23-07-2012 – بانوراما التأمين
نصت المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1949م أن على الدولة اتخاذ تدابير الضمان ليتمتع جميع المواطنين بمستوى معيشي مناسب فيما يخص المأكل والمشرب والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية.
والدول والحكومات التي تهتم بمواطنيها تولي الرعاية الصحية أهمية قصوى على اعتبار أن حياة الإنسان هي أثمن شيء، وتتسابق الدول والحكومات في إظهار هذا الجانب وتقديمه ليكون في رأس قائمة أولوياتها وخططها التنموية.
في استراليا مثلاً هناك أكثر من نوع من التأمين الصحي والمواطن يفاضل في الاختيار بينها، وجميع المواطنين مؤمنون صحياً، وفي اليابان ثلاثة أنواع للتأمين الصحي أحدها خاص بالمسنين، والتأمين عندهم في بعض الحالات يغطي حتى تكاليف المواصلات، وبالتالي أصبحت مسألة التأمين الصحي تأخذ بعداً إضافياً هو البعد الوطني والتكافلي على اعتبار أن التأمين الصحي فرع من فروع التأمين الاجتماعي، فإذا كانت الدول المتقدمة تحرص على التأمين الصحي لكافة مواطنيها وهي دول معدلات دخل الفرد فيها مرتفعة وغالبية السكان قادرون على تغطية نفقات علاجهم، إلا أنها تحرص على توفير التأمين الصحي بشتى الوسائل سواء الحكومي منه أو التجاري الربحي أو التعاوني التكافلي غير الربحي.
فما بالنا في الدول النامية التي تسجل البطالة والفقر بل ووجود أرقام مفزعة أحياناً تحت خط الفقر، حيث قلة من الموسرين القادرين على تحمل تكاليف علاجهم وتوفير الأمان والاطمئنان الصحي لهم ولمن يعولون، مقابل أكثرية عاجزة.
ومع أن التأمين في غالبية الدول لا يغطي بعض الأمور الصحية فيما يتعلق بالعيون أو الأسنان أو عمليات التجميل، حتى إن دولة كاليابان لا يغطي التأمين عندها الولادة على اعتبار أنها غير مصنفة كحالة مرضية، إلا أن هناك فرقا في الأداء والمعايير في التأمين الصحي بين دولة وأخرى، وهذا البون يبدو شاسعاً ويأخذ أقصى مداه حين تكون المقارنة بين دولة متقدمة ودولة نامية، وفي حالتنا الفلسطينية وباستثناء موظفي القطاعات الحكومية ومنسوبي كبريات الشركات فلا نكاد نجد إلا النزر القليل من التأمين الفردي من خلال وزارة الصحة ولمستشفياتها تحديداً، وبالتالي فإن السواد الأعظم من المواطنين بلا تأمين صحي وأكثر الناس تضرراً هم هذه الفئة حيث لا تتوفر لديهم الإمكانية ولا القدرة لتوفير تكاليف الرعاية الصحية لهم ولأسرهم، ويعيشون هَمَّ الغذاء والدواء في آن واحد!!، وما يزيد الأمر سوءاً أحياناً ما يحصل من اهتمام فائق بحالات صحية لشخصيات لا تستدعي كل هذه الأوامر والسفر للعلاج بالخارج مع ما يقابلها من أصوات غير مسموعة لحالات في مراحل حرجة في صراعها مع المرض!!.
إن الغذاء والدواء مسألتان في غاية الأهمية، وكلنا نتذكر أنه أثناء الحصار الدولي الذي كان مفروضاً على العراق كان هناك استثناء للغذاء والدواء من الحظر المفروض لأنه لا حياة بلا غذاء ولا دواء، فهل نشهد في أرض المحشر والمنشر إعادة نظر في موضوع الخدمات الطبية وبرامج الرعاية الصحية للمواطنين، ولو حتى بالبحث عن دولة أو جهة من المانحين بالتنسيق والتعاون مع منظمة الصحة العالمية، لأنه وبكل صراحة، برنامج التأمين الصحي الحالي في الوطن برنامج أعور، ولا يغطي إلا شريحة معظم أفرادها قادرون ويهمل أكبر الشرائح في الوطن الذين يصارعون الغلاء للحفاظ على البقاء