05-01-2011 – بانوراما التأمين

خمسة مقترحات تلك التي قدمتها شركات التأمين في كتاب رسمي رفعته أول من أمس إلى رئيس الوزراء عون الخصاونة، للخروج من ما أسمته بـ»مأزق» تفاقم الخسائر وانعدام الربحية.
وقالت الشركات في كتابها أن قطاع التأمين يمر اليوم بمفترق طرق وحاجة الى حلول جذرية لإصلاح أوضاعه بعد تعرض معظم شركاته الى خسائر قاربت في مجموعها التراكمي 130 مليون دينار، ودفعها لتعويضات زادت عن مليار دولار خلال العشر سنوات الماضية، لافتة الى تعثر جهود القطاع في التوصل الى حلول «منصفة وعادلة».

وأكدت الشركات أن قطاع التأمين أصبح « غير مجد» على الإطلاق لمعظم المستثمرين في القطاع المالي من ناحية، فيما أبدت تخوفها – الشركات- من عدم إمكانيتها بالوفاء بالتزاماتها المالية اتجاه المؤمن لهم في حال بقاء الحال على ما هو عليه، الأمر الذي يشكل خسارة فادحة للمواطن بشكل عام وللاقتصاد الوطني بشكل خاص.

ومن أبرز المقترحات التي تقدمت بها الشركات، تعديل أسعار التأمين الإلزامي وبما يتناسب مع حجم مسؤوليات شركات التأمين وبما يضمن تحقيق الشركات لهامش ربح معقول من 10% الى 15% أسوة ببقية القطاعات الاقتصادية الأخرى.

وأشارت الشركات، الى الأوضاع الصعبة التي يعاني منها قطاع التأمين الأردني الذي يعتبر أحد روافد الاقتصاد الأردني والركيزة الأساسية لحماية مقدرات الوطن ودفع عجلة الاستثمار وتوفير الأمن والحماية للمستثمرين المحليين والعرب والأجانب بالإضافة الى المواطنين والزائرين الى المملكة وتظهر جليا خدماته في حجم التعويضات السنوية التي يدفعها القطاع الى المتضررين والمؤمن لهم والتي زادت عن مليار دولار خلال العشر سنوات الماضية.

وأضافت أن النتائج الموثقة بالأرقام إنما تعكس وبشكل دقيق واقع حال قطاع التأمين الأردني وتعبر بصدق عن معاناة حقيقية تمر بها جميع شركات التأمين دون استثناء نتيجة تعرضها وبشكل مستمر الى خسائر في قطاع التأمين الإلزامي للمركبات الأردنية تضع ملاءتها المالية في مواقف صعبة قد تحول دون استمرار هذه المؤسسات الوطنية في تقديم خدماتها الى المجتمع الأردني بعد أن تعثرت جهود القطاع في التوصل الى حلول منصفة وعادلة.

وحسب الكتاب الذي حصلت «الرأي» على نسخة منه فأن وضع قطاع التأمين اليوم أمام مفترق طرق وحاجة الى حلول جذرية لإصلاح أوضاعه بعد تعرض معظم إن لم يكن جميع شركات التأمين الى خسائر قاربت في مجموعها التراكمي 130 مليون دينار على مدار العشر سنوات الماضية على الرغم من زيادة أقساط التأمين بنسبة وصلت الى 100% عام 2000 واستمرار هذه الخسائر في ظل تطبيق تشريعات التأمين الإلزامي الجديدة الصادرة عام 2010، والمعتمدة رسميا من هيئة التأمين وهيئة الأوراق المالية ومراقبة الشركات حيث وصلت خسائر التأمين الإلزامي للمركبات للستة أشهر الأولى من العام 2011 مبلغ يقارب 11 مليون دينار ومن المرجح أن تتجاوز الخسائر نهاية عام 2011 مبلغ 25 مليون دينار، ذلك أن هيئة التأمين قامت في بداية العام 2010 بزيادة أقساط التأمين بنسبة 25% إلا أنها قامت بزيادة مسؤوليات شركات التأمين عن تعويضات الوفاة والإصابات الجسدية بنسبة 67%.

وجاء في الكتاب «في ظل هذه الأوضاع وتفاقم الخسائر وانعدام الربحية في غالبية شركات التأمين وتدنيها في البعض الآخر فان القطاع مهدد بالتدهور والتعثر سيما وأن مجموعة من الشركات قد توقفت خلال العام الماضي عن ممارسة أعمال التأمين الإلزامي بناء على طلبها من الجهة الرقابية الممثلة بهيئة التأمين لوقف إجازة المركبات بشكل كامل».

وأضاف ان جميع التشريعات الناظمة لأعمال التأمين الإلزامي للمركبات ( الملغاة والنافذة) لم تترك الحرية لشركات التأمين للعمل وفق الأسس الاكتتابية السليمة التي يقتضيها التأمين أسوة بأنواع التأمين الأخرى التي تمارسها الشركات وإنما ألزمت الشركات للعمل بالتعرفة المقيدة من الدولة وبإصدار وثائق التأمين وفقا لأسعار محددة وبمستويات متدنية لا تتناسب مع حجم المسؤوليات والأعباء المالية المفروضة على الشركات.

ودعت شركات التأمين الحكومة ممثلة بهيئة التأمين لاتخاذ خطوات جادة لتحرير أسعار التأمين الإلزامي للمركبات وترك حرية التسعير وفقا لسياسة السوق الحر وبما يتناسب مع سياسات الحكومات الأردنية المتعاقبة في تحرير كافة القطاعات الاقتصادية، أما في حال تعذر تلبية هذا المطلب في ظل الظروف الراهنة، فقد طالبت الشركات بتعديل أسعار التأمين الإلزامي وبما يتناسب مع حجم مسؤوليات شركات التأمين وبما يضمن تحقيق الشركات لهامش ربح معقول من 10% الى 15% أسوة ببقية القطاعات الاقتصادية الأخرى.

ولفتت الى أن تشريعات التأمين الإلزامي تقضي توفير تعويض الخسارة التي تلحق بالمتضرر من جراء نقصان القيمة الذي لحق بالمركبة وهي منفعة ينفرد بها قطاع التأمين الأردني عن نظيره من الدول العربية والإقليمية المحيطة التي لا تشمل تغطيات التأمين الإلزامي فيها هذا النوع من الضرر، وفي ظل تطبيق هذه التشريعات وعدم توفر أسس وآليات واضحة لاحتساب هذه المنفعة، فإن شركات التأمين تواجه صعوبة عند تسوية مطالبات تعويض نقصان قيمة المركبات المتضررة بسبب ارتفاع قيمة المبالغ المطالب بها الامر الذي أدى الى حدوث اشكاليات كثيرة بين شركات التأمين والمؤمن لهم إضافة الى استغلال هذه المنفعة من قبل مجموعة من ذوي النفوس الضعيفة لارتكاب حوادث مفتعلة والمبالغة بقيمة التعويض المطالب به مما ساهم في إيجاد فئة قليلة تمتهن هذه المهنة وتجني مبالغ لا يستهان بها وتعول بشكل أساسي عند مطالبتها شركات التأمين على نقصان القيمة أكثر من أجور الإصلاح وقطع الغيار مما يرفع قيمة التعويض ويؤدي الى زيادة خسائر شركات التأمين.

وبينت إن قيمة التعويض استنادا الى قرار أسس تسوية التعويضات رقم 6 لسنة 2011 والصادر عن هيئة التأمين قد حدد مبلغ تعويض نقصان القيمة بحد أعلى بنسبة 10% من قيمة المركبة في حال تضررت المركبة بشكل كبير إلا أن التطبيق العملي لهذه النسبة في أغلب المطالبات يكون بالحد الأعلى بغض النظر عن شدة الضرر الذي لحق بالمركبة سواء كان الضرر بسيطا أو كبيرا، الأمر الذي يحمل الشركات على دفع مبالغ تعويضات أكبر من قيمة الضرر الفعلي للمركبات.

وفي ظل الافتقار إلى آلية واضحة وعادلة لتطبيق هذه المنفعة فإننا نقترح التوقف عن منح هذه المنفعة في الوقت الحالي من تعويضات التأمين الإلزامي للمركبات أسوة بما معمول به في الدول العربية والأجنبية والإبقاء على بقية التغطيات والمنافع وفقا لما تنص عليه التشريعات.
وتطرقت شركات التأمين الى قرار أسس تسوية التعويضات رقم (6) لسنة 2011 والذي يقضي (للمتضرر الخيار في أن يطلب من شركة التأمين دفع قيمة الأضرار التي لحقت بمركبته نقدا وفقا لأسعار والأجور السائدة في السوق المحلية وقت وقوع الحادث أو إصلاح الأضرار وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الحادث مباشرة) حيث ترك الخيار للمتضررين للحصول على التعويض نقدا أو مطالبة الشركة بالإصلاح علما بأن هذا الخيار يجب أن يمنح لشركة التأمين ورئيس للمتضرر وفقا لمقتضيات عمل التأمين.

واقترحت أن يتم إصلاح المركبات التي يزيد قيمة تعويضها عن مبلغ 1000 دينار، وعلى أن يتم إصلاح المركبات المتضررة في كراجات وورش ووفق ضوابط وأسس فنية معتمدة من خبراء في هذا المجال حيث أن الأمر الأساسي في التأمين هو إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل حدوث الحادث مباشرة، وذلك بهدف الحد من ممارسات البعض من ذوي النفوس الضعيفة والحد من ارتكاب حالات احتيال على شركات التأمين والتي أصبحت ظاهرة تواجهها الشركات في ظل تطبيق أحكام القرار.

كما أشارت شركات التأمين الى أن من أسباب خسائرها تطبيقات نظام اللجان الطبية رقم (58) لسنة 1977 الصادر عن وزارة الصحة بشكله الحالي، إذ يشكل عاملا إضافيا لزيادة خسائر شركات التأمين جراء تقارير اللجان الطبية غير المنصفة التي تصدر للمتضررين من حوادث المركبات وبنسب عجوزات مبالغ فيها مقارنة مع حجم الضرر الفعلي الذي لحق بالمصاب، ومما يؤكد ذلك صدور تقارير بنسب عجز متفاوتة وبشكل كبير بين التقارير الصادرة عن اللجان الطبية واللوائية مقارنة مع التقارير الصادرة عن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، ولنفس الحالات والأشخاص فضلا عن وجود تقارير بنسب مبالغ فيها على الرغم من أن فواتير العلاج الطبي في المستشفيات الخاصة أو الحكومية قد بلغت (صفر) أي أنه قام بمراجعة المستشفى إلا أن المستشفى لم يقم بأي إجراء طبي له كون أن حالته سليمة ولا تستدعي أي علاج طبي على الإطلاق.

وأشارت الى أن هذا الوضع يتطلب إيجاد معادلة عادلة تطبق على جميع المصابين سواء الذين يتقدمون بمطالبات لشركات التأمين جراء حوادث المرور أو الأشخاص الذين يتقدمون للحصول على تقارير لأغراض الإصابات من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وأهمية اعتماد جداول الإصابات المعتمدة من الضمان الاجتماعي وبالتنسيق مع معالي وزير الصحة وبما يراعي احتساب التعويض ونسبة العجوزات وفقا لطبيعة كل إصابة، والعضو أو الطرف المصاب نظرا لأن الآلية المتبعة من اللجان الطبية اللوائية غير واضحة وغير دقيقة، هذا بالإضافة إلى أهمية تعديل النظام وبما يسمح للجهات المتضررة من قرارات اللجان الطبية حق الطعن في هذه القرارات خلال مدة تبلغها بها.

وقالت الشركات أنها تعاني من ظاهرة الحوادث المفتعلة وارتفاع مؤشراتها في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، علما بأن هذه الظاهرة تشكل أحد العوامل الرئيسية التي ترفع من خسائر شركات التأمين في مطالبات التأمين الإلزامي للمركبات، حيث تصل نسبتها في تقديرنا عن 30% من حجم المطالبات المقدمة للشركات للحصول على مبالغ تعويض دون وجه حق تتمثل بالمطالبة في مبالغ تعويض أعلى من المبالغ المستحق أو افتعال حوادث وهمية والمطالبة بتعويضاتها.

ومما فاقم من خطورة هذه الظاهرة التجاوز بالتعدي على أمن إدارات وكوادر شركات التأمين حيث تعرض كثير من موظفي الشركات إلى الضرب والتهديد إضافة إلى الاعتداءات المسلحة والبلطجة على مكاتب الشركات في وضح النهار مما دفع بالكثير من موظفي الشركات العزوف عن العمل في دوائر حوادث المركبات.

وشددت على ضرورة إنصاف قطاع التأمين من خلال إيجاد حلول جذرية وفاعلة لوقف تدهور قطاع التأمين، وبما يضمن عودته لممارسة دوره الاقتصادي في حماية مقدرات الوطن الذي لن يتأتى إلا من خلال تحرير السوق بتعويم أسعار التأمين الإلزامي، وبما يضمن تحديد الأسعار وفقا لأسس فنية اكتتابية تراعي حجم الخطر والمسؤوليات المالية المترتبة على الشركات.
ا
لرئيس التنفيذي لشركة الشرق العربي عصام عبد الخالق قال لـ « الرأي» في معرض تعليقه على المقترحات المقدمة من قبل شركات التأمين، إن هذه الحلول وفي حال طبقت جميعها ستعمل على الحد من خسائر الشركات بنسبة تزيد عم 20%، مبينا أن هذه المقترحات لا تحتاج الى تعديل قوانين تتطلب إجراءات روتينية معقدة وانما تعديلات تجريها هيئة التأمين على العدد من الأنظمة والتشريعات.

وأضاف عبد الخالق، أن هذه المقترحات جاءت بموافقة جميع شركات التأمين خلال اجتماع عقدته أمس الأول في مقر الاتحاد الأردني لشركات التأمين، لافتا الى أن الشركات أمهلت وزارة الصناعة والتجارة وهيئة التأمين حتى الخامس عشر من الشهر الجاري لإجراء دراسة تفصيلية كاملة حول المقترحات المقدمة والرد عليها.

وتطرق عبد الخالق الى عمليات الاستغلال التي تتعرض له شركات التأمين بشكل مستمر ومن مختلف الجهات، مشيرا الى أن قطاع التأمين لم يعد قادرا على الاستمرار في ظل الخسائر الفادحة التي عاني وما يزال يعاني منها. وأشار الى أن شركات التأمين طالبت خلال الاجتماع بتخفيض الفوائد المفروضة على قضايا التأمين في المحاكم من 9% الى 4%، موضحا أن هذه النسبة تتضاعف كلما زادت مدة التقاضي مما يحمل شركات التأمين أعباء مالية إضافية.

كما تحدث عن جملة المقترحات التي تقدمت بها الشركات خلال اجتماعها.
ولفت عبد الخالق الى أن الخسائر التي لحقت بقطاع التأمين جراء المعادلة السعرية «غير المتوازنة» للتأمين الإلزامي قد دفعت بـ10 شركات الى الامتناع عن مزاولة هذا النوع من التأمينات، وتحويلها الى الشركات الأخرى مما شكل بدوره ضغوطا على هذه الشركات.