12-01-2014 – بانوراما التأمين

خيرا فعل المسؤولون في السعودية بإقرار نظام التأمين ضد التعطل (ساند) بالنسبة للمواطنين السعوديين الذين يتعرضون للفصل من وظائفهم. فقد تم اتخاذ هذا القرار النوعي في الأسبوع الماضي خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة.

ويمكن تفهم مسألة منح فترة سماح لتنفيذ المشروع لمدة 6 شهور، حيث من شأن ذلك إعطاء الجهات ذات العلاقة مثل المؤسسات فرصة تكييف أوضاعها مع القانون الجديد الملزم على جميع القوى العاملين السعوديين في القطاعين الخاص والعام.
وفيما يخص تمويل المشروع ، يلزم القانون كلا من المشترك وصاحب العمل بدفع 1 في المائة من أجر العامل بواقع 2 في المائة من الأجر الشهري للمشتركين. وهذا يعني عدم تحمل الحكومة أي التزامات مالية ما يعد أمرا مثيرا ويعكس مدى حرص الجهات المسؤولة للحفاظ على سلامة أوضاع المالية العامة.
وعليه، يختلف مشروع ساند عن نظيره البحريني والذي تم إقراره في العام 2007 والذي يحتسب 3 في المائة من أجر العامل مناصفة بين العامل وصاحب العمل والحكومة. وفي كل الأحوال، لا يزال مشروع التأمين ضد التعطل في البحرين غير مشهور عند البعض على الرغم من مضي عدة سنوات على تنفيذه. وتكمن حجة المعارضين بأن الحكومة وحدها يجب أن تتحمل الأمور المرتبطة بغير العاملين كونها السلطة وهو موقف لا ينسجم مع مبدأ التكافل الاجتماعي.
عودة لموضوع المقال، يتميز مشروع ساند في السعودية بكرمه عبر منح العامل الفاقد لوظيفته لأسباب خارجة عن إرادته معونة تمثل 60 في المائة من متوسط الأجر لآخر سنتين وذلك خلال الشهور الثلاثة الأولى بعد البدء. لكن تنخفض النسبة إلى 50 في المائة من الراتب ابتداء من الشهر الرابع لحين انتهاء المدة وهي نسب جديرة في كل حال من الأحوال.
تتضمن بعض التفاصيل المرتبطة بمشروع التأمين ضد التعطل حصول المستفيد على مبلغ شهري وقدره 2400 دولار كحد أقصى خلال الشهور الثلاثة الأولى لاستلام المعونة ومن ثم 2000 دولار شهريا كحد أقصى بعد مضي هذه الفترة. مهما يكن من أمر، سوف لن يقل مبلغ التعويض عن 533 دولارا شهريا وهو الحد الممنوح حاليا للعاطل في إطار مشروع (حافز) والذي يقدم بدلا ماديا للمواطن الذي يواجه صعوبة في الحصول على وظيفة مناسبة.
حقيقة القول، لم تنشر السلطات المسؤولة كافة الشروط المرتبطة بتنفيذ المشروع، لكن ليس من المستبعد أن تمتد مدة استلام التعويض المالي إلى 12 شهرا في حال عدم قدرة المفصول عن العمل إيجاد وظيفة ملائمة. عموما، يتوقع أن يؤكد القانون على مبدأ قيام المشترك المقال من وظيفته بالبحث عن وظائف جديدة بشكل مستمر ودراسة ما يعرض عليه من فرص عمل.
من جملة الأمور الأخرى، يتميز مشروع ساند بتطبيقه على جميع العاملين السعوديين في القطاعين العام والخاص وليس فقط الخاص. لكن من الإنصاف القول بأنه يهدف أساسا إلى تعزيز التحاق المواطنين السعوديين للعمل في مؤسسات القطاع الخاص. الاعتقاد السائد عبارة عن تحاشي القطاع العام فصل المواطنين في الظروف الطبيعية بالنظر للارتباط بالدولة.
وحسب أفضل الإحصائيات المتوفرة، يعمل 1.5 مليون سعودي في مؤسسات القطاع الخاص في الوقت الحاضر. لكن يشتهر هذا القطاع بتوظيفه أضعاف هذا العدد من العمالة الوافدة والتي تنافس على أسس الكلفة والإنتاجية.
في المجموع، يعد مشروع ساند أحدث حلقة ضمن خطط المملكة لمعالجة التحديات التي تواجه العمالة المحلية. وقد بدأت السعودية في العام 2013 بتنفيذ مشروع يعرف باسم نطاقات يهدف لتنظيم سوق العمل من خلال الضغط على مؤسسات القطاع الخاص بتوفير فرص العمل للمواطنين. يستند مشروع نطاقات على مبدأ منح أو الحد من إعطاء تأشيرات للعمالة الأجنبية بناء على مستوى توظيف المواطنين السعوديين.
تؤكد الإحصاءات المتوفرة بأن البطالة في أوساط العمالة المحلية مسألة مهمة، إذ تبين بأن عدد العاطلين بلغ نحو 629 ألفا في الربع الأول من العام 2013. ويترجم هذا الرقم إلى بطالة قدرها 12 في المائة من القوى العاملة الوطنية وهي نسبة عالية نظرا لكونها أكبر بلد مصدر للنفط الخام على مستوى العالم.
إضافة إلى ذلك، تتركز البطالة في الفئة العمرية ما بين 20 إلى 24 سنة أي سن العطاء والإنتاجية. ويزداد مستوى التحدي مع الأخذ بعين حقيقة أن نحو 40 في المائة فقط من الشباب السعودي في سن العمل منخرطون ضمن القوى العاملة ما يعني بأن النسبة الفعلية للبطالة أعلى من الرقم المشار إليه.
تعود إحصائية البطالة المشار إليها إلى حقيقة مرة مفادها توجه عدد كبير من الإناث بعدم الانضمام لسوق العمل بعد التخرج بغية التفرغ للرعاية الأسرية. لا شك، يشكل هذا الأمر خسارة للاقتصاد السعودي حيث المشهور عن الإناث حصولهن على أفضل النتائج الأكاديمية. للأسف، لا تتوافر إحصاءات حول القيمة المالية للخدمات التي تقدمها المرأة من المنزل.
يتلخص التحدي الأبرز في السعودية بتوفير مستوى كاف من فرص عمل للشباب. يعتقد بأن أكثر من ثلث المواطنين هم دون 15 عاما ما يعني بأن عدد غير قليل منهم سوف يدخلون سوق العمل لسنوات متتالية بحثا عن وظائف مناسبة من حيث الراتب والنوعية وفرص الترقية.
بقي علينا انتظار نشر اللائحة التنفيذية لمشروع ساند للوقوف على بعض التفاصيل الحيوية عدا التأكيد على عدم تجاوز المشترك سن 59 عند انضمامه للبرنامج. يشار إلى أن القانون السعودي يلزم سن التقاعد للمواطنين عند 60 عاما. وهناك محاولات بتقييد سن التقاعد للعمالة الأجنبية كما هو الحال عند المواطنين السعوديين لكن التوجه غير مشهور لدى الأجانب لأسباب يمكن تفهمها، حيث الرغبة باكتساب أكبر قدر من الأموال وإرسالها للأحبة.