08-03-2014 – بانوراما التأمين
التأمين صناعة متطورة عرفها العالم قديماً ودخلت سوقنا حديثاً تحت اسم التأمين التعاوني.. وهو نوع من الخدمات المالية التي تتعامل مع المخاطر وتشجيع الادخار على المدى الطويل.
وقد صدر المرسوم الملكي بالموافقة على تنظيم هذا النشاط في عام 1424هـ. وأسند الإشراف عليه لمؤسسة النقد التي رخصت حتى الآن لأكثر من 30 شركة، معظمها ذات رؤوس أموال صغيرة مقارنة بحجم سوق التأمين في المملكة، الذي يبلغ أكثر من 30 مليار ريال مع استثناء شركة أرامكو والخطوط السعودية، اللتين سمح لهما بالتعامل مع شركات التأمين العالمية.
ومما تقدم يتضح أن سوق التأمين كبيرة والكيانات العاملة فيه ضعيفة.. ولذا فإن مؤسسة النقد بإمكانها معالجة الوضع وإصلاح الخطأ المتمثل في منح تراخيص لشركات صغيرة تكون غير قادرة على الحركة أو توظيف الكوادر المناسبة، وإنما تكتفي بإيداع رؤوس أموالها في ودائع تجلب لها الحد الأدنى من الدخل، مما يعرضها مع مرور السنوات للخسائر، وقد أوقفت مؤسسة النقد أخيرا تداول أسهم إحدى الشركات بعد أن بلغت خسائرها حداً غير مقبول.
وكما ذكرت فإن بإمكان المؤسسة إصلاح الخطأ أن تطلب من الشركات الصغيرة زيادة رؤوس أموالها أو الاندماج فيما بينها، فبدلاً من 30 شركة نريد عشر شركات قوية، ولا سيما قد أضيفت للسوق شريحة جديدة وهي التأمين الإلزامي للمنشآت مرتفعة المخاطر، الذي نص قرار مجلس الوزراء على إلزامها بالتأمين ليس فقط الجهات الحكومية، وإنما الأهلية التي يرتادها أعداد ضخمة من الناس.. وهذا القرار أضاف لسوق التأمين نسبة لا تقل عن 20 في المائة وبمبالغ تصل إلى نحو أربعة مليارات ريال.. ويدخل هذا النوع من التأمين ضمن فرع الممتلكات الذي لا تعمل فيه الشركات السعودية كثيراً، حيث إن أهم فروع التأمين المتعارف عليها لدينا هو التأمين الطبي وتأمين السيارات.
وعودة إلى سوق التأمين العالمية أقول إن شركة مثل "لويدز" تعد من أضخم الكيانات المالية، حيث تستطيع أن تشتري المصارف، ويمثل حجم عملها موازنة بلد أو أكثر من بلدان العالم الثالث وهي تعمل في سوقنا بمبالغ ضخمة، خاصة مع الجهات غير الملزمة بالتعامل مع الشركات السعودية، ومن هنا فإن تقوية شركات التأمين السعودية والاندماج بينها ربما للتعامل مع "أرامكو" و"الخطوط السعودية"، ولن يتم ذلك إلا بقرار إلزامي لهاتين الجهتين المعروفتين بإسناد معظم خدماتها إلى شركات خارجية.
وأخيراً: هناك جانب مهم في صناعة التأمين السعودية وهو إقناع وتأهيل الشباب السعودي للعمل في هذا المجال المهم ليكون لدينا قطاع جاذب للشباب السعودي، حتى تبلغ نسبة السعودة فيه 95 في المائة كما هي الحال في القطاع المصرفي، وسيكون من أهم وسائل القناعة للعمل في شركات التأمين قوتها المالية وتنوع نشاطاتها، لا أن تكون مجرد "دكان صغير" للوساطة بين المؤمن وشركات التأمين الكبرى، محلية كانت أو أجنبية.