توصيف واحد كان على الدوام لتحرير السوق او التعويم؛ هو رفع الاسعار، وينطبق هنا مرة اخرى على مطالبات اتحاد شركات التأمين بتحرير اسعار التأمين الإلزامي على المركبات الذي تم رفعه على مراحل حتى تجاوز سعر البوليصة حاجز 100 الدينار سنويا، مع وضع غرامات بعضها مركب في محاولة لتحسين اداء فروع تأمينات السيارات الذي يحقق خسائر سنوية حسب تقارير الشركات، وهنا نتذكر قبل اشهر ماضية عندما تمردت الشركات على تقديم خدمة التأمين الإلزامي وعطلت مصالح العباد.
عندما يتقدم مالك المركبة للتأمين الإلزامي لايهدف الى الربح وإنما يسعى لتقليل خسائر محتملة، وأغلبية المؤمن لهم تمر السنة التأمينية بلا حوادث سير، اما من يواجه حادث سير فيتحمل عناء إصلاح المركبة والتفاوض مع شركات التأمين؛ التي غالبا ما تستقطع هنا وتفرض غرامة هناك من فتح «كروكة» بمبلغ 40 دينارا، يضاف اليها مخالفة سير، شركات التأمين تقرع الطبول دوما وتحذر من خسائرها بينما نجد عددا محدودا من شركات التأمين قانعة وتحقق ارباحا عن اعمالها في نهاية السنة؛ استنادا الى ادارة فعالة وكفؤة.
صحيح ان اسعار السيارات وقطع الغيار مستوردة من الدول الصانعة وان الاسعار تحددها بدرجة كبيرة دول المنشأ؛ الا اننا نجد ان اقساط التأمين الالزامي في عدد كبير من دول المنطقة تقل كثيرا عنها في المملكة بمعدل النصف، ولا نجد شركات التأمين تتبرم او تتباطأ في تقديم الخدمات او دفع التعويضات في حال وقوع حوادث مرورية، ولا تحاول عاما بعد عام المطالبة برفع اسعار الاقساط تحت طائلة التوقف عن تقديم الخدمات للمؤمن لهم.
ان مطالبات شركات التأمين برفع الأسعار هي مطالب غير منصفة وتعامل الجميع الملتزم والحريص من جهة ومن يتسبب بحوادث السير من جهة اخرى بنفس الدرجة، والاعدل وضع تصنيف للمؤمن لهم وفق معايير عديدة، واعتماد جداول للنقاط تثبت في ملف السائق، بدءا من، الفترة العمرية، نوع المركبة، عدد الحوادث المرورية التي تسبب بها السائق، ووضع حدود دنيا وسقوف لاسعار اقساط التأمين الالزامي، عندها سنجد سلوك سائقي المركبات في الشوارع قد تغير بهدف تجنب دفع اموال اكبر جراء عدم الانتباه او التمادي على الغير من مستخدمي الطريق والمارة، ومن المؤكد ان ذلك سيؤدي الى اختفاء ظواهر مؤلمة نعاني منها جميعا ونحن نستخدم مركباتنا.
تحرير اسعار اقساط التأمين دون وضع معايير متعارف عليها هو اجحاف ولا يقدم الكثير لصناعة التأمين وسائقي المركبات ومستخدمي الطريق، وتجارب الدول؛ عربية واجنبية غنية أسهمت في الارتقاء باستخدام السيارات في الطرق الرئيسة والفرعية، والهدف الاول كبح تنامي اعداد حوادث السير التي توقع مئات القتلى والجرحى ومئات الملايين من الدنانير تنزف سنويا تشكل هدرا كبيرا تجاوز الحدود المنطقية.