16/01/2013 – بانوراما التأمين
أصبح المواطن وصاحب القرار يدركان أهمية التأمين كأحد الحلول، التي يتم اللجوء إليها لتحسين وتجويد الخدمات المقدمة في مختلف المجالات.
هذه النظرة إلى التأمين تعكسها حقيقة واضحة وهي أن ثقافة المواطن والمسؤول تجاه التأمين في تزايد مستمر. فالمواطن الذي لا يحصل على الخدمات العلاجية الحكومية بالشكل اللائق والوقت المناسب يرى أن الحل هو في التأمين الصحي. والمسؤول الذي يخشى على الممتلكات العامة، التي يديرها يرى أن الحل هو في التأمين عليها ضد الأضرار المختلفة، التي يمكن أن تحصل لها جراء حريق أو إتلاف أو تعطل أو انقطاع في الخدمات أو حتى السرقة. والمواطن الذي يمتلك مركبة ويخشى عليها أو حتى منها ضد حوادث السير، ولا سيما بعد ارتفاع مبالغ الديات يرى أن الأسلم له هو في التأمين الشامل أو على الأقل في التأمين ضد حوادث السير، والتاجر الذي يخشى على بضاعته من الغرق أو الفقد أو السرقة، فإنه يرى أن الضمان له بعد الله هو في التأمين. وحتى المواطن الذي يسافر للخارج سواء لقضاء إجازته أو بسبب أعماله يرى أن أفضل حل لمجابهة المخاطر المالية أو الصحية التي يتعرض لها هو في التأمين.
إذاً، أصبح يُنظر إلى التأمين باعتباره حلاً سحرياً يقضي على كثير من المخاطر المترتبة على سوء العمل الإداري أو البيروقراطية الحكومية بحيث اعتدنا على أن نسمع في كثير من مجالسنا (بأن الحل هو في التأمين). وأصبحنا نسمع كذلك بأنه لو كان هناك تأمين لما حصل هذا الأمر. المشكلة هي أننا في الغالب لا نؤمن بالحلول الوسطى، فالمسألة لدينا في الغالب ذات لونين (إما أبيض أو أسود)، وقراراتنا في الغالب هي قرارات حديّة غير مدروسة أي أننا إما بالكامل مع الشيء أو أننا بالكامل ضده.
ولكن ما ينبغي أن ندركه هو أنه في التأمين لا يمكن أخذ المسألة بهذا الشكل، فأي قرار رشيد يخص التأمين ينبع من الفكرة التالية: وهي أن ما يمكن أن أتحمله ولا يمثل لي خطراً أو خسارة ثقيلة يجب أن أخرجه خارج دائرة التأمين وأسيطر عليه وأتعامل معه من خلال وسائلي الخاصة وقدراتي الطبيعية أو الإدارية، ولذلك يجب أن تكون لدي فكرة السيطرة على الخطر والتعامل معه بحيث لا يمثل لي مشكلة وما زاد على قدرتي أو طاقتي هو الذي ينبغي أن يكون محلاً للتأمين. فالقرار الرشيد على صعيد الخدمات الصحية مثلاً هو أن التأمين الصحي لا يكون إلا بالنسبة للخدمات التي لا تكون وزارة الصحة قادرة على تقديمها بالشكل المطلوب، مثل حالات الطوارئ وحالات عدم توافر السرير للمريض، وما إلى ذلك من الخدمات التي لا يحصل المريض عليها بالشكل المناسب فهي التي يجب أن تكون محل تأمين، فالتأمين هو في النهاية جزء من الحل وليس كل الحل