يعد التأمين التكافلي من المفاهيم حديثة النشأة في السوق المحلي في دولة الإمارات، ورغم التطور السريع الذي شهده الطلب على خدمات التأمين التكافلي في العديد من دول المنطقة والعالم، فإن الشركات العاملة في السوق المحلي مازالت تحقق الخسائر التشغيلية لأسباب عزتها الشركات إلى حجم السوق المحلي الذي تعمل فيه أكثر من 63 شركة تأمين، الأمر الذي يجعل آفاق النمو في أداء الشركات محدوداً للغاية، خصوصاً أن هذا الكم الكبير من الشركات دفع إلى منافسة حادة فيما بينها للاستحواذ على حصة من السوق لضمان بقائها واستمرار عملها في السوق .
قالت مصادر قطاع التأمين إن دخول شركات التأمين التكافلي أسهم في تنويع الخيارات المتاحة أمام المستفيدين من خدمات التأمين بشكل عام ولكن بقيت الشركات العاملة في القطاع رهينة عدم قدرتها على الابتكار وتطوير منتجات جديدة مختلفة تماماً عما تقدمه شركات التأمين التقليدية، مشيرة إلى أن أغلبية شركات التأمين التكافلي اتجهت وبقوة إلى الاستثمار في أسواق الأسهم والعقارات لتحقيق أقصى فائدة ممكنة من الطفرة التي شهدها القطاعان خلال السنوات الماضية وبشكل أخرجها عن مسار التركيز على أعمالها الفنية، الأمر الذي جعلها فيما بعد تدفع ثمن هذا التوجه مع الأزمة المالية وبالتالي أدت المخصصات إلى تكبدها خسائر كبيرة فاقت قدرتها في العديد من الأحيان، على الالتزام بدفع التعويضات لحملة الوثائق التي تصدرها .
وتوقع تقرير صدر مؤخراً عن “إرنست آند يونغ”، أن تصل مساهمات التكافل العالمية إلى 44 مليار دولار في العام ،2011 مقابل 15 .9 مليار دولار في العام 2010 المنصرم، مشيراً إلى أن المساهمات في شركات التأمين التكافلي ارتفعت بنسبة 31 في المئة، لتبلغ قيمتها 9 .6 مليار دولار على مستوى العالم في العام 2009 .
وأظهر التقرير أن أغلبية الشركات العاملة في هذا القطاع تركز على تحول أدائها التشغيلي لأعمالها خلال الشهور المقبلة عبر التركيز على زيادة عدد العملاء، وإن كان ذلك بشكل انتقائي مع الحفاظ على هيكل تكاليف أكثر مرونة .
ويتوقف نجاح هذه الاستراتيجية على توافر الخبرة التشغيلية، عبر جميع جوانب ترتيبات التأمين والمطالبات والحسابات التأمينية والتمويل والاستثمارات بتكلفة مجدية .
وأشار التقرير إلى تركز أنشطة التكافل في مناطق الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، وجنوب شرقي آسيا، وتصدرت السعودية تلك المناطق في العام 2009 بمساهمات بلغت قيمتها الإجمالية 86 .3 مليار دولار، تبعتها ماليزيا بمساهمات قيمتها 15 .1 مليار دولار، والإمارات بقيمة 640 مليون دولار، لتكون بذلك أكبر ثلاثة أسواق للتأمين التكافلي في العالم .
ويقول محمد مصبح النعيمي الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات “موارد” للتأمين، إن قصور الوعي التأميني أو غيابه من قبل المختصين وتثقيف المتلقي بأهمية التأمين التكافلي، يلعب دوراً كبيراً، إذ إنك تجد حتى اليوم، ورغم التحضر الذي نعيشه ونشهده اليوم، أناساً يعدون التأمين بصورة عامة، عبئاً على دخل الفرد وليس مساعداً، رغم أنه قد يكون داعماً لهم، لكن كما ذكرت فإن نقص المعلومات المتوافرة والإدراك التأميني قد حال دون ذلك .
وتابع: “كما أننا لا ننسى أن حالة شركات التأمين يحددها شكل النشاط الاقتصادي، والنشاط التأميني يعد انعكاساً للنشاط الاقتصادي لأي دولة، وهناك أزمة مالية شاهدتها دول العالم أجمع، واكبها المزيد من العقبات التي واجهت هذا السوق، تتمثل في تراجعات سوق العقار، إضافة إلى خسائر بعض شركات التأمين في استثماراتها القائمة، ومعاناة شركات تأمين من ارتفاع كلف إعادة التأمين العالمية، وأمام كل هذه المؤشرات الاقتصادية على جميع الصعد، كان لا بد من أن يتأثر قطاع التأمين سلباً بالانخفاض المرتقب في حجم السوق الذي نأمل أن تعوضه الانتعاشة التي تشهدها الإمارات اليوم بعد معافاتها من تلك الأزمة” .
وأضاف النعيمي أنه يجب عدم تعميم مبدأ الخسارة أو الربح على كل شركات التأمين التكافلية العاملة بالسوق، فكل شركة تأمين تختلف عن أخرى في مجال تأثر استثماراتها المحلية فبعضها يستثمر في أسواق الأسهم وهذه تعرضت لخسائر كبيرة نتيجة تراجع أسعار الأسهم، وكذلك الحال مع تلك التي تستثمر في العقار الذي تراجع هو الآخر إلى درجة كبيرة، وتختلف أيضاً الشركات في كيفية إدارة مواجهتها للأزمة، ووصف الوضع الحالي بأنه وقت انتظار لن يطول فلا تزال الفرصة مواتية في تحسن السوق إلى أفضل مما كان عليه .
وتابع: كما لا تنسى أيضاً أنه سوق واعد، حديث العهد وعدد كبير من الشركات العاملة في المرحلة التأسيسية ولم تقم بأي نشاط تشغيلي حتى الآن، ومطلوب منها أن تسعى إلى استقطاب العميل، وتقدم له قائمة من منتجاتها تجذبه بها على أساس المشاركة في الربح والخسارة، وهو ما لا يجده الجمهور عند شركات التأمين التقليدي، إلا أنها تواجه بعدم وعي الجمهور بالتأمين التكافلي، ولكن على شركات التأمين التكافلي أن تجد مكان الخسارة وتعالجه، وبذلك تكون النتيجة الربح الأكيد، دون أن نضطر إلى حضور المسلسل المتكرر الممل الذي أزعج العميل” .
واتهم صالح عبد الغفار الهاشمي العضو المنتدب لشركة “دار التكافل” للتأمين التكافلي، المعايير العالمية المحاسبية والمعترف بها دولياً، بأنها لم تكن منصفة مع التأمين التكافلي، ولم توضح آليات العمل والإجراءات بالنشاط التكافلي، حيث اقتصر اهتمامها على التأمين التقليدي، فيما كان المفترض أن يكون هناك بنية تحتية من معايير دولية تعمل في إطارها شركات التأمين التكافلي، لافتاً إلى أن هذا الوضع كان وراء تخبط بعض الشركات التي تعمل في ذات النشاط، كذلك دفع هذا الفراغ وغياب تلك المعايير بشركات تأمين تكافلي، لربط وعاء المخاطر بالشركة برأس مال المساهمين .
وأكد الهاشمي أن تلك الشركات التي تربط وعاء المخاطر بالشركة برأس مال المساهمين، يعكس ضعفاً في إدارة الشركة، مؤكداً أنه ليس بالضرورة إذا منيت شركات تأمين بخسائر في وعاء المخاطر، يعني ذلك الإضرار برأس مال المساهمين، فهناك شركات في السوق أضيرت بخسائر في وعاء المخاطر، إلا أنها تحقق أرباحاً ولم يمس رأس مال المساهمين بسوء .
وأشار إلى أنه قد يكون من سوء حظ بعض الشركات العاملة بالسوق أن يرتفع كم المطالبات على الإيرادات، وهنا فالأمر لا يقتصر على التأمين التكافلي، فقد يحدث الشأن نفسه مع التأمين التقليدي والأمر سيان بينهما، كذلك عدم نضج الوعي الفكري لدى المتعامل تجاه التأمين التكافلي يعد سبباً رئيساً أيضاً وراء تراجع بعض الشركات العاملة في ذات المجال” .
كما أننا لا نستطيع أن ننكر أثر الأزمة المالية في شركات التأمين لأن هذه الشركات مرتبطة بالوضع الاقتصادي بشكل عام، لوجود ارتباط لشركات التأمين بعدة مجالات منها التأمين البحري الذي تعرض لخسائر بعد تراجع التأمين على الواردات، والتأمين الهندسي الذي تقلص بدوره لاعتماده على العقار الذي انخفض كذلك، حيث تؤثر كل تلك الانخفاضات في ربحية شركات التأمين بشكل عام سواء أكانت تكافلية أم تقليدية، مؤكداً أنه ومع عودة النشاط الاقتصادي إلى طبيعته سيتغير الحال من سوء إلى أفضل مما كان عليه مسبقاً .