دور صناعة التأمين هو توفير الأمان لأصحاب الممتلكات والبضائع بما فيها السفن ضد جميع الأخطار حتى تحظى بدور كبير من الثقة، وعليه فعلينا نحن صناع هذه الصناعة توفير البدائل ومن دون تعقيد. من المعروف أن وثيقة التأمين البحري الأكثر شهرة هي وثيقة اللويدز النموذجية المسماة (S.G) اختصاراً لكلمتي (Ship) و (Goods) ، وقد وضعت هذه الوثيقة في الاستعمال عام 1779م في السوق البريطانية، ووردت على هيئة ملحق لقانون التأمين البحري الإنجليزي لعام 1906م والذي يعد اليوم أهم مرجع لقوانين التأمين في العالم، وكانت تشتمل على عدد من الأخطار البحرية والحربية، وقد كانت (القرصنة) تندرج تحت أخطار الحرب. بعد أكثر من قرن من ذلك العام وفي سنة 1899 م بالذات اتفق مكتتبو التأمين في السوق البريطانية على إضافة نص إلى تلك الوثيقة ينسخ منها الأخطار ذات الطابع الحربي من أجل تمييزها بسعر مستقل عن السعر الذي يمنح لغطاء الأخطار البحرية، إضافة إلى أن المؤمن له قد لا يطلب هذه الأخطار الحربية أو العكس، ومن أجل ذلك صدرت شروط خاصة بكلا النوعين: الأخطار الحربية والأخطار البحرية.
وينص شرط استثناء أخطار الحرب الذي أدخل على وثيقة اللويدز النموذجية والمعروف بشرط (عدم الاستيلاء والحجز) على أنه : ( يستثني هذا التأمين الاستيلاء والحجز والإيقاف والمنع وما ينشأ عنها أو عن محاولة القيام بها من نتائج أو ما ينشأ عن نتائج الأعمال العدائية وما يماثلها من العمليات الحربية سواء أعلنت الحرب أو لم تعلن …. ويشمل هذا الشرط التصادم والارتطام مع أجسام ثابتة أو طافية والجنوح ورداءة الطقس أو الحريق إلا إذا كانت ناجمة مباشرة عن عمل عدائي من قبل قوة محاربة أو ضدها، ويستثني هذا الشرط الآثار المترتبة على الحرب الأهلية والثورة والتمرد والعصيان والاضطرابات الشعبية الناجمة عنها أو القرصنة.
إن خطر القرصنة كان قبل عام 1937م يعتبر أحد الأخطار البحرية المغطاة بوثيقة التأمين البحرية ثم تحول هذا الخطر إلى تغطية الحرب نتيجة نشوب الحرب الأهلية الإسبانية فأضيف ضمن الأخطار التي يستبعدها الشرط (شرط عدم الاستيلاء والحجز) من التغطية البحرية. وفي سوق لندن اعتبرت القرصنة خطراً شبيها بأخطار الحرب وشمل ضمن هذا البند أسوة بالخطر نفسه في وثيقة اللويدز إلى أن عدلت الوثيقة عام 1982 م حيث اعتبرت خطراً بحرياً وليس حربياً. ونتيجة لذلك جرت الوثائق على استبعاد الأخطار الحربية من ضمان المؤمن نظير تخفيض قسط التأمين، كما وجدت بجانب وثائق أخرى للتأمين من الأخطار الحربية مقابل قسط مرتفع يكون إبرامها ضرورة لا مناص منها إن نشبت الحرب .
وهناك طريقتان ممكنتان للحصول على تغطية ضد الخسائر أو الأضرار التي تسببها أعمال القرصنة، وهما
: 1- يمكن أن تكون هذه التغطية جزءاً من وثائق التأمين البحري العادية المتوافرة في الأسواق العالمية، وهذه تنظر لهذا الخطر على أنه مساو للخطر الناجم عن خطر بحري عادي كالجنوح والاصطدام.
2- المصدر الثاني للتغطية هو وثائق تأمين أخطار الحرب والتي يلجأ إليها ملاك السفن وأصحاب البضائع لتغطية الأخطار المستثناة في وثائق التأمين البحري القياسية.
وصناعة التأمين في بريطانيا كانت لغاية أوائل الثمانينيات من هذا القرن تنظر للقرصنة على أساس أنها خطر حربي يمكن إضافته إلى الوثيقة الأصلية ، أما مع ظهور الشروط المعهدية لوثائق التأمين البحري الجديدة فقد إنعكست الصورة. وفيما يتعلق بالشروط المعهدية المسماة (أ) و (ب) و(ج) ( بضائع) والصادرة في مطلع عام 1982م فإن خطر القرصنة مدرج في الشروط المسماة (أ) ولقد نصت هذه الشروط في باب الاستثناءات على استثناء الخسائر أو الأضرار أو المصاريف الناجمة عن الحجز أو الاستيلاء أو القبض أو الإيقاف أو المنع (باستثناء القرصنة)، ما ينشأ عنها أو عن محاولة القيام بها من نتائج.
وفي الشروطين (ب) و (ج) يرد نفس النص مع استبعاد جملة ( باستثناء القرصنة)، وهذا يعني أن خطر القرصنة يعد خطراً بحرياً مشمولاً وذلك بالنسبة للشروط المعهدية تلك فحسب. وبالنسبة للقرصنة في شروط تأمين أخطار الحرب والإضرابات – هياكل السفن الزمني- فإن هذه الشروط المعهدية المؤرخة بتاريخ 01/10/1983م وفي بند الاستثناءات تعتبر القرصنة مستثناة بعد أن اعتبرت خطراً بحرياً، لكنها تشمل في بند الأخطار المشمولة الذي ينص على أن المضربين أو العمال الذين منعوا من دخول موقع العمل أو الأشخاص المشاركين في الإضرابات العمالية أو الشغب أو الإضرابات الأهلية ، أي أنه إذا ارتكبت أعمال القرصنة من قبل العمال المضربين عن العمل أو العمال المجوزين خارج مكان العمل أو المشاركين في إضرابات عمالية أو شغب أو إضرابات أهلية فإنها تكون مشمولة. وفيما يتعلق بالشروط المعهدية الخاصة بأجسام السفن فإن القرصنة تعامل كأي خطر بحري عادي حيث يدرج بند الأخطار (القرصنة) مع أخطار أخرى كالحريق والانفجار والإلقاء في البحر.. إلخ.