22-04-2012
هل دق ناقوس الخطر بسبب عوامل متعددة في مقدمتها خسائر قطاع التأمين الأردني وتعاظم الأعباء المالية المترتبة على اعمال التأمين الإلزامي على المركبات؟
وسبق ان اشار رئيس الاتحاد الأردني لشركات التأمين الى البيانات المالية للعام الماضي2011، والتي اكدت على زيادة التعويضات بنسبة 18 % بينما زادت الأقساط بنسبة 6 %، وانعكاسات هذا الوضع على معايير الملاءة المالية لشركات التأمين، وانتهى الى تشجيع الاندماج الطوعي للشركات!!
ووقفة بتمعن عند هذه الحقائق، تقودنا الى الاستفسار بالقول: الى اين يتجه قطاع التأمين؟ وهل فعليا وصل الحال بالقطاع الى مثل هذا الوضع؟ واذا عكست المنعطفات الصعبة في مسيرة القطاع مثل هذا التخوّف من الانهيار، فلماذا لا تكون المنهجية في معالجة الأمور هادفة، في سبيل ان تكون النتائج ايجابية؟
وثمة مرئيات ومقترحات قدمها المختصون على مدار أربعة اعوام الماضية، بهدف الإسهام في انقاذ القطاع من العثرات التي يمر بها، وإخراجه من عنق الزجاجة، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، وبدلا من تحسن الامور، فإن الوضع في تراجع، طالما التصريحات الصادرة عن جهة في اعلى مواقع المسؤولية، تؤكد على التخوّف والقلق على هذا القطاع!!
ان ما اشار اليه رئيس الاتحاد يعكس واقعية وتفهما لمتطلبات الإنقاذ، وما دمنا ندرك ان إدارة الخطر هي المدخل الى التأمين، فإن اهل البيت يبدأون بأنفسهم، وان المطلوب قيام القطاع بإعادة ترتيب البيت داخليا، واتخاذ كل الاجراءات الوقائية والعلاجية، والاستعداد والتهيئة للتعامل مع حدثين؛ الأول: تأخر او عدم قيام هيئة التأمين في اتخاذ اجراءات من شأنها تغيير الأحكام الناظمة لأعمال التأمين الإلزامي على المركبات.. والحدث الثاني: هو ان الاندماج الطوعي لم ولن يحدث بين شركات التأمين المحلية توخيا لايجاد كيانات تأمينية قوية ومليئة ماليا!
وبالعودة قليلا الى الوراء، فلقد تمخضت لقاءات ومناقشات لجنة الحوار الاقتصادي عن عدد من التوصيات للنهوض بقطاع التأمين الاردني من ضمنها تحفيز الاندماج ورفع نسبة مساهمة القطاع في الناتج القومي الإجمالي الى نسبة 8 % – 10 % والتعويم التدريجي للتأمين الالزامي على المركبات وغيرها من التمنيات التي طالما اثارها الخبراء والإعلاميون المختصون على مدار عقدين من الزمن!
ولكن، أين هي الإجراءات التنفيذية التي تم اتخاذها في سبيل تعزيز هذه التوصيات، ووضعها في القنوات التنفيذية؟
ان السوق المحلية صغيرة، ومعدل النمو بطيْ، ونحن امام معضلة كبيرة وهي تفتت وضعف الملاءة المالية والكفاءة الاستثمارية لشركات تأمين متواجدة في سوق محلية متخمة باعداد الشركات وعددها 28 شركة.. واقتصادنا المحلي لا يستوعب اكثر من عشر شركات مؤهلة وقوية ومتخصصة من خلال الالتزام بنوعية وجودة عالية في الخدمة فنيا وماليا وإداريا وتنظيميا.
إن حوافز الإعفاءات الضريبية لم تفلح بتحقيق هدف اندماج الشركات واثبتت فشلها.. والبديل الأصح هو الدمج القسري للشركات، وذلك بوضع قواعد وأسس مالية واقتصادية بمثابة مقاييس معيارية اذا حققتها الشركة فستكون مؤهلة للاستمرار، واذا لم تحققها فإن البديل هو الاندماج مع شركة اخرى! ومن ضمن هذه المقاييس المعيارية كل من المحفظة الانتاجية ومدى توازن هذه المحفظة أي تحقيق نسب معينة كحد ادنى من انتاج (بيع) وثائق تأمينية لكل نوع مصرح لشركة التأمين بممارسته. ومعدل الريع الاستثماري (الكفاءة الاستثمارية) وتحديد الحد الأدنى المطلوب تحقيقه، ونسبة الأرباح الفنية الى صافي الأقساط المحققة ومعدل الملاءة المالية.
وان الحاكمية التي صدرت التعليمات لتفعيلها وتعزيزها منذ سنوات، لم تأخذ طريقها الى التطبيق لغاية الآن ضمن قطاع التأمين، الا بمواقع صغيرة وضمن بعض الشركات، وهذا يعني بقاء اصحاب المال في المناصب القيادية والادارية التنفيذية يخالف كليا اصول الحاكمية الرشيدة.
اننا امام واقع واضح الرؤية، وان الدروس والعبر التي يمكن ان نتعلمها، تقودنا الى اهمية فتح السوق المحلية امام المستثمرين الأجانب في قطاع التأمين وإعادة التأمين، ما سيؤدي الى إنماء البعد التنافسي، وبالتالي سوف يساهم بطريقة غير مباشرة الى قيام الشركات المحلية بالاندماج، وتشكيل تجمعات قوية!
ان الطموحات كبيرة للنهوض بالقطاع والخروج به من عنق الزجاجة، ولا يختلف اثنان على أن قطاع التأمين هو محور ارتكازي بين كافة القطاعات، ولكن ما دامت الأفكار والتوجهات لم تخرج من بوتقة النظرية بعيدا عن التنفيذ.. فإنها ستبقى تراوح مكانها باستثناء نشاطات فردية على مستوى الأشخاص او شركات لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة!
ان التخوّف من انهيار قطاع التأمين هو تفهم ايجابي في اهدافه لكنه سلبي في واقعه، والمطلوب هو تعاضد هيئة التأمين والقطاع نحو ايجاد خطة إنقاذ قابلة للتطبيق الفوري قبل فوات الأوان!