09-11-2013 – بانوراما التأمين

إن قانون أوباما للرعاية الصحية (أوباما كير)، المعروف رسمياً بقانون حماية المرضى وتوفير الرعاية بأسعار معقولة، هو ذاته برنامج التأمين الصحي الذي أقره الرئيس الأمريكي باراك أوباما والديمقراطيون في الكونجرس رغم معارضة الجمهوريين بالإجماع. وكان القانون مصمماً لتغطية الأمريكيين الذين لا يتمتعون بتأمين صحي خاص أو عام ــ نحو 15 في المائة من سكان الولايات المتحدة.

وقد فشل معارضو قانون أوباما للرعاية الصحية في وقفِة في المحاكم، وأخيرا في الكونجرس. وبالتالي فقد تم إطلاق البرنامج رسمياً في الأول من تشرين الأول (أكتوبر). وعلى الرغم من إعاقته بفعل مجموعة واسعة من مشاكل الكمبيوتر وغير ذلك من الصعوبات الفنية، فمن المرجح أن يبدأ البرنامج العمل في وقت ما من عام 2014.

السؤال الكبير الآن هو ما إذا كان البرنامج سيعمل على النحو المنشود ويتمكن من البقاء بشكل دائم. والواقع أن خطر عدم حدوث ذلك قائم بالفعل.

والواقع أن الخلل المحتمل القاتل في قانون أوباما هو الميزة الأكثر جاذبية في نظر أنصاره ومؤيديه: القدرة التي يتمتع بها حتى أولئك الذين يعانون حالة صحية خطيرة مسبقة على شراء التأمين بالتكاليف المعتادة.

هذه الميزة من شأنها أن تشجع أولئك من غير المرضى على البقاء بلا تأمين إلى أن يحصلوا على تشخيص طبي قد يكون باهظ التكلفة. والتحول الناجم عن ذلك في معدلات الالتحاق بعيداً عن المرضى الأصحاء من ذوي التكاليف المنخفضة إلى أولئك الذين تفرض حالاتهم تكاليف مرتفعة من شأنه أن يزيد من التكلفة التي تتحملها شركات التأمين عن كل مريض مؤمن عليه، فترتفع بالتالي أقساط التأمين التي تتقاضاها. ومع ارتفاع الأقساط تجد حتى الأفراد الأكثر صحة نسبياً سيتشجعون على التخلي عن التأمين إلى أن يصيبهم المرض، وهذا يعني المزيد من ارتفاع متوسط التكاليف والأقساط.

وإزاء هذه الاعتبارات لجأ من تولوا صياغة قانون أوباما إلى جعل شراء التأمين ”إلزاميا”. وبشكل أكثر تحديدا، فإن أرباب العمل الذين يعمل لديهم أكثر من 50 موظفا سوف يلزمون بعد عام 2014 بشراء وثائق تأمين معتمدة لكل موظف يعمل بدوام كامل لديهم. والأفراد الذين لا يحصلون على تأمين من أرباب عملهم ملزمون بشراء التأمين لأنفسهم، مع حصول المشترين من ذوي الدخل المنخفض على إعانات دعم من الحكومة.

من غير المرجح أن يثبت إلزام صاحب العمل أو المتطلبات الشخصية أي قدر من الفعالية, ذلك أن أرباب العمل بوسعهم أن يتجنبوا الإلزام من خلال خفض ساعات العمل الأسبوعية لأي موظف إلى أقل من 30 ساعة (وهو ما يعرفه القانون بوصفه عملاً بدوام كامل). ولكن حتى بالنسبة للموظفين بدوام كامل، تستطيع الشركات أن تختار دفع غرامة صغيرة نسبياً بدلاً من تقديم التأمين. فالغرامة لا تتجاوز ألفي دولار عن كل موظف، وهذا الرقم أقل كثيراً من متوسط مبلغ التأمين الحالي الذي يبلغ 16 ألف دولار عن وثائق التأمين الأسرية التي يوفرها صاحب العمل.

إن عدم توفير التأمين ودفع الغرامات خيار جذاب بشكل خاص في نظر أي شركة إذا كانت دخول موظفيها تؤهلهم للحصول على إعانات الدعم الحكومية (التي أصبحت الآن متاحة لأي شخص دخله أدنى من مستوى الفقر بأربعة أضعاف). وبدلاً من تكبد تكلفة مبلغ التأمين لوثيقة معتمدة، فإن صاحب العمل الذكي يستطيع أن يدفع غرامة لعدم توفير التأمين ويزيد من أجر الموظفين بالقدر الكافي لكي يصبح لديهم المزيد من النقود التي يمكنهم إنفاقها بعد شراء وثيقة التأمين المدعومة. وحتى بعد سداد كل من المبلغين، فسوف يكون أرباب العمل أفضل حالاً من الناحية المالية. وتشير التقارير الإخبارية إلى أن العديد من أرباب العمل يتخذون مثل هذه الخطوات الآن بالفعل.

ولكن الخطر الأكبر الذي يهدد بقاء قانون أوباما هو أن العديد من الأفراد الذين لا يحصلون على تأمين من أرباب العمل سوف يختارون عدم التأمين على أنفسهم ودفع الغرامة التي لا تتجاوز 1 في المائة من الدخل (والتي سترتفع بشكل دائم بعد عام 2015 إلى 2.5 في المائة). والبديل المفضل لهؤلاء الأفراد هو أن ينتظروا من دون أن يشتروا التأمين إلى أن يصيبهم المرض ويجدوا أنفسهم في مواجهة فاتورة طبية كبيرة.

وبوسع أرباب العمل الذين يوظفون عدداً كبيراً من الموظفين بدوام كامل أن يشجعوا شركات التأمين التي يتعاملون معها حالياً على إنشاء وثائق تأمين للطوارئ. بل لعلهم يختارون حتى التأمين الذاتي على مخاطر الطوارئ لصالح الموظفين العاملين لديهم.

إن خيار ”الانتظار” قد يتسبب في انخفاض أعداد الأفراد المؤمن عليهم بسرعة مع ارتفاع مبالغ التأمين بالنسبة لأولئك الذين سيبقون تحت مظلة التأمين. وفي هذا السيناريو، فإن تفكك برنامج أوباما للرعاية الصحية إلى تجدد الضغوط السياسية من قِبَل اليسار في المطالبة بنظام رعاية صحية حيث تتولى جهة واحدة الدفع على النمط الأوروبي.

ولكنه قد يوفر أيضاً الفرصة لوضع خطة أفضل: إلغاء الإعانة الضريبية الباهظة الحالية التي تقدم للتأمين الممول من قِبَل صاحب العمل واستخدام المدخر من العائد لإعانة الجميع على شراء وثائق تأمين خاصة شاملة تقوم على الدفعات المشتركة المرتبطة بالدخل. وإعادة هيكلة التأمين على هذا النحو من شأنها أن تحمي الأفراد وتزيد من قدرة العمالة على الحركة وتساعد على التحكم في تكاليف الرعاية الصحية في الوقت نفسه.