العلاقات العامة الناجحة تبدأ من بيئة المؤسسة الداخلية، ثم تنطلق بعد ذلك نحو البيئة الخارجية، إنّ توافر الرغبة الصادقة في بناء نظام أخلاقي متميز، يعدّ المفتاح الرئيسي لإيجاد بيئة عمل تتسم بالموضوعية والإيجابية.
تؤدّي منهجية القيادة الإدارية وأسلوبها في التفاعل مع الموظفين دوراً مركزياً في رسم ملامح النظام الأخلاقي السائد في المؤسسة نتيجةً للارتباط بين الأخلاقيات والسلوك، فإنّ ذلك يحتّم وجود علاقة تربط بين الأخلاقيات والقيم؛ على اعتبار أن القيم تعبّر عن مجموعة قواعد ومعايير للسلوك تمكّن الفرد والمؤسسة من التمييز بين الصواب والخطأ، وبين ما هو مرغوب فيه وما هو غير مرغوب فيه، وبين ما هو كائن فعاً وما ينبغي أن يكون عليه الحال وبطبيعة الحال فإنّ هذه القيم قد تختلف وتتباين باختلاف المجتمعات والأديان والعقائد والعادات والأعراف والتقاليد تأسيساً على الوصف أعلاه، تعبّر أخلاقيات العمل عن مجموعة القيم والمبادئ والتقاليد التي يتعارف عليها أفراد مؤسسة ما حول ما هو خير وحقّ وعدل في تنظيم أمورهم المهنية في إطار المؤسسة التي يعملون فيها وينتمون إليها وبالحديث عن القيم الأخلاقية من أهم هذه الأخلاقيات، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: )المودة، العدل، الحياء، الحلم والأناة والرفق، الإخلاص والأمانة، التواضع، الشكر، حفظ اللسان، الجود والكرم، مراقبة النفس). وفي الوقت ذاته، حذّر الإسام من تبني الأخلاقيات الذميمة التي تسبّب تفرق الأمة وتشتت جهودها، وهي كذلك يمكن أن تدمر العمل المؤسسي، ومن هذه الأخلاقيات السيئة نذكر ما يأتي: (الجور والظلم، الحقد والضغينة، الأثرة والأنانية، الكذب والنفاق،الثرثرة والفجور في الكلام، الكبر واحتقار الآخرين، نقض العهد وعدم الوفاء بالعقود والمواثيق، الغضب في غير محله، الشك في الآخرين واتهام نواياهم بالباطل). بعد هذا التوضيح المبسط لمفهوم الأخلاقيات وعلاقتها بالسلوك، سنقوم بتناول الموضوع من زاويتين: الزاوية الأولى: أخلاقيات العمل على مستوى بيئة المؤسسة الداخلية عند تسليط الضوء على بيئة المؤسسة الداخلية، نجد أنها تشتمل على عنصرين رئيسين، هما (القيادة الإدارية والموظفون التنفيذيون). ولمّا كانت المؤسسة بقيادتها، فإنّ عنصر القيادة الإدارية يعبّرعن المتغير المستقل (المؤثر(في المعادلة، وعنصر الموظفين التنفيذيين يعبّر عن المتغير المعتمد (المتأثر). تأسيساً على هذا المفهوم، تؤدي منهجية القيادة الإدارية وأسلوبها في التفاعل مع الموظفين دوراً مركزياً في رسم ملامح النظام الأخلاقي السائد في المؤسسة. وبهذا الشأن يمكننا تحديد منهجين أخلاقيين يسهم أولهما في دعم بيئة العمل الداخلية، بينما يسهم الآخر في هدم هذه البيئة. وسنقوم بتوضيح هذين المنهجين بشكل مبسط من خلال : أولاً: منهج الإدارة بالحب إنّ توافر الرغبة الصادقة في بناء نظام أخلاقي متميز، يعدّ المفتاح الرئيس لإيجاد بيئة عمل تتسم بالموضوعية والإيجابية، وبهذا الخصوص نودّ الإشارة إلى منهج (الإدارة بالحب(، الذي يستند بشكل أساسي على إشاعة مشاعر المحبة بين الإدارة العليا والمرؤوسين من جهة، وفيما بين المرؤوسين أنفسهم من جهة أخرى، لينتقل بعد ذلك تأثير العلاقة الطيبة بين المؤسسة ككل ومتعامليها الخارجيين. إنّ )الإدارة بالحب( منهج لترسيخ وتطوير البناء الأخلاقي المؤسسي يتعامل مع معادلة ثلاثية العناصر )الإدارة العليا للمؤسسة، المرؤوسين، المتعاملين(. ثانياً: منهج الإدارة بالتجاهل التجاهل هو العلم بالشيء، والمعرفة التامّة به، ثم عدم الرد بردّ فعل أو سلوك منطقي يتناسب مع هذا العلم، أو تلك المعرفة! وهنا يؤشر واقع التجاهل إلى حالة من التناقض بين ما هو كائن (الحالة السلبية( قياساً لما ينبغي أن يكون عليه الواقع )الحالة الإيجابية ) تأسيساً على هذا المفهوم يعبّر منهج )الإدارة بالتجاهل( عن نمط سلوكي يظهر في أخلاقيات بعض قادة المؤسسات الإدارية، يعبر عن تجاهل المدير لموظفيه. فهو يعرف أشياء كثيرة عن شخصياتهم واحتياجاتهم ودوافعهم، لكنه يتجاهلها تماماً، فلا تنعكس آثار هذه المعرفة على سلوكه وتصرفاته مع من يقودهم لذلك تعدّ )الإدارة بالتجاهل( مدخلاً مؤسسياً هدّاما، يستوجب العلاج السريع والدقيق، لما له من آثار تدميرية خطيرة على حاضر أي جهاز إداري ومستقبله، كونه يصيب بالضرر أهم موارد المؤسسة، وهي الموارد البشرية. ومن دون معالجة واقع )التجاهل( سيكون من الصعب جداً المضي قدماً في طريق بناء نظام أخلاقي راقٍ ومتميّز. الزاوية الثانية: أخلاقيات العمل بين البيئة الداخلية للمؤسسة وبيئتها الخارجية من الأمور الثابتة في ممارسة العمل الإداري، أنّ العلاقات العامة تعبّر عن ذلك النشاط المسؤول عن إقامة جسور الثقة والتفاعل المتبادل بين المؤسسة الإدارية وجمهور المتعاملين معها، والعمل على تطوير وتمتين هذه الجسور بما يصبّ في مصلحة الطرفين مع الأخذ بالحسبان أنّ لأيّ مؤسسة متعاملين داخليين )الموظفين التنفيذيين(، ومتعاملين خارجيين )جمهور المستفيدين من السلع أو الخدمات التي تنتجها المؤسسة). لذلك كان لا بدّ من مبادئ وأسس علمية أخلاقية تحكم هذا النشاط الحيوي والمهم، مع التنبيه إلى أن العلاقات العامة الناجحة تبدأ من بيئة المؤسسة الداخلية، ثم تنطلق بعد ذلك نحو البيئة الخارجية من جانبنا يمكن النظر إلى نشاط العلاقات العامة باعتبارها فلسفة اجتماعية للإدارة، ونشاطاً علميّا مدروساً يرتكز على تحقيق المواءمة بين مصلحة المؤسسة ومتعامليها، وإقامة علاقات ثقة صادقة ومتبادلة بينهما ترتكز على أسس من النزاهة والشفافية، والمحافظة على هذه العلاقات من خلال التعرف على اتجاهات الرأي العام للمتعاملين، والمعطيات البيئية للمجتمع. عند تحليل عناصر تعريف العلاقات العامة يتضح ما يأتي: – العلاقات العامة فلسفة فرضت نفسها على الإدارة – تبقي المؤسسة بتتطور وبشكل مستديم – إنها عملية مدروسة ومخططة – إنها نشاط دائم ومستمر – تهتم بالجمهور الداخلي والخارجي في الوقت نفسه – ترتكز على مبادئ أخلاقية رصينة مثل الصدق والنزاهة والشفافية – تسعى للتعرف على اتجاهات الرأي العام مع أخذ الظروف البيئية بالحسبان إنّ ممارسة نشاط العلاقات العامة تستند إلى مجموعة من المبادئ الكفيلة بتفعيل علاقة Two way communication)) التواصل الإيجابية بين المؤسسة ومتعامليها والتي يمكن توضيحها من خلال النقاط الآتية:
1- المبدأ الأخلاقي) النزاهة والصدق والأمانة والشفافية في التعامل).
2- احترام الرأي العام وتتبع اتجاهاته
3- البدء من الداخل باتجاه الخارج
4- تمتع خطط العلاقات العامة بالواقعية والمرونة
5- قدرة موظف العلاقات العامة على تكوين علاقات طيبة مع الآخرين
6- معرفة العاملين بالأصول العلمية والعملية في علم وفن العلاقات العامة
7- تمتّع العاملين في حقل العلاقات العامة بمجموعة من السمات مثل قوة الشخصية واللباقة وحب الاستطلاع والخيال الخصب والموضوعية والشجاعة والقدرة على مواجهة المصاعب.