإلزامي الخاسر إلا إذا توقفت عن ممارسة التأمين الشامل، وهو تعسف صارخ.

مراقبة نشاط التأمين يجب أن تعاد إلى وزارة الصناعة والتجـارة، فلا لزوم لهيئة مستقلة تنوب عن الحكومة في ممارسة مهام هي من صلب مهام الحكومة.