15/01/2013 – بانوراما التأمين

قبل عرضه على مجلس الشورى لإقراره يواجه مشروع قانون التأمين الصحي الاجتماعي الجديد عاصفة من الانتقادات لدى كثير من الناشطين الحقوقيين وممثلي المجتمع المدني، فقد رأى كثير منهم أن القانون الجديد يضيف أعباءً كبيرةً على كاهل المواطنين البسطاء تفوق طاقتهم.

في الوقت الذي ترى فيه وزارة الصحة أن القانون أفضل كثيرًا من القانون الحالي حيث ستكون الأسرة فيه الأساس وليس الفرد، بمعنى أن ربّ الأسرة سيكون مؤمنا عليه هو وزوجته وأبناؤه في نظام تأمين واحدمقابل خصم نسبة من الراتب الشهري لرب الأسرة، تتراوح بين 0.5% و2% حسب عدد كل أسرة.
الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة يرصد سلبيات القانون الجديد في أربع نقاط أولها أنه سيسهم في التسرب من التعليم وخاصة في الصعيد والريف المصري بسبب الأعباء الجديدة التي يفرضها القانون على ولي الأمر، فبعد أن كان الاشتراك السنوى للتلميذ 4حنيهات سنويًا أصبح في القانون الجديد نصف في المائة من راتب العائل بحد أدنى خمسة جنيهات في الشهر وستين جنيهًا في السنة؛ وهو ما يعنى أن الأب الذي كان يدفع مصروفات 40جنيهًا لابنه شاملة التأمين الصحي سيضطر إلى دفع ستين جنيهًا إضافية لتصبح المصروفات مائة جنيهًا بدلاً من أربعين، والثانية أنه يحمل المواطن البسيط تكاليف باهظة للعلاج، حيث يتوجب على المواطن بخلاف قيمة الاشتراك دفع ثلاثة أو خمسة أو عشرة جنيهات عن كل كشف، حسب الطبيب الذي سيكشف عليه ان كان ممارس عام أو اخصائى أو استشارى بالإضافة إلى 5 جنيهات من قيمة ثمن كل صنف دواء و20% من قيمة الإشاعات المقطعية أو الرنين المغناطيسى بمتوسط 150 إلى 200جنيه و10% من قيمة التحاليل.وهو مايعنى ان المواطن على المعاش الذي يعانى من مرضين مزمنين سيدفع شهريا من 80 إلى 200جنيها تقريبا.
ثالثًا تحديد حد اقصى 75 ألف جنيه للعمليات الكبرى مثل زرع النخاع سيحرم من ليس لديه القدرة من تلقى العلاج ويتركه يواجه الموت،وعلى سبيل المثال المريض الذي يحتاج إلى زرع نخاع يتطلب منه دفع حوالى 35 ألفًا إلى جانب الحد الأقصى الذي حدده القانون وهو نص ظالم ولا يطبق إلا في مشروعات التأمين الخاصة وليس التأمين الصحىيالاجتماعي، أيضًا حزمة الخدمات في القانون الجديد غير محددة بشكل قاطع ومتروكة للائحة التنفيذية والمطلوب وضع حزمة الخدمات في نص القانون حتى لاتكون عرضة للتلاعب بها.
رابعًا هناك نص في القانون حول الدور الإشرافي للدولة في تقديم الخدمة ويتضمن وضع القطاع الحكومى والأهلي والخاص على قدم المساواة وهذا معناه في ادبيات صندوق النقد الدولي تحويل القطاع الحكومي الذي لا يحقق ربحًا إلى قطاع استثمارى والمفروض أن يكون الهيكل الحكومي الذي يقدم الخدمات الصحية في الأساس غير هادف إلى الربح، الدكتور خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة اكد ان القانون بات جاهزا لاقراره في مجلس الشورى ومايقال عن الحوار المجتمعى كلام غير جاد فالحكومة إخوانية وستطرح القانون على النقابات المهنية التي يسيطر عليها الإخوان للنقاش وطبعا النتيجة معروفة مسبقا، ولكننا لن نسكت على هذه المهزلة وسنفضح الاعيبهم بكل الاساليب المتاحة.
من جانبها، أكدت الدكتورة منى مينا، المنسق العام لحركة أطباء بلا حقوق وعضو مجلس النقابة العامة لأطباء مصر، أن المشروع ينفي فكرة التأمين لأن المفروض أن المواطن طالما سدد الاشتراك لايطلب منه فلوس عند تلقى الخدمة ورفضت فكرة رفع نسبة الاستراك لتلاميذ المدارس من اربع حنيهات إلى ستين جنيه في السنة وتساءلت أين دور الدولة في علاجهم،وقالت إن الأخطر ان هناك مادة في القانون تحذر تسريب اسرار العمل أو المهنة، ونحن نفهم جيدًا أن أسرار المريض كلها مصانة ونؤيد ذلك تمامًا لكن غير المفهوم هو حكاية أسرار العمل لأن ذلك يعني حماية الفساد والتستر عليه، ولا يخفى على أحد أن كثير من قضايا الفساد في الصحة تم كشفها عن طريق العاملين بالوزارة، معنى ذلك أن من يكشف أي فساد سيعاقب بالغرامة أو الحبس كما ينص القانون الجديد، اعتقد أن هذا النص غير دستوري وضد مبدأ الشفافية.