قالت فاطمة إسحاق العوضي نائب مدير عام هيئة التأمين الاماراتية إن عام 2012 سيشهد إعداد عدد من الأنظمة والتعليمات الجديدة من بينها نظام جديد لتنظيم أعمال وسطاء التأمين وآخر بشأن اختصاصات استشاريي التأمين وثالث في شان معايير إعادة التأمين

وأبلغت العوضي «البيان الاقتصادي» إن الهيئة تراقب عن كثب شركات التأمين التي تخرج عن الأسس الفنية المعتمدة وتعمد إلى اتباع سياسة حرق الأسعار لافتة إلى أن الهيئة ستطلب من تلك الشركات زيادة المخصصات الفنية لان تطبيق الأسس الاعتيادية لاحتساب تلك المخصصات لم يعد كافيا بالنظر لانخفاض الأسعار عن المستوى الفني الأمر الذي يعني عدم كفاية تلك المخصصات

وأكدت العوضي ضرورة قيام إدارات الشركات التي تتبع سياسة حرق الأسعار بتعديل سياستها حتى لا نفقد البقية الباقية من معيدي التأمين سواء في السوق المحلية أو الإقليمية وان تضطر تلك الشركات للجوء إلى معيدي تأمين من غير ذوي الضمانة العالمية.

وأشارت العوضي إلى أن العدد الكبير من شركات التأمين الوطنية والأجنبية في سوق الإمارات يؤدي إلى تفتيت الأعمال واشتداد المنافسة وعدم قدرة شركات التأمين الصغيرة على استقطاب الكفاءات الفنية الممتازة قائلة إن مجلس إدارة الهيئة قد اتخذ قرارا في وقت سابق بوقف منح رخص لشركات تأمين جديدة باستثناء تلك التي يتم طرحها من قبل الحكومات المحلية ومؤكدة ان هذا القرار لا يزال ساري المفعول وفي الوقت نفسه فان الهيئة تشجع وتحث شركات التأمين الصغيرة على الاندماج لإيجاد شركات قابلة للاستمرار والتطور.

إلى ذلك أكدت فاطمة العوضي ان التوطين في قطاع التأمين يتصدر أولويات عمل هيئة التأمين وخططها الإستراتيجية خلال السنوات القادمة بما ينسجم مع توجيهات القيادة الرشيدة وإستراتيجية الحكومة في هذا المجال لافتة إلى أن الهيئة عملت طوال المرحلة الماضية على رفع نسب التوطين من خلال التخطيط والمنهج العلمي الذي يساعد على تأمين الاستقرار الوظيفي وتعزيز جاذبية العمل في هذا القطاع. وفيما يلي نص الحوار

ناقش المجلس الوطني الاتحادي مشروع قانون بتعديل قانون انشاء هيئة التأمين ما هي أهم التعديلات التي يتضمنها المشروع وتأثيراته المحتملة على قطاع التأمين ؟

لا تظهر الجوانب الايجابية والسلبية للقوانين والانظمة إلا عندما توضع موضع التطبيق. لقد مضت مدة تقارب الخمس سنوات على صدور القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2007 في شأن إنشاء هيئة التأمين وتنظيم أعماله ومن الطبيعي أن يحتاج هذا الجانب او ذاك من جوانب القانون للتعديل وخصوصاً في حقل متطور مثل حقل التأمين.

 

انظمة جديدة

ما هي أهم الأنظمة والتعديلات التي هي بصدد المراجعة او الاعداد من قبل هيئة التأمين؟ متى تتوقعون صدورها ؟ وما هي انعكاساتها المتوقعة على القطاع ؟

لقد شهد عام 2011 صدور العديد من الانظمة والتعليمات والقرارات الهادفة إلى اعادة تنظيم سوق التأمين الاماراتية . كما شهد العام المذكور تحضير مشاريع الانظمة والتعليمات الخاصة بتنظيم الجوانب المالية لأعمال شركات التأمين حيث عقدت اجتماعات عديدة مع المسؤولين في شركات التأمين لمناقشة تلك الانظمة والتعليمات. وستأخذ تلك التنظيمات طريقها إلى مجلس إدارة الهيئة من اجل اعتمادها. وستشهد سنة 2012 اعداد انظمة وتعليمات اخرى على رأسها نظام جديد لتنظيم أعمال وسطاء التأمين واستشاريي التأمين ومعايير اعادة التأمين وغير ذلك من التنظيمات.

حذر البعض من استمرار سياسة حرق الأسعار وتأثيراتها السلبية على القطاع وعلى العلاقة مع شركات اعادة التأمين العالميـة ، كيف تنظرون في هيئة التأمين الى هذه الظاهرة والى اي مدى ستعمل الهيئة او ستساهم في ايجاد حلول لها؟

سياسة حرق الأسعار أو سياسة البيع بأقل من الكلفة سياسة محفوفة بالمخاطر وقد تؤدي إلى وقوع الشركة في مشاكل مالية. وفي حالة عدم اتخاذ الإجراءات التصحيحية في الوقت المناسب فقد يؤول الأمر إلى توقف الشركة عن الدفع، وعند ذاك تتعرض ليس فقط حقوق المساهمين للضياع ، بل والاخطر من ذلك ضياع حقوق حملة وثائق التأمين.

أما الاسباب الكامنة وراء قيام بعض إدارات شركات التأمين باتباع هذه السياسة فقد تكـون عن سوء فهم أي عن جهل وهذا أمر خطير، وقد تكون مقصودة وهذا أخطر.

المشكلة في اعمال التأمين ( باعتبارها من الخدمات المالية ) أن الكلفة الفعلية خلافاً للبضائع المادية لا يمكن معرفتها إلا بعد الاستهلاك اي أن شركة التأمين تبيع الضمان ابتداء ثم لابد من الانتظار إلى نهاية مدة التأمين لمعرفة الخسائر وهي المكون الاساسي للكلفة. وذلك فهي مضطرة إلى تحديد السعر بالاستناد إلى الاحصائيات عن الفترة السابقة مع تعديد المخرجات الاحصائية عن طريق التنبؤات المستقبلية.

وخلال فترة الرواج الاستثماري التي سبقت الأزمة الاقتصادية العالمية كانت المقولة السائدة تتبنى سياسة حرق الاسعار في بعض فروع التأمين التي تشكل رافداً للتدفق النقدي الذي يوجه إلى الاستثمار ، ومن ثم تحقيق عوائد استثمارية عالية تغطي الخسائر الفنية وتحقق فائضاً مجزياً. وقد أثبتت الاحداث خطأ تلك السياسة حينما تبخرت العوائد الاستثمارية وحققت في نفس الوقت أعمال التأمين خسائر فادحة بسبب تلك السياسة.

وسواء كان اتباع هذه السياسة مقصوداً أو غير مقصود فان نتائج خطيرة تترتب على ذلك وقد أشرنا اليها.

 

مسؤولية مجلس الإدارة

وبالنسبة إلى الشق الثاني في السؤال وهو الحل الأمثل؟ المسؤولية الاولى في المجال تقع على عاتق إدارة الشركة ثم على مجلس إدارة الشركة ثم على الجمعية العمومية للشركة. فقواعد حوكمة الشركات تتطلب وجود لجنة رقابة داخلية ويفترض بهذه اللجنة أن تدقق في معدلات الخسائر في كل فرع من فروع التأمين على حدة وأن تقدم تقاريرها إلى مجلس الإدارة وعلى مجلس الإدارة أن يتابع هذا الموضوع المهم على اساس ربع سنوي وان يصدر التوجيهات إلى إدارة الشركة لتصحيح المسار. بل ان من حق الجمعية العمومية للشركة مناقشة هذا الموضوع في حالة وجود مؤشرات على السير في طريق الانحدار. لذلك لا أجد مبرراً لإعفاء جميع تلك الاجهزة من المسؤولية.

وبالنسبة لهيئة التأمين وهي الجهة الرسمية المعنية باستقرار سوق التأمين والحفاظ على مصالح مستهلكي التأمين وحملة وثائق التأمين والمستفيدين من تلك الوثائق فإننا نراقب باهتمام تلك الشركات التي تخرج على الاسس الفنية المعتمـدة. وتقوم الهيئة اولاً بالاستيضاح من إدارة الشركة حول معدلات الخسائر لديها وفي حالة اتجاه الخط البياني للصعود بشكل كبير ومستمر فلا بد أن تقدم إدارة الشركة إلى الهيئة الاسباب والاجراءات التي ستتخذها لتصحيح الوضع وقد يؤدي الأمر إلى جلب انتباه مجلس الإدارة.

كما أن الهيئة ستقوم بالطلب إلى تلك الشركات التي تمارس سياسة حرق الاسعار لزيادة المخصصات الفنية لأن تطبيق الاسس الاعتيادية لاحتساب تلك المخصصات لم يعد كافياً بالنظر لانخفاض الاسعار عن المستوى الفني الأمر الذي يعني عدم كفاية تلك المخصصات.

وهناك جهة اخرى يعنيها موضوع التسعير بشكل غير مباشر الا وهي شركات إعادة التأمين العالمية والتي تقوم عادة بدراسة سياسة التسعير التي تتبعها شركات التأمين وتقوم بتقديم المقترحات لتعديل تلك السياسة أو وضع قيود معينة في اتفاقيات اعادة التأمين، وقد يؤدي بها الأمر إلى الانسحاب من التعامل مع شركات التأمين.

 

سياسة حرق الاسعار

تحدث مسؤولون في قطاع التأمين عن تشدد شركات الاعادة في شروطها لعقود عام 2012 بسبب استمرار سياسة حرق الاسعار وبالتالي ازدياد حجم المخاطر كيف تنظرون الى صحة ذلك وتأثيراته على اداء سوق التأمين لعام 2012؟

التشدد احياناً والمرونة احياناً اخرى ظواهر معتادة في السوق الدولية لإعادة التأمين. والاسباب عديدة ولا تقتصر على حرق الاسعار . ومع ذلك فان ذلك يشكل تحذيراً لشركات التأمين التي تتبع تلك السياسة.. فشركات اعادة التأمين هي شركات تجارية هدفها تحقيق ارباح شأنها شأن شركات التأمين التقليدية، وان شركات إعادة التأمين التقليدية مستعدة لتحمل الخسائر مع شركة التأمين لسنة أو سنتين. اما اذا كان الخط البياني لمعدلات الخسائر في صعود سنة بعد اخرى فانه لا يتوقع من تلك الشركات الاستمرارية في مساندتها لشركة التأمين ما لم تعدل شركة التأمين سياستها التسعيرية.

هل تأكدت الهيئة من موضوع انسحاب العديد من شركات اعادة التأمين العالمية من سوق دولة الامارات وما هي تأثيرات هذا الانسحاب اذا كان صحيحا على قطاع التأمين في الدولة وسمعته ومن هي الشركات التي انسحبت بالفعل؟

إن زيادة أعداد شركات إعادة التأمين العالمية أو انخفاضها في أي سوق خاضع لاستراتيجة هذه الشركات وخططها ومصالحها الخاصة، وليس بالضرورة بسبب موضوع الاسعار. فمثلا يلاحظ خلال الفترة الماضية أن بعض شركات إعادة التأمين العالمية قامت بالانسحاب من العديد من اسواق التأمين الخليجية والعربية لأسباب متعددة منها ما قد تعلقت بتحملها خسائر جسيمة بسب الكوارث الطبيعية التي حلت ببعض الاقطار غير العربية ومنها ما تعلقت برغبتها في وضع قيود التأمين.

ومع ذلك فهناك شركات اعادة تأمين عالمية اخرى قامت بسد الفراغ الناجم عن تلك الانسحابات بحيث يمكن القول انه لم يصل الى علمنا ان بعض كان شركات التأمين بقيت مكشوفة بعد 1/1/2012.

واذا كان الأمر كذلك فإن على إدارات الشركات التي تتبع سياسة حرق الاسعـــــار أن تعدل في سياستها لئلا تفقد البقية الباقية من معيدي التأمين سواء في السوق المحلية أو الإقليمية ، أو أن تضطر إلى اللجوء إلى تأمين من غير ذوي الضمانة العالية.

عدم الترخيص لشركات جديدة

يحذر خبراء من استمرار سياسة الافراط بتأسيس شركات تأمين جديدة في سوق صغير نسبيا مثل سوق دولة الامارات ما هي سياستكم في هذا المجال؟

يبلغ عدد شركات التأمين ( الوطنية والاجنبية ) العاملة في سوق التأمين في الدولــــــــــة (61) شركة وهذا عدد كبير بالقياس إلى حجم سوق التأمين الأمر، الذي يعني ( تفتت الأعمال ) واشتداد المنافسة وعدم قدرة شركات التأمين الصغيرة على استقطاب الكفاءات الفنية الممتازة، الأمر الذي قد يعرض الشركة للوقوع في بعض الاخطاء.

لذلك اتخذ مجلس إدارة هيئة التأمين في وقت سابق قراراً يقضي بإيقاف منح الرخص لشركات تأمين جديدة ( وطنية أو اجنبية )، باستثناء الشركات التي يتم طرحها من قبل الحكومات المحلية . ومازال القرار المذكور ساري المفعول.

كما أن هيئة التأمين تشجع وتحث شركات التأمين الصغيرة على الاندماج لإيجاد شركات تأمين قابلة للحياة والتطور.

يلاحظ وجود وسطاء تأمين غير مرخصين يمارسون نشاطات تأمينية في السوق المحلية. كم عدد الوسطاء الذين قامت الهيئة بشطبهم خلال الفترة الماضية، وكم عدد الوسطاء حاليا؟ وما هي التدابير أو الإجراءات التي تتخذها الهيئة تجاه المخالفين؟

يبلغ عدد وسطاء التأمين العاملين حالياً في السوق (170) وسيطاً بعد أن تم شطب قيد (74) وسيطأ مسجلا لدى الهيئة وذلك بسبب عدم توفيق أوضاعهم مع الشروط التي نص عليها قرار معالي وزير الاقتصاد بتاريخ 25/12/2009، اما بالنسبة لبعض الاشخاص الذين يقومون بأعمال وساطة التأمين دون أن تكون لديهم رخصة صادرة عن هذه الهيئة فقد قام مفتشو الهيئة برصدهم واتخاذ الاجراءات بحقهم.

كما اننا ندعو الجمهور إلى التأكد من أن الوسيط الذي يريدون التعامل معه هو مرخص من قبل الهيئة لأن التعامل مع وسطاء غير مرخصين قد يعرض مصالحهم للخطر . كما أن شركات التأمين من جانبها غير مخول بالتعامل مع وسطاء غير مقيدين.

ما مدى التزام الوسطاء بقرارات تنظيم المهنة والشكاوى المرفوعة على بعضها إن وجدت؟

تضم سوق التأمين المحلية عدداً من وسطاء التأمين الممتازين كفاءة فنية ومقدرة مالية وعلاقات حسنة مع الجمهور وشركات التأمين على السواء.

مع ذلك وبالنظر للعدد الكبير لوسطاء التأمين العاملين في السوق ، فان ملاحظات عديدة توفرت لدينا عن بعض الوسطاء الذين لا علاقة لهم بالتأمين لا من قريب ولا من بعيد ، وهذا أمر يشكل ظاهرة سلبية لا تتناسب مع سمعة سوق التأمين الاماراتية.

لذلك تعمل هيئة التأمين حالياً على اعداد مشروع لنظام جديد لتنظيم أعمال وسطاء التأمين وذلك من اجل الارتفاع بمستوى هذه المهنة التي تشكل رافداً تسويقياً مهماً يصب في مصلحة الجمهور من جهة ومصلحة شركات التأمين من جهة اخرى.

 

التوطين أولوية مقبلة

البعض يقول إن المواطنين يحجمون عن العمل في قطاع التأمين لسببين الأول لاعتقاد البعض بمخالفته للشريعة الاسلامية والثاني يتعلق بالدوام والمرتبات وصعوبة العمل ما هو تعليقك على هذا الطرح؟

نود بداية أن نشير إلى أن التوطين في قطاع التأمين المحلي يتصدر أولويات عمل هيئة التأمين وخططها الاستراتيجية خلال السنوات القادمة بما ينسجم مع توجيهات القيادة الرشيدة واستراتيجية الحكومة في هذا المجال . انطلاقا من هذه الأولوية عملت الهيئة طوال المرحلة الماضية على رفع نسب التوطين وتغييرها من خلال التخطيط والمنهج العلمي الذي يساعد على تأمين الاستقرار الوظيفي وتعزيز جاذبية العمل في قطاع التأمين المحلي، وذلك عبر اصدار القوانين والتعليمات المختلفة التي تساعد على زيادة اعداد المواطنين العاملين في شركات التأمين في الدولة، وتساهم في توسيع قاعدة التدريب والتأهيل ورفد المواطنين العاملين بأحدث النظم والأساليب العلمية والمهنية المتبعة في العالم بما يضمن رفع المستوى المهني والعلمي للكوادر الوطنية العاملة في شركات التأمين.

وفيما يتعلق بالاسباب التي ذكرتموها بشأن احجام المواطنين عن الالتحاق بقطاع التأمين تنقسم إلى مجموعات ثلاث:

الاولى:ـ وتتعلق بموقف الشريعة الاسلامية الغراء في أعمال التأمين: في هذا المجال نقول إن هناك عشر شركات تأمين تكافلي تعمل وفقاً لمبادئ الشريعة الاسلامية وبالتالي فالمجال مفتوح والمشكلة محلولة بالنسبة لمن يحجم بسبب ذلك.

الثانية : موضوع المرتبات : نشير بهذا الصدد إلى وجود كادر وظيفي خاص بالموظفين يعتمد سلماً وظيفياً معيناً كما أن خطة التوطين للسنوات 2012 ــ 2014 قد تضمنت بعض الحوافز الأخرى التي نأمل أن تكون عاملاً مشجعاً للمواطنين للالتحاق بالعمل في قطاع التأمين.

الثالثة : موضوع الدوام وصعوبة العمل فأود أن اشير إلى أن الشابة الاماراتية والشاب الاماراتي قد اقتحما ميادين اكثر صعوبة واثبتا كفاءة ومقدرة . أما البحث عن دوام قصير وعمل خال من الصعوبة فإنني اتمنى ان لا يكون ذلك منتهى هدف إخواتنا واخواننا ، فالميادين الصعبة يجب أن تشكل تحدياً للمواطن وحافزاً له لاثبات الوجود.