12/11/2012 – بانوراما التأمين
توقع مصدر مسؤول بسوق التأمين المحلي حدوث جدل حول قدرة وثائق التأمين على تغطية أضرار حادث ناقلة الغاز التي وقعت الأسبوع قبل الماضي بالرياض، وقال لـ»الجزيرة» إن الخسائر التي تسببت فيها الشاحنة تعد استثنائية من حيث حجم الأضرار ونطاق حدوثها، وعلى الرغم أن الوقت لا يزال مبكراً لوضع تصور دقيق حول القيمة الكلية للخسائر والأضرار الناتجة، ولا سيما أنها تشمل خسائر مادية وبشرية وأضراراً في الممتلكات إلا أنه من المتوقع أن يثار جدل حول قدرة وثائق التأمين الحالية على تغطية جميع الأضرار ولا سيما وثيقة الشامل التي يقل حدها الأقصى للتغطية عن التقديرات الأولية لأضرار الحادث.
وأضاف: إن الحادث مغطى بموجب بعض وثائق التأمين خاصة التأمين الشامل على النحو الذي أعلن عنه بعض المسؤولين في شركات التأمين وشركة الغاز الأهلية، موضحاً أن أسعار التأمين المطبقة في المملكة تأخذ في الاعتبار طبيعة آليات النقل والشاحنات والمخاطر التي تصاحبها
ويؤكد المصدر أن الحادث وبقدر ما سيثيره من تساؤلات حول أسعار التأمين واتساع التغطية التأمينية لهذه النوعية من المركبات فإنه من المهم أيضاً التركيز على أساليب إدارة المخاطر وقواعد الأمن والسلامة التي ترتبط بعمليات النقل الخطرة مثل الغاز النفطي المسال والغازات المماثلة القابلة للاشتعال حيث ينبغي الحد منها أو توخي الحذر بشأنها.
وقال إن إدارة المخاطر هي عملية تحديد المخاطر، وتحليلها وتقييمها ومن ثم الحد من المخاطر الماثلة أو المستهدفة، موضحاً أن البرنامج الخاص بإدارة هذه النوعية من المخاطر يتطلب تسجيل جميع الحوادث الفعلية والمحتملة التي تتعلق بأي طرف من أطراف عملية النقل سواء الناقلة أو المواد الخطرة المنقولة أوعمليات الشحن والتفريغ وكذلك سائق الشاحنة فضلاً عن حالة الطرق ومسارات الرحلة. وتشمل الجوانب الرئيسية لبرنامج إدارة المخاطر وضع السياسات، والتخطيط والتنفيذ، والتنظيم، وقياس الأداء ومن ثم المراقبة.
من ناحية أخرى، يمكن أيضاً تقدير تحسين الأداء بسبب تنفيذ تدابير وإجراءات الحد من الأخطار، مع إجراء تحليل لبيانات الأداء المرتطبة بالمعايير ذات الصلة مثل عدد ساعات عمل المصنع، إجمالي عدد الأميال التي تقطعها جميع الناقلات، أو إجمالي ساعات العمل المنجزة من الشخص الواحد، لافتاً الانتباه إلى أنه وعند النظر في أداء ناقلات الغاز النفطي المسال، لا بد أن يكون هناك ما يكفي من البيانات التاريخية التي يمكن على ضوئها توقع المخاطر المستقبلية ومحاولة تلافيها.
وقال المصدر إن تشغيل ناقلات الغاز النفطي يتطلب تقييم العوامل التي تؤثر على مستوى خطورة تلك الناقلات حيث إن عوامل الخطورة منها ما هو مرتبط بالناقلات نفسها مثل سعتها، وتصميمها وصيانتها والعمر التشغيلي للناقلات، أو تكون مرتبطة بسائقي الناقلات مثل عدد السائقين وكفايتهم وتراخيصهم وعدد ساعات العمل المخصصة لهم، فضلاً عن العوامل المتعلقة بالطرق مثل ظروف الطريق، ومستوى الإنارة بالطريق والمنعطفات الموجودة إضافة إلى المسافات المقطوعة لكل سائق على الطريق في اليوم.
وأكد على أن التأمين لا يقتصر دوره في هذه الحالات على التعويض عن الأضرار والخسائر الناتجة عن وقوع الحوادث بل يؤدي دوراً فعالاً فيما يتعلق بفرض قواعد صارمة لالتزام ملاك الناقلات بإجراءات السلامة الأمنية والمرورية ووسائل إدارة المخاطر من خلال ربط قسط التأمين ارتفاعاً وانخفاضاً بدرجة تطبيق حامل الوثيقة لتلك الإجراءات.
وأوضح: أن التعويضات عن حوادث المركبات التي سددتها شركات التأمين خلال عام 2011 بلغت 2.7 مليار ريال مرتفعة بنسبة 45% عن تلك المدفوعة عام 2010، بما يعادل 24% من إجمالي التعويضات التي دفعتها شركات تأمين في جميع فروع التأمين عام 2011 والبالغة 11.5 مليار ريال.
وأكد أن حوادث المركبات التي تقوم شركات التأمين بالتعويض عنها تشمل أيضاً الحوادث التي تشترك فيها الشاحنات والآليات مشيراً إلى أن إحصاءات الدفاع المدني توضح أن حوادث الحريق التي اشتركت فيها وسائل النقل والمعدات الثقيلة بلغت أكثر من 5,500 حادث حريق عام 1431هـ، إضافة إلى حوادث التصادم التي اشتركت فيها السيارات خلال الفترة نفسها.
من جانبه، توقع الدكتور مراد زريقات خبير التأمين أن تمر مرحلة تعويض حادثة انفجار ناقلة الغاز التي وقعت في شرق الرياض قبل الأيام الماضية، بإجراءات وفترات زمنية طويلة لما للحادث من أبعاد متداخلة من حيث حجم الأضرار والخسائر التبعية وتحديد المسؤوليات وحصص كل شركة وإجراءات تسوية الخسائر مع معيدي التأمين في السوق العالمي.
وستستعين الشركات بالتأكيد بشركات تسوية الخسائر والتي تعتمد في غالبيتها على الخبرات العالمية بسبب نقص مثل هذه الخبرات في السوق المحلي.
ويؤكد الخبير التأميني الدكتور زريقات أن رفع الأسعار لا يتم جزافاً من قبل أي شركة وإنما يتبع لسياسة تسعيرية خاصة بكل شركة حسب معدل الخسائر الخاص بكل مؤمن له وبكل نوع تأمين إلا أن أسعار التأمين في السوق السعودي تعتبر من الأكثر انخفاضاً في السوق الإقليمي بسبب حدة المنافسة الموجود حالياً ونقص الخبرة الفنية عند الكثير من العاملين في السوق المحلي وهذا ما يتضح عند نتائج الكثير من الشركات العاملة والتي منيت بخسائر فادحه نتيجة للنتائج الفنية الناجمة عن خلل في سياسة الاكتتاب والتسعير بتلك الشركات، وحادث ناقلة الغاز سوف يضع الكثير من الشركات أمام مفترق طرق يدفعها اختيار إما الاستمرار بالمسار الحالي المعتمد على حرب الأسعار أو الاتباع الصحيح لسياسة التسعير والاكتتاب، مؤكداً أن يكون هناك ارتفاع أسعار على تأمين المركبات وخاصة تأمين الفريق الثالث وأسعار تأمين المنشآت لأن ذلك سوف يكون أحد المطالب الرئيسية لشركات إعادة التأمين العالمية التي لن تقوم بتجديد اتفاقيات إعادة التأمين للعام القادم حتى تغير وتعدل الشركات من سياساتها التسعيرية وشؤون الاكتتاب.
ويشير إلى أن الحادث سيعمل على زيادة الوعي التأميني عند الكثير من شرائح المجتمع من الأفراد والمؤسسات والهيئات الحكومية الأمر الذي سيزبد معه الطلب على منتجات التأمين، مشيرا إلى أنه سيزيد حجم الأقساط لدى الكثير من الشركات في السوق المحلي في العام القادم، كما يتوقع الدكتور زريقات أن يتم فرض بعض أنواع من التأمين الإلزامي مثل تأمين المنشآت والمنازل ضد أخطار الحريق والأخطار الطبيعية والانفجار.
ويؤكد الدكتور زريقات أن شركات التأمين العاملة في السوق السعودي في الوقت الحالي جميعها شركات سعودية ومساهمة عامة وتخضع للرقابة والمتابعة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي ضمن مجموعة من اللوائح والأنظمة والقوانين ولا تستطيع أي شركة أن تتخلى عن مسؤولياتها وذلك حسب حصة كل شركة ومسؤولياتها (أي الجزء المؤمن ضمن وثائق تغطي الأضرار التي حصلت، مع أن كامل الحادث يقع ضمن تأمين المسؤولية المدنية أو الفريق الثالث وهو القسم الثاني بوثيقة تأمين المركبات لناقلة الغاز، إلا أن سقف وحدود المسؤولية لهذه الوثيقة يبلغ فقط عشرة ملايين للأضرار المادية والإصابات الجسدية وما يزيد عن ذلك من المفروض أن تتولى كل شركة مؤمنة لأي فرد أو مؤسسة وقع ضمن حدود الحادث التعويض حسب الأصول حيث إن حجم الأضرار يزيد عن هذا المبلغ بكثير ولا بد أن تتولى الشركات المبادرة في التعويض كل حسب مسؤوليته.