26-12-2012 – بانوراما التامين

عمان – بالرغم من أن تأمين الرعاية الصحية لكافة المواطنين في المملكة تعتبر حق إنساني وعامل أساسي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، إلا أنه ووفقاً لإحصائيات فإن حوالي (803) آلاف مواطن لا يتمتعون بأي نوع من التأمينات الصحية وهم يشكلون ما نسبته (12,75%) من إجمالي تعداد المواطنين في المملكة والبالغ عددهم قرابة (6,3) مليون مواطن، حيث تتوزع نسب التغطيات التأمينية لسكان المملكة حسب نوعها ما بين تأمين صحي مدني (41.25%)، عسكري (27.15%)، وكالة الغوث (8.5%)، تأمين خاص (6%)، صناديق نقابات ومؤسسات (3%)، وتأمين جامعي (1.3%).
الذي يدعوني للاهتمام والكتابة في هذا الموضوع هو ما حدثني به صديق لي يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية المستقلة منذ ما يزيد عن عشر سنوات عن الآلام التي باتت تعتريه منذ شرعت الحكومة في هيكلة المؤسسات الحكومية وبالقرارات المتسرعة والغير مدروسة التي تفرض عليهم كالقدر القدير ضاربةً بعرض الحائط كافة الأنظمة والتعليمات التي منحتهم الامتيازات حين تم قبولهم للعمل في تلك المؤسسات، وخير مثال على ذلك التأمين الصحي للموظفين وعائلاتهم.

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها وطننا الحبيب، إن التقشف مطلوب من الجميع، وأن الوقوف إلى جانب وطننا في محنته واجب وطني مقدس على الجميع، وبالرغم من أن التأمين الصحي الخاص حق مكتسب لصديقي وأمثاله من الموظفين في المؤسسات المستقلة وفقاً لما شرعته لهم أنظمتهم، إلا أنني أعتقد بأنهم لا يمانعون بالتنازل عن هذا الحق لدعم الوطن فيما لو قامت الحكومة بتوفير البديل لهم، لكن هل يجوز للحكومة سحب تأميناتهم الصحية الخاصة قبل ضمانها لتوفير التأمين الصحي المدني كبديل لهم، فإنه وكما حدثني صديقي فقد أعلنت الحكومة إنهاء تأميناتهم الصحية الخاصة اعتباراً من تاريخ 31/12/2012 وإخضاعهم إلى التأمين الصحي المدني اعتباراً من تاريخ 1/1/2013، إلا أنها – والحديث هنا عن الحكومة – لم تقم باستكمال إجراءات ضمهم إلى هذا النوع من التأمينات لبعض متطلباتها التي من الصعب تحقيقها قبل دخول العام 2013 بفترة من الزمان، فإن لم تكن الحكومة جاهزة لاستكمال إجراءات ضم هذا الكم من الموظفين وعائلاتهم إلى التأمين الصحي المدني اعتباراً من التاريخ المذكور، فلماذا تسرعت باستصدار هذا القرار، وما الذي سيجري على أولئك الموظفين عند انقطاعهم وعائلاتهم فترةً غير معلومٌ نهايتها عن التأمين، أم أن الحكومة ماضيةً في زيادة نسبة عدد الأفراد الذين لا يتمتعون بأي نوع من التأمينات الصحية لسوء التوقيت في إصدار لقراراتها.

نحن هنا لا نتحدث عن عدم كفاية العلاجات ومستلزماتها ولا عن نقص الأجهزة وتدني مستوى الخدمات وغياب الكفاءات ورداءة الخدمات المقدمة، كما أننا لا نتحدث عن الاكتظاظ في المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية التابعة للحكومة وعدم جاهزيتها لاستقبال الأعداد الجديدة من المنتفعين، نحن نتحدث الآن عن حقوق مكتسبة لموظفين يتمتعون بتأمين صحي شرعته لهم أنظمة وقوانين، فبأي حق تقوم الحكومة بإلغاء تأميناتهم قبل انتهائها من ضمان إلحاقهم إلى تأمينها الموعود في الوقت المناسب ودونما انقطاع؟؟؟ إنني أرجو كل ما أرجوه من قبل الجهات الرسمية المعنية بإصدار أمر فوري بقبول تغطية أولئك الموظفين وعائلاتهم إلى التأمين الصحي المدني مباشرةً واعتماد هويات الأحوال المدنية الخاصة بهم لهذه الغاية إلى حين استكمالها إجراءات إلحاقهم بهذا التأمين أو الموافقة لهم على تمديد تأميناتهم الصحية الخاصة لفترة مناسبة لا تزيد في حدها الأقصى عن ستة شهور لضمان استمرارية شمولهم بالتأمين الصحي دونما أي انقطاع.
اللهم اشهد بأني قد بلغت
اللهم اشهد بأني قد بلغت