17/04/2012 – بانوراما التأمين

أظهرت شركات التأمين التكافلي المدرجة في أسواق المال الإماراتية تراجعاً حاداً في أدائها خلال العام 2011 مقارنة بالعام 2010، حيث ارتفعت خسائر ثماني شركات منها بنسبة تجاوزت 305 بالمئة من 23.5 مليون درهم إلى 95.3 مليون، بمعزل عن نتائج شركتي «دار التأمين» و«الوطنية للتكافل» لعدم وجود بيانات مقارنة لهما لحداثة عهدهما، حيث منيت الشركتان بخسائر قدرها 9.6 مليون درهم.

واختلفت مسببات هذه الخسائر من شركة إلى أخرى، لكن حداثة عهد معظم الشركات كان العامل الأبرز في هذه النتائج، بحسب عدد من خبراء ومسؤولي القطاع، الذين أكدوا أنه لا يوجد فرق بين طبيعة العمل التأميني التقليدي والتكافلي إلا من ناحية استثمار الأقساط، مشيرين إلى أن نتائج الشركات التقليدية الحديثة كانت متواضعة أو متراجعة هي الأخرى.

وأكدوا أن الحالة التي يمر بها السوق التأميني من منافسة شرسة على الأقساط أثرت في جميع الشركات خصوصاً الجديدة، مشيرين إلى أن الأسس التي قامت عليها معظم الشركات الحديثة لم تتماش مع الأوضاع التي طرأت بعد الأزمة المالية العالمية، حيث إن الدراسات التي قامت عليها تناسب مرحلة الطفرة، وبالتالي فلابد من إعادة هيكلة الاستراتيجيات.

تراجع الأرباح

وتفصيلاً تراجعت أرباح الشركات التكافلية كافة المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية خلال العام 2011 عدا شركة «أبوظبي الوطنية للتكافل» (تكافل) والتي ارتفعت أرباحها بنسبة 16 بالمئة إلى 24.4 مليون درهم مقارنة بـ21 مليون درهم في العام 2010. ورفعت شركة «الاتحاد للتأمين»، والتي قامت بالانتقال إلى التكافل، من خسائرها إلى 43.3 مليون درهم في 2011، مقارنة بـ32.2 مليون درهم في 2010، كما ارتفعت خسائر شركة «الهلال الأخضر للتأمين» إلى 43.8 مليون درهم خلال العام الماضي، مقابل 36.6 مليون درهم في العام 2010.

كما وصلت خسائر شركة «ميثاق» إلى 51.1 مليون درهم في العام 2011، مقارنة بخسائر قدرها 15.6 مليون درهم في 2010، فيما منيت شركة «دار التأمين» بخسائر قيمتها 2.5 مليون درهم خلال الفترة من 11 أبريل 2011 إلى 31 ديسمبر 2011، في حين وصلت خسائر شركة «الوطنية للتكافل» (وطنية) إلى 7.1 مليون درهم خلال الفترة من 28 يونيو 2011 إلى 31 ديسمبر الماضي، حيث لا توجد بيانات مقارنة نظراً لحداثة عهد الشركتين.

أما بالنسبة إلى الشركات المدرجة في سوق دبي المالي، فصعدت أرباح شركة «سلامة» 20 بالمئة في 2011 إلى 59.7 مليون دهم مقارنة بـ49.8 مليون في العام 2010، فيما منيت شركة «أمان» بخسائر قدرها 16.9 مليون درهم مقابل تسجيلها أرباحاً بـ21.2 مليون درهم، بينما استطاعت كل من «تكافل الإمارات» و«دار التكافل» من تخفيض خسائرهما، حيث تراجعت خسائر الأولى من 22.1 مليون درهم إلى 19.8 مليون درهم، والثانية من 9 ملايين درهم إلى 4.5 مليون.

حداثة العهد

وقال حازم الماضي، الرئيس التنفيذي لشركة «الهلال الأخضر للتأمين»، «لا يمكن أن نقول إن أداء الشركات الإسلامية أسوأ لاعتمادها على مبدأ مختلف عن التأمين التقليدي، حيث إن المبدأ واحد ولا فرق في أسس الاكتتاب ودراسة المخاطر وحل المطالبات وإعادة التأمين وغير ذلك بين النوعين»، مضيفاً «إن الخلاف يتمثل في الناحية الاستثمارية حيث إن الضوابط لا تسمح للشركات التكافلية بالاستثمار فيما يخالف الشريعة، ولكن في النهاية نحن شركات تأمين وليس شركات استثمار ويجب أن لا يتجاوز الجانب الاستثماري 15 أو 20 بالمئة من أعمال الشركات».

وأرجع الماضي أسباب الخسائر التي مازالت تتكبدها الشركات التكافلية إلى حداثة عهدها، لافتاً إلى إن الكثير من الشركات غير التكافلية حديثة العهد لم تكن نتائجها إيجابية أيضاً.

وأضاف «إن بداية عمر شركات التأمين تترافق مع مصاريف وتكاليف تشغيلية وتأسيسية، إضافة إلى انطلاق معظم هذه الشركات تزامن مع الأزمة المالية العالمية أو قبلها، أي في وقت اتجهت فيه جميع الشركات إلى التقنين وضبط التكاليف بما فيها من الناحية التأمينية».

وأشار إلى وجود بعض الثغرات في الشركات التي تأسست في الفترة الأخيرة، وذلك لقيام استراتيجية أكثرها على أساس دراسات وضعت لفترات الطفرة، وبالتالي فإن وضع دراسات خاصة بشركات تأمين في هذه الفترة لا شك في أنها تختلف جذرياً عما كان موجوداً في السابق، وهو الأمر الذي نقوم به خلال هذه الفترة في شركة «الهلال الأخضر للتأمين»، حيث نعيد رسم استراتيجياتنا بما يتناسب مع متطلبات المرحلة.

ركود اقتصادي

ومن جانبه، قال سامر بشناق، المدير العام لشركة «الاتحاد للتأمين»، «في الواقع كانت هناك خسائر في الاستثمار بشقيه العقاري والأسهم، فقد تراجعت قيم العقارات والممتلكات لشركتنا نتيجة حالة الركود الاقتصادي، إلا أن الشركة حققت نتائج جيدة بالنسبة إلى الجانب التقني، ولكن تأثرنا كغيرنا من الشركات بنتائج التأمين الصحي التي تراجعت بسبب سياسة حرق الأسعار، إلى جانب الاحتيال والمطالبات المبالغ بها من قبل مزودي الخدمات الطبية، إضافة إلى الاستخدام غير الأمثل من قبل المستفيدين وأصحاب بوالص التأمين.

ولفت إلى أنه على الرغم من خسائر الشركة في العام 2011 التي تزيد على خسائر 2010 إلا أنها قامت بتنظيف الميزانية من التراكمات العالقة كافة، الأمر الذي ستظهر نتائجه الإيجابية خلال العام 2012.

وتابع بشناق «إن عملية تنظيف الخسائر تزامنت مع اتخاذ إجراءات ستنعكس إيجاباً على نتائج العام الجاري، فقد قمنا بتحصين الشركة بشكل أكبر من خلال اتفاقات إعادة التأمين الجديدة، حيث ستتحمل شركات الإعادة نحو 70 بالمئة من المطالبات والخسائر خلال العام»، مشيراً إلى أن اتفاقات الشركة كانت تقوم على أساس فائض الخسارة، أما الآن فهي تقوم على أساس الفائض وأساس النسبية.

منافسة شرسة

وأكد حسين محمد الميزة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة «أمان»، أن أسباب الخسائر تختلف من شركة إلى أخرى، ولكن لا يمكن إرجاعها إلى طبيعة الشركات التكافلية، حيث لا يوجد فرق في أساليب اكتتاب التأمين، حيث إن الأمر مرتبط بحداثة عهد الشركات، موضحاً أن الشركات الجديدة سواء كانت تكافلية أو تقليدية عانت أكثر من غيرها، خصوصاً في ظل الظروف التي مر بها قطاع التأمين من منافسة شرسة على الأقساط.

وفي ما يتعلق بشركة «أمان»، ذكر الميزة أن الإدارة التنفيذية للشركة تعمل للعودة بالشركة إلى الربحية خلال العام الجاري، مشيراً إلى بذل جهود كبيرة على مدار العام الماضي للحد من الخسائر التي تعود إلى أوضاع السوق، إلى جانب بعض السياسات التي كانت بحاجة إلى دراسة وتقييم، حيث تم بالفعل تعديل وتطوير الكثير منها.

وأضاف «إن نتائج قطاع التأمين على السيارات كانت أحد الأسباب التي أدت إلى الخسائر، إذ يشكل هذا القطاع نحو 20 بالمئة من مجموع أقساط شركة (أمان)، في حين سجل التأمين البنكي والصحي والتأمين على الحياة نتائج إيجابية»، معرباً عن أمله في أن تشهد الأسواق تصحيحاً في مسارها خلال الفترة المقبلة ما سيكون له أثر في الانعكاس على استثمارات الشركة.

وأشار الميزة إلى أن الخسائر في بعض القطاعات كانت مرتفعة وبالتالي فإن شركة «أمان» تعمل خلال العام الجاري لإيجاد حل لهذه المسألة من خلال بعض التغيير في الاستراتيجيات والسياسات المتبعة، ولكن من دون تغيير المنظومة الداخلية للعمل التأميني للشركة.

وبين أن الشركة كانت حريصة على تسجيل المصاريف غير المستعادة كافة في بند الخسائر، مثل مصاريف الدراسات الخاصة بالتوسعات والأسواق المستهدفة، مضيفاً «قررنا التوقف في سوريا بعد الانتهاء من دراسة السوق والحصول على رخصة نظراً للظروف التي تمر بها الدولة، وكان قرارنا صائباً خلال الوقت الجاري، حيث بلغت مصاريف الشركة في هذا الجانب نحو 1.2 مليون درهم، فيما تكلفت بعض الدراسات الخاصة بالسوق السعودي نحو 400 ألف درهم».

واعتبر الميزة أن ما عاناه قطاع التأمين خلال الأعوام الثلاثة الماضية سيعيد رسم السياسات التأمينية، مؤكداً أن أزمة السوق خلال العام 2011 كانت كبيرة وقاسية، وبالتالي فإن العام الجاري مرشح ليكون نقطة التحول.

وذكر أن جميع شركات التأمين مسؤولة عما يحدث من خلل في القطاع، لأنها منظومة واحدة، لافتاً إلى أن استمرار السياسات المتبعة حالياً على المدى الطويل قد يؤدي ببعض الشركات للخروج من السوق خصوصاً الشركات ذات الرؤوس أموال الضعيفة».

تحديات

ورأى جورج قبان، الرئيس التنفيذي لشركة «يو إي بي» لوساطة التأمين، أن أكثر الشركات التي دخلت إلى السوق في الآونة الأخيرة كانت شركات تكافلية، وبالتالي جاء دخولها في فترة صعبة على السوق ككل، مضيفاً «إن الشركات الكبيرة الموجودة في السوق قادرة على المنافسة ومواجهة التحديات، أما الشركات الجديدة التكافلية تحتاج إلى الكثير من الوقت وأخذ تأمينات خاسرة للحصول على حصة من القطاع، حيث إن رؤوس أموالها لا تؤهلها للمنافسة بقوة من دون أن تتأثر بشكل كبير جداً، وهذا ما رأيناه».

وأضاف قبان «إن صغر حجم هذه الشركات وتواضع أدائها يضعها أمام المزيد من التحديات، مثل صعوبة إيجاد حماية شركات إعادة التأمين بشروط ميسرة، ما يجعلها بين فكي المنافسة من جهة وصعوبة الحصول على حماية أقساطها من جهة أخرى».

ولفت إلى وجود مشكلة أخرى لا تخص الشركات الإسلامية فقط بل الشركات كافة، ولكنها تؤثر في الشركات الناشئة بشكل أكبر، وهي مسألة سياسة الإدارة في الحصول على الأقساط، حيث إن العمولة تحصل عليها إدارة الشركات ومديروها بناء على حجم الأقساط وليس على الأرباح، الأمر الذي يفتح الباب للتساهل في الأسعار ودراسة المخاطر.

يذكر أنه بعد المؤتمرات والندوات كافة التي تتناول قضايا قطاع التأمين التكافلي، يخرج جميع الحاضرين متفائلين بمستقبل القطاع، ولا حديث لهم إلا عن النمو وآفاق التطور، والتفوق على التأمين التقليدي.

ويستند الخبراء في توقعاتهم تلك إلى عدة عوامل، أبرزها النمو الاقتصادي الذي حققته دول عدة خصوصاً دول الخليج مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط، إضافة إلى النمو الديمغرافي في أسواق المنطقة، وانتشار الوعي وتزايد أعداد شركات القطاع، وتنامي الطلب على منتجات التكافل سواء من قبل المسلمين أو غير المسلمين، إلى جانب إمكانية إسهام الصيرفة والمصارف الإسلامية في دعم القطاع.