25-04-2012 بانوراما التأين

يبدو ان فك طلاسم الغموض الذي يحيط بـ «لغز» التأمين الالزامي ليس بالسهولة التي تبديها الاطراف المعنية من جهات حكومية وشركات ومواطنين وان هذه «الاحجية» تحتاج لخبراء استثنائيين لفك غموض الالغاز كما هي الحال في قانون المالكين والمستأجرين وقوانين اخرى عديدة يلفها الغموض وتحتاج لتفسيرات عديدة عند تطبيقها.

ففي الوقت الذي تؤكد فيه شركات التأمين ان تحرير الاسعار لن يؤدي لارتفاعها يشير الاتحاد الاردني ان القيمة العادلة لقسط التأمين الالزامي (126) دينارا والتي تؤكد هيئة التأمين من جانبها استجابتها لتحرير الاسعار وان الاختلاف على الموعد هل سيبدأ في تموز القادم ام بداية العام القادم حفاظا على الاستثمار في قطاع التأمين دون مراعاة لحقوق المواطنين واما الجانب الاخر وصاحب العلاقة المباشرة والمتضرر الرئيسي من تحرير الاسعار فلا مكان له في النقاش والحوار وان مصلحة اكثر من 5ر1 مليون مواطن ليست مهمة.

بداية لا بد من التأكيد على حق شركات التأمين في تحقيق الارباح وهذا لا يختلف عليه احد الا ان المشكلة تكمن في ايجاد الآلية لتحقيق الارباح والتي تتطلب من جميع الجهات المعنية ذات العلاقة بالبحث عن حلول مناسبة تراعي حقوق جميع الاطراف من شركات وهيئة تأمين ومواطنين لا ان يتم فقط البحث عن تحقيق الارباح دون مراعاة لحقوق المواطنين وتحميلهم اعباء مادية كبيرة ترهقهم جراء ارتفاع الاسعار وكما هو معلوم فان تحرير الاسعار كما تطالب به شركات التأمين سيؤدي حتما لارتفاعه على المواطنين نظرا لعمليات شبيه جرت في الماضي حين تم تحرير الاسعار عام 2010 وارتفعت الاقساط من 64 دينارا الى 92 دينارا اضافة لفرض 50% من قيمة التأمين لمنن يرتكب حوادث مادية ليصبح القسط 132 دينارا وكذلك فرض مبلغ 46 دينارا على متسبب الحادث وذلك بعد ان اتفقت جميع الشركات على ذلك ورفعت الاسعار مما يؤكد غياب مبدأ المنافسة بين الشركات وان تحرير الاسعار يمكن ان يؤدي لانخفاضها واصبح المواطن غير مقتنع بان التحرير سيخفض الاسعار بل لديه قناعة كاملة بان الاسعار سترتفع بشكل ملحوظ وكما تشير اوساط شركات التأمين بان السعر العادل للتأمين الالزامي 126 دينارا اضافة لتخفيض قيمة التغطيات التأمينية.

وكما يرى ماهر الحسين، مدير عام الاتحاد الاردني لشركات التأمين ان هناك اكثر من 90% من المواطنين المؤمّنين لا يرتكبون حوادث وان 10% فقط هم المستهدفين وان مبلغ 92 ديناراً لا تكفي لسد النفقات والتغطيات التأمينية لنسبة مرتكبي الحوادث مؤكدا ان تحرير الاسعار سينعكس ايجابيا على المواطنين لان الذين لا يرتكب حادث خلال 3 سنوات متواصلة او اكثر فسيتم تخفيض قيمة التأمين الالزامي والذي يمكن ان يصل الى 50 دينارا سنويا ام مرتكب الحوادث فقد يصل قيمة التأمين الى اكثر من 300 دينار سنويا موضحا ان المعادلة الحالية لقسط التأمين باضافة 50% على مرتكب الحادث لا تغطي النفقات وخسائر الشركات المتواصلة.
الا انه ووفق هذه المعادلة فقد تصل يوما لتطلب فيه شركات التأمين بضرورة ارفاق شهادات عدم محكومية وشهادات عدم ارتكاب حوادث لمدة سنتين او ثلاث سنوات عند شراء المركبة او تسجيلها باسمه وذلك للموافقة على اصدار وثيقة تأمين الزامي ويجب على المواطنين الانتظار لعدة سنوات لاثبات كفاءته ومهارته في القيادة والسير بالشوارع وعدم ارتكاب الحوادث ليثبت جدارته بالحصول على التأمين الالزامي وموافقة الشركات على اصدار التأمين الالزامي مما يثير تساؤلا: هل ستوافق مديرية الترخيص على عدم ترخيص المركبة لمدة عامين او ثلاثة حتى يثبت المواطن براءته وكفاءته بالحصول على التأمين الالزامي.

ويؤكد المهندس رابح بكر الخبير في شؤون التأمين ان حق الشركات الربح الا ان موضوع تحرير الاسعار لن يؤدي لتخفيضها لان السعر العادل كما تراه الشركات هو بين 120 – 150 دينارا فكيف يمكن تخفيض الاسعار الحالية وان الشركات ستتفق فيما بينها لوضع السعر المناسب لها ولماذا تصر الشركات على التعامل مع التأمين الالزامي كافة من كوكب اخر متسائلاً: هل على المواطنين عدم تسجيل الحوادث او كتابة تعهدات بعدم مراجعة تعرض المركبة لحادث او ان المواطن يكون سعيدا لتعرضه لحادث قد يؤدي بحياته ام ان نسبة 30% من الحوادث المفترض انها مفتعلة يجب ان يدفع ثمنها جميع الناس مشيرا الى ان التجربة اثبتت عند تحرير الاسعار سابقا بارتفاعها بصورة كبيرة داعيا الى اعادة النظر في سياسة الاسعار وفي الرواتب الخيالية للادارات العليا بالشركات او اندماج الشركات لاستمرار قطاع التأمين.

وبعد.. ان تحرير الاسعار لن يحل المشكلة المزمنة للتأمين لان التحرير يعني ارتفاع الاسعار استنادا لتجارب سابقة ولا بد من تحديد الاسعار بنسب قليلة بدلا من تحريرها ومحاولة الاندماج بين الشركات لاستيعاب السوق او العمل بمبدأ القائمة السوداء لمفتعلي او كثيري الحوادث اسوة بالبنوك بالتعاون مع هيئة التأمين شريطة تسجيل الحادث على سائق المركبة وليس المركبة نفسها لان تحرير الاسعار سيؤدي لارتفاعه وخلق سياسة الاحتكار بالسوق لعدم وجود بديل آخر لتأمين المركبة او الحل الافضل تأسيس شركة حكومية للتأمين الالزامي او شركة عامة بين القطاعين العام والخاص.